القائد سليماني وأمنية الشهادة على خط فلسطين
فاطمة سلامة
حين تحاول الكتابة عن شخصية بحجم الشهيد الجنرال قاسم سليماني، تحار من أين تبدأ. ولعلّ المقابلة المطوّلة التي أجريت مع قائد قوة القدس مؤخراً، وهو صاحب الاطلالات الاعلامية النادرة، تركت فينا الكثير. عرّفتنا ربما على بعض من صفات قائد لم يبخل يوماً على منطقتنا. قائد لم يترك المقاومة يوماً، لا بل كان في المقدّمة يصول ويجول عند الثغور. كل من عرف "الشهيد الحي" كما لقّبه آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي، يروي كيف كان رفيقاً للمجاهدين لا يفارق ساحات الجهاد المتعدّدة. يروي كيف كان يهاتف المقاومين ويطمئن على سير العملية الجهادية. يتحدّث عن صفات قائد مقاوم متواضع مقدام عشق العمل الجهادي، وتوسّل الى الله أن يرزقه الشهادة كرفاقه، فالقتل في سبيل الله كان أمنيته التي لم تفارقه يوماً، ومحاربة الأعداء هي الطريق لنيل ذاك المقام العظيم. كانت له بصمات جهادية مميّزة في المنطقة بأكملها، حتى سُمي بمرعب الأعداء.
فلسطين كان لها حصّة الأسد في عقل ووجدان الشهيد سليماني الذي أحبها، وبذل كل عمره الشريف لخدمتها. تحريرها من دنس الصهاينة كان أمنيته التي لم تفارقه. وفي رساله وجّهها عام 2014 إلى الفلسطينيين والمقاومين حول العدوان على غزة قال الشهيد سليماني "إن الشهادة على خط فلسطين أمنية يتوق إليها كل مسلم شريف وأحرار الإنسانية يفخرون بها". برأيه، فإنّ فلسطين هي البركان الإلهي الذي لا يمكن إخماده إلا بدحر الغاصب المحتل. وهنا أصل الحكاية الجهادية -بالنسبة لسليماني-، ففلسطين في هذا الزمن هي الحد الفاصل بين الحق والباطل وبين الجور والعدالة وبين الظالم والمظلوم.
"جندي الاسلام" -كما كان يُذيّل رسائله- عاهد الفلسطينيين بنصرة المقاومة ورفعها إلى النصر حتى تبيت الأرض والهواء والبحر جهنم للصهاينة. الوصية الأساس بالنسبة اليه كانت وحدة الفلسطينيين. برأيه فإن هذه الوحدة ستصيب الأعداء بالرعب وتجعل العالم كله غير آمن أمام مغتصبي فلسطين. الأخيرة بنظره هي التي تهب العالم العنفوان وتسقي بدماء أبنائها وأطفالها المظلومين سنابل الحرية والتحرر.
القيادي في حركة "حماس" محمود الزهار يتحدّث لموقع "العهد" الاخباري عن عشق القائد سليماني لفلسطين، فيؤكّد أنّ ما قدمه الشهيد لفلسطين أكبر من أن يتصوره انسان. الفلسطيني الذي سنحت له الظروف أن يلتقي سليماني لمرات عديدة كوزير وكقيادي، يُشدّد على أنّ الحديث عن علاقة الشهيد سليماني بالقدس وفلسطين طويل جداً. وحده الله تبارك وتعالى ومن تعامل مع الشهيد، يعلم حجم تضحياته في هذا الملف. كل من عرفه عن قرب يلمس الحب الكبير الذي يكنه الشهيد للقدس وفلسطين والاسلام، يقول المتحدّث.
من وجهة نظر الزهار، يكفي أن الشهيد حمل لقب قائد لقوة القدس، وهذا أكبر شرف، لا بل أكبر دلالة على خدمته لفلسطين، فلا يمكن أن يسمي نفسه بهذا المنصب ويكون خائناً للقدس وللمسجد الاقصى أو للقضية الفلسطينية أو للمسلمين عموماً، ولا شك أن أعماله ستبقى حاضرة في ميزان حسناته بعد أن قضى شهيداً. فسليماني واحد من المحبين جداً للقدس والاقصى وفلسطين والمقاومة، وانا أشهد على ذلك، يضيف الزهار.
ويشدد القيادي في حركة "حماس" على أنّ ما حصل في العراق هو جريمة موصوفة وواضحة المعالم من قبَل من ارتكبها ويفاخر بها، لا بل ويبررها بأكاذيب مكشوفة. هي جريمة تعكس أن من يعتمد على أميركا تقوده الى الهاوية والدمار. فكل الخزي والعار لهؤلاء الناس الذين يمثلهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب كرمز للصهيونية المسيحية التي تريد أن تمحو الاسلام وتدنس المسجد الاقصى. الصهيونية اليهودية الممثلة في الكيان "الاسرائيلي" وايضاً الصهيونية العربية التي تتهاون مع العدو وتحارب المقاومة بكافة أشكالها وفي كل مكان وتبرر الجرائم التي يرتكبها هؤلاء المجرمون. لأولئك نقول " اذا كنتم تظنون أنكم ستعطلون وعد الاخرة فأنتهم خاسرون".
ولا ينكر الزهار أنّ غياب الشهيد سليماني خسارة، لكنه يعرب عن اعتقاده بأن دولة بحجم ايران لن تعدم وسيلة. فسليماني كان أداة سياسة، "نتمنى أن لا تتغيّر هذه السياسة ولا اعتقد أنها ستتغيّر لأن القضية هي قضية وجود واضحة". ويؤكّد الزهار أنّ الجريمة عبارة عن كذبة كبرى أراد أن يسوّقها ترامب في هذه الفترة لأسباب انتخابية، فالرجل لديه قضايا فساد ويريد أن يقول للأميركيين إن هناك من يريد أن يقتلكم وانا أدافع عنكم، وبالتالي فهي كذبة مفضوحة ومكشوفة والخزي سيكون مصيرها باذن الله.
وفي الختام، يوجّه القيادي في حركة "حماس" كل العزاء لايران وبرنامج المقاومة ويناشد كافة القيادات الموجودة في ايران بأن تستمر في دعمها لفلسطين، وسيرها على خطى سليماني وكل من دعم القدس حتى تتحقق معركة "وعد الاخرة" بإذن الله.
https://www.alahednews.com.lb/article.php?id=14816&cid=153