لبنان
جلسة حكومية مفصلية اليوم على وقع قرارات جريئة وانفلات في الشارع
لم يكد اليوم الأول من تخفيف الاجراءات الخاصة بالتعبئة العامة لمواجهة فيروس كورونا يمرّ، حتى كانت أحداث كثيرة تتسارع، وكأن الجميع ينتظر أن يُفك الحجر المنزلي قليلا لمعاودة النشاط كل على طريقته.
ومن أبرز نشاطات الدولة، كان قرار استرداد إدارة القطاع الخلوي إلى الدولة، إضافة إلى تحرك قضائي حول ملف ميشال المر في قضية التخابر غير الشرعي، فيما تحركت القوى الأمنية على الأرض لاقفال بعض محلات الصيرفة التي لم تلتزم بسعر صرف 3200 ليرة للدولار.
إلا أن التحرك أيضا شمل أسعار مختلف السلع، التي حلّقت إلى مستويات غير مسبوقة، وسط تهافت من المواطنين على الشراء خوفا من القادم الأسوأ على هذا الصعيد.. وامتد التحرك ليلا حيث برز تفلّت في الشارع شمالا بقرار سياسي معروف الأهداف والخلفيات، لتكون نتيجته تكسير وإحراق لمؤسسات ومواجهات مع الجيش اللبناني وقع فيها عدد من الجرحى.
وفي ضوء هذه الفسيفساء من الاحداث، تعقد الحكومة جلسة في السراي اليوم وعلى جدول أعمالها بندين وحيدين، الأول حول التدابير الفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، والثاني حول الخطة الاصلاحية للحكومة.
"الاخبار": الدولة تستعيد قطاع الخلوي
قالت صحيفة "الأخبار" إن وزير الاتصالات، طلال حواط، أبلغ شركتَي «أوراسكوم» (التي تُدير ميك 1 - «ألفا») و«زين» (التي تُدير ميك 2 - «تاتش») أنّ الدولة ستستعيد قطاع الخلوي، وستبدأ عملية نقل إدارة الشركتين إلى الوزارة. هذا هو لُبّ الخبر الذي نقلته وسائل الإعلام عن «مصادر الوزير». اتّخذ حواط قراره بتنفيذ القانون، بعد أن حاول طيلة الأسابيع الماضية المُراوغة للتمديد للشركتَين، وتسويق فكرة أنّ «الدولة مُدير سيّئ» واستردادها إدارة القطاع سيؤدّي إلى انهياره وانخفاض «أسهمه» في الأسواق، كما البحث عن شتّى الفتاوى القانونية لتغطية مُخالفته القانون.
لم يكن وزير الاتصالات وحيداً في التسويق لهذا الخيار، فقد «غطّى» قراره بموافقة معظم الكتل السياسية الرئيسية داخل مجلس الوزراء على التمديد، وأبرزهم التيار الوطني الحرّ، كما نُقل عن رئيس مجلس الوزراء، حسّان دياب عدم مُعارضته التمديد للشركتين. الفريق الوحيد الذي عبّر عن موقف واضح، هو حزب الله، عبر رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، النائب حسين الحاج حسن.
ترافق ذلك مع ضغوط شعبية، ووقفات احتجاجية نظّمتها مجموعة «وعي» أمام وزارة الاتصالات ومنزل حواط في طرابلس. وقد نال النائب فيصل كرامي «نصيبه» من بعض الاحتجاجات، فقد حُمّل مسؤولية تصرفات حواط، كونه الجهة السياسية التي «زكّت» تعيين الوزير. على الرغم من ذلك، كانت كلّ المؤشرات تُشير إلى أنّ «أوراسكوم» و«زين» ستربحان هذه الجولة، إذا ما أُضيف إليها بقاء أبواب الوزارة مُشرّعة أمام طلبات نائب رئيس مجلس إدارة «زين» ورئيسها التنفيذي بدر الخرافي، مشاركة الرئيس التنفيذي لشركة «تاتش» أيمري غوركان بالمشاركة في وضع «الخطّة المستقبلية» لقطاع الخلوي، قبل أن يُقدّمها إلى دياب، في الأول من الشهر الجاري.
التغيير في الموقف حُسم منتصف الأسبوع الماضي، وقد لعبت لجنة الاتصالات والإعلام النيابية برئاسة النائب حسين الحاج حسن دوراً في ذلك. وبحسب معلومات «الأخبار»، عُقدت في الأيام الأخيرة اجتماعات عدّة في السرايا الحكومية ضمّت مستشارين قانونيين «حتى لا يكون هناك أي هفوة قانونية في موضوع الاسترداد».
بالإضافة إلى ذلك، خاض حزب الله مفاوضات مع مختلف القوى بأنّ «الموضوع استراتيجي وأساسي في مكافحة الفساد، ويجب الحسم»، لاتخاذ موقف يتناسب مع الاجتهادات والمواقف التي صدرت في هذا الإطار، وأبرزها ردّ هيئة الاستشارات والتشريع، التي أفتت بأنّ على وزارة الاتصالات «ممثلة بشخص الوزير أن تُبادر، وبشكل فوري وتلقائي، ومنذ الساعة الصفر ليوم الأربعاء الواقع فيه 01/01/2020، إلى اتّخاذ الإجراءات الإدارية والعملية كافة لتسلّم إدارة القطاع الخلوي، على أن تتولّى وزارة الاتصالات بواسطة المديرية العامة للاستثمار والصيانة مهمّة الإدارة».
بعد يومين، سيعقد حواط مؤتمراً صحافياً يشرح فيه تفاصيل استرداد قطاع الخلوي في غضون ستّين يوماً من تاريخ إبلاغ القرار للشركتين المُشغلتين، «على أن يعمل بالتوازي على وضع دفتر شروط جديد لإطلاق مناقصة عالمية»، كما تقول مصادر كرامي في اتصال مع «الأخبار».
وتُضيف بأنّ حواط سيعمل أيضاً على «تطبيق القانون 431 الصادر سنة 2002، ويختصّ بتنظيم قطاع خدمات الاتصالات، وقواعد تحويله أو تحويل إدارته كلياً أو جزئياً إلى القطاع الخاص، بما في ذلك دور الدولة في هذا القطاع، مع ما يتضمن ذلك من تشكيل الهيئة الناظمة للاتصالات وتأسيس شركة اتصالات لبنان».
ويهمّ المصادر التوضيح بأنّه «منذ البداية كان موقف كرامي استرداد القطاع، فنحن بالنتيجة لدينا نهج مكافحة الفساد، ولا نقدر أن نسير في أي خيار يُخالف ذلك. ما يهمنا هو مصلحة البلد وتطبيق القانون». ماذا عن موقف حواط في خوض مفاوضات غير رسمية مع «أوراسكوم» و«زين»، من أجل التعديل في بنود العقد والتجديد لهما؟ تُدافع مصادر كرامي عن وزير الاتصالات بالقول إنّه كان قبل انتشار وباء «كورونا» عقد مؤتمر صحافي ليسترد القطاع، «ظُلم في المرحلة السابقة، فهو لم يكن بأي لحظة مع التمديد، ولكن اتفقنا على أن يبقى موقفه رمادياً ريثما يتمّ إبرام الاتفاق السياسي أولاً، حتى لا يُفشّل أحد الجهود». ولا تُخفي المصادر خوض مفاوضات سياسية شاقة، بالتعاون مع حزب الله، من أجل إقناع كلّ القوى بعدم إمكانية التمديد للشركتين.
"البناء": انفلات الشارع في طرابلس
ويعقد مجلس الوزراء اليوم في السرايا الحكومية جلسة بجدول اعمال من بندين وحيدين، الأول يتعلق بإقرار النصوص والصيغة النهائية المتعلقة بالمواضيع التي سبق للمجلس أن وافق عليها في جلسته الأخيرة الجمعة الماضي، وهي إجراء تحقيقات لتحديد الحسابات التي أُجريت منها تحويلات مالية، واتخاذ إجراءات في حق صاحبها، واتخاذ تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، وإقرار مشروع قانون يتعلّق باسترداد تحاويل الى الخارج، التي جرت بعد 17 تشرين الاول الماضي. اما البند الثاني فيتعلق باستكمال البحث في الصيغة النهائية للخطة الإصلاحية للحكومة توصّلاً لإقرارها.
إلى ذلك.. عاد الشارع الى الواجهة مع انطلاق جولة جديدة من الاحتجاجات الشعبية شبيهة بأجواء ما بعد 17 تشرين الماضي، لكن اللافت هو الهوية السياسية للمناطق التي تشهد التحركات وهي نفسها التي شهدت تحركات في تشرين الماضي، ما يؤشر الى أيادٍ سياسية تقف خلف هذه التحركات والاستثمار في الأوضاع المعيشية والغضب الشعبي لأهداف ومصالح سياسية واضحة، لا سيما أن المناطق التي تشهد تحركات تشكل مناطق نفوذ لبعض الأحزاب السياسية كالكتائب والقوات وتيار المستقبل وبعض مناطق الحزب الاشتراكي. ما ينذر بأن هذه الأحزاب المذكورة اتخذت قرارها بالمواجهة مع العهد والحكومة في الشارع.
وشهد يوم أمس، سلسلة احتجاجات في عدد من المناطق تخللتها توترات واشتباكات مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية وصل الأمر ببعض المتظاهرين الى التحريض على قتال الجيش وإطلاق النار عليه. وعمد المتظاهرون الى قطع الطريق على اوتوستراد ذوق مصبح والمسلك الغربي لأوتوستراد جبيل. فيما قطع آخرون الطريق عند جسر يسوع الملك باتجاه بيروت، وحصل تدافع مع عناصر الجيش الذين تدخلوا لإعادة فتحها. كذلك عمد محتجون إلى قطع السير على اوتوستراد الناعمة بالاتجاهين. كما شهدت ساحة الشهداء تحرّكاً ضد تردّي الأوضاع الاقتصادية المعيشية. وتمّ قطع السير على اوتوستراد المنية بالقرب من البلدية. وطريق عام برالياس وتعلبايا ايضاً، وشمالاً في دير عمار عند البلدية وطريق البداوي والمحمرة. في المقابل، أصدرت قيادة الجيش بياناً جاء فيه: «نؤكد احترامنا لحق التظاهر وندعو المتظاهرين الى عدم قطع الطرقات والتعدي على الأملاك العامة والخاصة».
ولفتت مصادر نيابية الانتباه الى تصاعد الازمة المعيشية وضرورة الاسراع في معالجة الوضع واحتواء الغضب الشعبي لاسيما أن الأسواق شهدت موجة جنونية لارتفاع اسعار السلع الغذائية الاساسية وارتفاع سعر صرف الدولار الى 4000 ما ينذر بارتفاع نسبة الجوع في لبنان، وبالتالي لجوء المواطنين الى الشارع للتعبير عن غضبهم وما سيرافقه من تفلت أمني وتوترات طائفية وسط دعوات في بعض المناطق تتوجه للمحازبين والمواطنين الى تخزين المواد الغذائية والطحين في منازلهم تحسباً لأزمة غذائية مقبلة الى جانب لجوء بعض الأحزاب كالحزب الاشتراكي الى إقامة استعراضات عسكرية مع أناشيد الحزب في رسالة واضحة للحكومة والعهد باستعداد الاشتراكي للعودة الى الحرب الأهلية اذا ما تمّ المسّ بمحميات جنبلاط في الدولة، كما تقول مصادر سياسية لـ«البناء». وسط ارتفاع الطلب على السلاح خلال الأسابيع الماضية بحسب ما علمت «البناء» من تجار سلاح.
ولفت الانتباه تحرّك الحكومة في ملاحقة جملة ملفات واتخاذ إجراءات أمنية وقضائية. فبعد دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للحكومة بالقيام بواجباتها لضبط الأسعار، جالت فرق من وزارة الاقتصاد أمس، على المحال لمراقبة الأسعار. وسطر المراقبون أربعة محاضر ضبط في حق بعض أصحاب المحال بعد كشف مخالفتهم في الأسعار في سوق صور.
فيما تخطى سعر صرف الدولار الـ4200 ليرة، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن «كل قطعات قوى الأمن الداخلي الإقليمية باشرت على كافة الأراضي اللبنانية بتنفيذ مضمون تعميم حاكم مصرف لبنان بناءً لإشارة النيابة العامة التمييزية، وهي تعمل على توقيف الصرافين غير المرخّصين، والصرّافين المرخّصين الذين يخالفون هذا التعميم وختم محالهم بالشمع الأحمر. وأفيد عن توقيف نحو 19 صرافاً. وكان مصرف لبنان أصدر تعميماً أمس الأول يدعو فيه مؤسسات الصرافة الى التقيّد بحد أقصى لسعر بيع الدولار لا يتعدّى 3200 ليرة لبنانية.
"اللواء": انطلاق ورشة مكافحة الفساد
وبحسب "اللواء".. تنفّس اللبنانيون الصعداء، في اليوم الأوّل من المرحلة الأولى من إعادة فتح قطاعات العمل والنشاط الاقتصادي، وتخفيف الإجراءات التي ترتبت على جائحة كورونا، وإن جاءت التظاهرات الاحتجاجية على ارتفاع سعر صرف الدولار (بين 3200 - 3800 ليرة لبنانية)، وارتفاع الأسعار، بنسبة تتراوح بين 80 و120٪، مستفيدة من بداية الانفراج في الشارع، وتخللتها مواجهات وقطع طرقات بالاطارات المشتعلة، وتدخلت القوى الأمنية إلى فتح الطرقات، واصيب في الزلقا 6 أشخاص بجروح سرعان ما تدخل الصليب الأحمر لاسعافهم، كما اضرم المتظاهرون النيران في الاطارات تنديداً بالأوضاع الاقتصادية، كذلك خرج محتجون في طرابلس إلى الشوارع رفضاً لارتفاع سعر صرف الدولار، واحتججاً على الضائقة الاقتصادية.
وإذا كانت بعض المصارف حددت 3000 ليرة لصرف سعر الدولار، لمن يرغبون بسحبه وفقاً لتعميم جديد، صادر عن المصرف المركزي، فإن دوريات لأمن الدولة والمخابرات لاحقت صرافين لم يلتزموا بتعميم سابق للمركزي، يدعوهم فيه لعدم تجاوز سعر 3200 ليرة للدولار الواحد..، فيما صدر حكم عن القضاء المستعجل بمنع أعضاء مجلس إدارة مصرف كبير من السفر..
بالتزامن، تحدثت مصادر اقتصادية عن ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، سيصدر غداً بياناً يتلوه عبر الفيديو، يطلع خلاله اللبنانيين، بالأرقام حول الأسباب التي اوصلت الوضع المالي إلى ما وصل إليه، فضلاً عن تطوّر الدين العام، والنفقات التي سجلت دون واردات، وأبرزها سلسلة الرتب والرواتب.
وتوقعت مصادر سياسيه اشتداد حملة الحكم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال الأيام المقبلة وليس تراجعها كما يحلو للبعض نتيجة المواقف المعارضة لهذه الحملة،سواء من القوى السياسية المعارضة أو البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي،مقللة من شأن موقف الاخير وقالت :إن المسؤولين بإنتظار ماسيقوله سلامة في إطلالته الاعلامية المرتقبة وماسيورده من معلومات تفصيلية ردا على الاتهامات المساقة ضده وعندها لكل حادث حديث.
ورشة مكافحة الفساد
على صعيد إجراءات الحكومة لمكافحة الفساد، انطلقت فعليا امس في اجتماع وزاري في القصر الجمهوري بحضور رؤساء هيئات الرقابة، ويُفترض ان تستكمل اليوم في جلسة مجلس الوزراء، «ورشة الاصلاح الاداري ومكافحة الفساد»، عبر آليات قانونية محددة سيبحثها مجلس الوزراء، وتتضمن: إقرار النصوص والصيغ النهائية المتعلقة بالمواضيع التي سبق لمجلس الوزراء أن وافق عليها مبدئيا في جلسته التي عقدت الخميس الماضي وهي:
أ- إجراء تحقيقات لتحديد الحسابات التي أجريت منها تحويلات مالية واتخاذ إجراءات بحق صاحبها.
ب- اتخاذ تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة.
ج- مشروع قانون معجل يتعلق باسترداد تحاويل إلى الخارج التي جرت بعد تاريخ 17/10/2019.
2- واستكمال البحث في الصيغة النهائية للخطة الإصلاحية للحكومة، توصلا لإقرارها.
وذكرت مصادر رسمية ان جلسة اليوم ستدرس الملاحظات التي وضعت على العناوين المذكورة وتضع التعديلات والتفاصيل المتعلقة بها لجهة التنفيذ وآلياته، وتوضع الصيغ النهائية لها لرفعها الى جلسة الخميس.
واضافت المصادر:ان جلسة اليوم يُفترض ان تقر ايضاً الخطة الاصلاحية الاقتصادية – المالية لإحالتها على جلسة مجلس الوزرء غداً الخميس.
وإستبق الرئيس ميشال عون جلسة اليوم بإجتماع عمل وزاري -اداري حضره رئيس الحكومة حسان دياب وضم اعضاء اللجنة الوزارية لمكافحة الفساد: نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، وزراء: البيئة والتنمية الادارية دميانوس قطار، الداخلية والبلديات محمد فهمي، الصحة حمد حسن، والعدل ماري كلود نجم. كما حضر الاجتماع وزراء الصناعة عماد حب الله، المال غازي وزني، الزراعة والثقافة عباس مرتضى، والاعلام منال عبد الصمد.
وانضم الى الاجتماع رؤساء الهيئات الرقابية: رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، رئيسة مجلس الخدمة المدنية القاضية فاطمة الصايغ، رئيس ادارة التفتيش المركزي القاضي جورج عطية، رئيسة الهيئة العليا للتأديب القاضية ريتا غنطوس، وحضر الاجتماع ايضا: الوزير السابق سليم جريصاتي، والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، والقاضي يحيى الكركتلي.
وعرضت وزيرة العدل الخطوط العريضة للاجراءات التنفيذية الواجب اتخاذها في الادارات والمؤسسات العامة لمكافحة الفساد، والتدابير المقترحة على هذا الصعيد، وناقش الحاضرون الافكار والاقتراحات التي ستدرس خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم في السرايا الكبير.
كما عقد عون اجتماعا منفصلا لرؤساء هيئات الرقابة، تم خلاله التداول في الاوضاع الادارية والوظيفية في الادارات والمؤسسات العامة، وسبل مكافحة الفساد. وعرض رؤساء ديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية وادارة التفتيش المركزي والهيئة العليا للتأديب، اوضاع اداراتهم والصعوبات التي تواجهها خلال قيامها بعملها الرقابي. وقدم رؤساء الهيئات الرقابية مقترحات لتطوير عمل اداراتهم وتفعيلها.
اوضحت مصادر مطلعة الى انه من المهم وقف هذه المسارب واستعادة الأموال المنهوبة والموهوبة والمحولة استنسابا من دون وجه حق مشيرة الى ان الدلالة الثانية هي ان رئيس مجلس الوزراء على تناغم والخط نفسه في هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية وهو راغب بشكل جدي في الأطلاع على الأرقام والمعطيات كافة ووضع خطة اقتصادية تنجز في الساعات المقبلة من قبل الحكومة بعد استعانة من المعنيين وذلك للوصول الى الحل الأخير الذي قد يكون صندوق النقد الدولي وبالتالي التمهيد في الدخول في التفاوض مع صندوق النقد للتحقق من الشروط لأن ما من اموال ستأتي الى لبنان اي تدفقات ما لم يكن الصندوق اتفق مع الحكومة على خطة النهوض التي تفترض الأصلاح.
وعلمت «اللواء» من مصادر وزارية ان إجتماع اللجنة الوزارية لمكافحة الفساد امس وضع في سياق الأجتماع التمهيدي لاجتماع مجلس الوزراء اليوم في القصر الحكومي والذي يناقش بنودا تتصل بمكافحة الفساد وقالت المصادر ان وزير العدل عرضت للتدابير الثمانية التي وضعتها الوزارة وبحثت في جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، وشرحت آلية التدابير وكيفية تطبيقها.
"الجمهورية": جلسة مهمة والتباسات
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ جلسة مجلس الوزراء (اليوم) بالغة الأهمية، باعتبار انها تشكّل وضع حجر الاساس لتبنى عليها إعادة الاموال المنهوبة، علماً انّ لدى الحكومة معطيات يقينية حول هذا الامر، ألمح اليها رئيس الحكومة عندما تحدث عن خروج 5,7 مليارات دولار من لبنان منذ بداية السنة وحتى منتصف نيسان، وهناك سؤال يجب ان تتم الاجابة عنه كيف يسمح بهذا التهريب في الوقت الذي تحرم الناس من 100 دولار من ودائعها؟ والكل يعلم ان هذه التحويلات تتم بعِلم وبموافقة مصرف لبنان.
وأشارت المصادر الى المسودة المطروحة امام الحكومة، وقالت: انّ هناك آلية تم وضعها في هذا الاطار، ويجب ان تنجح.
إلتباسات
وعلمت «الجمهورية» انّ هذه المسودة، التي وضعتها وزيرة العدل ماري كلود نجم، هي «من صلب التشريعات القائمة» كما قالت، «لمكافحة الفساد واستعادة الاموال المتأتية منه»، ما زالت تُحاط بالتباسات حول مضمونها، وكان قد جرى تعديلها قبل بدء مناقشتها في مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي، لجهة عدم تجاوز صلاحيات وزير المال او التعدي عليها، بعدما كانت في صيغتها الاولى قبل التعديل، تضمّنت، كما اكد مصدر وزاري لـ«الجمهورية»، ما يُشبه انقلاباً على الطائف واستباحة الدستور»، واكثر من ذلك كادت تؤدي الى استقالة وزيري حركة «امل» غازي وزنة وعباس مرتضى من الحكومة، لو لم يتم تدارك الامر في آخر لحظة.
الجميع متّهمون!
وبحسب المعلومات فإنّ البنود الاخرى في المسودة، والمتعلقة بالتدقيق في الحسابات، آليتها المقترحة مُلتبسة. وعلى ما يقول مصدر وزاري معني بهذه المسألة: «كأنك أمام هيئة اتهامية، تضع الجميع من مسؤولين وغير مسؤولين وموظفين في القطاع العام حاليين وسابقين في موقع الاتهام، من دون اي اثبات او أدلة، ومن دون ان تكون قرينة البراءة موجودة. وأخطر ما في هذا التوجّه هو محاولة الدخول الى تهمة معيّنة عبر الامور الضرائبيّة والماليّة، هذه مسألة شديدة الخطورة».
الى ذلك، وفي تقييم للمسودة المطروحة امام مجلس الوزراء اليوم، قال مرجع قانوني لـ«الجمهورية»: في المبدأ، على الحكومة اتخاذ اي إجراء تراه مناسباً استناداً الى التشريعات والقوانين النافذة، وليس بوسعها لأيّ سبب كان استباق التشريعات وبدء العمل بمضمونها، لا سيما اننا لسنا امام ظروف استثنائية تحول دون انعقاد المجلس النيابي، الذي يقوم بدوره التشريعي والرقابي كاملاً، والدليل على ما تقدّم، الجلسة التشريعية التي انعقدت خلال الاسبوع الماضي في قصر الاونيسكو.
وقاربَ المرجع التدابير الثمانية الواردة في المسودة كما يلي:
- التدبير الاول، يتعلق بالتحقيق الضريبي الداخلي، عبر الطلب الى وزير المالية تكليف الجهات المختصة في وزارته أو مَن ينتدبه، بإجراء تحقيق ضريبي يطال جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين أجروا مع الدولة اللبنانية أو المؤسسات العامة أو البلديات عقوداً أو التزامات... حيال هذه التدبير يقول المرجع القانوني: «لمجلس الوزراء حَثّ أي وزارة على القيام بالموجبات القانونية المُلقاة على عاتقها، ولكن ليس لمجلس الوزراء خلق موجبات غير منصوص عليها في القوانين النافذة، ومن ضمنها تكليف الاشخاص الطبيعيين او المعنويين مع الادارة بإبراز حساباتهم المصرفية».
- التدبير الثاني، يتعلق بالتحقيق الضريبي الخارجي، وحياله يقول المرجع: «هناك آليّات لتبادل المعلومات الضريبية منصوص عليها بموجب القانون 55/ 2011، وطلب الحصول على المعلومات يجب ان يحصل ضمن الآليات القانونية وتحت رقابة القضاء».
- التدبير الثالث يتعلق بالتحقيق المحاسبي، عبر تكليف أحد أهم المكاتب الدولية المتخصصة في التحقيق المحاسبي للتدقيق في جميع العقود، من أي نوع كانت (مناقصة، التزام، إتفاق بالتراضي…)، وحياله يقول المرجع القانوني: «انّ التدقيق المحاسبي في الدولة اللبنانية مُناط حصراً بديوان المحاسبة عملاً بأحكام الدستور اللبناني، والاستعانة بمكاتب تدقيق متخصّصة خارجية او محلية تحتاج الى قانون على ان تكون عمليات التدقيق لديوان المحاسبة، ودور المكاتب الخارجية هو تقديم المساعدة التقنية».
لماذا خمس سنوات فقط؟
- التدبير الرابع يتعلق بتطبيق المادة 4 من قانون الإثراء غير المشروع، عبر إعداد لائحة بأسماء الوزراء والنواب بمن فيهم أولئك الذين انتهت ولايتهم لأيّ سبب كان خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن ثم التحقق من تقديم التصاريح التي أوجَبتها المادة الرابعة من قانون الإثراء غير المشروع عند تولّي المهام الوزارية والنيابية وبعد الانتهاء منها. وكذلك الطلب إلى كافة الوزارات والإدارات إعداد لائحة بأسماء الموظفين والقائمين بخدمة عامة ضمن ملاكها، بمَن فيهم أولئك الذين انتهت خدماتهم لأيّ سبب كان خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن ثم التحقق من تقديم التصاريح التي أوجَبتها المادة الرابعة من قانون الإثراء غير المشروع عند تَولّي الوظيفة أو الخدمة العامة وبعد الإنتهاء منها.
- التدبير الخامس يتعلق بتطبيق المادة 12 من قانون الإثراء غير المشروع، عبر المباشرة بجمع المعلومات وإجراء مسح شامل حول جميع الشخصيات التي شغلت أو تشغل حالياً مناصب وزارية ونيابية خلال السنوات الخمس الأخيرة وأفراد عائلتها (الزوج - الزوجة - الأولاد)، كمرحلة أولى وإعداد تقارير مفصّلة حول مظاهر ثروتها.
- التدبير السادس المتعلق بتطبيق المادة الخامسة من قانون السريّة المصرفيّة.
حيال التدابير الرابع والخامس والسادس يقول المرجع القانوني: «انّ تطبيق هذه القوانين امر مهم جداً، شرط ان يأتي التطبيق للقانون بحسب قانون الاثراء غير المشروع او قانون السرية المصرفية، كما ورد، وليس بالنظر الى التعديلات المقترحة».
والى جانب كلام المرجع القانوني، ثمة من يسأل لماذا فقط عن السنوات الخمس الاخيرة وليس عن كل السنوات التي قبلها، الا اذا كان المقصود عدم المَس بوزراء او موظفين مَحظيين؟
- التدبير السابع المتعلق بالرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة، وحياله يقول المرجع القانوني: «يجب تطبيقه بما لا يتعارض مع صلاحيات ديوان المحاسبة».
وخَلص المرجع الى القول: هذه التدابير تنطوي على الحَث على القيام بإجراءات محددة في القوانين، ومنها: الاثراء غير المشروع، السريّة المصرفية، حماية كاشفي الفساد، تبادل المعلومات بخصوص التهرب الضريبي، وهي تشّكل موجبات على عاتق الادارات المعنية بتطبيقها، ومن صلاحيات وموجبات مجلس الوزراء الحَث على الالتزام بها.
اضاف: أمّا التدابير التي تنطوي على موجبات غير مَنصوص عليها في القوانين النافذة حالياً، مثل تقديم كشوفات حسابات بالجملة من قبل كل من تَولّوا مهاماً قيادية في الشأن العام، وتكليف مكاتب دولية للتدقيق في العقود وفق جداول قد تشمل إجراءات لا يتيحها القانون، فإنّ هذه التدابير لا تدخل ضمن صلاحيات مجلس الوزراء. ولا بد، اذا كان لا بد منها، من الرجوع الى مجلس النواب لإقرارها بقوانين، او لإنشاء لجان تحقيق برلمانية تقوم بها مُستعينة بمَن تشاء من الموظفين والمتقاعدين ومكاتب التدقيق مع صلاحية استجوابية واستماعية واسعة.
الدولارالليرة اللبنانيةمكافحة الفساد
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024