مقالات مختارة
ماذا قال السيد نصرالله في جلسة مغلقة عن الدولة والحزب؟
عماد مرمل- صحيفة "الجمهورية"
الأكيد أنّ «فائض» شخصية الشهيد السيد حسن نصرالله هو عصي على الاغتيال والاحتواء، وبالتالي فإنّ المخزون الثري الذي صنعته تلك الشخصية من خلال أدوارها المركبة وتراكم التجارب، سيظل يرفد محبوها، وربما خصومها كذلك، بعد رحيلها، بمواد غنية للنقاش.
ترك الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله «إرثاً» كبيراً في كل الميادين التي خاضها خلال فترة تولّيه الأمانة العامة للحزب على امتداد نحو 32 عاماً، كانت حافلة بالاختبارات والاستحقاقات.
وإذا كانت المواجهة ضدّ العدو الإسرائيلي شكّلت بوصلته الأساس طوال مسيرته، وصولاً إلى أن يستشهد خلال إحدى أخطر المعارك مع هذا العدو، الّا انّ ذلك لا ينفي انّ الإشكاليات الداخلية اللبنانية مثّلت واحدة من التحدّيات الصعبة التي واجهها، وإن كان حاول ان يتفادى الغرق فيها قدر الإمكان، انطلاقاً من انّ الأولوية المركزية بالنسبة اليه هي المقاومة وحمايتها، بمعزل عن انّ «تيار» الظروف القاهرة كان «يسحب» الحزب احياناً الى وسط الأمواج اللبنانية المتلاطمة.
والمفارقة، انّ بعض الحلفاء كان يشتكي من عدم انغماس الحزب الكلي في الملفات الداخلية وتغليبه متطلبات استمرار المقاومة وتعزيزها، على قضايا محلية ملحّة، في حين أنّ البعض الآخر من خصومه كان يأخذ عليه انّه استخدم فائض قوته للهيمنة على الدولة ومقدّراتها، ولفرض إرادته السياسية على القوى الأخرى والاستحقاقات الدستورية والوطنية.
لكن بعض من تسنّى لهم أن يواكبوا نمط السيد نصرالله في تعامله مع الأمور يؤكّدون انّه، وخلافاً لاتهامات الخصوم له بالانقلاب على توازنات البلد، كان يعرف جيداً الحساسية المرهفة للتركيبة اللبنانية ومعادلاتها، ويدرك تماماً انّ قوة الحزب في مواجهة الكيان الإسرائيلي هي أضعف من أن تقارع تعقيدات النظام الطائفي وآلياته، ما يفسّر تمسّكه الدائم بقاعدة «التوافق» لمعالجة ازمات السلطة والحكم.
وتأكيداً لاقتناع «السيّد» بهذه المقاربة المنطلقة من الإحاطة الكاملة بخصوصية الواقع اللبناني ومتطلباته، يلفت من شاركه في بعض الكواليس إلى انّه لم يكتف بتظهير تلك المقاربة خلال إطلالاته الإعلامية العلنية، بل كان يطرحها كذلك في اللقاءات المغلقة والبعيدة من الأضواء، ما يثبت وفق هؤلاء انّها لم تكن للاستهلاك السياسي بل هي تعكس فهماً عميقاً للصيغة اللبنانية.
ضمن هذا السياق، يكشف وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم لـ«الجمهورية»، انّه التقى قبل «طوفان الأقصى» بفترة قصيرة السيد نصرالله، في اجتماع مغلق بقي طي الكتمان منذ ذلك الحين، وضمّ عدداً قليلاً من الأشخاص الذين شاركوا «الأمين العام» في مأدبة عشاء.
ويوضح بيرم انّه سمع يومها من «السيد» كلاماً فائق الأهمية، خصوصاً انّه صدر عنه في جلسة ضيّقة، بقيت خارج التغطية الإعلامية.
ويكشف بيرم انّ «السيّد» أكّد خلال كلامه مع الحاضرين انّ «خيارنا هو الدولة، ولبنان لا يُحكم من طائفة قائدة او من حزب او تنظيم مهما كان قوياً، بل لبنان لكل أبنائه..».
وشدّد «السيّد» على انّ لبنان بتركيبته هو مضاد نوعي للكيان العنصري. كذلك لفت إلى انّ الحزب قدّم أغلى ما لديه لمواجهة محاولات ضرب صيغة المنطقة ولبنان، عبر مواجهة التكفيريين وهزيمتهم.
وأشار «السيّد» إلى انّ القوة تُصرف في وجه الأعداء فقط. معتبراً انّ لبنان وطن نهائي لكل أبنائه، «ونحن لا نريد سوى الدولة القادرة والعادلة».