نقاط على الحروف
"سندويشات الجبنة" على مائدة عوكر.. المشهد ذاته يتكرر اليوم؟
تكاد غالبية الحروب التي شنّها الصهاينة على لبنان أن تكون نسخة مكرّرة في الأهداف والأساليب والخطط، مع اختلاف في الحجم التدميري ونطاق الاستهداف.
إلى ذلك؛ ربما تفرض الجغرافيا أثرها في تكرار التجربة نظرًا إلى استحالة تغيّر التضاريس، فتأخذ التكتيكات الميدانية مجالها في السياق الحربي وتقدير نوع الذخيرة وحجمها ومدى انتشار رقعة الاستهداف. ولكن يمكن رصد وجود تفاوت، في هذا الإطار، خلال حروب "إسرائيل" على لبنان.. ماذا عن الأهداف!؟
مجال الحديث هنا عن الأهداف السياسية، والتي كانت منذ اجتياح العام ١٩٨٢ وحتى الآن، تركّز على غاية قصوى تتمثّل بإقامة نظام في لبنان تابع لـ"إسرائيل" في إطار منظومة سياسية - اقتصادية شاملة في المنطقة، هذا ما حصل في حرب تموز 2006، يوم التف الجمع "السيادي" على مائدة سفارة عوكر وسندويشات الجبنة أمامهم، ينتظرون مولود "الشرق الأوسط الجديد" الذي بشرتهم به وزيرة الخارجية الاميركية حينذاك كونداليزا رايس، وهذا المشهد ذاته ما يحاول بعض السياسيين المرتهنين تكراره اليوم دون أن يتعلموا من تجارب الماضي القريب والبعيد.
لم تستطع واشنطن ولا أحلافها في العالم ولا حروب "إسرائيل" على لبنان، منذ أكثر من أربعين عامًا، أن تحقق هذه الغاية، أي تغيير وجه لبنان المقاوم، بل أسهم هذا المسعى في تقوية المقاومة وصولًا إلى تشكيل جبهة حلّت مكان ما كان يُسمّى بمحور "دول الطوق"، حيث تشكّل فيها إيران رأس القيادة والمقاومة في فلسطين القلب، والمقاومة في لبنان رأس الحربة وأجنحتها الفاعلة هي المقاومة في سوريا واليمن والعراق.. ولكل محور في هذه الجبهة دوره في إجهاض مشروع الهيمنة الأمريكي والتوحش الصهيوني.
لكن لا بدّ، في هذا السياق، من الإشارة إلى معطىً متكرر أيضًا يتمثل بخطاب الداخل اللبناني المقترن دومًا بالغاية الصهيو-أمريكية، والذي غالبًا ما كان يمهّد ويسبق ويرافق أي عدوان "إسرائيلي" على لبنان، ولئن تعدّدت عناوين هذا الخطاب من قبيل: الشرعية الدولية، السيادة والحرية، ومقاومة الاحتلال الإيراني، وثقافة الحياة، وسياسة الحياد، وصولًا إلى التشكيك بانتماء واحد من المكوّنات الأصيلة للكيان اللبناني، وأعني هنا الطائفة الشيعية.
اللافت المتوقع، في هذا السياق، أن الفئة اللبنانية نفسها التي راهن العدو عليها في بناء النظام اللبناني التابع، خلال اجتياح العام ١٩٨٢، هي نفسها التي كانت وما تزال حتى اليوم تتبنّى وتردّد الخطاب الصهيو-أمريكي، وتراهن على دور محوري لها في كينونة النظام اللبناني الجديد. وهناك مراقبون عملوا في تأريخ المراحل المتعاقبة على لبنان؛ لم يرصدوا فقط تماهي الخطاب بين العدو وهذه الفئة - مع اختلاف الأسماء - بل لاحظوا أيضًا الاستعجال في حسم السياقات والنتائج من دون التفات هؤلاء إلى معطيات الميدان وخلاصات التجارب السابقة. ويؤكد المراقبون أن رهانات هؤلاء دائمًا ما كانت تنتهي بالخيبة، وتؤشر لخطوة تموضع متقدمة لجبهة المقاومة في خارطة التأثير الإقليمي والعالمي.
كما يحذّر المراقبون من خطورة تسلّل أدبيات الخطاب العنصري الذي يسوّقه حاملو الرهانات الخاطئة في الداخل، لأنه قد يؤدي بالنتيجة إلى إحداث شروخ ذات طابع مذهبي وطائفي وقد يؤسس لتعاملٍ مختلف، سواء بعد انجلاء غبار الحرب عن سقوط المشروع الأمريكي أم في حال اندلاع الحرب الكبرى بسبب توحش نتنياهو، وفي كلا الحالين لن يجني هؤلاء سوى الخسارة والعزل.
المقاومةالجيش الاسرائيليالتحريض
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024