نقاط على الحروف
طلاب الجامعات في أميركا: هل رأوا الآن ما رأت راشيل كوري؟
يتصاعد الحراك الطلابي في الولايات المتحدة الأميركية ضدّ حرب الإبادة التي تجري بيد أميركية صهيونية على غزّة، ومعه يفشل الأميركيون مرة جديدة: كلّ جهود السنين التي بذلوها لجعل "إسرائيل" تبدو كواحة سلام وديمقراطية وتحضّر في صحراء الشرق سقطت، وبالنقاط أيضًا، كما سقطت كلّ محاولتهم لجعل بلادنا بنظر شعوبهم مجرّد أرض يعيش فيها قطّاع طرق إرهابيون وهمج.
هذه المساعي الأميركية والغربية عمومًا التي صنعت الإسلاموفوبيا باستخدام ١١ أيلول/سبتمبر، تواجه اليوم مأزقًا يكاد يستحيل التعامل معه. وبعد أن موّلت ودعمت بل وأسّست الحركات التكفيرية الإرهابية لتستخدمها كأداة واحدة في ميدانين مختلفين: على أرضنا لاستهدافنا وقتلنا وترويعنا، وفي الإعلام للقول لشعوبها انظروا من هم المسلمين والعرب، تواجه اليوم طلاب جامعاتها وقد أدركوا وإن ببطء أن دولتهم هي مصدر الإرهاب، وأنّ دورها في جريمة الإبادة الحاصلة هو وصمة عار لا تطبع المستقبل فقط، بل تكشف الأكاذيب التي دأبت حكوماتهم على التسويق لها: لقد بدأوا باكتشاف أنّ من تضعهم دولتهم على لائحة الإرهاب، من أفراد ومنظمات، هم في الواقع أهل الأرض الأحرار الذين يمارسون حقهم الطبيعي بالدفاع عن النفس وبمقاومة العدوانية والهمجية والوحشية التي تُسكب عليهم بالسلاح الأميركي.
لحظة اليقظة هذه ليست لحظة رومانسية أبطال مشهدها يتعاطفون مع أطفال وعائلات تتعرّض لأفظع جريمة إبادة مستمرة جرت في التاريخ الحديث، وإنّما هي لحظة وعي تعبّر فيها فئة الشباب عن اكتشافها المرّ لحقيقة الخدعة التي قيّدتهم طوال سنين إلى شعارات كاذبة ترفعها دولهم حول التبشير بالديمقراطية وبحقوق الإنسان، وإلى عناوين فضفاضة يتخفّى تحتها سيل من الكذب الممنهج: "بعبع" معاداة السامية الذي اتُخذ معيارًا لتصنيف الشعوب والأفراد، سقط في لحظة استخدامه ضدّ الطلاب الأميركيين حين تعرّضوا لإرهاب دولتهم إذ اتّهمتهم هم أيضًا بمعاداة السامية: واقعًا، هم يعادون فعل الإبادة، وبذلك بدا أن "الساميّة" ليست سوى الحق بقتل وترهيب ونهب الشعوب! وإن كانت المواطنة الأميركية راشيل كوري قد رأت ذلك بأم عينها، وحاولت منعه فقُتلت تحت الجرافة "الإسرائيلية"، فاليوم طلاب الجامعات في أميركا رأوا وإن من البعيد، هذه الحقيقة..
تفصيل حمل راية حزب الله بشكل خاص بين صفوف الطلاب المعتصمين ليس عابرًا، فمن معانيه أن هذه رمزية الراية في عين الشعوب الغربية قد تبدّلت إلى النقيض: بعد أن كانت، وبجهد دوليّ، ترمز إلى "الإرهاب" صارت ترمز إلى القوّة التحرّرية.. وبعد أن كان يُستهجن حملها أو وضع صورة لها - وهو أمر ممنوع على المنصات الافتراضية مثلًا - صار استخدامها وسيلة للتعبير عن نصرة المظلومين في صفوف شعب دولة الظالمين ورأس شيطان الظلم!
من جهة أخرى، التعرّض للطلاب بالضرب العنيف والذي صوّرته وسائل الإعلام حول العالم، وإن ليس مستغربًا وهو يجري عادة تحت عنوان "مكافحة الشغب"، شكّل بدوره ضربة جديدة لمصداقية "الدولة الأميركية" نفسها أمام شعبها وشعوب العالم.. فهي تضرب الطلاب، شبًّانًا وشابات، لأنّهم أوقفوا صفوفهم الجامعية تعبيرًا عن رفضهم لجريمة إبادة تقوم بها دولتهم، كي تجبرهم على الاقرار بحقها كدولة في دعم القتل والإرهاب، بعد إيهامهم سنينًا أنّها ترسل جيشها، أي أفراد من عائلاتهم وأقاربهم وجيرانهم، كي تحارب "القتل والإرهاب" حول العالم! المشهد لم يستوقف الكثيرين من عبيد "الديمقراطية الأميركية" الحالمين، وكان يكفي أن يكون مكان المشهد "إيران" على سبيل المثال كي يتداعوا إلى حملة منظمة تدين الفعل وتجرّم فاعله.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024