آراء وتحليلات
عملية كرم أبو سالم الصاعقة.. هل يفهم نتنياهو رسالتها؟
تحت بند "سُمح بالنشر"، أعلنت وسائل إعلام العدوّ عن مقتل 4 جنود وإصابة آخرين جراء القصف الذي نفذته القسام على كرم أبو سالم في غلاف غزّة. وقالت إذاعة جيش العدو إن القتلى من كتيبة "شاكيد" التابعة للواء "جفعاتي" والكتيبة 931 التابعة للواء "ناحال"، لافتة إلى أن عدد الإصابات الكلي في العملية بلغ 15 إصابة، واستنادًا للتعتيم الذي يمارسه العدوّ عادة لناحية إصابات جنوده، يمكن عدّ هذا العدد - على الأقل - مؤكدّا وثابتًا حتمًا.
ليست هذه هي العملية الأولى التي تتعرض لها وحدات العدوّ المنخرطة في عدوان وحشي على غزّة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، فعمليات المقاومة على هذه الوحدات ناهزت المئات لتصل إلى الالاف ربما، من كمائن إلى استهدافات مباشرة بالعبوات الناسفة وبالمضاد للدروع وللأفراد وبالصواريخ والقناصات والأسلحة الفردية، وإلى استهدافات غير مباشرة بالهواوين والصواريخ المختلفة المديات، وإصابات بين صفوف الجنود والضباط نتيجة هذه العمليات، والتي كانت مؤلمة ووصلت إلى أعداد كبيرة وغير مسبوقة.
في الواقع، لعملية كرم أبو سالم الأخيرة أبعاد مختلفة عن أغلب تلك العمليات المذكورة، أولًا بسبب توقيتها المتزامن مع حماوة مفاوضات التسوية والتبادل، وثانيًا بسبب جغرافية الحدث المختلفة عن السائد حتّى الآن في القطاع. ويمكن الإضاءة على هذه الأبعاد على الشكل الآتي:
- نُفذت العملية بصواريخ "رجوم" المحلية الصنع عيار ١١٤ ملم، والتي لا يتجاوز مداها عدة كيلومترات، وهي مسافة تؤكد حتمًا أن قواعد إطلاقها لا تتجاوز المناطق الشرقية لمدينة رفح، والمحاذية مباشرة لحدود القطاع مع جنوب غلاف غزّة الشرقي. وهذا الأمر يؤشر إلى مستوى الجهوزية والتحضيرات العملانية للمقاومة، على محور المدافعة الرئيسي بمواجهة محور العدوّ الرئيسي لهجومه المرتقب على مدينة رفح.
- قبل هذه العملية واستهداف تحشدات العدو، كانت قد حصلت عملية مماثلة وبصواريخ رجوم في الأول من الشهر الحالي على مستوطنة حوليت شرق القطاع جنوبًا، والقريبة بضعة كيلومترات من كرم أبو سالم. وبدت وكأنها بمثابة إنذار جدي لهذه الوحدات العدوة المتحشدة للهجوم المرتقب، وأيضًا بمثابة رد على تمادي العدوّ في استهداف المدنيين والنازحين في رفح والمخيمات التابعة لها، غربًا في المواصي وجنوب غرب تل السلطان.
- ما كان لافتًا أيضًا في العمليتين، أنها كانت من العمليات التي نادرًا ما تحصل انطلاقًا من مناطق شرق رفح، بخلاف كلّ العمليات الأخرى المذكورة، والتي توزعت بكثافة انطلاقًا من كلّ مناطق القطاع، شمالًا ووسطًا وجنوبًا في خان يونس.
في المحصلة، جاءت هذه العملية لتؤكد الآتي:
- إن وحدات المقاومة المنتشرة في رفح، والتي لم تنخرط في مواجهات ومعارك الشمال والوسط وخان يونس، وبالتالي ما تزال تحافظ على النسبة الكبيرة من قدراتها في العديد وفي العتاد والأسلحة، هي تملك الجهوزية الكافية لتنفيذ صدّ ناجح لأي هجوم مجنون على المدينة الأكبر جنوب القطاع.
- إنّ مهاجمة رفح، كما يروّج نتنياهو، هي حتمًا لن تكون نزهة، وبخلاف ما يدعيه بأنها ستحقق لجيشه ولكيانه النصر المطلق، ستكون هزيمة كبيرة وكارثة أخرى تضاف إلى مروحة الهزائم التي وقع فيها جيشه وما يزال في شمال القطاع ووسطه، وبالتأكيد في خان يونس أيضًا مع كمائنها القاتلة لوحداته.
- أخيرًا، وربما هو الأهم ممّا ورد، جاءت هذه العملية في كرم أبو سالم لتسحب من نتنياهو مناورة اعتماد التهديد باجتياح رفح ورقة ضغط لاجبار المقاومة على التنازل في المفاوضات، بالتالي، ستشكّل – أي العملية- دافعًا مساعدًا لإنجاح مفاوضات التسوية والتبادل بشكل متوازن بين العدوّ وبين المقاومة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024