معركة أولي البأس

لبنان

استيراد المحروقات على منصة الـ 3900 والدولار يلامس 17000 ليرة
26/06/2021

استيراد المحروقات على منصة الـ 3900 والدولار يلامس 17000 ليرة

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بمواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في أكثر من اتجاه، والتي كان أبرزها ما يتعلق بالجيش اللبناني وبمسألة استيراد المحروقات من إيران والملف الحكومي.
الصحف تحدثت عن تداعيات القرار الاستثنائي باستيراد المحروقات على تسعيرة 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد، والتي من محاذيرها توقعات بارتفاع إضافي في أسعار كل ما يتعلق بهذا الارتفاع.
كما اهتمت الصحف بالموقف الأمريكي - الفرنسي الأخير من الأزمة اللبنانية، والتي لا يبدو أن حلولًا تلوح في الأفق على صعيد التشكيل الحكومي.

 

"البناء": نصرالله: واشنطن لا تريد جيشاً قوياً بل زرع الفتن

في كلمة مفصليّة وفي ظرف قاتم تناول الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله الملفات الساخنة، مجيباً عن الكثير من الهواجس والأسئلة، مانحاً بعض الأمل بإحداث اختراق في الملف الحكوميّ المغلق، تاركاً بعض الضوء في ظلام الليل السياسي والاقتصادي المخيّم على لبنان واللبنانيين، مبشّراً رغم الصعوبات بإمكانية السيطرة على المرحلة الصعبة، داعياً القيادات لمغادرة الفئويات الضيقة والحسابات الصغيرة والحقد والكيد، والتطلّع لأحوال الناس ومعاناتها، والتعامل أخلاقياً مع هذه الأوجاع التي توحّد اللبنانيين، بينما تجاوز الدولار عتبة الـ 17000 ليرة بعدما تمّ رفع الدعم عن السلع الغذائيّة وصار تمويل استيرادها يتمّ من السوق السوداء، وبينما لجأت المصارف لشراء الدولارات من السوق السوداء أيضاً لتأمين ما يلزم لسداد الـ 400 دولار التي تضمّنها تعميم مصرف لبنان بالنسبة لحقوق السحب الممنوحة للمودعين مع نهاية شهر حزيران بعد أيام قليلة.

تناول السيد نصرالله الحديث الأميركي عن دعم الجيش اللبناني، وتوصيفه كمدخل لبناء توازن قوة بوجه حزب الله، مشيراً إلى أن هذا تحريض للجيش على شريحة لبنانية واسعة وتحريض لهذه الشريحة على الجيش وإثارة مخاوفها وشكوكها منه، بما يؤكد أن ما تريده واشنطن هو الفتن وليس الجيش القويّ، فالذي يريد الجيش القويّ يسعى وإحاطته بأوسع التفاف شعبيّ وطمأنة الجميع إلى دوره وإلى أن هذه القوة لا يجب أن تكون مصدر قلق لدى أحد، فكيف إذا الأميركي نفسه هو مَن يعيق امتلاك الجيش للمقدرات الحقيقية التي تجعل منه جيشاً قوياً بمعايير الجيوش، فقط لأن واشنطن لا تريد جيشاً يردع اعتداءات جيش الاحتلال على لبنان.

توقف السيد نصرالله أمام النقاش الدائر حول فرضيّة المثالثة انطلاقاً من نقاشات تشكيل الحكومة ليصف هذه الفرضيات بالفزاعة المفتعلة، حيث لا يمكن الحديث عن ثلاث ثمانيات في الحكومة إلا بصورة مجافية للواقع بهدف زرع الشكوك والمخاوف، وإلا كيف يستقيم احتساب وزراء مسيحيين في حصص الشيعة والسنة، متوقفاً أمام محاولة التهشيم التي لحقت بالنائب جبران باسيل بعد دعوته للسيد نصرالله للتدخل كصديق في مسعى حلحلة الملف الحكومي، خصوصاً الكلام الذي وصف هذه الاستعانة كتفويض مصير طائفة لطائفة أخرى، بصورة منافية لما ورد في دعوة باسيل.

في تداعيات الأزمة الاجتماعية كاشف السيد نصرالله اللبنانيين بأننا ذاهبون الى رفع الدعم بقرار أو بدون قرار، بحكومة أو من دون حكومة، وأن المعاناة ستزداد والصعوبات ستتفاقم، محذراً من الفوضى، والفتن، داعياً لتجنّب قطع الطرقات كوصفة سريعة للخلل الأمني، عدا عن كونها عقاباً جماعياً للبنانيين وليس لمسبيي الأزمات.

في الملف الحكوميّ أكد السيد نصرالله تلقفه لنداء النائب جبران باسيل، وفق مضمونه الحقيقيّ كدعوة من صديق لصديق للمساعدة في حلحلة الأزمة الحكوميّة، مشيراً إلى أن المساعي بدأت وستستمر، مضيفاً أن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري تبقى هي إطار الحل وأن الهدف سيبقى تقريب المواقف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري.

عن وعده بالسير باستيراد المحروقات بالليرة اللبنانية من إيران، عندما تغلق الأبواب وتعجز الدولة، قال السيد نصرالله إن حزب الله أنجز كل الترتيبات الإجرائية والإدارية واللوجستية للعملية بما في ذلك أماكن التخزين وآلية التوزيع وصيغة الاستيراد، ولم يتبق إلا إصدار أمر التنفيذ عندما يتخذ القرار، داعياً المعترضين والمنتقدين إلى فعل المثل بالذهاب الى أصدقائهم ومطالبتهم بمنح لبنان مساعدة تشبه ما جاء به السيد نصرالله من إيران كصديق، بدلاً من الانتقادات العبثية والعدمية والتي لا تعبر إلا عن حقد أصحابها وعدم اكتراثهم لمعاناة الناس بمن فيهم الناس الذين يزعمون أنّهم يهتمون لأمرهم ويمثلونهم.

وأشار السيد نصرالله خلال كلمته إلى أننا «أمام تحريض أميركي مكشوف في وسائل الإعلام، تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض»، مؤكدًا «أننا نرى أن الجيش اللبناني الضمانة الحقيقية للأمن والاستقرار في لبنان وأيضًا لوحدة لبنان، كما أنه جزء أساسيّ من المعادلة الذهبية لقوة لبنان أي الجيش والشعب والمقاومة». وأكد أن الذي يعيق تقوية الجيش اللبناني هي الإدارة الأميركية، لأنها تخشى من هذا الجيش لأنه لو تمّ تسليحه وبما يمتلك من عقيدة ومن ثقافة ترفض العدوان من أن يكون بمواجهة ربيبتها «إسرائيل»، وهي تمنع من أن تصل إليه الكثير من المساعدات الحقيقية من دول المنطقة ومن دول العالم».

ولفت السيد نصرالله الى أن “مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري أدّت مع الأطراف المختلفة للوصول إلى نقطة مهمة، وهي الاتفاق على عدد وزراء الحكومة أي 24 وزيراً وتم الاتفاق أيضاً على توزيع الحقائب كأعداد على الأحزاب والطوائف”، مؤكدًا “لم نفكر أبدًا في الطائفة الشيعيّة بالمثالثة ولم نطرحها بل غيّرنا طرحها علينا ولم نقبل”.

وفي رده على كلام النائب جبران باسيل أوضح الأمين العام لحزب الله أن “عبارة حَكَم هي عبارة عن الثقة وليس المقصود منها المعنى الدقيق لها”، وأن “الحَكَم يحتاج إلى قبول الطرفين وتسليمهما وهذا غير مطروح وأنا لست في وارد هذه المسألة”. ونوّه إلى أن “حزب الله موقعه وأولوياته مختلفة ويقبل لنفسه ما لا يقبله الآخرون من أغلب القوى السياسيّة في لبنان لأنفسهم”، وأن “الوزير جبران باسيل استعان بي بصديق وأنا استعنت بالرئيس بري كصديق، وهذا الإطار هو الإطار الوحيد المنطقي والطبيعي الذي يمكن أن نصل من خلاله إلى نتيجة”. وأَضاف: “قدّمنا أفكاراً جديدة والهدف هو الوصول إلى مكان مرضٍ للرئيس عون والحريري حتى إذا توافقا أمكن تشكيل الحكومة”، وتابع “يجب دائمًا التحلي بالأمل والحل بإيجاد حكومة قادرة على اتخاذ القرارات”.

وكشف السيد نصرالله أن “كل المقدّمات الإدارية واللوجستية بخصوص استيراد البنزين والمازوت من إيران إلى لبنان وتوزيعه قد أنجزناها. وهذا الوعد ما زال قائمًا”، مشيرًا إلى أن “الأمر يحتاج إلى إذن حركة فقط فالمقدّمات كلها أنجزت”. وسأل لماذا لا تلجأ الدولة إلى خيار إنشاء مصافٍ للمشتقات النفطية وتأمين جزء كبير من حاجات السوق اللبناني بكلفة أقل، وهناك شركة جاهزة لهذا المشروع فقط تحتاج إلى التوقيع”.

وأشار إلى أن البلد يتجه إلى رفع الدعم تلقائيًا، داعيًا لتشكيل لجنة من كل الشركاء في الحكومات السابقة لمناقشة ترشيد الدعم أو رفعه لأن المفروض من الكل أن يتحمّل المسؤولية، ولفت إلى أن البطاقة التمويلية تستطيع مساعدة العائلات اللبنانية في الصمود في مواجهة الأزمة. وشدّد على “الناس الانتباه في هذه المرحلة، وأن تخريب المنشآت العامة وقطع الطرقات يؤدي إلى أذية الناس ويزيد من وجعها، وأن استمرار قطع الطرق سيؤدي إلى طابور ذلّ جديد إضافة الى طابور البنزين والدواء”. وأضاف “نحن نحتاج إلى السلام الداخلي حتى نحلّ مشاكل البلد فيما هناك من يريد تفجير البلد. فهؤلاء مُفسِدون في الأرض”، ولفت إلى أن “أيّ كلام في هذا الظرف يؤدي إلى الفتنة حرام ومن الكبائر، والذي يتصوّر أنه في ظل الفتنة يستطيع معالجة أزمة هو واهم ويخرّب ويدمّر البلد”.

وبعد بيان قيادتي حركة أمل وحزب الله بضبط جمهور الطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، عقد مسؤولو الإعلام في التيار الوطني الحر وحزب الله لقاء تنسيقياً في مقر التيار في ميرنا الشالوحي. “وكان اللقاء إيجابياً جداً وبحث في سبل تعزيز التنسيق والتعاون الإعلامي في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل كمّ الشائعات التي تطاول العلاقة بين ثنائي تفاهم مار مخايل وهي إشاعات مغرضة ومعروفة الأهداف”. وشدّدا على “ضرورة التزام المحازبين والمؤيدين على وسائل التواصل الاجتماعي بأعلى معايير الانضباط والتحلّي بروحيّة التفاهم والعلاقة الوطيدة بين الطرفين”.

وأشارت مصادر في فريق المقاومة لـ”البناء” إلى أن “خطاب السيد نصرالله حمل العديد من الرسائل إلى مختلف الأطراف لكن جوهر الخطاب نقطتان الأولى هي التحذير من تداعيات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على الوضع الأمني والسلم والاستقرار الداخلي في ظل محاولات خارجية للعبث بالأمن الداخلي، لا سيما أن السيّد بدأ خطابه بالأمن بالإشارة الى محاولة أميركية لزرع الشقاق والتحريض بين الجيش والمقاومة. وأنهى الخطاب بتحذير السياسيّين واللبنانيين عموماً من جر البلد الى مستنقع الحرب والفتنة الداخلية”. أما النقطة الثانية بحسب المصادر فهي “شرح موقف الحزب من كلام باسيل وتهدئة الشارع المسيحي – الشيعي الذي يتفاعل مع أي خلاف بين الطرفين. وكذلك الأمر أعاد التمسك بمبادرة الرئيس بري وسدّ أية ثغرة يمكن أن ينفذ منها المصطادون بالمياه العكرة بين حركة أمل وحزب الله”، ولفتت المصادر الى أن السيد نصرالله كان واضحاً بالتحذير من جر البلد الى التقسيم نتيجة تردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية، حيث ستتزداد الأحداث والتوترات الأمنية ما سيدفع المجتمعات اللبنانية الى إقامة شبه استقلال ذاتي على المستوى الغذائي والخدمي والمالي”.

ورغم تأكيده على صعوبة المرحلة التي نمرّ بها والتي سيطول أمدها طويلاً، إلا أن السيد بحسب المصادر ترك باب أمل تمثّل بحل أزمة المحروقات التي تنعكس على كافة مجالات الحياة الاقتصادية والمعيشية اليومية للمواطن، وذلك من خلال إعلان السيد نصرالله بأن استيراد المحروقات ينتظر اشارة نهائية للتنفيذ.

ورأت المصادر أن الحصار الخارجي الاقتصادي على لبنان مستمرّ ويزداد خنقاً من الأميركيين وحلفائهم في المنطقة. وفي هذا الصدد تشير معلومات “البناء” الى أن هناك “ضغوطاً أميركية خليجية على الحكومة العراقية لعرقلة استيراد النفط الى لبنان مرجّحة أن يكون تأخير إنجاز الأمر سياسياً وليس تقنياً”.

 واشارت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر رداً على كلام السيد نصرالله بالقول لـ “البناء” إلى أنّ الخطاب اتسم بالإيجابية ووضع الامور في نصابها ونحن دائما ننظر الى الأمور مع حلفائنا الى النصف الملآن من الكأس ومنفتحون على النقاش والحوار مع الحزب في كافة الصعد لا سيما الحكومة”. ولفتت المصادر ان “خطاب السيد نصرالله أعاد التأكيد على روحيّة التفاهم والتحالف بين التيار الوطني الحر​ وحزب الله واسقطت أحلام البعض بأن هناك خلافاً بين الطرفين أو سقوط التفاهم”. وأكدت المصادر أن “باسيل مستعدّ للانفتاح على كافة الاقتراحات والأفكار وملاقاة ما طرحه السيد نصرالله حتى تأليف الحكومة وإنقاذ البلد من الانهيارات مع التشديد على ضرورة وضع خريطة إصلاحيّة واضحة على رأسها التدقيق الجنائي”.

 

"الأخبار": سلامة يدفن الـ 1515 ويُطلق موجة جديدة من ارتفاع الأسعار

صحيفة "الأخبار" تحدثت عن قرار جديد تُصدره السلطة اللبنانية يسمح بإطلاق يد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وفرض رؤيته على الاقتصاد والناس. الحاكم لا يُحدّد حصراً السياسة النقدية للدولة، بل يتحكّم بوجهتها المالية والاقتصادية والاجتماعية. يُريد رفع الأسعار ليحدّ بذلك من استهلاك السكان. يريد التوقّف عن دعم السلع الرئيسية. يريد التنصّل من تحمّل أيّ مسؤولية، فتُجيز له الدولة بحُكم «حالة الطوارئ» رفع سعر المحروقات على أساس سعر صرف 3900 ليرة، ليكون ذلك مُقدّمة لرفع أسعار كلّ السلع والخدمات، وفرض سعر صرف جديد في التعاملات. الأسوأ أنّ الخطوة تُكرّس سطوة الاحتكارات على السوق، ولا تتزامن مع إقرار استراتيجية اجتماعية وتسبق البطاقة التمويلية.

المشهد يصلح لفيلم سينمائي وليس لإدارة أخطر أزمة تمرّ في تاريخ لبنان. الدولة ــــ رئاسة الجمهورية ومجلسا النواب والوزراء ــــ وقّعت مرّة جديدة على قرار تسليم البلد وناسه لموظّف تشتبه فيه سلطات سويسرا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا... ولبنان بارتكابه جرائم اختلاس وتبييض الأموال والاستغلال الوظيفي. عِوض أن تجتمع هذه السلطات لبتّ مصير حاكم البنك المركزي، تٌقرّر الخضوع لضغوط رياض سلامة، وتنفيذ ما يطلبه منها، بحجّة «الطوارئ». فأجازت له «استعمال الاحتياطي الإلزامي لفتح اعتمادات لشراء المحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي لمدّة ثلاثة أشهر على سعر صرف 3900 ليرة بدلاً من 1500 ليرة للدولار الواحد». تُسوّق الدولة اللبنانية لقرارها بأنّ سلامة يُهدّد بالتوقّف نهائياً عن دعم استيراد السلع الرئيسية، وإذا لم تٌوقّع على قرار الاستيراد وفق 3900 ليرة فسينقطع المازوت والبنزين من السوق بداية الأسبوع المقبل.

حالة الطوارئ هذه التي يُريد أركان الدولة تهديد الناس بها عند كلّ قرار يتّخذونه، تُخيّم فوق لبنان منذ ما قبل لحظة الانفجار في تشرين الأول 2019. كانت يومها الظروف مؤاتية لتغيير السياسات الاقتصادية وآليات العمل بـ«هدوء» وبأقل كلفة ممكنة على المجتمع. حتى مع بداية الأزمة، لو تعاملت الحكومة والمسؤولون مع الأزمة على قدر خطورتها، لكان يُمكن معالجة التداعيات وفق سعر صرف 4000 ليرة للدولار وليس 16 ألف ليرة، كما وصل إليه في السوق الحرّة، حيث بات ارتفاعه من دون سقف. ولكنّ السلطة السياسية تمتهن إيصال الناس إلى خطّ اللاعودة، وتخييرهم دائماً بين رميهم في النار أو إحراق أرجلهم بالجمر. المصيبة الحقيقية ليست في وقوع الانهيار، بل في أنّ أحداً لا يُريد إيجاد حلّ له، ولا يزالون يُراهنون على ضخّ الروح في نظام انتهى. وإلا كيف يُبرّرون إعطاء «الحاكم الزومبي» مسؤولية مُطلقة في تحديد نوعية وكمية استهلاك الناس، وحاجات الاستيراد للدولة، والدواء الذي يجب أن يُدعم، وتبذير الدولارات، والسياسات الاقتصادية؟

القرار الذي صدر أمس عن رئاسة مجلس الوزراء والموجّه إلى مصرف لبنان، هو عملياً التمهيد الرسمي الأول للسكّان لربط الأحزمة، والتهيّؤ لرفع الأسعار التي ستؤدّي إلى موجة تضخّم مفرطة تأكل ما تبقّى من قدراتهم المعيشية، وبغياب أيّ استراتيجية حماية اجتماعية تقيهم شرّ السقوط. وارتفاع الأسعار لن يبقى محصوراً بالمحروقات، بل سيتعدّاه إلى سلعٍ وخدماتٍ مُرتبطة بها. وهذا ما سيُثلج قلب رياض سلامة. فحاكم مصرف لبنان يُطبّق منذ سنوات سياسة تصحيح ميزان المدفوعات عن طريق خفض الاستهلاك والحدّ من الاستيراد، من دون أن يشمل ذلك تحويله الدولارات إلى الخارج (التحقيق سيكشف كم حوّل إلى حساباته وحسابات شقيقه ومساعدته ومديري المصارف والسياسيين ورجال الأعمال والتجّار وكلّ المحظيين لديه). يرى سلامة أنّ وقف دعم الاستيراد وارتفاع الأسعار سيدفعان الشريحة الأكبر من الناس إلى اقتصار استهلاكها على الأساسيات، وحتى التقنين في ذلك. فأتت السلطة الحالية لتُسهّل له مهمّته بورقة رسمية صادرة عنها، ولكن يتمّ تسويقها على أنّها «خدمة» للناس في الأشهر الثلاثة المُقبلة. وتُفيد المعلومات بأنّ استيراد المحروقات وفق سعر صرف 3900 ليرة سيكون البداية، «لأنّ سلامة يسعى ليُصبح هذا السعر بديل الـ 1500 ليرة في كلّ عمليات الاستيراد والتعاملات الرسمية».

يسعى سلامة ليحلّ سعر صرف 3900 محلّ الـ 1500 ليرة

الشرك الأكبر الذي أوقعت السلطة نفسها به، هو توريطها من قِبَل سلامة في تحميلها مسؤولية كلّ دولارٍ يخرج من حسابات مصرف لبنان لينفض يديه من المساءلة. منذ تولّيه وظيفته، يطلّ سلامة في مقابلات وخطابات ليؤكّد على «استقلالية قرار المصرف المركزي». ولكن بعد انهيار الليرة، والاشتباه فيه قضائياً في عواصم أساسية، وانكشاف مخالفاته المُرتكبة في مصرف لبنان، أصبح سلامة يُريد أن تُحدّد له الحكومة كيف يصرف أموال حساب «التوظيفات الإلزامية»، علماً بأنّ سلامة كان يحجب معلومات هذا الحساب عن أعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان، ويمنعهم من معرفة الرقم الذي يتضمّنه وكيفية التصرّف به، رغم أنّه يندرج في صلب صلاحياتهم. يكذب حين يُروّج ــــ وأعضاء حزب المصرف الآخرين ــــ بأنّ هذه «أموال المودعين» ولا يستطيع التصرّف بها من دون غطاء قانوني. هل أموال المودعين هي عبارة عن 14 مليار دولار فقط؟ أين ذهبت الـ 90 مليار دولار الأخرى؟ وما الذي يمنع المصارف من ردّها إلى أصحابها؟ ومن أجبرها على إيداع كلّ المبالغ ــــ بما يفوق نسبة «التوظيفات الإلزامية» المفروضة عليها، لدى مصرف لبنان؟ سلامة لم يُبالِ يوماً بـ«حماية أموال المودعين»، ولطالما اعتبرها توظيفات يستطيع التصرّف بها كما يشاء من دون مراقبة. ولكن اليوم كلّ هدفه نزع المسؤولية عنه، وتسجيل دَين على الدولة اللبنانية، يسمح له بتعزيز ادّعاءاته السابقة بأنّ «الدولة صرفت الأموال».

يُشير القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء إلى أنّ استيراد المحروقات سيتم على سعر صرف 3900 ليرة، وتأمين التغطية القانونية للحاكم حتى يستخدم جزءاً من أموال التوظيفات الإلزامية، واعتبار تأمين المحروقات لفترة ثلاثة أشهر بمثابة حلّ مؤقت ريثما يتمّ إعداد البطاقة التمويلية التي ستُقدَّم كبديل من الدعم. يوم الخميس المقبل، ستُعقد جلسة تشريعية ليُقرّ مجلس النواب مشروع البطاقة. ولكن ما هي آلية عمل قرار مجلس الوزراء؟ سيوفّر مصرف لبنان الدولارات لشركات استيراد المحروقات، التي ستدفع ثمنها وفق سعر صرف 3900 ليرة لكلّ دولار. هذه الليرات يودعها مصرف لبنان في حساب الخزينة العامة، ويٌسجّلها كدينٍ على الدولة. أما وزارة الطاقة، فتُحدّد سعر المازوت والبنزين وفق تسعيرة مصرف لبنان.

إذاً، قرّرت الحكومة الاستدانة لمصلحة الشركات الاحتكارية، وتحمّل الأعباء عنها، عِوض أن تأخذ قراراً جريئاً بالاستيراد المُباشر، بما يخفف الأسعار ونزف الدولارات.
أما وبعد انطلاق حكومة حسّان دياب في إنجاز «الأعمال القذرة» لرفع الدعم، بالنيابة عن المُتسبّبين بها وأحدهم رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، فهل سيُسهّل ذلك تأليف الحكومة؟ صحيحٌ أنّ هذا السبب ليس المُعرقل الوحيد للتأليف، لكنّه أحد الملفات التي لا يُريد الحريري أن يتولّاها.

 

"اللواء": الاحتكار يلهب الأسعار بعد الدولار
أهم ما في الصورة ان اللبناني بات لا يصدق الا ما ترى عيناه.. فعيناه ترى اسعاراً تتغير بين الثانية والثانية، وان أصحاب «الحوانيت الصغيرة»، باتوا يتفوقون على أصحاب «المولات» أو «السوبر ماركات» فهم جاهزون لإعادة النظر مع «رنة» أي تطبيق، تجبر إلى جنوح الدولار، بات أشبه «بالثور الهائج»، لا يقف عند حدّ، وكأن الدولار، والمعنيين بتثبيت سعره، أو التلاعب به، أصبح بمثابة «الجلاد» الذي لا يرحم الشعب اللبناني العاجز..

وعيناه لا ترى الا طوابير من السيّارات، تمتد وتمتد على «مدّ عينك والنظر» كما يقال، طمعاً بالحصول على نتف من البنزين، لوفرة بسيطة ما دام سعر الصفيحة سيرتفع إلى ما فوق الـ70 ألف ليرة لبنانية بين ليلة وضحاها، أي بدءاً من الأسبوع المقبل.

وعينا اللبناني تصدق ما شاهد، «البرادات» في المنازل، مع سائر الأدوات الكهربائية، معرضة للتلف، ودوران «موتورات الكهرباء» آخذ بالتراجع، فمن أين المازوت، وماذا عن اسعاره..

على الجهة السياسية، أهم من كل ما قيل أو يقال.. ما جاء في المؤتمر الصحفي المشترك لوزير الخارجية الأميركي انتوني ونظيره الفرنسي جان ايف لودريان حول لبنان، لجهة احياء الشراكة، بدءاً من لبنان.

وقال: يجب ممارسة المزيد من الضغوط على المسؤولين اللبنانيين، والشعب اللبناني يطالب بإنهاء الفساد الذي تمارسه الطبقة السياسية الحاكمة.

وأكّد لودريان ان باريس وواشنطن ستتحركان معا للضغط على المسؤولين عن عرقلة حول الأزمة في لبنان، معلنا في المؤتمر الصحفي المشترك: نعم، نعلم من هؤلاء..

وفي تطوّر يعكس حجم التقاطع الأميركي- الفرنسي حول لبنان، لجهة مواجهة الفساد والضغط على الطبقة السياسية لتأليف الحكومة، بعيدا عن الضغوط والتأثيرات الإيرانية.

فقد التقى بلينكن الرئيس ايمانويل ماكرون في قصر الاليزيه حيث تمّ البحث في كيفية التعامل مع النفوذ الروسي في المنطقة، والأزمة المستفحلة في لبنان.

واعتبرت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان إطلالة السيد حسن نصر الله بالامس لم تحمل معها مؤشرات واعدة لاخراج عملية تشكيل الحكومة من دوامة التعطيل المتعمد، بل أعطت انطباعا تشاؤميا باستمرار الدوران فى الحلقة نفسها الى امد غير معروف. ومن وجهة نظر المصادر فإن ما استوجب كلام نصرالله  في هذا الظرف بالذات، هو للرد على موقف رئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل الذي خاطب فيه الامين العام مباشرة ورمى في ملعبه كرة التشكيل بالكامل، بكل ما تختزنه من مكنونات العرقلة والتعطيل وانعكاساتها السلبية بالداخل والخارج على حد سواء.

وشددت على ان نصرالله  الذي  استعمل لغة تقاربية بالشكل  وليست صدامية، رد كرة النار الى باسيل، باسلوب هادىء يحمل في طياته، رفضا قاطعا لهذا الاسلوب بالتعاطي معه، مبررا  بأن اولويات وحسابات الحزب تختلف عن حسابات رئيس التيار الوطني الحر بالنسبة لملف تشكيل الحكومة الجديدة. ولكن بالمقابل لوحظ ان نصرالله حاول تنفيس الحملة التي استهدفت باسيل بعد تفويضه لنصرالله بتحصيل حقوق المسيحيين في تركيبة الحكومة الجديدة، ولا سيما بالوسط  المسيحي، وفاقت نقمتها ما اضر برئيس التيار الوطني خلال انتفاضة ١٧ تشرين الاول عام٢٠١٩، وتمددت لتطال العديد من رجال الدين المسيحيين هذه المرة.. وخلصت المصادر الى القول بأن كلام الأمين العام لحزب الله ابقى علاقات الحزب مع سائر الاطراف الأساسيين المعنيين بعملية التشكيل متوازنة وفي موقع متقارب من بعضهم البعض. كما تضمن كلام نصراللة، حيزا من القلق جراء تدهور الاوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية وبدا متهيبا لما يمكن ان يتسبب فيه من تداعيات خطيرة على  الوضع العام بالبلد. والملاحظ ان اطلالة نصرالله كان سبقها بساعات صدور بيان مشترك أميركي فرنسي، يتناول ازمة تشكيل الحكومة وتعقيداتها ويحمّل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية مباشرة عن تعطيل تشكيل الجديدة، وما يعنيه، وما يمكن ان يتسبب به سلبا او ايجابا على لبنان.

 

"الجمهورية": واشنطن وباريس تستعجلان الحكومة
صحيفة "الجمهورية" أشارت إلى الوضع اللبناني الذي كان حاضراً أمس على الخط الاميركي - الفرنسي من زاوية حرص البلدين على استقرار لبنان، والتعجيل بتشكيل حكومة وإجراء اصلاحات ومكافحة الفساد.

وقال وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، خلال استقباله نظيره الاميركي انطوني بليكن في باريس أمس: «قررنا التعاون مع الولايات المتحدة بخصوص الازمة التي يغرق فيها لبنان منذ أشهر». وأضاف: «يجب ممارسة الضغوط على السياسيين اللبنانيين لإنهاء المأساة التي تعيشها بلادهم. نلاحظ معاً المأساة التي يمكن أن تحصل في حال تفتّت هذا البلد أو زال، وقررنا أن نتحرك معاً للضغط على المسؤولين عن الأزمة ونحن نعرفهم».

بدوره، قال بلينكن: «ناقشتُ مع الوزير لودريان الأزمة في لبنان، والشعب اللبناني يطالب بإنهاء الفساد الذي تمارسه الطبقة السياسية». وأضاف: «نبحث عن قيادة حقيقية في لبنان لمساعدته».

وأردف قائلاً: «فرنسا حليف تاريخي وسنعيد الشراكة معها، ويجب ممارسة المزيد من الضغوط على المسؤولين اللبنانيين».

وفي موقف لافت للسفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، بعد عودتها من زيارة الى واشنطن، أكدت انّ «لبنان بأمسّ الحاجة إلى حكومة متمكّنة تماماً تلتزم بإجراء الإصلاحات» واشارت الى أنها مع الرؤية التي عبّر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مبادرته، عندما قال إنّ ما يحتاجه لبنان فعلاً هو حكومة مَهمّة.

وحول الثلث المعطّل، قالت شيا: «لا أعلم ما هو الدافع وراء الثلث المعطّل، وقد سمعت ادعاءات بأن لا أحد يسعى إليه وإن كان ذلك صحيحاً فهو رائع، لكن حين أقوم بالحسابات غالباً ما أتوصّل إلى هذا «الرقم السحري». ولفتت إلى أنّ الثلث المعطل يتعارض مع حكومة المَهمّة ومع الرؤية التي عبّر عنها الرئيس ماكرون.

وأوضحت أنّ «الولايات المتحدة تنظر إلى أي محاولة لتعطيل الحكومة على أنها معارضة لنوع الحكومة التي يحتاجها لبنان خلال هذه الأزمة».

وعن تقييم عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، قالت: «تعاملتُ كثيراً مع فخامة رئيس الجمهورية وهذا دوري كسفيرة فهو رئيس دولتكم، لكن سأترك هذا السؤال للشعب اللبناني لكي يقيّم أداءه». وأضافت: «أتعامل مع قائد الجيش جوزف عون بمنصبه الحالي، ولا أمتلك أي رأي عمّا إذا من الممكن أن يكون مرشحاً مناسباً لرئاسة الجمهورية لكنّه شريك جيّد لنا في منصبه الحالي كقائد للجيش».

وعن تفريغ شحنات نفط إيرانيّة في مرفأ بيروت، اعتبرت أنّ «هذا ليس حلاً بالفعل، وإذا تخلّصتم من الفساد المستشري في قطاعي الطاقة والكهرباء فستُحلّ نصف المشكلة على الفور».

الفاتيكان

الى ذلك، أكد وزير خارجية الفاتيكان بياترو كاليغر «أنّ الكرسي الرسولي ليس بمقدوره وحده مساعدة لبنان، لذلك يرى أنه على الأسرة الدولية كلها أن تقف إلى جانب هذا البلد».

وقال: «أردنا من لقاء 1 تموز تكوين رؤية مشتركة مع رؤساء الطوائف، ليكون لدينا وضوح في الرؤية ولنتحرّك كما يجب».

وقد شارك كلّ من أمين السر في حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، رئيس مجمّع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، ووزير خارجية الفاتيكان، في مؤتمر صحافي عن لبنان، وأكد المسؤولون الثلاثة أهمية اللقاء في 1 تموز، بأنه لن يقتصر على الصلاة فقط بل ستتبعه سلسلة من المبادرات التضامنية.

وفي هذا الاطار، سلّم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور جيوسيبي فرانكوني رسالة الى قداسة البابا فرنسيس، واكد انّ «اللبنانيين ينظرون بكثير من الامل والرجاء الى اللقاء الذي دعا اليه قداسته القيادات الروحية المسيحية اللبنانية في 1 تموز المقبل، لا سيما انّ لبنان يعيش في ظروف صعبة يحتاج فيها الى دعم الدول الشقيقة والصديقة وفي مقدمها دولة الفاتيكان». واكد المونسنيور فرانكوني انّ البابا فرنسيس «يولي اهتماماً خاصاً بلبنان، وانّ اللقاء المرتقب في 1 تموز المقبل سيكون فرصة لتأكيد موقف الكرسي الرسولي حيال لبنان واللبنانيين».

الدولارالمحروقات

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل