طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

تهافت المقولات في مناكفة "الوعد الصادق"
17/04/2024

تهافت المقولات في مناكفة "الوعد الصادق"

منذ أن أعلنت الجمهورية الإسلامية في إيران عزمها على الرد على قصف العدوّ قنصليتها في دمشق، راهن إعلاميون وسياسيون لبنانيون وعرب على أن إيران لن تفعلها ولن تجرؤ على ذلك، وأنها ستردّد كالعادة بأنها ستردّ في المكان والزمان المناسبين، أو أنها في أحسن الأحوال ستترك هذه المهمّة لحلفائها.

وقد وقعتُ قبل أسبوعين على بعض التعليقات نأخذها كنموذج في هذا المجال:

1 - رئيس جهاز الإعلام والتواصل في "القوات اللبنانية" شارل جبور قال في حديث لقناة "الجديد: ""إسرائيل تستفزّ محور الممانعة وتستدرج إيران للمواجهة، وأنا أجزم أنه لن يكون هناك أي ردّ كلاسيكي من قبل إيران، بل الردّ سيكون عبر الأذرع التابعة لها"، مضيفًا ان "إيران لا تقوم بمهاجمة "إسرائيل" مباشرةً لأنها تعرف أن ميزان القوّة ليس في صالحها وستُهزم في حال قيامها بعمل كهذا".

2 - النائب "التغييري" مارك ضو أكد لقناة mtv: "إيران لن تردّ".

3 - النائب السابق فارس سعيد جزم في برنامج على mtv أيضًا: "إيران لا تريد أن تردّ ولن تردّ، وإذا قبضاي الإيراني يردّ".

4 - المحلل السياسي "المختص بالشؤون الإيرانية" وجدان عبد الرحمن قال لموقع "العربية.نت": "إيران لن تردّ على الغارة بشكلٍ مباشر، بل عبر أذرعها في العراق ولبنان وسورية واليمن، إضافة للجماعات التي تدعمها في غزّة وفلسطين".

هذه التعليقات وأمثالها تشير إلى تعجّل واستباق للأحداث، وإلى تأخّر بعض المحللين أو السياسيين الذين يدورون في فلك سياسي معادٍ لمحور المقاومة في فهم ما يدور من حولهم وفي استيعاب التحولات والتغيرات في الصراع مع الكيان الصهيوني، بعدما بدأت الجمهورية الإسلامية تقطف ثمار الصبر الاستراتيجي ومراكمة عناصر القوّة. ويستند هؤلاء إلى قوالب ذهنية لا يغادرونها إلا قليلًا في ما يتعلق بخصومهم، ويعملون على تسخيف إنجازات محور المقاومة أو يعزون ما يتحقق منها إلى تواطؤ بين المحور وكلّ  من الولايات المتحدة و"إسرائيل". وعندما قامت إيران بمخالفة توقعاتهم، لم يُقرّوا بخطئهم في التقدير، بل ذهبوا فورًا إلى وصف ما جرى ليل 13 - 14 نيسان الجاري بأنه "مسرحية" و"تمثيلية". وإذا تبينَ لهم أن هذه المقولة لا تلقى قبولًا عامًا، سارعوا إلى تسويق مقولة أن الضربة الإيرانية أفادت "اسرائيل المعزولة دوليًا" بفعل غرقها في دماء غزّة ورمالها، وهو ادعاء يفتقر إلى مصداقية، في وقت لم يقدم "المجتمع الدولي" حتّى الآن أي مساندة جدية للشعب الفلسطيني، وما يحاوله الغرب هو إنقاذ "إسرائيل" من نفسها وليس مساءلتها أو إنصاف الفلسطينيين.
 
كان هذا الفريق نفسه الموالي للغرب، والذي لا يخفي سيره في طريق أنظمة التطبيع مع العدو، قد تبنّى مقاربة عدائية تجاه المقاومة في لبنان وفلسطين. وهو يقول علنًا إن المقاومة في فلسطين هي من تسببَ بمعاناة الشعب الفلسطيني، وليس الاحتلال الذي دمر المنازل وقطّع أوصال المدن وحاصر غزّة طول سنوات عديدة وانتهك حرمة المقدسات وقضى على حلم الدولة الفلسطينية فعليًا.   

أما انضمام المقاومة في لبنان إلى مساندة المقاومة في غزّة بعد "طوفان الأقصى"، فقد "حرتق" عليه الفريق الموالي للغرب بكلّ أساليب الهجاء، مستخفًّا ومتهكّمًا على التضحيات والشهادات التي تقدمها المقاومة بدماء أبنائها، معتبرًا أنها لم ترقَ إلى مستوى "الطوفان"، علمًا أن هذا الفريق هو أول من اعترض على مساندة غزّة بأي مستوى عمليّ كان، معتبرًا أن حزب الله يريد سَوْق لبنان إلى الدمار.  

وبالعودة إلى التجارب السابقة، عندما أعلن العدوّ الحرب على لبنان في تموز 2006، حمّل هذا الفريق أيضًا المقاومة المسؤولية، وظل على موقفه إلى نهاية الحرب. ثمّ عدّ النتيجة هزيمةً للبنان وانتصارًا ل"إسرائيل"، في حين كان العدوّ يُقرّ بفشل جيشه في تحقيق الأهداف المرسومة وبصمود المقاومة أمام الهجمة العاتية.

وفي تجربة تحرير الجنوب عام 2000، كان الفريق الموالي للغرب قد فسّر اندحار الاحتلال الإسرائيلي على أنه انسحاب اختياريّ هدفَ إلى تطبيق القرار الدولي 425 بعد 22 عامًا على صدوره، كما سبق له أن اتّخذ موقفًا سلبيًا من عمليات المقاومة ضدّ الاحتلال، معتبرًا أنها تحمّل البلد تكاليف لا داعي لها، ما دام أن "السلام" آتٍ إلى المنطقة، في وقت لم تقرر اسرائيل الانسحاب من المناطق التي احتلتها في لبنان واحدةً بعد الأخرى إلا بنتيجة تتالي ضربات المقاومة.

وفي حين يرى المعلّقون الإسرائيليون في الرد الإيراني نقلة نوعية قلّصت قوة الردع الإسرائيلي، يقول فريق التطبيع العربي: لا، هذا ليس صحيحًا، "إسرائيل" قوية، لكنّها مرّرت هذه الضربة لأنها المنتصرة! لو راجع هؤلاء ما يقوله كبار القادة والمحللين الإسرائيليين لكانوا تعلموا شيئًا من هذا الدرس وأيقنوا أن "اسرائيل" التي ربطت أنظمةُ التطبيع مستقبلها بها هي كيان هشّ ويمكن أن يُهزم، وعليهم أن يدبّروا أمورهم على هذا الأساس قبل أن يُصدموا بحقائق أكثر مرارة من وقائع 7 - 10 - 2023 و14 - 4 - 2024.
 
أليس يدعو للتأمل أن الكيان الذي أدمن العدوان والضربات الاستباقية وعدم النوم على هزيمة، استعار على مضض شعار "الصبر الاستراتيجي" و"الرد في المكان والزمان المناسبين" بعد الضربة الإيرانية المذهلة، بينما تؤكد إيران أنها ستقوم برد فوري وأكثر شدة على أي اعتداء إسرائيلي على أرضها ومصالحها؟

الزمن يتغير!

لبنانالجمهورية الاسلامية في إيرانالكيان الصهيونيالتضليل الإعلامي

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
زراعة الأسماك في البقاع.. ثروة مُهملة من قبل الدولة
زراعة الأسماك في البقاع.. ثروة مُهملة من قبل الدولة
نُصرة لغزة وفلسطين.. حراك طالبي في جامعات بيروت
نُصرة لغزة وفلسطين.. حراك طالبي في جامعات بيروت
كشافة الإمام المهدي (عج) تختتم مخيمها التدريبي في الهرمل
كشافة الإمام المهدي (عج) تختتم مخيمها التدريبي في الهرمل
 رئيس الاتحاد العمالي العام في عيد العمال: ما حقّقناه غير كافٍ
 رئيس الاتحاد العمالي العام في عيد العمال: ما حقّقناه غير كافٍ
فنيش: المقاومة ماضية سواء علت الأصوات أم خفتت
فنيش: المقاومة ماضية سواء علت الأصوات أم خفتت
الحركة الطلابية الأميركية وثمارها السياسية محور اهتمام الصحف الإيرانية 
الحركة الطلابية الأميركية وثمارها السياسية محور اهتمام الصحف الإيرانية 
الحاج حسن: التضحيات التي تُقدَّم في طريق المقاومة أقل بكثير من كلفة الاستسلام 
الحاج حسن: التضحيات التي تُقدَّم في طريق المقاومة أقل بكثير من كلفة الاستسلام 
ثورة الجامعات الأميركية نصرة لغزة تتصاعد وسط تحركات طلابيّة عالميّة مساندة
ثورة الجامعات الأميركية نصرة لغزة تتصاعد وسط تحركات طلابيّة عالميّة مساندة
تجمّع أكاديمي في جامعة طهران دعمًا للحراك الطلّابي الأميركي
تجمّع أكاديمي في جامعة طهران دعمًا للحراك الطلّابي الأميركي
الاحتجاجات الطلابية في أميركا محطُّ اهتمام الصحف الإيرانية
الاحتجاجات الطلابية في أميركا محطُّ اهتمام الصحف الإيرانية
إذاعة "ريشت بيت": الانسحاب من معبر نتساريم جزء من مرونة المفاوضات
إذاعة "ريشت بيت": الانسحاب من معبر نتساريم جزء من مرونة المفاوضات
اللواء احتياط في جيش العدو إسرائيل زيف: الأميركيون يطالبوننا بالاختيار بين رفح والرياض
اللواء احتياط في جيش العدو إسرائيل زيف: الأميركيون يطالبوننا بالاختيار بين رفح والرياض
الزيارة السابعة لبلينكن.. التطبيع السعودي واستكمال ذرائع معركة رفح
الزيارة السابعة لبلينكن.. التطبيع السعودي واستكمال ذرائع معركة رفح
ماذا في جعبة أميركا لحماية الكيان في البحر الأحمر؟
ماذا في جعبة أميركا لحماية الكيان في البحر الأحمر؟
ضابط احتياط "إسرائيلي": تهديد حزب الله يُعرّض الجبهة الداخلية بشكل رئيسي للخطر
ضابط احتياط "إسرائيلي": تهديد حزب الله يُعرّض الجبهة الداخلية بشكل رئيسي للخطر
العمليات "الإعلامية" ضدّ المقاومة مستمرة..
العمليات "الإعلامية" ضدّ المقاومة مستمرة..
الخطاب التعبوي ضدّ المقاومة.. خيبات متراكمة
الخطاب التعبوي ضدّ المقاومة.. خيبات متراكمة
"طوفان الأقصى" وكذبة المحتوى المحايد.. استغباء أم تضليل مدسوس!
"طوفان الأقصى" وكذبة المحتوى المحايد.. استغباء أم تضليل مدسوس!
سردية العدوّ في إعلام الـMTV
سردية العدوّ في إعلام الـMTV
التهويل.. صنعة الرماديين في الحرب
التهويل.. صنعة الرماديين في الحرب