آراء وتحليلات
بايدن.. آخر رئيس أميركي مؤيد لـ"إسرائيل"؟
وأخيرًا، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي لدواعٍ صحية، تارًكا الساحة لنائبته كامالا هاريس لتكمل المسيرة في محاولة لإيقاف الزحف المظفر للرئيس السابق دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض. وبانسحابه لا يبدو أن الحزب الديمقراطي هو الوحيد الذي تعرض لخسارة ثقيلة، بل إن "إسرائيل" أيضًا خسرت أحد أصدقائها الأكثر إخلاصًا لها والذي كرس مسيرته السياسية لحماية مصالحها في الولايات المتحدة وخصوصًا في الكونغرس الأميركي حتّى ولو كان ذلك على حساب المصالح الأميركية.
وقد تكون أصول بايدن الكاثوليكية هي أحد أسباب اندفاعته لإظهار إخلاصه لـ"إسرائيل". ففي بلد يعلي من دور البروتستانت، فإنه كان على كاثوليكي مثل بايدن أن يعلن صهيونيته صراحة ليلقى الدعم اللازم ليبقى عضوًا في الكونغرس منذ اوائل السبعينيات. ومن الأمثلة على حرص بايدن على مصالح "إسرائيل" زيارته لـ"تل أبيب" قبل أيام قليلة من اندلاع حرب تشرين الأول/ أكتوبر ١٩٧٣ حين أعرب السناتور الشاب عن خوفه على "إسرائيل" لرئيسة الوزراء آنذاك غولدا مائير التي طمأنته إلى أن الدولة العبرية تمتلك سلاحًا نوويًّا يمكنها أن تستخدمه للدفاع عن نفسها.
زيارة ثانية قام بها بايدن لـ"إسرائيل" في العام ١٩٨٢ حين التقى برئيس الوزراء آنذاك مناحيم بيغن معربًا له عن قلقه من انقلاب الرأي العام الأميركي ضدّ "إسرائيل" بسبب المجازر التي ارتكبتها في لبنان. ولم يكن ذلك نابعًا من حرص بايدن على أرواح اللبنانيين والفلسطينيين بل من حرصه على صورة "إسرائيل" ومصالحها في الولايات المتحدة. والجدير ذكره أن بايدن اعتبر أن اجتياح لبنان في العام ١٩٨٢ كان ضروريًّا لحماية "إسرائيل" حتّى لو أودى بحياة المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين.
وعند اندلاع معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول / أكتوبر ٢٠٢٣ منح بايدن غطاء سياسيًّا لـ"إسرائيل" لشن حرب إبادة ضدّ قطاع غزّة، وأرسل حاملات الطائرات الأميركية إلى شرق المتوسط كرسالة تهديد لحزب الله وسورية وإيران من مغبة مهاجمة "إسرائيل". وعندما هاجمت إيران "إسرائيل" لأول مرة بالصواريخ والطائرات من دون طيار في نيسان/إبريل، ردًّا على الغارة "الإسرائيلية" على القنصلية الإيرانية في دمشق، ساعدت الولايات المتحدة "إسرائيل" في محاولة صد الهجوم عبر طائراتها وصواريخها في الأردن.
كذلك فلقد دافعت الولايات المتحدة باستمرار عن "إسرائيل" على الساحة الدبلوماسية في الأمم المتحدة، وفي مواجهة المحكمة الجنائية الدولية. وحاولت إدارة بايدن مساعدة "إسرائيل" على إيجاد طريقة للخروج من مأزق غزّة، عبر تبني الشروط "الإسرائيلية" لوقف إطلاق النار وعرقلة أي هدنة لا تلحظ المطالب "الإسرائيلية"، إضافة إلى سعي بايدن لإقامة نظام إقليمي تحت الهيمنة "الإسرائيلية" والضغط على دول عربية لتدعم "إسرائيل" في مواجهة حركات المقاومة الفلسطينية.
لذا فإن التزام بايدن بأمن "إسرائيل" قد ذهب إلى أقصى حدود، وهو أظهر بالتأكيد قدرًا أكبر من التسامح تجاه الجرائم "الإسرائيلية" في قطاع غزّة ما أثار غضب عدد كبير من مناصري الحزب الديمقراطي وأعضائه.
لهذا السبب من غير المرجح أن يكون الرئيس المقبل، أكان جمهوريًّا أم ديمقراطيًّا، أو أي رئيس أميركي في المستقبل، أن يكون مؤيدًا لـ"إسرائيل" كما كان بايدن. ويعود ذلك إلى تنامي المشاعر المعادية لـ"إسرائيل" بين الشباب الأميركيين وداخل الحزب الديمقراطي. كذلك فإن موقف دونالد ترامب من "إسرائيل" سيعتمد على الوقائع على الأرض. وحتّى الآن هو لم يعرب عن أي تعاطف مع "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبدلًا من ذلك قام بتوبيخ رئيس الوزراء نتنياهو والسخرية من وزير الدفاع يوآف غالانت، مع انتقال العناصر المعادية للسامية إلى مراكز القرار داخل الحزب الجمهوري.
الكيان الصهيونيجو بايدنالكيان المؤقت
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024