آراء وتحليلات
حكايا تموز والنصر المحتوم
لتموز رفيق درب المقاومين حكايا عن عطر الشهادة، ونسائم النصر المبين.. فيه خطّوا أوّل حرف من حروبهم.. وفيه كان ثانيها واليوم يسطرون ثالثها، وما بينهما أكثر من ثلاثين ربيعًا، أزهر فيها التحرير عزًا وكرامة توارثتها أجيال فأجيال، مخرجة أبطالًا شدّوا الرحال قافلة تسير خلف قافلة من تموز 1993 و"تصفية الحساب" بأيامها السبعة إلى تموز 2006 و"حرب لبنان الثانية" بأيامها الثلاثة والثلاثين، إلى يومنا هذا والطوفان هادر من أوكتوبر 2023 إلى تموز 2024، وسيل الدماء يجري فينتصر على سيوف الظالمين، بفضل سواعد المجاهدين في غزة فلسطين وجبهة إسناد أشرف الناس في لبنان.
في تموز "الحساب"، كان حزب الله بقدرات محدودة، ترسانته الصاروخية كان "الكاتيوشيا" نجمها الوحيد، رغم عدم وفرته واقتصاد المقاومين بزخاته وصلياته، لكنه فعل فعله ورسّخ معادلة قوّة جديدة لم تُكتَب يومها حتى نيسان 1996، لكنها ساهمت بردع العدو وتكبيل جيشه عبر منعه من ضرب المدنيين، خشية تعرض مستوطناته من جديد لوابل صواريخ حزب الله.
هكذا كان فشل العدو وعجزه في تموز الأول (1993)، لكن ذلك الفشل تكرر وتعمق وكبر في تموز 2006، يوم سطرت المقاومة وشعبها بصمودهم الأسطوري ملاحم البطولة، فكانوا على موعد مع نصر تاريخي وإلهي جديد، بقيت ارتداداته تتردد على كيان الاحتلال وجيشه إلى يومنا هذا، يومذاك برز تقرير لجنة فينوغراد كأوضح شهادة رسمية من الكيان نفسه على هزيمته، مقرًا بأن "أقوى الجيوش في منطقة الشرق الأوسط لم يتمكن من الانتصار على منظمة شبه عسكرية لا تشمل إلا بضعة آلاف من العناصر"، ليهتز إثر ذلك عرش قياداته وتطيح الهزيمة بأرفع قادته السياسيين وجنرالاته العسكريين.
تموز الثاني (2006) رسخ صورة الهزيمة لدى قادة الاحتلال، فبقيت تلك الصورة حاضرة في مقارباتهم لجبهة لبنان طوال السنوات الماضية، وبقي طيفها يظللهم، لم ينسَ هؤلاء بسهولة صورة "الميركافا الأسطورة" تطير في الهواء في موقع الراهب عقب عملية الأسر (الوعد الصادق) ببداية الحرب ولا صورة "ساعر" ولا مروحية مريمين ولا صاروخ "كفرجلعاد" ولا مجزرة الميركافا في مرجعيون ووادي الحجير والتي اصطيدت كالإوز في حقل الرماية وتركت خردة في الميدان.
في تلك الحرب توسعت ترسانة حزب الله، لم يعد "الكاتيوشيا" وحيدًا في الميدان، دخلت صواريخ "رعد" و"خيبر" و"الكورنيت" المفاجأة وغيرها فكان لها الأثر الكبير في تحقيق النصر وردع العدو وإبعاد شبح الحرب عن لبنان مجددًا طوال سبعة عشر عامًا.. قضتها المقاومة وهي تراكم قدراتها وتعد للعدو ما استطاعت من قوة، ما وضعها كما كانت دومًا في موقع الواثقة مما يمكن أن تصل إليه وتحققه من أهداف، وجعل العدو في المقابل يحسب لها ألف حساب، لأنه يعلم كلفة المواجهة معها ويعلم أن شعاع المعركة الشاملة مع حزب الله يمتد من كريات الى إيلات، وهو ما دفعه رغم كل الصراخ والتهويل بالحرب عاجزًا وغير قادر على تنفيذ تهديداته, وعلة ذلك أولاً خشيته مما تخبئه المقاومة من مفاجآت أذاقته بعض بأسها، وثانيًا أنه أثخن بجراح غزة وباقي الجبهات واستنزف على مدى عشرة أشهر حتى بات يفتقر إلى القدرات العسكرية التسليحية (نقص في الذخائر - نقص في الدبابات..) والبشرية جراء أعداد القتلى والجرحى في صفوفه (لجأ العدو إلى تجنيد الحريديم لتعويض النقص الحاصل لديه)، وهذا ما جعله يرتعد فيرعد ويزبد وهو مردوع عن خوض غمار حرب واسعة خاسرة سلفًا، وبذلك تكون المقاومة قد أفشلت كل ما نظّر له جيش العدو من 2006 حتى اليوم هذا عن الحرب القادمة "السريعة والحاسمة ذات النصر المؤكد".
حكايا تموز عن المقاومة والمقاومين حكايا تعاظم قوة وقدرة ونصر مؤزر يتلوه آخر.. حكايا شهداء استنهضوا أمة.. قلّة مقاوِمة في لبنان وفلسطين تحولت في ثلاثين عامًا فقط إلى محور مقاومة، يطوق كيان الاحتلال من كل الجهات ويفتح بوجهه جميع الجبهات، ويضعه أمام معضلة ومأزق وجودي لم يشهد مثيلًا له منذ تأسيسه، لتكر سبحة التنبؤات لدى نخبه باقتراب لعنة العقد الثامن، وقرب تحقق الزوال المحتوم.
المقاومة الإسلاميةحرب تموز 2006عدوان تموز 2006
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024