لبنان| العلامة فضل الله: لإزالة الهواجس والالتباسات وعدم الوقوع في فخ المس بالميثاقية والعيش المشترك
17/01/2025 | 12:37
رأى العلامة السيّد علي فضل الله، في خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، أن لبنان "دخل في الأيام الماضية في مرحلة جديدة، بدأت بانتخاب رئيس للجمهورية واستكملت بما جرى من تكليف لرئيس وزراء بتأليف حكومة ينتظر اللبنانيون منها أن تكون على مستوى آمالهم وتطلعاتهم، حكومة كفوءة قادرة على معالجة الأزمات الحادة التي يعانونها على الصعيد المعيشي والأمني، وتعمل بكلّ جدية ومسؤولية على إخراج العدوّ الصهيوني من آخر شبر من الأراضي اللبنانية، ومعالجة التداعيات التي نتجت من العدوان الصهيوني عليه".
وقال: "كنا نريد للتوافق الذي أدى إلى انتخاب رئيس للجمهورية أن نشهده في تكليف رئيس الحكومة ليكون بداية تسمح للعهد أن يحقق ما وعد به اللبنانيين في خطاب القسم وألا يؤدي إلى ما أدى إلى من اعتراض فريق وازن من اللبنانيين من كان له دوره في إتمام الاستحقاق الرئاسي، وفي حماية الوطن وقدم التضحيات الجسام لأجله. من هنا، فإننا ندعو إلى العمل بكلّ جدية لإزالة كلّ الهواجس والمخاوف أو الالتباسات التي حصلت من وراء ذلك، لفتح الطريق أمام إنجاز المسار الحكومي وعدم الوقوع في فخ ما يعتبر مسًا بالميثاقية والعيش المشترك".
تابع السيد فل الله: "نرى في الكلام الذي صدر من رئيس الجمهورية والذي عبر فيه عن رفضه لمنطق الإلغاء والعزل لأي طائفة أو مكون من مكونات هذا البلد، وما جاء على لسان رئيس الحكومة المكلف، أنه ليس من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة وليس من أهل الاستبعاد بل هو من أهل الشراكة الوطنية، ومن حرص رئيس المجلس النيابي التوصل إلى حل وأنه يريد للبلد أن يمشي، ما يدعو إلى التفاؤل بالوصول إلى صيغة حل تنهي تداعيات ما حصل، وأن التوافق سيحكم هذه المرحلة ويطبع المراحل اللاحقة. إننا نعيد تأكيد ما كنا نقوله من أن لا خيار لهذا البلد إلا بالتواصل والتعاون والتكافل بين كلّ مكوناته، لبناء الوطن وأنه لا يبنى بالغلبة والتهميش والعزل، ومواجهة كلّ الأزمات في هذه المرحلة وفي المراحل اللاحقة".
أضاف: "لا بد من الإشارة هنا أن الطائفة الشيعية التي كان لها دورها في بناء هذا الوطن كلّ الوطن من خلال رجالاتها وعلمائها ومن أبنائها المقيمين والمغتربين، وهي قدمت التضحيات الجسام طوال تاريخها لحساب هذا الوطن ولا تزال، كانت وستكون أمينة على هذا البلد وهي لن تكون عقبة أمام نهوضه واستقراره، وأن يدها كانت دائمًا ممدودة إلى كلّ اللبنانيين لبناء وطن يتساوى فيه كلّ أبنائه في الحقوق والواجبات، وتريد من الآخرين طوائف ومذاهب ومواقع سياسية أن يمدوا يدهم إليها من موقع الوعي لخلفيات مواقفها التي لم تكن ولن تكون إلا لحساب هذا الوطن وأمنه واستقراره، وإذا كان من هواجس ومخاوف لدى البعض فالحوار وحده هو الكفيل بعلاجها".
وتناول السيد فضل الله الاعتداءات والخروق الصهيونية المتواصلة في الجنوب، "التي بتنا نشهدها يوميًا في العاصمة بيروت وضواحيها وفي كلّ المناطق اللبنانية، واستمرار التدمير الممنهج للمباني في القرى التي احتلها والتي وصل إليها، والتي لم يوفر فيها أشجار الزيتون المعمرّة وكلّ مظهر من مظاهر الحياة فيها". وقال: "نحن في هذا نريد التأكيد للمسؤولين أن يعملوا على تكثيف الضغوط على اللجنة المكلفة بوقف إطلاق النار، بأن تكون أكثر جدية في العمل على تثبيته وعدم انتظار الستين يومًا للقيام بواجبها كما يبدو ذلك. إن من المؤسف ألا نسمع أصواتًا ترتفع تجاه ما يحصل من اعتداءات "إسرائيلية" مستمرة، وكأن الذي يحدث لا يمس بسيادة هذا البلد أو بمقدراته أو بمقدرات أبنائه، علمًا أن الذي يقوم به العدوّ الصهيوني لا يمس طائفة أو مذهبًا أو موقعًا سياسيًا بل يمس الجميع".
وختم مهنئًا الشعب الفلسطيني على "الإنجاز الذي تحقق له بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار واستعادة أسراه الذي يسمح بإيقاف نزيف الدم والدمار عن أهل غزّة، وإن كان العدوّ لا يزال يراوغ في إقراره، تحقيقًا للمزيد من المكاسب وإظهار نفسه بموقع أنه هو من يملك القرار الأخير فيه". مؤكدًا أن "هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا الصمود الأسطوري للمقاومة والمساندة العسكرية والسياسية والشعبية التي قدمت تضحيات كبيرة في دعم فلسطين، والأهم التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني على هذا الطريق، والصبر العظيم الذي عبر عنه رغم حرب الإبادة، والتدمير الهائل لبنيته التحتية، ما جعل العدوّ الصهيوني غير قادر على تحقيق ما كان يطمح له من خلال عدوانه بإنهاء مقاومة هذا الشعب وتهجيره، والذي عبر عنه إعلام العدو، بأنه فشل سياسيًا وسقط جيشه عسكريًا".