آراء وتحليلات
"هاريس" لن تغير سياسة واشنطن الداعمة للكيان
ما إن أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن انسحابه من السباق الرئاسي ودعمه لترشيح نائبه "كمالا هاريس" لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين ثاني/ نوفمبر المقبل، حتى تصاعدت التوقعات في أن تكون "هاريس" أكثر "حزمًا" في تعاطيها مع رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو وأكثر "اعتدالاً" في مقاربتها للقضية الفلسطينية مع توقعات أيضًا بأن تخفف من الدعم الأميركي لـ"إسرائيل". وما زاد من وتيرة هذه التوقعات هو الأنباء غير الإيجابية التي رافقت لقاء "هاريس" بـ"نتنياهو" خلال زيارة الأخير للولايات المتحدة، والتي ألقى خلالها خطابًا حربجيًا أمام الكونغريس الأميركي، كان من نتائجه تصعيد ضد إيران، تمثل في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، والقائد العسكري لحزب الله السيد فؤاد شكر، ما وضع المنطقة كلها على شفير حرب إقليمية كبرى، عقب توعد إيران وحزب الله بالرد على اعتداءات جيش العدو.
لكن آمال المراهنين على كامالا هاريس يبدو أنها كانت في غير محلها. ففي ظل الميل الأميركي التقليدي لدعم الصهيونية و"إسرائيل"، وحاجتها لكسب الصوت اليهودي لضمان الفوز على "دونالد ترامب"، فإن هاريس كانت واضحة وصريحة في تبنيها مواقف داعمة لـ"إسرائيل" ولحرب الإبادة التي تشنها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وقد ظهر ذلك جليًا إلى العلن في لقاءات "هاريس" مع جمهور مؤيديها. ففي تجمع حاشد في "ديترويت" بولاية "ميشيغان" يوم الأربعاء 7 آب/أغسطس 2024، "وبخت" كامالا هاريس المتظاهرين المؤيدين لفلسطين. وبينما كانوا يهتفون "كامالا، كامالا لا يمكنك الاختباء! لن نصوت لصالح الإبادة الجماعية!" ردت "هاريس" بالقول: "اسمعوا؟ إذا كنتم تريدون فوز دونالد ترامب، فواصلوا هتافاتكم وإلا دعوني اتكلم."
هذا الازدراء الصريح الذي أظهرته المرشحة الرئاسية للحزب "الديمقراطي" جاء بعد أسبوعين بالضبط من لقائها مع بنيامين نتنياهو وتأكيدها على التزام الولايات المتحدة الثابت بحق الكيان الصهيوني في الوجود، وبالتالي، مواصلة إبادة الفلسطينيين بفعل الحرب. ولم يشكل هذا فقط تجاهل "هاريس" لمظلومية الشعب الفلسطيني فحسب، بل أظهر أيضًا ازدراءً قويًا للقوى التي تعارض حرب الإبادة ضدهم.
وللصراحة، فإن هذا يعكس حقيقة أن خيارات أي مرشح أو رئيس أميركي لا يمكن ان تختلف جذريًا عن مرشح آخر في ظل تحكم مراكز قوى وشبكات مصالح ونخب خفية بالقرار الأميركي وهو ما يصطلح على تسميته بـ"الدولة العميقة" و"الدولة غير المرئية" والتي تسيطر من خلف الستار على الحزبين "الديمقراطي" و"الجمهوري". وفي هذا الإطار، كشف العميل السابق في جهاز الاستخبارات البريطاني "أليستر كروك" عن وجود مركز قيادة غير مرئي يتحكم بالحزب "الديمقراطي" ويسمي المرشحين للرئاسة الذين يشكلون مجرد واجهة لتنفيذ سياسات مرسومة سلفًا ومن ضمنها السياسات الداعمة للكيان الصهيوني. وأشار "كروك" إلى أن "مركز القيادة" هذا، هو عبارة عن تكتل قوي للحزب "الديمقراطي" والمنظمات غير الحكومية القريبة منه ووسائل الإعلام والرأسمالية المالية التي تتحكم بالفضاء المالي في الولايات المتحدة والعالم. ويتميز مركز القيادة بـ"التماسك الأيديولوجي الكامل"، ويحاول إخضاع جميع السياسات داخل الحزب "الديمقراطي" وأيضًا في المجتمع الأميركي.
وكانت تقارير قد أفادت بأنه إذا فازت "كامالا هاريس" في الانتخابات الرئاسية، فإنها ستكون أداة بيد الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي" التي لعبت دورًا كبيرًا في الضغط على بايدن للانسحاب من السباق الرئاسي. لذا لا يؤمل من أن يكون لانتخاب "هاريس" أي تغيير في السياسات الأميركية الداعمة للكيان الصهيوني، على الرغم من تفضيل نتنياهو لوصول الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الابيض بسبب العلاقات الشخصية الوثيقة التي تجمعهما معًا.
الولايات المتحدة الأميركيةدونالد ترامبالانتخاباتكامالا هاريس
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
19/11/2024