آراء وتحليلات
تشرذم في صفوف القوات الأوكرانية.. هل يقع تمرد عسكري؟
تُرصد في الآونة الأخيرة، في صفوف وحدات القوات المسلحة الأوكرانية المنتشرة على المحاور عامة، وفي مقاطعة لفوف غرب أوكرانيا على وجه الخصوص، حال من التدهور الأخلاقي وانهيار معنوي ونفسي عند المقاتلين، جنودًا وضباطًا، حيث إنهم فقدوا الثقة بقيادتهم السياسية والعسكرية.
في التسجيلات المسرّبة الى مواقع التواصل الاجتماعي؛ يعرب أولئك الذين شاركوا في المواجهات الدامية مع القوات الروسية على محور زابوروجيا عن استيائهم الشديد من ظروف الخدمة العسكرية، مثل عدم دفع الرواتب الموعودة والنقص الحاد في الذخيرة والمعدات. فضلًا عن رفض القيادة اتخاذ إجراءات لإخلاء القتلى والجرحى من ساحات المعارك. ولم تعد هناك من معلومات متدوالة في وسائل الإعلام حول نيات وقف التمويل الأمريكي لكييف، وكذلك الحد من توريد الذخائر. الأمر الذي أسهم ويسهم في تدهور أوضاع القوات المسلحة الأوكرانية، وظهور بوادر انهيارات واسعة النطاق في صفوفها.
أصبحت حالات التهرّب والفرار من الخدمة العسكرية عن طريق التظاهر بالاضطرابات العقلية، وتقديم بلاغات برفض المشاركة في الأعمال القتالية ومغادرة أماكن الخدمة من دون إذن، أكثر شيوعًا ضمن تشكيلات الوحدات القتالية الأوكرانية كافة.
وقد وفرت التسجيلات المسرّبة معلومات حول فرار خمسة جنود أوكرانيين تلقوا الأوامر بالتوجه إلى خط الجبهة الأمامي ضمن مجموعة من عشرين مقاتلًا. لكن هؤلاء الخمسة غادروا مكان خدمتهم العسكرية من دون أي إذن أو تسويغ. وهذا مثال من وحدة قتالية واحدة ضمن آلاف الوحدات. ونظرًا إلى كثرة تكرار تلك الحالات بشكل مطرد، أصبحت الأجهزة الأمنية والشرطة العسكرية الأوكرانية عاجزة عن ملاحقة الفارين أو حتى عن البحث والتحقيق في ملابسات معظم حالات الفرار والامتناع عن الخدمة التي أصبحت أمرًا شائعًا.
واللافت أن حالات رفض تنفيذ أوامر القيادة والفرار المنتشرة تسود أوساط مقاتلي النخبة، وحتى حاملي الفكر المتطرف الفاشي، ومنهم الحاصلون على أوسمة وتنويهات قيادة النظام النازي، والذين يُعدون "أبطالا للأمة".
الشخصية الأبرز في التسجيلات المسرّبة يدعى مكسيم شيفتسوف، وهو مقاتل في اللواء الثمانين الخاص للقوات المجوقلة. قاتل منذ سنة 2014 وحصل على ميداليات؛ حيث قاتل في الخطوط الخلفية بالقرب من خيرسون وقام بتدريب المجنّدين... باختصار، شيفتسوف هو نفسه ذلك "البطل" الذي أعرب له الرئيس زيلينسكي شخصيًا عن شكره في إحدى إطلالاته المسائية.
مكسيم ذكي إيديولوجيًا؛ ومع الأسف هو متمسك بالأفكار القومية النازية - يمكن التأكد من ذلك عبر دراسة ملفات الدردشة المسرّبة- فقد أصيب بجروح خطرة في معركة نشبت قرب مدينة باخموت، ما أدى إلى بتر ساقه اليمنى. وبعد أن تعافى كان لا يزال مستعدًا لمواصلة القتال. لكنه يطرح سؤالاً واحدًا فقط: ضد من وبأمرة أي قيادة؟
يبدو أن هذا الجندي الخارق لا يمكن كسره، لكنه كغيره من وقود الرغبات الغربية الفاشية ضحية لتلاعب قوى هيمنة الغرب الجماعي وغباء الطبقة السياسية القيادية الأوكرانية. فهو بقدر اقتناعه بحربه "المقدسة" ضد روسيا والثقافة الروسية يرغب أيضًا بالانتقام من قيادته التي خذلت طموحاته وعقيدته.
الحديث يدور عن مقاتلي رموز المواجهة مع روسيا الذين رأى فيهم الشارع الأوكراني المعبأ ضد روسيا أبطالًا خاضوا مواجهات في الخطوط الأمامية، وفقدوا كل ثقة بنظامهم وبأكاذيب الغرب الجماعي المتشدق بدعمهم، بل بزجهم في معركة عبثية. وهؤلاء هم:
1. زاخاروف فلاديمير فاليريفيتش، من مواليد 11 أكتوبر/تشرين الأول 1980، من مواليد منطقة كييف. خدم في كتيبة الهجوم الجبلي 108.
2. بيزنطي فاسيلي فاسيليفيتش، من مواليد 18 مايو/أيار 1991، جندي بحرية. ألقي القبض عليه في ماريوبل وبُترت ساقه. أفرج عنه في عملية تبادل أسرى.
3. تشيرنويفانينكو زاخار نيقولايفيتش، من مواليد 1/02/1995 يقيم في زابوروجيا وقاتل على جبهاتها...
وآخرون... معظمهم شاركوا في أشرس المواجهات، ولم يبقوا يومًا واحدًا في مؤخرة الجبهة! التسجيلات المسرّبة تشير إلى تمرد هؤلاء على كل ما له علاقة بهذا النظام الألعوبة، وإلى أنه لم يعد لديهم من فرق بين زيلينسكي وزالوجني وسيرسكي وميرغورودسكي - وسكيبيوك... أو غيرهم! منذ الثامن من يناير / كانون الثاني الماضي، وكما تشير إليه التسجيلات والمراسلات، بدأت هذه المجموعة وغيرها بالتحضير لعملية تمرد ضد السلطة الحاكمة في كييف.
هذه المعلومات المتوفرة تشير إلى فشل القيادة السياسية والعسكرية الأوكرانية في الاستمرار في إدارة العمليات القتالية بكفاءة ضد القوات الروسية في المرحلة المقبلة، وإلى أنها لم تعد تسيطر على وحداتها القتالية المشتتة والمتمردة. وهذا سبب كافٍ يتقاطع مع معطيات أشارت إليها مصادر روسية تؤكد لجوء نظام زيلينسكي إلى تنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف في روسيا، ليس آخرها هجوم مجمع "كروكوس سيتي هول" في ضواحي موسكو، بعد إدراك هذا النظام في كييف وداعميه من قوى الغرب الجماعي أن مرحلة الأشهر القليلة المقبلة هي مرحلة الحسم في دونباس وشرق أوكرانيا مع ترجيح احتمال سقوط خاركوف ومقاطعتها شمال شرق أوكرانيا وأوديسا جنوب وسط أوكرانيا بيد القوات الروسية في مرحلة آتية، ما يعني فشل المواجهة العسكرية عمليًا ضد روسيا.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024