ابناؤك الاشداء

آراء وتحليلات

اللوبي الصهيوني ينشط في شيطنة أعضاء الكونغرس المعارضين للمسار الإسرائيلي في غزة
30/03/2024

اللوبي الصهيوني ينشط في شيطنة أعضاء الكونغرس المعارضين للمسار الإسرائيلي في غزة

بشتى الطرق والوسائل يحاول الكيان الإسرائيلي الفاشي اسكات وقمع كلّ صوت حرّ بالعالم. يجاهر بالتنديد والرفض لحملة الإبادة الجماعية المنظمة الجارية بغزّة. ولهذه الغاية، يعمل اللوبي الصهيوني، على محاربة وشيطنة بعض أعضاء الكونغرس الأميركيين وتحديدًا الديمقراطيين منهم، ودفعهم بالتالي إلى خسارة مناصبهم في الانتخابات التمهيدية، كعقاب لهم، على اثر قيامهم بعدة تحركات ومبادرات تستنكر وتشجب مذابح الاحتلال وجهوده المتعمدة لتجويع الفلسطينيين، فضلًا عن معارضتهم ووقوفهم بشدة ضدّ الدعم الأميركي المفتوح لـ"إسرائيل"، ليس لأسباب انسانية طبعًا، وانما لحجم الضرر اللاحق بصورة الولايات المتحدة حول العالم.

قصة عضو الكونغرس الاسود مع اللوبي الصهيوني بسبب مواقفه من الحرب على غزّة

عمليا، يسخّر اللوبي الصهيوني "إيباك" كافة إمكاناته وقدراته للحؤول دون وصول أي شخص مناهض لـ"إسرائيل" إلى الكونغرس الأميركي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، نظمت مجموعة الضغط الإسرائيلية هذه، مؤتمرًا للمانحين خارج واشنطن، جرى خلاله عرض فيديو لبعض أهم المشرعين الذين تم تصنيفهم كأهداف رئيسية يجب هزيمتهم في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي هذا العام.

وبناء على ذلك، ظهر النائب جمال بومان (ديمقراطي من نيويورك) في الفيديو، إضافة لمنافسه الأساسي، جورج لاتيمر الذي عُّدّ مفاجأة الحفل.

اللافت أن ما قامت به لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "إيباك"، يعكس دخول غزّة كلاعب أساسي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في منطقة الكونغرس الـ16 بنيويورك، وبالتالي يشير هذا الحدث إلى الانقسامات والمواقف المتعارضة داخل الحزب، ومقاربة أعضائه المتباعدة للفظائع المُرتكبة بغزّة، خصوصًا وأن الخلافات بينهم حول هذه القضية، أصبحت نقطة محورية من نيويورك مرورًا ببنسلفانيا وصولًا إلى ميسوري.

لماذا يحاول اللوبي الصهيوني إسقاط بومان؟

في الواقع يعدّ بومان واحدًا من أكثر المنتقدين صراحة للرد العسكري الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى الخريف الماضي، في أعقاب استنكاره لما أسماها "مذبحة المدنيين" في غزّة. والأهم أن بومان وأنصاره، شبّهوا معاملة الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين، بمعاملة الشرطة للأميركية للسود في الولايات المتحدة.

ليس هذا فحسب، فبومان الذي أطاح بأحد الصقور المؤيدين لـ"إسرائيل"، وهو إليوت انجل، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي قبل أربع سنوات، كان دعا إلى وقف وقف فوري لإطلاق النار في غزة، عدا عن كونه واحدًا من تسعة ديمقراطيين فقط، صوتوا بعد أسابيع على 7 اكتوبر ضدّ قرار يعلن دعمه لـ"إسرائيل" ويدين حماس. وقال بومان إنه فعل ذلك لأن القرار لم يشر إلى ما يتحمله الفلسطينيون في غزّة.
 
أما أكثر المواقف التي أغضبت اللوبي الصهيوني، هي وقوفه خارج البيت الأبيض في نهاية نوفمبر الماضي، واتهامه "إسرائيل" بارتكاب "إبادة جماعية".
 
وأمام هذا الاضطهاد الذي يواجهه بومان، كتبت النائبة رشيدة طليب (ديمقراطية من ولاية ميشيغان)، وهي الأميركية الفلسطينية الوحيدة في الكونجرس، في رسالة بالبريد إلكتروني لجمع التبرعات لبومان في شباط الماضي قالت فيها: "يتم تجريم السود والفلسطينيين لمجرد وجودهم".
 
الجدير بالذكر أن هذه المنافسة الشرسة، تأتي وسط غضب ديمقراطي متزايد من الأعمال الوحشية الإسرائيلية، إذ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب هذا الشهر أن 18% من الديمقراطيين في جميع أنحاء البلاد، يوافقون على العمليات العسكرية الإسرائيلية، بعدما كانت نسبة الذين قالوا إنهم يؤيدون تصرفات الاحتلال 36%، أي بانخفاض بلغ النصف.

وعليه تشير هذه الأرقام إلى حجم التحول داخل الحزب الديمقراطي، حيث كان أعرب العديد من الديمقراطيين في البداية عن دعمهم القوي لـ"إسرائيل"، لكن مؤخرًا كثف القادة البارزون، لا سيما زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشارلز إي شومر (ديمقراطي من نيويورك)، انتقاداتهم للحكومة الإسرائيلية.
 
ما هي التحديات التي يواجهها بومان؟

رغم أن بومان نال الثناء على مواقفه من الناشطين الليبراليين، غير أنه بالمقابل أثار غضب العديد من الناخبين اليهود. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، خسر بومان تأييد "جي ستريت"، وهي مجموعة ليبرالية مؤيدة لـ"إسرائيل" تخلت عنه، لأن قادتها شعروا أنه تبنى خطابا متطرّفا حول "إسرائيل"، وفقًا لجيريمي بن عامي، رئيس "جي ستريت"، فيما القشة التي قصمت ظهر البعير، وفقًا لبن عامي، كانت احتفال بومان بالناشط المناهض لـ"إسرائيل" نورمان فينكلشتاين.
 
إلى جانب ذلك، احتشدت الجماعات القوية المؤيدة لـ"إسرائيل" خلف لاتيمر وتعهدت بانفاق الملايين للإطاحة ببومان. وفي حين قام لاتيمر، المدير التنفيذي لمقاطعة ويستتشستر، بزيارة "إسرائيل" بعد أسابيع من 7 أكتوبر، أعلن أن الدافع وراء ترشحه جزئيًا، يرجع إلى انتقادات بومان للكيان الفاشي، قائلًا إن للكيان الحق في الدفاع عن نفسه. وأشار أيضًا في مقابلة أجريت معه الشهر الماضي إلى أن بومان لا يهتم بالإسرائيليين بل "فقط بمحنة الفلسطينيين".

وفي السياق ذاته، وصف منتقدو بومان، مثل كاثرين باركر (مشرعة مقاطعة ويستتشستر، كانت تحدّت بومان في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لعام 2022 ولم تفلح) بأنه ليس الشخص المناسب للمنطقة. وأضافت "ما أشعر به في جميع أنحاء المنطقة، هو أن الناس قد اجتمعوا معًا للتضامن مع "إسرائيل"، ولسوء الحظ كان عضو الكونغرس بومان غائبًا بشكل صارخ عن الكثير من ذلك. ويشعر الناخبون اليهود بالخيانة حقا".

المبالغ التي قدمتها ايباك لمنافسي بومان

وفقًا لأحدث ملفات لجنة الانتخابات الفيدرالية، فقد بلغ إجمالي التبرعات الفردية المقدمة إلى لاتيمر عبر "أيباك" حوالي 400 ألف دولار بين ديسمبر 2023 وفبراير الماضيين.

وبالمثل، من المتوقع أن تنفق "أيباك" ما يصل إلى 100 مليون دولار في محاولة لإقالة بعض أعضاء "فرقة" المشرعين الليبراليين الملونين، وفي مقدمتهم بومان والنائب كوري بوش (ميزوري). كما "تنظر بجدية" إلى أعضاء المجموعة الآخرين من المشرعين الديمقراطيين الذين يبلغ عددهم حوالي ثمانية عشر عضوًا في مجلس النواب، وجميعهم من الديمقراطيين، ممن دعوا إلى وقف إطلاق النار في غزّة منذ أشهر.

في المحصّلة، مع أنه من المتوقع أن تضع "ايباك"، ثقلها الكامل للإطاحة ببومان، لكن مع انتشار صور الموت والدمار والدماء بغزّة، أصبح المزيد من الأميركيين يشعرون بأن "إسرائيل" قد ذهبت بعيدًا في ردها، كما تظهر استطلاعات الرأي. وبالتالي إن من كانوا يشعرون بالاستياء من وجهة نظر بومان بشأن "إسرائيل"، أصبحوا الآن ليّنين ويشاطرونه وجهة نظره بشأن غزّة.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل