نقاط على الحروف
لقاء معراب يعزل "القوات".. جعجع يجتمع مع نفسه ويتحاور معها
لا خيبة تضاهي أن يدعو المرء ضيوفًا إلى عشاء مثلًا، ثمّ يجد نفسه وحيدًا على طاولة دعا إليها على شرف "السفارة".. فكيف إن كانت الدعوة "لقاءً وطنيًا"، والدّاعي إليه جعجع، ولم يحضر سواه؟
دعنا من وجوه الدمى التي لبّت الدعوة، والتي لا قول لها ولا وزن تمثيلي.. فالمشهد أضحك الجمهور في عزّ الألم، وصورة الوجوه المحرجة بخيبتها كانت خير ترجمة عن لقاء معراب الذي لم يتعدّ عن "قعدة" قوات، بلا أفق، وبلا أسس، وبلا مفاعيل.
تحت عنوان "دفاعًا عن لبنان"، اجتمع سمير جعجع مع نفسه، تحاور معها عن الاستراتيجيات الممكنة والتكتيكات المستقبلية، وخلص إلى مقررات تتماهى حدّ التطابق مع رغبات واشنطن وحلفائها..
يا لهول الصدف! وقف والدموع تكاد تترقرق في عينيه، وتلا بصوت متهدج البيان الناتج عن اللقاء وضمّن حزنه العميق هذا كلّ ما عجزت الولايات المتحدة الأمريكية: "إنّ أوّل خطوة في خارطة الطريق هذه هي التوصّل إلى وقف لإطلاق النار بأسرع وقت ممكن. فبغياب مبادرات دولية جدية، لم يبق لنا، للتوصل الى وقف إطلاق النار إلاّ الذهاب لانتخاب رئيس للجمهوريّة يتعهّد مسبقًا، بشكل واضح وجلّي، بتطبيق القرارات الدولية، خصوصًا القرارات 1559، 1680 و1701 وفقًا لجميع مندرجاتها، وبنود اتفاق الطائف ذات الصلة"..
طبعًا لم ينسَ اللازمة في كلّ أناشيده، وهي اتهام الآخرين بما اعتاد هو نفسه ارتكابه: "في هذه المرحلة، لا بد من استعادة هذه الدولة بعد تفكك الكيان وانهيار الهيكل على رؤوس الجميع واستمرار حروب مدمرة بسبب الهيمنة والسلاح والفساد وسيطرة قوى خارجية على قرار الحرب في لبنان، وتدخلها المباشر المرفوض، عبر إدارة مباشرة للأعمال العسكرية استخدمت جزءًا من الشعب اللبناني في حروبها؛ إما كأدوات قتالية أو كدروع بشرية". يبدو جعجع هنا يتحدّث عن نفسه، ويبدو غريبًا أنه لم يفهم بعد أنّ مقاومة "إسرائيل" هي فطرة أهل هذه الأرض وخيارهم الأوحد، وأن لا أحد سواه هنا يرتضي أن يحمل سلاحًا من أجل خوض معارك ضد بقيّة المكوّنات اللبنانية لصالح أميركا، وغيرها.. والذاكرة تشهد.
لم يحضر أحد، فقد اختار جعجع توقيتًا تنقصه الحكمة وفقًا لما أسرّ به حلفاؤه السعوديون عبر صحيفة "الشرق الاوسط"، وقد يكون السبب في ذلك استعجاله ورغبته بأن يكون الأوّل في صفّ المبادرين للاستجابة لتوجيهات السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون، والتي طلبت من اللبنانيين والعالم الاستعداد "لمرحلة ما بعد حزب الله".
لقد أراد "الحكيم" عقد لقاء يبدي استعداده لهذه المرحلة، وكأنّه في لحظة انفصال عن الواقع وعن مجريات الميدان، صدّق أوهام السفيرة وتبنّاها.. وإن لم يكن جعجع الوحيد الذي يتمنى أن يبلغ لبنان المرحلة التي تتوّهمها السفيرة، فالآخرون أكثر واقعية منه، ولا يتوهون بين الواقع السياسي والميداني، والذي يقول إن نصر المقاومة في معركتها على طريق القدس مسألة وقت فقط، وبين أمنياتهم. ولذلك، لم يلبّوا دعوة إلى لقاء يدركون أنّ لا جدوى منه. بالإضافة إلى الانكشاف الفاضح لدرجة التبعية التي يعبّر عنها جعجع، والتي تُصنّف بالمعايير كافة مدعاة خزي.
سبق أن أعطت السفارة الأميركية في بيروت تعليمة إلى فريقها تقضي بالتوهين بالمقاومة والحديث عن كونها "ضعيفة ومهزومة". وهنا، هنا تحديدًا، ظنّ جعجع أن بإمكانه الظهور كرأس حربة يمكن للولايات المتحدة الأميركية وأذنابها أن يراهنوا عليه.. فلا صدقت تعليمة السفارة، ولا تمكّن جعجعها من ارتداء هذا اللباس الفضفاض عليه. فقد بدا هزيلًا أكثر من ذي قبل، معزولًا في معرابه أكثر من أي وقت مضى..
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024