آراء وتحليلات
هل ستحاول "إسرائيل" استثمار عدوانها في التوازنات السياسية اللبنانية؟
بعد دخول العدوان الصهيوني على لبنان عامه الثاني، والهجوم الوحشي الأمني والجوي والبري المشترك شهره الثاني أيضًا، ماذا حقق هذا العدوان على الصعيدين العسكري والسياسي؟
انطلاقًا من الموضوعية الدقيقة لمجريات الوضع الميداني وإنعكاسه على الوضع السياسي في المنطقة عمومًا، ولبنان خصوصًا، من الواضح تمامًا أن العدو "الإسرائيلي" استنفد "بنك أهدافه العسكرية"، هذا بحسب إدعاءات قادته، والذين أكدوا منذ أسابيع خلت أن عدوانهم الجوي على لبنان، أدّى إلى "شلّ القدرة الصاروخية لحزب الله". غير أن مجريات الواقع الميداني أثبتت بما لا يرتقي إلى مستوى الشك امتلاك المقاومة لمخزونٍ كبيرٍ من الصواريخ التي يصل مداها إلى الأراضي الفلسطينية كافة.
بدا هذا الأمر جليًا، بعد نجاح المقاومة في دك أهدافٍ صهيونيةٍ على امتداد أراضي فلسطين المحتلة، وباعتراف إعلام العدو عينه. وأما عن العدوان البري على جنوب لبنان، فلم يستطع دخول قرية جنوبية واحدة، والتموضع فيها.
أما على الصعيد الأمني، فلا ريب أن العدو قد نجح في توجيه ضرباتٍ أمنيةٍ في لبنان، بخاصةٍ إقدامه على اغتيال عدد من القادة في المقاومة. ولكن بكل موضوعية، أثبتت الوقائع الميدانية صلابة البنية العسكرية للمقاومة، وثباتها في ساحات القتال، وتماسك منظومة المقاومة في التحكّم والسيطرة، بدليل الإنجازات الأمنية والعسكرية التي حققتها في الآونة الأخيرة، مثل وصول مسيّرة حزب الله إلى غرفة منامة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو.. في المقابل، يستمر سلاح الجو للعدو في تنفيذ الاغتيالات واستهداف الأماكن المدنية،
ولديه المقدرة على نشر الدمار على امتداد الأراضي اللبنانية كافة، مادام يحظى بالدعم اللوجستي والغطاء السياسي من الولايات المتحدة الأميركية اللازمين للاستمرار في عدوانه.
لكن إلى متى، وماذا ينتظر ليحقق "إنجازات"؟ سوى المزيد من الغرق في "الرمال المتحركة" اللبنانية، هذا الفشل أقرّت به، أيضًا، بعض وسائل الإعلام "الإسرائيلية"، ويمكن العودة إليها، ومراجعة ما ورد فيها في الساعات والأيام الفائتة.
أما التطور البارز راهنًا، هو الهجوم "الإسرائيلي" على إيران، وهنا، وفي سياق متصلٍ، تحديدًا بالعدوان الصهيوني على لبنان، يسأل بعض "جهابزة السياسة"، "أين الدور الإيراني في الحرب الصهيونية على المنطقة؟"
الإجابة عن هذا السؤال، مردودة بسؤال آخر: كيف يمكن أن تواجه الجمهورية الإسلامية الكيانَ الصهيوني الذي يبعد عنها نحو 1200 كلم، بغير الصورايخ وسلاح الجو، تحديدًا المسيّرات، وبدعم حركات المقاومة في المنطقة، وهل تلكأت إيران، وهل هناك إمكان مجابهة العدو، بغير هذا النمط الحربي؟.
تعقيبًا على ذلك؛ ترى مصادر سياسية عربية أن الأوضاع العسكرية في المنطقة تتجه أكثر نحو "ضبط النفس"، خصوصًا بين إيران والعدو "الإسرائيلي" المنهك في الوحول اللبنانية"، على حد تعبيرها، لافتةً إلى أن هناك ضغوطًا أميركية- خليجية لعدم إنزلاق المنطقة إلى حرب إقليميةٍ، خصوصًا أن الولايات المتحدة تدرك تمامًا حال "الجيش الإسرائيلي" المنهك. كذلك؛ الدول الخليجية، وفي طليعتهم المملكة السعودية، على علاقة جيدة مع إيران، وتتجه الأولى بدورها نحو سياسة "تصفير المشكلات" في المنطقة، بعد إعادة تفعيل علاقاتها مع طهران ودمشق"، والتركيز على تطوير مستوى النمو في السعودية"، بحسب رأي المصادر.
أما على الصعيد السياسي؛ فقد تحاول "إسرائيل" استثمار جرائم الاغتيال التي اقترفتها في لبنان، في التوازنات الجديدة التي ستفرضها نتائج العدوان المذكور آنفًا، مثل محاولة التأثير في القرار السياسي الداخلي، تحديدًا لجهة محاولة توسيع "دائرة المطالبين بنزع سلاح المقاومة" في المرحلة المقبلة. ولكن من الواضح جدًا أن هذا الأمر لن يجدي نفعًا، مادام العدوان لم يؤد إلى تغيير ميدانيٍ، خصوصًا في ضوء تماسك البيئة الحاضنة للمقاومة، وثبات حلفائها إلى جانبها، وفي مقدمهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والذي يتولى هندسة السياسة اللبنانية بمجملها في هذه المرحلة.
يبقى مسألة إيجاد مخرجٍ للعدو، كي يخرج من الوحول اللبنانية، ربما يتولاه المخرج الأميركي، في التهليل "لنصر وهميٍ" للعدو، المتمثل باغتيال بعض القادة في المقاومة، على أنه "إنجازٍ كبيرٍ"، وفقًا للإدعاءات الأميركية- "الصهيونية".
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
12/11/2024
حسابات حقول العدوان وبيادر الميدان
11/11/2024