لبنان
عودة النازحين إلى قرى صيدا.. الحياة إلى طبيعتها تدريجيًا
منذ أن عاد النازحون إلى قراهم وبدأت الحياة تعود تدريجيًا إلى طبيعتها بعد غياب قسري عن هذه البلدات حوالى الشهرين بسبب الاعتداءات ""الإسرائيلية"" والجرائم والمجازر التي ارتكبتها طائرات العدوّ بحق المدنيين العزل.
عودة الحياة شبه الطبيعة في صيدا ظهرت بفتح محطات الوقود أبوابها أمام السيارات، حيث عمد أصحابها ليلًا إلى تشغيل كلّ الإنارة فيها تعبيرًا عن فرحتهم وتغير الأحوال إلى أفضل حال، وكما المحطات فتحت كذلك الصيدليات والأفران والمقاهي و"الإكسبرس" التي عادة ما تكون منتشرة داخل الشوارع والأزقة، وتجمهر الشبان حولها يتسامرون، بعضهم يحدث عن رحلة النزوح والبعض الآخر يحدثهم عن قصصه مع العدو، وما حصل داخل القرية أثناء بقائه وصموده، وما عانوه من القصف والغارات، وكيف ساعد وعمل مع الهيئات الإسعافية في إنقاذ الجرحى وانتشال الجثث ورفع الأنقاض، والبعض الآخر كيف كان يتنقل من مكان إلى مكان هربًا من الوحشية ""الإسرائيلية"".
عادت الحياة وعاد معها حديث الصامدين عن بطولات المقاومة، وكيف كان رجالاتها يقصفون مستوطنات العدوّ بالصواريخ التي كانوا يسمعونها تصفر وتزغرد من فوقهم وهي تعبر السماء باتّجاه الداخل الكيان الصهيوني، ليقرأوا بعدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المستعمرات الغريبة العجيبة الأسماء التي قصفتها المقاومة، أو عن الشخصيات والمسؤولين الصهاينة، وعلى رأسهم رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو وقائد سلاح الجو وغيره وغيره من الذين استهدفتهم، وكيف عرف رجال الله في الميدان بمكان وجودهم.
ربما هذه الأحاديث لن تنتهي في يوم أو أيام أو أشهر، ستظل حديث الصغار والكبار لتوثق نصرًا كبيرًا على أعتى كيان متغطرس مجرم مدعوم من دول الغرب قاطبة، لينضم هذا الانتصار إلى انتصارات عام الـ93 والـ96 والـ2000 والـ2006.
ظل النازحون الجنوبيون طوال الليلة الماضية مستيقظين حتّى ساعة متأخرة من ليل أمس، وبعضهم حتّى ساعات الفجر الأولى لعدة أسباب، منهم بانتظار أقاربه الذين علقوا لساعات طويلة داخل سياراتهم في منطقة خلدة والجية والرميله بسبب زحمة السير نتيجة تدفق المتوجهين إلى قراهم في نفس التوقيت، وبعضهم بسبب اشتياقه إلى السهر والسمر مع جيرانه وأقاربه، والبعض الآخر انهمك بعملية تنظيف المنزل العائد إليه بعد طول غياب، وهو يقول "صح هني شهرين ولكن أحسسنا كأنهم دهرين، والبعد عن الوطن غربة فكيف إذا كان البعد عن القرية عن مسقط الرأس".
كل هذه المواقف حصلت في وقت تواصلت وتتواصل حتّى هذه الساعة قوافل العائدين إلى الجنوب منذ فجر أمس ساعة البدء بسريان مفعول وقف إطلاق النار مع العدو، لم تتوقف حتّى هذه الساعه عودة النازحين، وهي واصلت الليل بالنهار لأن البعض منهم فضل البقاء في أماكن الإيواء والنزوح لليوم التالي تفاديًا للزحمة، ولتأمين مكان إيواء أو سكن ليكون بديلًا مؤقتًا عن المنزل الذي دمره الاحتلال.
فرحة الجنوبيين كانت ممزوجة بغصة فقد الأبناء والآباء والأخوة والأهل والأحبة والأقارب ممن استشهدوا في المعارك أو جراء العدوان وقصف المنازل، فتوجه العائدون فور وصولهم إلى قراهم لزيارة المقبرة وقراءة الفاتحة عن أرواح الشهداء، فيما تواصلت في بعض القرى والبلدات عمليات رفع الأنقاض من المباني التي هدمتها طائرات العدو، وانتشال الجثث من تحتها.
وأمس الأربعاء وجهت العديد من الجمعيات رسالة شكر وتقدير لجميع من ساهم في استقبال واستضافة أهلنا وخصوصًا إلى أهالي مدينة صيدا، الذين أكّدوا مجددًا على الانتماء الوطني للمدينة وللمقيمين فيها، وقدموا أكثر ما يمكن تقديمه خدمةً لأبناء الشعب الواحد، والشكر والتقدير موصول إلى جميع الجمعيات والمنظمات المحلية والوطنية وجميع المتطوعين فيها، وإلى جميع أصحاب المبادرات من مجموعات وأفراد، التي بادرت إلى تأمين ومتابعة مراكز الإيواء، وصولًا إلى الأهالي الذين سكنوا في المنازل، وهؤلاء جميعًا ساهموا بتأمين ما أمكن تأمينه من احتياجات أهلنا الوافدين.
وتوجه "تجمع المؤسسات الأهلية" بالشكر والتقدير لمحافظي الجنوب والنبطية، وجميع من ساهم في وحدات إدارة الكوارث وخلايا الأزمة في المنطقة لمتابعتهم قضايا الأهالي، ونخص بالذكر الصليب الأحمر اللبناني.
كما خص التجمع بالشكر الجزيل والتقدير النواب والقوى والفاعليات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الروحية، الثقافية، الأمنية والإعلامية وجميع البلديات من رؤساء بلديات الذين تابعوا واهتموا بالوافدين.
وفي مدينة صيدا التي عبرت في شوارعها قوافل العائدين ذكرت مصادر الجمعيات الأهلية أن معظم النازحين الذين أقاموا في 25 مركز إيواء غادروا إلى قراهم باستثناء البعض منهم لتعذر وصولهم إلى بلداتهم التي حذر العدوّ الصهيوني من التجول فيها على امل العودة في أقرب وقت.
إلى ذلك عاد صيادو الأسماك في ميناء صيدا إلى مزاولة اعمالهم بالإبحار بعد حصار من قبل بحرية العدو لمرافئ الصيادين في الجنوب شهر ونصف الشهر.
وفي إطار تعزيز مراكز الجيش اللبناني في الجنوب سجلت خلال الساعات الماضية وصول المزيد من الوحدات العسكرية إلى المنطقة.