ميثاق مدرسة الحاج قاسم
بسم الله الرحمن الرحیم
أشهد بأصول الدين
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله، وأشهد أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وأولاده المعصومين الإثني عشر أئمّتنا ومعصومینا حجج الله. أشهد بأنّ القيامة حقّ، والقرآن حقّ، والجنّة وجهنّم حقّ، والسّؤال والجواب حقّ
إلهي! أشكرك على نعمك
إلهي! أشكرك على أن نقلتني من صلبٍ إلى صلب ومن قرنٍ إلى قرن، نقلتني من صلبٍ إلى صلب وسمحت لي بالظهور ومنحتني الوجود بحيث أتمكّن من إدراك أحد أبرز أوليائك المقرّبين والمتعلّقین بأوليائك المعصومين، عبدك الصّالح الخميني الكبير، وأن أصبح جنديّاً في ركابه. فإن لم أحظَ بتوفيق صحبة رسولك الأعظم محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) ولم يكن لي نصيبٌ من فترة مظلوميّة عليّ بن أبي طالب وأبنائه المعصومين والمظلومين (عليهم السلام)، فقد جعلتني في نفس المسار الذي بذلوا لأجله أرواحهم التي هي روح العالم والخلقة.
اللهم إني أشكرك على أن جعلتني بعد عبدك الصالح الخميني العزيز، سائراً في درب عبد صالح آخر من عبادك الصالحين، مظلوميته تفوق صلاحه، رجل هو حكيم الإسلام والتشيّع وإيران وعالم الإسلام السياسي اليوم، الخامنئي العزيز روحي لروحه الفداء.
إلهي! لك الشكر على أن جمعتني بأفضل عبادك وتكرّمت عليّ بتقبيل وجوههم الجنائنيّة واستنشاق عطرهم الإلهي، ألا وهم مجاهدو وشهداء هذا الدرب.
إلهي! أيّها القادر العزيز والرّحمن الرزّاق، أمرّغ جبهة الشّكر والاستحياء على عتبتك، أن جعلتني أسير على درب فاطمة الزكيّة وأبنائها في مذهب التشيّع - العطر الحقيقي للإسلام - وجعلتني أنال توفيق ذرف الدّموع على أبناء علي ابن أبي طالب وفاطمة الزكيّة (عليهما السلام)؛ أيّ نعمة عظيمة هذه التي هي أرفع نعمك وأثمنها، وهي نعماك للنّور والمعنويّة، وهياج يحمل في طيّاته أرفع درجات السُّكنى والطّمأنينة، وحُزنٌ يختزن الهدأة والرّوحانيّة.
إلهي! أشكرك على أن رزقتني والدين فقيرين، إلّا أنّهما كانا متديّنين وعاشقين لأهل البيت وسائرين دائماً في درب الطّهر والنّقاء. أطلب منكَ متضرعاً أن تسكنهما في جنّتك ومع أوليائك وترزقني لقاءهما في عالم الآخرة.
إلهي! كلّي أمل بعفوك
يا أيّها الرّب العزيز والخالق الحكيم الأحد الذي لا نظير له! أنا خالي الوفاض وحقيبة سفري فارغة، لقد جئتك دون زاد وكلّي أمل بضيافة عفوك وكرمك. لم أتّخذ زاداً لنفسي؛ فما حاجة الفقير للزّاد في حضرة الكريم؟!
فمتاعي مليئ بالأمل بفضلك وكرمك؛ وقد جئتكَ بعينين مغلقتين، ثروتهما إلى جانب كلّ ما حملتاه من الوزر هي ذلك الذّخر العظيم المتمثّل بجوهرة الدّموع المسكوبة على الحسين ابن فاطمة (عليه السلام)؛ جوهرة ذرف الدّموع على أهل البيت (عليهم السلام)؛ جوهرة ذرف الدّموع عند الدفاع عن المظلوم واليتيم والدّفاع عن المظلوم المحاصر في قبضة الظّالم.
إلهي! يداي خاويتان؛ فلا شيء لديهما تقدّماه ولا طاقة لهما على الدّفاع، لكنّني ادّخرت في يداي شيئًا وأملي معقودٌ على هذا الشّيء؛ إنّهما كانتا دائماً ممدودتين إليك، في تلك الأوقات التي كنت أرفعهما إليك، وعندما كنت أضعهما لأجلك على الأرض وعلى ركبتيّ، وعندما حملت السّلاح بيدي لأجل الدّفاع عن دينك؛ هذه هي ثروة يداي وأملي بأن تكون قد تقبّلتها.
إلهي! قدماي مترنّحتان، لا رمق فيهما. لا جرأة لهما على عبور الصّراط الذي يمرّ فوق جهنّم.
فأنا ترتعش قدماي حتى على الجسر العاديّ، فالويل لي أمام صراطك الذي هو أرفع من الشّعرة وأحدّ من السّيف؛ لكنّ بصيص أملٍ يُبشّرني بإمكانيّة أن لا أتزعزع، وقد أنجو. لقد تجوّلت بهاتين القدمين في حرمكَ وطفتُ حول بيتكَ وركضت حافياً في حرم أوليائك وبين الحرمين، بين حرمي حسينكَ وعبّاسك؛ كما أنّني ثنيتُ هاتين الرجلين في المتاريس لمدّة طويلة وركضت، وقفزت، وزحفتُ، وبكيتُ، وضحكتُ وأضحكتُ وبكيت وأبكيتُ، ووقعت ونهضت لأجل الدّفاع عن دينك. آملُ أن تصفح عنّي لأجل تلك القفزات وذلك الزّحف وبحرمة تلك الحرمات.
إلهي! رأسي، وعقلي، وشفاهي، وحاسّة شمّي، وأذني، وقلبي، وكلّ أعضائي وجوارحي غارقة في هذا الأمل؛ يا أرحم الرّاحمين! إقبلني؛ إقبلني طاهراً؛ اقبلني بأن أكون لائقًا للوفود إليك.
لا أرغب في شيءٍ سوى لقياك، فجنّتي جوارك، يا الله!
إلهي! لقد تخلّفت عن قافلة رفاقي
إلهي! أيّها العزيز! لقد تخلّفت لسنوات عن القافلة، وقد كنتُ دوماً أدفع الآخرين إليها، لكنّي بقيت متخلّفًا عنها، وأنت تعلم أنّي لم أستطع أبداً نسيانهم، فذكراهم وأسماؤهم تتجلّى دائماً لا في ذهني بل في قلبي وفي عينيّ المغرورقتين بدموع الحسرة.
يا عزيزي! جسمي يوشك على أن يعتلّ ويمرض، كيف يُمكن أن لا تقبل من وقف على بابك أربعين سنة؟ يا خالقي، يا محبوبي، يا معشوقي الذي لطالما طلبتُ منه أن يغمر وجودي بعشقه، أحرقني وأمتني بفراقك.
يا عزيزي! لقد تهتُ في الصّحاري نتيجة اضطرابي وفضيحتي وتخلّفي عن هذه القافلة؛ وأنا أتنقّل من هذه المدينة إلى تلك المدينة ومن هذه الصّحراء إلى تلك الصّحراء في الصّيف والشّتاء بدافع أملٍ [يخالج قلبي]. أيّها الحبيب والكريم، لقد عقدتُ الأملَ على كرمك، وأنتَ تعلم أنّي أحبّك. وتعلم جيّدًا أني لا أريد سواكَ، فدعني أتّصل بك.
إلهي، الخوف يغمر كلّ وجودي. أنا عاجزٌ على لجم نفسي، فلا تفضحني. أقسم عليك بحرمة أولئك الذين أوجبت حرمتهم على ذاتك، ألحقني بالقافلة التي سارت إليك قبل أن أكسر الحرمة التي تخدش حرمتهم.
يا معبودي، ويا عشقي ومعشوقي، أحبّك. لقد رأيتكَ وشعرتُ بك مرّات عديدة، ولا أقدر على البقاء بعيدًا عنك. إذن، اقبلني، لكن بالنّحو الذي أكون فيه لائقًا للإتصال بك.
كلام موجّه لإخوتي وأخواتي المجاهدين ...
إخوتي وأخواتي المجاهدين في هذا العالم، يا من أعرتم الله جماجمكم وحملتم الأرواح على الأكفّ ووفدتم إلى سوق العشق من أجل البيع، فلتلتفتوا: إن الجمهوريّة الإسلاميّة قطب الإسلام والتشيّع. مقرّ الحسين بن علي، اليوم، هو إيران. فلتعلموا أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة هي الحرم، وسوف تبقى سائر الحُرم إنْ بقي هذا الحرم. إذا قضى العدوّ على هذا الحرم فلن يبقى هنالك من حرم، لا الحرم الإبراهيمي ولا الحرم المحمّدي.
إخوتي وأخواتي! العالم الإسلامي بحاجة دائماً إلى قائد؛ قائد متّصل بالمعصوم ومنصّب بصورة شرعيّة وفقهيّة. تعلمون جيّداً أنّ أنزه عالم دين والذي هزّ أركان العالم وأحيى الإسلام، أعني إمامنا الخميني العظيم الجليل، جعل ولاية الفقيه الوصفة المنقذة الوحيدة لهذه الأمّة؛ لذلك عليكم أنتم الشّيعة الذين تعتقدون بها اعتقاداً دينياً، وأنتم السنّة الذين تعتقدون بها اعتقاداً عقليّاً، أن لا تتخلّوا عن خيمة الولاية وأن تتمسّكوا بها من أجل إنقاذ الإسلام بعيداً عن أيّ نوع من أنواع الخلاف. الخيمة هذه هي خيمة رسول الله (ص). أساس معاداة العالم للجمهوريّة الإسلاميّة يهدف إلى إحراق وتدمير هذه الخيمة. فلتطوفوا حولها.
والله والله والله لو أصاب هذه الخيمة أيّ مكروه، فلن يبقى لا بيت الله الحرام ولا المدينة ولا حرم رسول الله، ولا النّجف، ولا كربلاء، ولا الكاظمان، ولا سامراء، ولا مشهد؛ وسوف يلحق الضّرر بالقرآن.
خطاب لإخوتي وأخواتي الإيرانيّين ...
إخواني وأخواتي الإيرانيّين الأعزّاء، أيّها الشّعب الشّامخ والمشرّف الذي ترخص روحي وأرواح أمثالي آلاف المرّات لكم، كما أنّكم قدّمتم مئات آلاف الأرواح لأجل إيران والإسلام؛ فلتحافظوا على المبادئ. المبادئ تعني الوليّ الفقيه، خاصّة هذا الحكيم، المظلوم، الورع في الدّين، والفقه، والعرفان والمعرفة؛ فلتجعلوا الخامنئي العزيز عزيز أرواحكم، ولتنظروا إلى حرمته كحرمة المقدّسات.
أيها الإخوة والأخوات، أيها الآباء والأمهات، يا أعزائي!
الجمهوريّة الإسلاميّة تطوي اليوم أكثر مراحلها شموخًا. فلتعلموا أن نظرة العدوّ إليكم ليست مهمّة. أيّ نظرة كانت للعدوّ تجاه نبيّكم وكيف عامل [الأعداء] رسول الله وأبناءه، وأيّ تهمٍ وجّهوها إليه، وكيف عاملوا أبناءه الأزكياء؟ لا يؤدينّ ذمّ العدوّ وشماتته وضغوطاته إلى تفرقتكم.
اعلموا - وأنتم تعلمون- أنّ أهمّ إنجازٍ مميّز للإمام الخميني العزيز كان أنّه جعل في بادئ الأمر الإسلام ركيزة لإيران، ومن ثمّ جعل إيران في خدمة الإسلام. لو لم يكن الإسلام ولو لم تكن تلك الروح الإسلاميّة سائدة في هذا الشّعب، لنهش صدّام هذا البلد كذّئب مفترس؛ ولقامت أمريكا بالأمر نفسه ككلب مسعور، لكنّ ميزة الإمام الخميني أنه جعل الإسلام ركيزة ورصيداً؛ وجعل عاشوراء ومحرّم، وصفر والأيام الفاطميّة سنداً لهذا الشّعب. لقد أشعل الثورات داخل هذه الثّورة. ولهذا جعل الآلاف من المضحّين في كلّ مرحلة من أنفسهم دروعًا تحميكم وتحمي الشعب الإيرانيّ وتراب الأراضي الإيرانيّة، والإسلام، وجعلوا أعتى القوى الماديّة ترضخ ذليلة أمامهم. أعزّائي، إياكم أن تختلفوا في المبادئ.
الشهداء محور عزّتنا وكرامتنا جميعًا؛ وهذا الأمر لا ينحصر بيومنا هذا فقط، بل إنّ هؤلاء اتّصلوا منذ الأزل ببحار الله جلّ وعلا الشاسعة. فلتنظروا إليهم بأعينكم وقلوبكم وألسنتكم بإكبار وإجلال كما هم حقاً. عرّفوا أبناءكم على أسمائهم وصورهم، وانظروا إلى أبناء الشهداء الذين هم أيتامكم جميعاً بعين الأدب والاحترام. فلتنظروا بعين الاحترام إلى زوجات الشهداء وآبائهم وأمّهاتهم، وكما تعاملون أبناءكم بالصّفح والتغاضي، عاملوا هؤلاء بعناية واهتمام خاصين في غياب آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأبنائهم.
عليكم باحترام قواتكم المسلّحة التي يقودها الوليّ الفقيه اليوم، وذلك من أجل الدفاع عن أنفسكم، ومذهبكم، و عن الإسلام والبلاد، وعلى القوات المسلّحة أن تدافع عن الشّعب والأعراض والأرض كدفاعها عن منازلها، وأن تعامل الشعب بأدب واحترام، وأن تكون بالنسبة للشعب كما قال أمير المؤمنين ومولى المتّقين مصدر عزة، وقلعة وملجأ للمستضعفين والناس، وزينة للبلاد.
خطابي لأهالي كرمان الأعزّاء ...
أخاطب أهالي كرمان الأعزّاء أيضاً بنقطة؛ الأهالي المحبوبين الذين قدّموا خلال الأعوام الثمانية من الدفاع المقدس أسمى التضحيات وبذلوا للإسلام قادة ومجاهدين رفيعي المنزلة. أنا خجلٌ منهم دائماً. لقد وثقوا بي لثمانية أعوام من أجل الإسلام؛ وأرسلوا أبناءهم إلى المقاتل والحروب القاسية مثل عمليات كربلاء 5، ووالفجر 8 ، وطريق القدس، والفتح المبين، وبيت المقدس و... وأسّسوا فرقة كبيرة قيّمة أسموها «ثار الله» محبّة بالإمام المظلوم الحسين بن عليّ (عليه السلام) ، ولطالما كانت هذه الفرقة كالسّيف الصّارم، أدخلت الفرح والسّرور على قلوب شعبنا والمسلمين مرّات عديدة ومسحت عن وجوههم الحزن والآلام.
أعزّائي! لقد رحلت عنكم اليوم حسب ما اقتضته المقادير الإلهيّة. أنا أحبّكم أكثر من أبي وأمي وأبنائي وإخوتي وأخواتي، لأنّي قضيت معكم أوقاتاً أكثر منهم؛ وبالرغم من أنّي كنت فلذة كبدهم وكانوا هم قطعة من وجودي، إلّا أنّهم أذعنوا بأن أنذر وجودي لأجل وجودكم ولأجل الشعب الإيراني.
أتمنّى أن تبقى كرمان دائماً وحتّى النهاية مع الولاية. هذه الولاية هي ولاية عليّ بن أبي طالب وخيمتها خيمة الحسين بن فاطمة، فطوفوا حولها. إنني أخاطبكم جميعاً. تعلمون أنّني كنت أهتمّ في حياتي بالإنسانيّة والعواطف والفطرة أكثر من الأطياف السياسيّة. وهذا خطابي لكم جميعاً حيث أنّكم تعتبرونني فرداً منكم وأخاً لكم وواحداً من أبنائكم.
أوصيكم بأن لا تتركوا الإسلام وحيداً في هذه البرهة من الزمن وهو متجلٍّ في الثورة الإسلاميّة والجمهوريّة الإسلاميّة. الدفاع عن الإسلام يحتاج ذكاءً واهتماماً خاصين. وأينما طُرحت في القضايا السياسيّة نقاشات حول الإسلام، والجمهوريّة الإسلاميّة، والمقدّسات وولاية الفقيه، [فلتعلموا] أنّ هذه هي صبغة الله؛ فلتقدّموا صبغة الله على أيّ صبغة أخرى.
وأخاطب عوائل الشهداء ...
أبنائي وبناتي، يا أبناء الشهداء، يا آباء وأمّهات الشهداء، أيّتها الأنوار المشعّة في بلادنا، يا إخوان وأخوات وزوجات الشهداء الوفيّات المتديّنات! الصوت الذي كنت أسمعه في هذا العالم بشكل يومي وأستأنس به فيغمرني بالسّكينة كصوت القرآن وكنتُ أعتبره أعظم سند معنوي لنفسي، هو صوت أبناء الشّهداء الذي كنتُ أستأنس به يوميّاً في بعض الأحيان؛ وصوت آباء وأمّهات الشّهداء الذين كنت ألمس في وجودهم وجود والدي ووالدتي.
أعزّائي! فلتدركوا قيمة أنفسكم ما دمتم روّاد هذا الشّعب. اجعلوا شهيدكم يتجلّى في ذواتكم، بحيث يشعر كلّ من يراكم بوجود الشهيد في أنفسكم، ويشعر بنفس الروحانيّة والصلابة وكافّة الخصائص.
ألتمس منكم الصّفح عني وبراءة الذمة. لقد عجزتُ عن أداء حقّ الكثيرين منكم ولم أوفِّ أيضاً حقّ أبنائكم الشهداء، فاستغفر الله وأطلب العفو منكم.
وأرغب أن يحمل أبناء الشهداء جثماني على أكتافهم، علّ الله عزّ وجلّ يشملني بلطفه ببركة ملامسة أيديهم الطاهرة لجسدي.
خطاب للسياسيّين في البلاد ...
أرغب في مخاطبة السياسيّين في البلاد بملاحظة مقتضبة سواء كانوا من الذين يطلقون على أنفسهم اسم الإصلاحيّين أو الذين يسمّون أنفسهم بالأصوليّين. ما كنت أتألّم لأجله دائمًا هو أنّنا بشكل عام ننسى الله والقرآن والقيم في مرحلتين، بل نضحّي بكلّ هذه الأمور. أعزّائي، مهما تنافستم وتجادلتم، فلتعلموا أنّه عندما تؤدّي تصرّفاتكم وتصريحاتكم أو مناظراتكم إلى إضعاف الدين والثورة بنحو من الأنحاء، فسوف تكونون من المغضوب عليهم من قبل نبيّ الإسلام العظيم (ص) وشهداء هذا النهج؛ ميزوا الحدود ولا تخلطوها. إذا كنتم ترغبون في أن تكونوا مع بعضكم، فشرط ذلك هو الاتفاق حول المبادئ والتصريح الواضح بها. المبادئ ليست طويلة وتفصيليّة. المبادئ عبارة عن بضعة أصول هامّة:
- أوّل هذه الأصول هو الاعتقاد العمليّ بولاية الفقيه؛ أي أن تنصتوا إلى نصائحه، وتطبّقوا من أعماق القلب توصياته وملاحظاته بوصفه طبيباً حقيقيّاً من الناحيتين الشرعيّة والعلميّة. إنّ الشّرط الأساسي لكلّ من يسعى في الجمهوريّة الإسلاميّة لاستلام مسؤوليّة معيّنة أن يكون لديه اعتقاد حقيقي وعمليّ بولاية الفقيه. أنا لا أقول بالولاية التنوّريّة ولا بالولاية القانونيّة؛ فلا تحلّ أيّ من هاتين مشكلة الوحدة؛ الولاية القانونيّة خاصّة بعامّة النّاس من مسلمين وغير مسلمين، إلّا أنّ الولاية العمليّة خاصّة بالمسؤولين الذين يريدون حمل أعباء البلد الجسيمة على عاتقهم، خصوصاً وأنه بلدٌ إسلاميّ قدّم كلّ هؤلاء الشهداء.
- الاعتقاد الحقيقي بالجمهوريّة الإسلامي وركيزتها الأساسية من أخلاق وقيم وصولاً إلى المسؤوليّات؛ سواء المسؤوليّة قبال الشعب أو قبال الإسلام
- توظيف أفراد أنقياء وأصحاب عقيدة يخدمون الشعب، لا أولئك الذين إنْ استلموا مكتباً في إحدى القرى يجدّدون ذكريات الإقطاعيّين السابقين.
- فليجعلوا التصدّي للفساد والابتعاد عن الفساد والبهارج مسلكًا ومنهجاً لهم.
- أن يعتبروا احترام النّاس وخدمتهم خلال فترة حكمهم وتولّيهم لأيّ مسؤوليّة نوعاً من أنواع العبادة وأن يعتبروا أنفسهم خدماً حقيقيين، ومطوّرين للقيم، لا أن يطمسوا القيم بحجج واهية.
المسؤولون آباء المجتمع وعليهم أن يعتنوا بمسؤولياتهم فيما يخصّ تربية المجتمع والسهر عليه، لا أن يقوموا بسبب عدم اكتراثهم ولأجل بعض العواطف واستقطاب بعض الأصوات العاطفيّة العابرة بدعم أخلاق تروّج للطلاق والفساد في المجتمع وينتج عنها انهيار العوائل. الحكومات هي العامل الرئيس في تماسك العائلة وتشكّل من ناحية أخرى عاملاً هامّاً من عوامل تلاشيها. عندما يتمّ العمل بالمبادئ، فسوف يكون الجميع حينها على خطى القائد والثورة والجمهوريّة الإسلاميّة وسوف تنتج عن ذلك منافسة سليمة ترتكز على هذه المبادئ من أجل اختيار الأصلح.
خطاب لإخواني في الحرس الثوري والجيش ...
أخاطب إخواني الأعزّاء في الحرس الثوري والمنتسبين للجيش من الحرس: اجعلوا الشجاعة والقدرة على إدارة الأزمات معيار منح المسؤوليات عند اختيار القادة. من الطبيعي أن لا أشير إلى الولاية لأنّ الولاية ليست جزءاً بالنسبة للقوات المسلّحة بل هي أساس بقائها، وهي شرط لا يقبل الخلل.
والنّقطة الأخرى هي معرفة العدوّ في الوقت المناسب والإحاطة بأهدافه وسياساته واتخاذ القرارات والتصرف في الوقت المناسب؛ كلّ واحدة من هذه الأمور عندما لا تتمّ في وقتها سوف تترك أثراً عميقاً على انتصاركم.
وأخاطب العلماء والمراجع العظام
لديّ كلمة مقتضبة من جنديّ قضى 40 عاماً في الساحات للعلماء عظماء الشّأن والمراجع الكبار الذين ينشرون النّور في المجتمع ويمحقون الظّلمات، خاصّة مراجع التّقليد العظام. لقد رأى جنديّكم من برج المراقبة بأنّه لو تضرّر هذا النّظام فسوف يزول الدّين وما بذلتم لأجل قيمه ومبادئه الغالي والنّفيس في الحوزات العلمية. هذه العصور تختلف عن كلّ العصور، فلن يبقى من الإسلام شيء إذا أحكموا سيطرتهم هذه المرّة. النّهج الصّحيح يتمثّل في دعم الثّورة، والجمهوريّة الإسلاميّة وولاية الفقيه دون أي تردّد. يجب أن لا يتمكّن الآخرون خلال هذه الأحداث بأن يوقعوكم في الشّك والترديد يا من يتجلّى فيكم أمل الإسلام. جميعكم كنتم تكنّون الحبّ للإمام الخميني وتعتقدون بمساره. نهج الإمام الخميني هو مواجهة أمريكا والدفاع عن الجمهورية الإسلاميّة والمسلمين الواقعين تحت ظلم الاستكبار في ظلّ راية الوليّ الفقيه. لقد كنت أرى بعقلي المتواضع كيف أنّ بعض الخناّسين حاولوا ولا زالوا بكلماتهم وتقمصهم مواقف الحق أن يدفعوا المراجع والعلماء المؤثّرين في المجتمع إلى التزام الصّمت والوقوع في الشكّ والترديد. الحقّ واضح؛ الجمهورية الإسلاميّة والمبادئ وولاية الفقيه تراث الإمام الخميني (ره) وينبغي أن يحظى بدعم حقيقي. إنني أرى سماحة آية الله العظمى الخامنئي وحيداً وفي منتهى المظلوميّة. هو بحاجة إلى دعمكم ومساعدتكم وعليكم أيّها الأجلّاء والعظام أن توجهوا المجتمع نحو دعمه عبر خطاباتكم ولقاءاتكم وتأييدكم. فإذا نال هذه الثورة سوء فلن يعود حتى زمن الشّاه الملعون، بل سيعمل الاستكبار على ترويج الإلحاد البحت والانحراف العميق الذي لا عودة عنه.
أقبّل أياديكم المباركة وأعتذر لهذا الكلام، فقد كنت أودّ أن أذكر ذلك خلال تشرّفي بلقاءاتكم المباشرة لكن التوفيق لم يحالفني.
جنديّكم ومقبّل أياديكم.
أطلب العفو من الجميع
أطلب العفو والصفح من جيراني وأصدقائي وزملائي. أطلب العفو والصفح من مجاهدي فرقة ثار الله وقوّة القدس العظيمة التي هي شوكة في عين العدوّ وعائق يسدّ الطريق أمامه؛ خاصّة من أولئك الذين ساعدوني بمنتهى الأخوّة.
لا أستطيع أن لا أذكر اسم حسين بورجعفري الذي كان يساعدني بنوايا طيّبة وأخويّة ويعينني كابن له وكنت أحبّه كما أحبّ إخوتي. أعتذر من عائلته وجميع إخواني المقاتلين والمجاهدين الذين أتعبتهم وأجهدتهم. وبالطبع فإن جميع الإخوة في قوّة القدس شملوني بمحبّتهم الأخويّة وساعدوني وكذلك صديقي العزيز القائد قاآني الذي تحمّلني بصبر وحلم.