آراء وتحليلات
جبهات الإسناد تتكامل... أي أبعاد عسكرية وإستراتيجية ؟
فجر الجمعة، نفذت الوحدات الصاروخية والمسيرة اليمنية والعراقية وبشكل شبه متزامن تقريبًا، وضمن عمليات إسناد غزة والشعب الفلسطيني، عمليات استهداف موضعية داخل الكيان، وذلك في الجولان المحتل - من قبل المقاومة العراقية- وفي "تل أبيب" ومحيطها من قبل الوحدات اليمنية، وقد أجمعت أغلب المعطيات أنها كانت فعالة ومؤثرة، حيث سقط للعدو إصابات عدة بين جنوده ومستوطنيه، وأُجبر ملايين من هؤلاء على الدخول إلى الملاجىء، وتوقفت الحركة الجوية في مطار "بن غوريون".
في الواقع، ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها الوحدات اليمنية والعراقية عمليات استهداف للكيان المحتل، ضمن جبهات إسناد غزة والشعب الفلسطيني، فقد دأبت منذ بداية معركة طوفان الأقصى، على تنفيذ عمليات الإسناد هذه بثبات وصمود، رغم الضغوط الضخمة التي تعرضت لها، ورغم الخسائر المؤلمة التي تكبدتها من شهداء ومصابين، أو من دمار واسع، وخاصة لأبناء اليمن في صنعاء والحديدة وغيرها من المناطق اليمنية، ولكن تبقى للعمليات الأخيرة ( بالأمس وما قبله ) للوحدات اليمنية والعراقية، أبعاد حساسة، عسكريًا وإستراتيجيًا، من الضروري الإضاءة عليها، خاصة في ظل ما تشهده جبهة لبنان اليوم من تصعيد وإجرام غير مسبوق في مستوى الاعتداءات "الإسرائيلية" ضد الشعب اللبناني وعلى كل المناطق تقريبًا.
بداية، تشهد جبهة لبنان اليوم بمواجهة العدو "الإسرائيلي"، تصعيدًا خطيرًا في ظل توسيع هذا العدو ارتكاباته وجرائمه ضد أغلب المناطق اللبنانية، مستهدفًا المدنيين ومنازلهم على أوسع نطاق غير مسبوق من الوحشية، وقد تجاوز عدد الشهداء والمصابين المدنيين اللبنانيين حتى الآن الآلاف، مع دمار واسع في كل المناطق السكنية المستهدفة، وخاصة في محافظتي الجنوب والبقاع، مدعيًا أنه يستهدف مواقع لحزب الله، يتمادى العدو دون حسيب أو رقيب في مجازره وجرائمه الوحشية.
بالمقابل، تنفذ المقاومة في لبنان مناورة صاروخية ومسيّرة حساسة، دفاعًا عن لبنان وإسنادًا للشعب الفلسطيني، وقد استطاعت أن تفرض داخل الكيان، وعبر هذه الاستهدافات، وضعًا عسكريًا واجتماعيًا غير مسبوق، يمكن تحديده بالآتي:
عسكرياً، تتحكم اليوم المقاومة الإسلامية في لبنان بكامل المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلة، حيث تضع كل قواعد العدو في تلك المنطقة تحت سيطرتها الصاروخية والمسيرة، مستهدفة هذه القواعد بفعالية غير مسبوقة.
اجتماعيًا، استطاع حزب الله، وعبر هذه الاستهدافات لقواعد العدو، أن يجبر العدو على إخلاء القسم الأكبر من كل مستوطنات الشمال، وعلى جعل الأخير منطقة طوارىء بامتياز.
من جهة أخرى، ومع تمادي العدو في جرائمه وارتكاباته ضد لبنان، وسّع حزب الله من دائرة استهدافاته وتأثيراته، لتصل إلى المنطقة الوسطى من الكيان، والمحددة من الخضيرة حتى جنوب "تل أبيب" بأكثر من عشرين كلم، واستهدف، ردًا على مجازر العدو واعتداءاته المختلفة من تفجيرات واغتيالات، بصاروخ باليستي متطور "قادر 1"، مركز "الموساد" في محيط "تل أبيب"، والمسؤول عن كل تلك الجرائم الصهيونية، الأمر الذي ضاعف أيضًا من عدد المستوطنات المخلاة، ووسع منطقة الطوارئ التي فرضها على شمال الكيان، لتمتد إلى منطقة الوسط، شمال وجنوب "تل أبيب".
أمام هذا الوضع الذي وصلت إليه المواجهة بين حزب الله وبين الكيان المحتل، حيث بدأت تقترب أكثر وأكثر احتمالية نشوب مواجهة واسعة بين الطرفين، والتي ستتطور حتمًا إلى حرب إقليمية واسعة، يمكن القول إن مناورة حزب الله قد وصلت إلى مستوى حساس ودقيق، وأصبحت تفترض على الأخير إدارتها بحكمة وبعناية وبتركيز عال جدًا، من جهة لإبقاء مستوى الردع بمواجهة العدو دون الجنوح نحو مواجهة واسعة، ومن جهة لتثبيت معادلات حماية سيادة وجغرافيّة لبنان وحماية شعبه وإيقاف المجازر الصهيونية بحقه.
من هنا، جاءت أهمية دور جبهتي الإسناد اليمنية والعراقية، واللتين تفرضان على الكيان من خلال هذه الاستهدافات الحساسة، ردعًا فعالاً، من جهة لا يمكن تجاوزه لتأثيراته الواضحة في المستوطنين وفي قيادتي العدو السياسية والعسكرية، ومن جهة أخرى، لا يمكن منعه ومواجهته بعد أن أثبتت منظومات الدفاع الجوي العدوة فشلها في احتوائه.
حزب اللهفلسطين المحتلةالعراقغزةالجيش اليمنيالجيش الاسرائيليتل أبيب
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024