نقاط على الحروف
التهجير في زمن التهريج
قد تبدو تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن تهجير الغزيين إلى مصر والأردن فعلاً تهريجياً، ولكن المعضلة الكبرى هي أنّ هذا المهرج هو رئيس أكبر إمبراطورية في التاريخ، كما ترافق وجوده على رأس هذه الإدارة مع زمن التهريج، حيث كانت شعوب عربية تُذبح على البث المباشر، فيما يتلّهى الحاكمون العرب بسخافاتهم، وتتلّهى الشعوب باستهلاك تلك السخافات والتفاهات.
ينطلق ترمب بتهريجاته تلك من كونه رجل عقار أولًا، وشخصية استعراضية ثانيًا، وعلاقته الوطيدة بمجرم الحرب بنيامين نتنياهو ثالثًا، فهو يتعامل مع الأمر باعتباره نزاعاً عقارياً، وبالتالي فهو قابل للحلّ بأسهل الطرق، حيث المال مقابل الأرض، أو الفرصة مقابل الأرض، وهو يعتقد كذلك بأنّ الزعماء العرب ليسوا أكثر من موظفين لديه، خصوصًا أنّه خبِرهم في فترته الرئاسية الأولى.
كذلك فهو يرى أنّ سهولة توقيع اتفاقات"أبراهام"، تنسحب على مشروع التهجير سهولةً ويسرًا، كما يرتكز إلى تجربته بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، حين تم تحذيره من أنّ الأمر قد يفجر المنطقة برمّتها، ولكن بعد صمت دكّة غسل الموتى الذي مارسه العرب حكامًا ومحكومين، قال أرأيتم! لم يحدث شيء، فلماذا سيحدث الآن؟
وترمب لا يكتفي بالتهريج في منطقة الشرق الأوسط، بل يمارس التهريج أينما حلّ وارتحل. تصريحاته عن ضم كندا باعتبارها الولاية 51، والاستيلاء على قناة بنما وغرينلاند، هذا يعطينا قرينة على أنّ الرجل لا منطلقات أيديولوجية لديه، بل هي أفكارٌ مستوحاة من حياته الاستعراضية أولًا، ومن طبيعته التجارية ثانيًا.
ولكن، بما أننا نعيش زمن التهريج، فإنّ أفكاره تلك لن تكون حفلة مدفوعة الأجر تنتهي بانتهاء العرض، بل سيكون لها تداعيات خطرة على مستقبل المنطقة، لأنّ المستهدفين باستقبال الفلسطينيين، يعتبرهم ترمب أوهن من رفض أوامره أو حتى أمنياته بل وخيالاته، وكما ألمح للمعونات والحماية التي تقدمها لهم أميركا حين قال"سيفعلون ذلك، فنحن نفعل الكثير من أجلهم"، وطبعًا، هذا الكثير قد يتوقف في حال رفضهم.
المهرجون العرب تسقط من لغتهم حروف الرفض، إن كان ترمب هو الآمر الناهي، وتتلعثم ألسنتهم بحرفي اللام والألف"لا"، حين يكون لسان ترمب من يخاطبهم، لذلك فإنّ الاعتماد على مواقف أولئك المهرجين في إفشال تصورات ترمب، هو رهانٌ خاسر وبلا معنى، إنّما الاعتماد فقط على المقاومة والتمسك بها كسبيلٍ وحيد لمجابهة المهرجين وزمنهم.
فالوزير مجرم الحرب سموتريتش، يقول"إنّ المعتدلين في الإقليم، يطلبون منّا في الاجتماعات المغلقة سحق حماس"، وهو يدفع باتجاه العودة لحرب الإبادة، لأنّ هذه هي الطريقة الوحيدة لسحق حماس، وبالتالي فهي الطريقة الوحيدة ليلبّي المهرجون العرب كل مطالب ترمب وأمنيات سموتريتش بإفراغ غزة من أهلها.
في ظلّ حرب الإبادة على مدار ستة عشر شهرًا، حاول الكيان العدو بكل ما أوتي من إجرامٍ وهمجية، تطبيق خطة التهجير، لكنه اصطدم بعدة وقائع قاسية وبعض الحقائق الصلبة، تتلخص جميعها في بندين، الأول هو صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على البقاء في أرضه، أمّا الثاني فهو عدم قدرة العدو على سحق المقاومة، بل على العكس، فإنّ ما سُحق هو أهداف العدوان، وقدرة جيش العدو على تحقيقها.
وبالتالي طالما هناك من يمتشق بندقيته، ويتنقل من شارعٍ إلى زقاق، لا يستطيع المهرجون العرب إعلان انصياعهم لأوامر ترمب بالتهجير، لأنّه حينها سيكون تهجيرًا لمقاومين لا للاجئين، وبالتالي سيكونون بمثابة قنابل موقوتة، ستنفجر في وجوه الجميع، خصوصًا وجوه المستقبلين، وهذا سبب طلبهم من الكيان سحق حماس وفصائل المقاومة، حتى يستقبلوا لاجئين معذبين، في صورة عملٍ أخويّ إنقاذيّ إنساني، يستحقون عليه شكر الاستضافة والحماية والإجارة.
لا يجب أن نطمئنّ لمجرد أنّ هذا كلامٌ تهريجيّ، بل يجب إعادة تقييم قدرة المقاومة على الديمومة والبقاء، بل وتطوير القدرات التسليحية، كذلك إعادة الروح لمحور المقاومة الذي شكّل ولا يزال النواة الصلبة لمواجهة كل مشاريع التصفية، لأنّ المستهدف هو الجميع دون استثناء، بمن فيهم المهرجين.
فلسطين المحتلةغزةدونالد ترامبالضفة الغربيةالمقاومة
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
16/02/2025
شهداؤنا قادة...
14/02/2025
لبنان لن يكون "إسرائيليًا"...
13/02/2025
عن كذبة "الحدث" والحرب الإعلامية
التغطية الإخبارية
إيران| الإمام الخامنئي يستقبل عصر اليوم الأربعاء أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني والوفد المرافق
فلسطين المحتلة| أكثر من 400 مستوطن صهيوني اقتحموا باحات المسجد الأقصى بحماية مشدّدة من قوات الاحتلال
لبنان| 'المنار': جرافة 'إسرائيلية' تقدّمت من مستعمرة 'مسكاف عام' باتّجاه خلّة المحافر ورفعت ساترًا ترابيًا
فلسطين المحتلة| قوات الاحتلال تهدم 6 منازل تعود لعائلة قشطة بالقرب من الكراج الشرقي وسط مدينة رفح
البحرين| آية الله قاسم: ترامب مملوك للوهم وإذا تركه العالم ففي ذلك دمار العالم
مقالات مرتبطة

قاليباف: مستقبل فلسطين لن تحدده أميركا أو أي دولة استعمارية

الصحة الفلسطينية: 6 شهداء و11 إصابة في قطاع غزة خلال 24 ساعة الماضية

الخارجية الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي بمنع مخططات الاحتلال الاستيطانية

اليمن يضع خطته لمواجهة ترامب

55 شهيدًا منذ بدء العدوان "الإسرائيلي" على شمال الضفة الغربية

بلدية رفح: منع المؤسسات الإغاثية من القيام بمهامها خرق خطير من الاحتلال

"والا" | التهديد الجديد-القديم: "الحوثيون" قد يعودون لمهاجمة "إسرائيل"

المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: ما دخل من آليات إلى القطاع أقل بكثير مما نحتاجه

وزارة الأوقاف في غزة: تكلفة خسائر القطاع الديني والوقفي في القطاع تتجاوز الـ500 مليون دولار

الإمام الخامنئي يلتقي وفد الجهاد الإسلامي: خطة أميركا الحمقاء بشأن غزة لن تتحقق

"ميدل إيست آي": الحروب "الإسرائيلية" الأخيرة تعكس مساعي أميركية لاستمرار الهيمنة

مقرّرة أممية: عقوبات ترامب ضد المحكمة الجنائية هجوم مباشر على جهود مكافحة الإفلات من العقاب

سياسة ترامب قد تعزز تحالفات الصين وروسيا

هل تصمد مصر أمام خطة ترامب لتهجير الغزاويين؟

الاحتلال يُنفّذ حملة اعتقالات ممنهجة طالت 30 مواطنًا فلسطينيًّا على الأقل

استطلاع جديد: غالبية "الإسرائيليين" يخشون هجومًا مشابهًا للطوفان من الضفة المحتلة

لليوم الـ24 على التوالي.. الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم

العدوان الأوسع على شمال الضفة.. الاحتلال يهدم عشرات المنازل في مخيم طولكرم

يوم الوفاء يقترب: وداع السيد الشهيد وإعلان سقوط رهانات العدو

المقاومة الفلسطينية تسلّم 3 أسرى "إسرائيليين" في خان يونس

صفقة تبادل سادسة في غزة بين المقاومة والاحتلال.. حماس: لن نسمح بإفشال الاتفاق
