الخطبة العربية التي وجّهها قائد الثورة الإسلامية للشعوب العربية 2020/01/17
بسماللهالرّحمنالرّحيم
الحمد للّه ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين وصحبه المنتجبين.
أودّ في هذه البرهة الحساسة من تاريخ هذه المنطقة أن يكون لي معكم أيها الإخوة العرب مختصَرٌ من الحديث.
في هذه الأيام استشهد قائدٌ إيراني كبيرٌ وشجاعٌ ومجاهدٌ عراقي طافحٌ بروح التضحية والإخلاص بأذرعٍ عسكرية أمريكية وبأمر الرّئيس الإرهابي الأمريكي. هذه الجريمة لم تُرتكب في ميدان المواجهة، بل جرت بصورة جبانة لئيمة.
القائد سليماني كان ذلك الرّجل الذّي يقتحم الخطوط الأمامية ويقاتل بشجاعة نادرة في أخطرِ المواقع، وكان العاملَ الفاعل في دحر عناصر داعش الإرهابية ونظائرها في سورية والعراق.
الأمريكيون لم يجرأوا على أن يواجهوه في ساحات القتال فعمدوا إلى الهجوم عليه بنذالة من الجوّ حين كان بدعوة من حكومة العراق في مطار بغداد وأراقوا دَمَه الطاهر هو ورفاقه، و بذلك امتزج دم أبناء إيران والعراق مرةَ أخرى في سبيل الله سبحانه وتعالى.
الحرس الإيراني دَك بضربة مقابلة أوّلية صاروخية القاعدة الأمريكية وسحق أُبّهة وغطرسة تلك الدولة الظالمة المتكبرة ويبقى جزاؤها الأساسي وهو خروجها من المنطقة.
الشعب الإيراني في مسيرات بعشرات الملايين شيعوا الشهداء في مختلف المدن بتوديع منقطع النظير، والشعب العراقي في مدن عديدة شيعوهم بفائق التكريم والاحترام، كما أعربت شعوبٌ في بلدان متعددة عن مواساتها في اجتماعات صاخبة.
إنّ مساعٍ مغرضةً هائلة بُذلت لخلق نظرةٍ سلبية بين الشعبين الإيراني والعراقي. لقد أُنفقت أموال ضخمة وجُنّدَ أفرادٌ لا يشعرون بالمسؤولية في إيران ضدّ الشعب العراقي، والساحة العراقيةٌ شهِدَت ضخّاً إعلاميا شيطانياً ضدّ الشعب الإيراني، غير أنّ هذه الشهادة الكبرى قد أحبَطَت كلّ هذه المساعي الشيطانية والوساوس الخبيثة.
ما أريد أن أقوله لكم هو أنّ القدرة الإسلامية.. قدرتنا وقدرتَكم تستطيع أن تتغلّب على ما تحيط القوى المادية نفسها به من هيبةٍ ظاهرية خادعة. القوى الغربية بالاعتماد على العلم والتقانة، وبالسلاح العسكري، والإعلام الكاذب والأساليب السياسية الماكرة استطاعت أن تهيمن على بلدان المنطقة، ومتى ما اضطرّت إلى الجلاء عن بلد على إثر نهضة شعبية، فإنّها لا تكفّ قدر ما تستطيع عن التآمر والاختراق التجسّسي والسيطرة السياسية والاقتصادية، وزرعت الغدة السرطانية الصهيونية في قلب بلدان غرب آسيا وعَمَدَت إلى وضع بلدان المنطقه في تهديدٍ مستمر.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران نزلت بالكيان الصهيوني ضرباتٌ شديدة سياسية وعسكرية، وأعقب ذلك سلسلة من الهزائم للاستكبار وعلى رأسه أمريكا من العراق وسوريا ومروراً بغزّة ولبنان وحتّى اليمن وأفغانستان.
إعلام العدو يتّهم إيران بإثارة حروبٍ بالنيابة، وهذه فريةٌ كبرى، فشعوب المنطقة قد استيقظت، وقدرةُ إيران في مقاومتها الطّويلة أمام خُبثِ أمريكا قد تركت أثرها في الجوّ العام للمنطقة وفي معنويات الشعوب. مصير المنطقة يتوقّف على التّحرّرِ من الهيمنة الاستكبارية الأمريكية وتحرير فلسطين من سيطرة الصهاينةِ الأجانب.
كلّ الشعوب تتحمّل مسؤولية الوصولِ إلى تحقيق هذا الهدف. على العالم الإسلامي أن يزيل عوامل التفرقة. وحدة علماء الدّين قادرة على أن تكتشف أسلوبَ الحياة الإسلامية الجديدة. وتعاون جامعاتنا من شأنه أن يرتقي بالعلم والتقانة، وبذلك تستطيع أن تضع أساس الحضارة الجديدة. والتّنسيقُ بين وسائل إعلامنا بإمكانه أن يصلح جذورَ الثقافة العامّة. والتلاحم بين قُوانا العسكرية سيبعدُ المنطقة كلّها عن الحروب والعدوان. والارتباطُ بين أسواقنا سيحرّر اقتصادَ بلداننا من سيطرة الشركات الناهبة. وتبادل الزِيارات بين شعوبنا سيقرّبُ القلوبَ والأفكار، ويخلقُ روحَ الوحدة والمودّة بينها. أعداؤنا وأعداؤكم يريدون أن يحققوا تقدمَهم الاقتصادي على حساب ثرواتِ بلدانِنا، وأن يبنوا عِزَّتَهم على حساب ذُلِّ شعوبنا، ويسجّلوا تفوُّقَهم بثمنِ تفرّقنا. يريدون إبادَتَنا على أيدينا. أمريكا تستهدفُ أن تجعلَ فلسطين دونما قدرةِ على الدفاع أمام الصهاينةِ الظالمين المجرمين، وأن تجعل سوريا ولبنان تحت سيطرة الحكومات التابعة لها والعميلة، وتريدُ العراقَ وثرواتهِ النفطيةَ بأجمعها مِلكاً لها. ولتحقيق هذا الهدفِ المشؤومِ لا تتوانى عن ارتكاب الظلمِ والعدوان. الامتحانُ العسير الذين مرّت به سوريا والفِتنُ المتواليةُ في لبنان، والأعمالُ الاستفزازيةُ والتخريبيةُ المستمرةَ في العراق نماذجُ لذلك.
الاغتيالُ الصريحُ لأبې مهدي القائدِ الشجاع للحشدِ الشعبي وقائد الحرس الكبير سليماني نماذجُ نادرةٌ لهذه الفتن في العراق. هؤلاء يريدون أن يحقّقوا أهدافهم الخبيثة في العراق عن طريق إثارة الفتن والحروب الداخلية وبالتّالي تقسيم العراق وحذف القوى المؤمنة والمناضلة والمجاهدة الوطنية.
وكنموذج لوقاحتهم فإنهم إذ يلوّحون بأنهم حماة الديمقراطية يصرّحون بكل وقاحة وصلافة، بعد أن صادق برلمان العراق على إخراجهم، أنّهم جاءوا إلى العراق ليبقوا فيه ولن يغادروه.
العالم الإسلامي لا بدّ أن يفتح صفحة جديدة. الضمائر اليقظة والقلوب المؤمنة يجب أن تُحيي الثقة بالنفس في الشعوب، وعلى الجميع أن يعلموا أن طريق نجاة الشعوب هو في التدبير والاستقامة وعدم الرهبة من العدو.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يشملَ الشعوبَ المسلمة برحمته ونصرته إنه تعالى سميع مجيب.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، و السّلام عليكم ورحمة الله.
بِسمِ اللهِ الرَّحمّْنِ الرَّحيمِ «اِنّاِّ اَعطَينّْك الكوثَرَ . فَصَلِّ لِرَبِّك وَ انحَر . اِنَّـ شانِئَك هُوَ الاَبتَرُ.»[22]
والسّلامعليكمورحمةاللهوبركاته
الهوامش:
1 – سورة إبراهیم، شطر من الآیة 5 .
2 – سورة إبراهیم، شطر من الآیة 5 .
3 – سورة إبراهیم، شطر من الآیة 6 .
4 – سورة إبراهیم، شطر من الآیة 7 .
5 – سورة إبراهیم، الآیة 8 .
6 – تکبیر الحضور.
7 – سورة التوبة، شطر من الآیة 40 .
8 – سورة التوبة، شطر من الآیة 40 .
9 – سورة الشعراء، شطر من الآیة 61 .
10 – سورة الشعراء، شطر من الآیة 62 .
11 – سورة التوبة، شطر من الآیة 40 .
12 – تکبیر الحضور.
13 – تکبیر الحضور.
14 – تکبیر الحضور.
15 – تکبیر الحضور.
16 – سورة إبراهیم، شطر من الآیة 5 .
17 – سورة آل عمران، الآیة 54 .
18 – تکبیر الحضور.
19 – تکبیر الحضور.
20 – تکبیر الحضور.
21 – سورة العصر.
22 – سورة الکوثر.