نقاط على الحروف

"الموس" الاستراتيجي في حلق الاستكبار!
07/05/2024

"الموس" الاستراتيجي في حلق الاستكبار!

على عتبة إتمامها الشهر السابع، تمعن معركة "طوفان الأقصى" بـــــ"دقّ المسامير" المتتالية في نعش "إسرائيل"، وتضع عالم الاستكبار كلّه أمام حقيقة اقتراب موعد جنازة ربيبته وقاعدته العسكرية الأكبر في المنطقة.

في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر، استفاق هذا العالم على صفعة قاسية أراقت في ساعات قليلة ماء وجه جبروته وتفوّقه الذي أنفق فيه مليارات المليارات من الدولارات وكمًّا هائلًا من الجهود التي حاولت تثبيت "إسرائيل" دولةً طبيعية في ذهن التاريخ والعالم.

هذه الصفعة أثارت جنون الاستكبار كلّه، وليس فقط جنون "نتنياهو"، كما يحاول البعض الإيحاء وعلى رأسهم الأميركي الذي يقود هذه الحرب، متخفيًّا خلف ستار "نحاول الضغط على نتنياهو". ففي ليل أمس، وبعد أن أعلنت حركة حماس موافقتها على المقترح المصري-القطري، تلقّى عالم الاستكبار صفعة ثانية، بعد أن ظلّ منذ اندلاع المعركة يدّعي أنّه إيجابيّ في التفاوض ولكنّ "حماس" تقوم بإفشال المفاوضات. لقد وجد نفسه بالأمس أمام العالم كلّه عاريًا من كذبة "الإيجابية" متمسّكًا بالهمجيّة الصمّاء، والتي لا تحقّق له أيّ هدف، بل تراكم خساراته وتزيد من وقع هزيمته التي لا مفرّ منها. وما بين الصفعتين، سيل من الخسائر الميدانية تجرّعها الاستكبار في مختلف ساحات المواجهة، في غزّة وعلى جبهات الإسناد من إيران ولبنان واليمن والعراق.

ليل أمس، وجب على هذا العالم الغربي، ممثّلًا بربيبته "إسرائيل" أن يختار بين مرّين: استمرار الهزائم في ميادين المواجهة، أو الرضوخ لما وافقت عليه حركة حماس.
لكن لأنّ المصفوع يعجز عن الصواب، آثَر المضيّ قدمًا في الوحشية عبر استكمال جرائم الإبادة في رفح، والأمر دلّال: يوقن الصهاينة وخلفهم العالم الذي أسّس لهم كيانًا مصطنعًا أنّ هذا الكيان المؤقّت لن يستعيد ولو قطرة من ماء وجه جبروته، فأمعن في ممارسة الهروب إلى الأمام، مدركًا أن لا رجعة إلى ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول. يقرّ بإصراره على محاولة تحقيق "أهداف حربه" بهزيمته، بعد سبعة أشهر متتالية من العجز سوى عن القتل والتدمير ومراكمة الخسائر والهزائم.. بكلام آخر، يكابر حتى اللحظة على الموس العالق في حلقه.. يخشى إن أخرجه النزف، ويخشى ابتلاعه، ولا يعلم ربّما أنّه بذلك يُقتل مختنقًا بدمه.. وبحجم الخسارات "المعنوية" في داخل كيانه كما في كلّ العالم، والتي تفوق بحجمها الخسارات المادية على كثرتها.

حين أعلنت حركة "حماس" عن موافقتها على المقترح المصري-القطري، عمّ الأمل بهدنة بين أوساط أهل الصّبر، في غزّة وفي لبنان على حدَ سواء. ولهفتهم للعودة إلى بيوتهم وإلى أيام خالية من وقع أصوات القصف والخطر المستمر، لا تعني بأي حال من الأحوال أنّ صبرهم بدأ ينفذ، فهم أهل الأرض الموقنين بنصر مقاومتهم وهزيمة عدوّهم، وأن المسألة مسألة وقت، وصبر ساعة. وما إن نشرت الأوساط الإعلامية الصهيونية عن مكتب نتنياهو رفض المقترح، شعر جميع الذين تلهّفوا أن عدوّهم "الأوهن من بيت العنكبوت" يستعجل خرابه ويسعى إليه من دون أن يدري، ما زاد فوق يقينهم بالنصر يقينًا بأن هذه المعركة التي منذ أوّل لحظاتها سطّرت نصرًا تاريخيًا للمقاومة هي معركة تختلف في كلّ مجرياتها وتفاصيلها عن أي معركة سبقت مع هذا العدو، وبـــــ"يقينًا كلّه خير" عادوا إلى متابعة أخبار الميدان والدعاء.. فالدعاء هو السلاح الذي يتشارك استخدامه أهل العسكر وأهلهم.

بالعودة إلى "الموس" العالق في حلق عالم الاستكبار، والذي أتقن محور المقاومة التخطيط له وتصنيعه وشحذه وإجبار العدو على تلقّيه في حلقه ضمن استراتيجية مقاوِمة ومدروسة بساحات موحّدة، وعلى مرأى العالم كلّه، بدأت الشفرة  تحزّ هذا الحلق المتجبّر من داخله: المظاهرات داخل الكيان كما في جامعات الدول الغربية دليل على ذلك. وهو كلّما قام بتأجيل لفظه أو ابتلاعه، يخاطر بامكان اختناقه بنزفه الذي ما يزال يكابر عليه.. لقد فتح السابع من تشرين الأول/أكتوبر صفحة جديدة من كتاب تاريخ هذا الصراع، ونتشارك نحن والقراء من المعسكر المعادي النظر إلى حقيقة لا التباس حولها: لقد دخل الكيان الصهيوني بوصفه قاعدة عسكرية للغرب في بلادنا مرحلة التوحّش الأخير، وهو بوصفه كائنًا هجينًا متوحّشًا، يبلغ أقصى همجيته قبيل لفظ أنفاسه الأخيرة وزواله..

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف