لبنان
الحكومة تستكمل جلساتها.. وهوكشتاين غداً في بيروت
تناولت الصحف الصادرة في بيروت موضوع استكمال الحكومة لجلساتها غدًا وعلى جدول أعمالها 67 بنداً، إضافة لجلسة يوم الخميس في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاستكمال دراسة الموازنة وإحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها والتصويت عليها.
إلى ذلك، بات من شبه المؤكد الموعد المفترض لقدوم الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين إلى بيروت، حيث يزور المسؤول الأمريكي لبنان قادمًا من الأراضي المحتلة، من أجل استكمال التفاوض في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وكيان العدو الإسرائيلي.
"الأخبار": هوكشتين في بيروت غداً: حلّ للحقول المشتركة مقابل خط الـ29
غداً هو الموعِد المفترض لقدوم الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين إلى بيروت لاستكمال التفاوض في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي. تعدّدت الروايات حول ما قد يحمله الموفد الأميركي، وخصوصاً أن لبنان استبقَ الزيارة بموقف متطور، فيما كشفت معلومات أن «الأميركيين بدأوا يستطلعون موقف حزب الله من الملف»، وتحديداً في ما يتعلق بالحقول المشتركة.
بعدَ أكثر من تأجيل، يصل الى بيروت بعد ظهر غد وسيط الترسيم البحري بين لبنان والعدو الإسرائيلي، عاموس هوكشتين في زيارة سريعة تنتهي مساء الأربعاء. ويشمل جدول أعماله اجتماعاً مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحضور وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وآخر مع وزير الطاقة وليد فياض، ثم زيارة لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولقاء مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، وعشاء عمل لدى مستشار رئيس الجمهورية للملف الحدودي النائب الياس بوصعب.
المعلومات المتوافرة تركز على أن هدف الزيارة البحث عن حل «يسمح للجانبين باستخراج الغاز من المناطق المتنازع عليها». وهو سيزيد من الضغط في هذا المجال ربطاً بالتطور الذي حصل على صعيد موقف لبنان، وتمثّل بالرسالة اللبنانية التي أرسلت إلى الأمم المتحدة أخيراً، مثبتة حق لبنان وفق الخط 29، رداً على كتاب أرسله رئيس بعثة «إسرائيل» في الأمم المتحدة جلعاد أردان في كانون الأول الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اعترض فيه على فتح لبنان دورة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية (أعلن عنها وزير الطاقة في تشرين الثاني الماضي). وقد جدّد رئيس البعثة الإسرائيلية تمسّك العدو بمساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً ما بين الخطين 1 و23، محذِّراً من القيام بأي أعمال استكشاف.
في ضوء المجريات التي أحاطت بهذا الملف والجدال الكبير بشأن الخط 29 وتقاعس الدولة اللبنانية عن تعديل المرسوم 6433، جاءت الرسالة اللبنانية مفاجئة. فللمرة الأولى، يُعلِن لبنان بشكل رسمي بأنه يعتبر حقل «كاريش» منطقة متنازعاً عليها، وبالتالي لا يُمكِن لإسرائيل الاستمرار بعمليات التنقيب فيه أو البدء بعمليات الاستخراج. إذ نصّت الرسالة التي وجّهتها سفيرة لبنان في الأمم المتحدة آمال مدللي الى رئيس مجلس الأمن الدولي، حرفياً، على أنه «احتراماً لمبدأ الخط التفاوضي (أي الخط 29) الذي لم تتوصّل إليه بعد المفاوضات غير المباشرة، لا يُمكِن الادعاء بأن هناك منطقة اقتصادية خالصة مُثبتة، بعكس ما ادّعى الجانب الإسرائيلي بشأن ما يُسميه (حقل كاريش)، ما دفعَ لبنان إلى الاعتراض الرسمي بموجب الرسالة على أي أعمال تنقيب في المناطق المتنازع عليها تجنباً لخطوات قد تشكّل تهديداً للسلم والأمن الدوليّين».
وعلى قدر المفاجأة التي خلّفتها الرسالة، طُرِحت الأسئلة عن سببها وتوقيتها والخلفيات التي انطلق منها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون (الرسالة أتت بتوجيه منه)، وخصوصاً أن الأطراف المعنيين بالملف لم يكونوا على عِلم بها، لا في قيادة الجيش ولا في عين التينة، حتى رئيس الحكومة لا يوحي بأنه كان مشاركاً في القرار، علماً بأنه لا يستبعد أن يكون في أجوائه.
وبما أن الرسالة ليست مرسوماً حاسماً، فهذا يقلّل من قوة مفاعيلها القانونية، ويعطيها بعداً تفاوضياً. لكن ذلِك لا يُلغي أهميتها لناحية تطور الموقف اللبناني، الذي ظهر سابقاً على شكل تخاذل وضعف رسميين، ونقص حتى في الخبرة التفاوضية وعدم استخدام أوراق القوة الموجودة لدى لبنان، الى درجة أن العدو تصرّف على أساس أن لبنان سيبدأ التفاوض من الخط 23 وأنه أسقط الخط 29 من اعتباراته وتخلّى عن فكرة تعديل المرسوم، ما يعني في النهاية القبول بـ«خط هوف». لكن الخلل السياسي يتعلق بكون الرسالة المقررة لم تحظ بنقاش وإجماع مسبق بين الأطراف المعنية، ما أظهر مخاوف جهات بارزة من أن تتسبّب بوقف المفاوضات وإلغاء هوكشتين زيارته أو تأجيلها مجدداً، بعدَ تفسير الرسالة كأنها «تصعيد في الموقف اللبناني». بينما تقاطعت المعلومات حول «عدم معرفة ما سيحمله الوسيط الأميركي معه إلى بيروت، وعمّا إذا كان قد توصّل مع الإسرائيليين إلى طرح معيّن سيعرضه على المسؤولين اللبنانيين».
وفي هذا الإطار، كرّر مطّلعون على الملف وعلى صلة بمسؤولين أميركيين، أن «الوسيط الأميركي، كما العدو الإسرائيلي، تجاوزا مسألة ترسيم الخطوط». فـ«المفاوضات التي يقوم بها تتعلّق بتقاسم الموارد في الحقول المشتركة تحت سطح الماء، من خلال تكليف شركات بمهمة الإنتاج وتقسيم العوائد، وهو طرح هوكشتين القديم»، مشيرة إلى أن جولاته تستهدف التوصل إلى آلية للتقسيم لا إلى الترسيم.
ويعزّز هذا الرأي ما نقله مراسل موقع «أكسيوس» الأميركي في تل أبيب، باراك رافيد، الذي اعتبر أن أهمية أي اتفاق «تكمن في الاتفاق على منطقة متنازع عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط بما يسمح للبنان بالتنقيب عن الغاز الطبيعي». ونقل المراسل عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار أبلغت هوكشتين حين التقته، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل تريد صفقة، وهي مستعدة للنظر في حلول مبتكرة طالما يتمّ الحفاظ على مصالحها الأمنية والاقتصادية».
التفاوض يتعلّق بتقاسم الموارد في الحقول المشتركة تحت سطح الماء
تشديد الهرار على مصالح العدو الأمنية والاقتصادية، سببه الخوف من ردّ فعل المقاومة على أي تهوّر «إسرائيلي»، فضلاً عن أن عدم وجود اتفاق من شأنه أن يرفع مخاطِر العمل في أي منطقة متنازع عليها (استكشاف وإنتاج) ويؤدي الى تردّد الشركات العالمية في إبرام عقود عمل. وهذا الكلام (المنقول في الموقع الأميركي) تزامن مع معلومات «الأخبار» عن «جولة استطلاع قامَ بها مسؤولون أميركيون مع عدد من الجهات اللبنانية لاستكشاف موقف حزب الله من الترسيم»، وهؤلاء «يحاولون رسم تصوّر عن الطريقة التي يُمكن أن يتعامل بها الحزب في حال حصول تسوية حول الحقول المشتركة، وخاصة أنه يدخل في إطار التطبيع الاقتصادي، فكيف ستكون ردّة الفعل؟». وفي الإطار، أشارت المعلومات إلى أن «خيار الاستعانة بشركة إماراتية للعمل في المنطقة المتنازع عليها تراجع هذه الفترة، مخافة من استهداف معين، وخاصة مع عودة الإمارات إلى التورط في اليمن، مقابل عودة التداول باسم شركة (هاليبرتون) الأميركية، التي سبقَ أن منحها العدو ترخيصاً لبدء حملة تنقيب على الحدود مع لبنان».
"البناء": الراعي مدافعاً عن سلامة: لا يجوز تحميل فرد مسؤوليّة الفساد
على المستوى الحكومي جلسة للقضايا الإجرائية تليها الخميس جلسة للموازنة، في ظل خلاف حول مصير سلفة الكهرباء ومبدأ ضمها للموازنة او فصلها عنها، بانتظار مساعٍ يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، بينما قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تتفاعل خارجياً أمام الملاحقات القضائية في جنيف وباريس وبروكسيل، وملاحقة القاضيين غادة عون وجان طنوس لسلامة داخلياً، وكان لافتاً تصدّر الموضوع لخطبة البطريرك بشارة الراعي، ومهاجمته للقضاة وتبنّيه الدفاع عن سلامة بقوله لا يجوز تحميل الفساد لفرد.
يفتتح هذا الاسبوع بجلسة لمجلس الوزراء يوم غد الثلاثاء، وعلى جدول أعمالها 67 بنداً، تتعلق باتفاقات تمويل، وبرتوكولات تعاون وإعلانات دبلوماسية، ومشاريع قوانين حفظ الطاقة، وإنتاج الطاقة المتجدّدة واقتراح قانون لإلغاء القانون المتعلّق بتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية، وإعادة العمل بالقانون رقم 528 الصادر سنة 2001 بما يتعلّق بصلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز، الموافقة على قبول منحة من جمهورية الصين الشعبية، وانضمام لبنان إلى اتفاقية إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البُنى التحتية، إضافةً إلى بنود ذات صلة وظيفية وتربوية ومالية، ونقل اعتمادات وغيرها.
أما يوم الخميس، فتعقد جلسة لمجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاستكمال دراسة الموازنة وإحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها والتصويت عليها. واشارت مصادر وزارية لـ»البناء» الى ان جلسة الخميس سوف تمر بهدوء من دون ان تحسم المصادر عدم طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سلفة الكهرباء، مشيرة الى ان مشروع الموازنة يحاكي الواقع الراهن ويحاول الموازنة بين تحقيق الإيرادات من جهة ومساعدات القطاع العام من جهة أخرى، لافتة الى ان الدولار الجمركي سيفرض على ما يُعرَف بالكماليات وفق سعر منصة صيرفة.
الى ذلك، يصل إلى بيروت غداً المنسق الاميركي لشؤون الطاقة الدولية والوسيط في موضوع ترسيم الحدود البحرية آتياً من تل أبيب حيث يحمل معه رداً رسمياً إسرائيلياً على الشروط اللبنانية التي تُعيد الوفد اللبناني الى طاولة المفاوضات في موضوع ترسيم الحدود البحرية، في ظل بعض المعلومات التي تشير الى اقتراح الإبقاء على خط 23، وإلغاء الخط 29، والتأكيد على حق لبنان بمساحة 860 كيلومتراً مربعاً، اضافة إلى ضمان أن يكون حقل «قانا» بالكامل من حصة لبنان وحقل «كاريش» لـ»إسرائيل».
وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين أن «الرسالة التي أودعها لبنان إلى مجلس الأمن ليست وثيقة سرية، بل هي ورقة رسمية صدرت وعممت على كافة أعضاء مجلس الأمن كوثيقة من وثائق مجلس الأمن تحت الرقم S/2022/84 بتاريخ 2 شباط 2022، وتم نشرها حسب الأصول».
وفي وقت سابق أكدت المندوبة الدائمة للبنان في الأمم المتحدة السفيرة أمال مدللي، في رسالة لرئيسة مجلس الأمن منى جول، أنه «احترامًا لمبدأ «الخط التفاوضي» الذي لم تتوصل اليه بعد المفاوضات غير المباشرة، لا يمكن الادعاء بأن هناك منطقة اقتصادية اسرائيلية خالصة مثبتة، بعكس ما ادعى الجانب الاسرائيلي بشأن ما يسمّيه «حقل كاريش»، مما دفع لبنان الى الاعتراض الرسمي».
كما شددت على أنه «ما زال لبنان يعول على نجاح مساعي الوساطة التي يقوم بها الوسيط الاميركي، ويؤكد الالتزام بالتوصل الى حل «تفاوضي» لمسألة الحدود البحرية، برعاية الامم المتحدة، ما يعني معاودة المفاوضات من حيث توقفت بمعزل عن أية شروط مسبقة سوى الالتزام بالقوانين الدولية المرعية الإجراء. في هذا السياق، نذكر أنه لحينه لم يقم لبنان بأية خطوات إضافية احتراماً لمبدأ الوساطة».
وبحسب مصادر مطلعة لـ»البناء» فإن الرسالة هدفت الى رفع السقف من اجل الوصول الى ما يبتغيه لبنان من المفاوضات، وبالتالي خلق ما يسمّى التوازن التفاوضي مع اشارة المصادر الى ان الرسالة تؤكد تمسك لبنان بحقوقه التي قدمها تصور الوفد العسكري، خاصة أن لبنان لم يوافق حتى الساعة على الطرح الاميركي القائم على معادلة الحقول.
وكان مجلس الأمن الدولي شدد على ضرورة التحقيق في حوادث الاعتداء على قوات اليونفيل. وقال نص مجلس الأمن: «نظرًا لأن اللبنانيين يواجهون احتياجات ماسة، وقد عبروا عن تطلعات مشروعة للإصلاحات والانتخابات والعدالة، فقد حث أعضاء مجلس الأمن على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة من قبل الحكومة لاتخاذ إجراءات، بما في ذلك الاعتماد السريع لميزانية مناسبة لعام 2022، من شأنها أن تمكن من إبرام اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي. علاوة على ذلك، أكدوا بإلحاح الحاجة إلى تنفيذ إصلاحات ملموسة سبق تحديدها وضرورية لمساعدة الشعب اللبناني. كما شددوا على أهمية تنفيذ تلك الإصلاحات من أجل ضمان الدعم الدولي الفعال».
وشدّد أعضاء مجلس الأمن على أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وشاملة كما هو مقرر في 15 أيار 2022، ودعوا الحكومة اللبنانية لتمكين هيئة الإشراف على الانتخابات من تنفيذ ولايتها، وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن أسفهم للحوادث التي وقعت في 22 كانون الأول 2021، و4 و13 و25 كانون الثاني في منطقة عمليات اليونيفيل. وأشاروا إلى ضرورة أن تضمن جميع الأطراف سلامة وأمن أفراد اليونيفيل، واحترام حريتهم في الحركة بشكل كامل ومن دون عراقيل. وشددوا على ضرورة إجراء تحقيق سريع ومستقل ونزيه وشامل وشفاف في التفجيرات التي ضربت بيروت في 4 آب 2020.
وأعاد أعضاء مجلس الأمن تأكيد دعمهم القوي لاستقرار لبنان وأمنه وسلامة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي، بما يتفق مع قرارات مجلس الأمن 1701 (2006) و1680 (2006) و1559 (2004) و2591 (2021)، وكذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبيانات رئيس مجلس الأمن بشأن الوضع في لبنان. ودعا أعضاء مجلس الأمن جميع الأفرقاء اللبنانيين إلى تنفيذ سياسة ملموسة للنأي بالنفس عن أي صراعات خارجية، كأولوية مهمة، على النحو المنصوص عليه في الإعلانات السابقة، ولا سيما إعلان بعبدا 2012.
وطالب البطريرك الماروني بشارة الراعي بمحاكمةِ جميعِ الفاسدين الذين بدّدوا المال العام وأوصلوا البلاد إلى الانهيار السياسيّ والاقتصاديّ والماليّ، لا أن تَنتقيَ السلطةُ شخصًا واحدًا من كلِّ الجُمهوريّةِ وتُلقيَ عليه تبعاتِ كلِّ الأزْمةِ اللبنانيّة وفشلِ السنوات الثلاثين الأخيرة، كما قال. واضاف: «هذا أفضلُ أسلوبٍ للتغطيةِ على الفاسدين الحقيقيّين وتهريبِهم من وجهِ العدالة، وأقصر طريق لضرب ما بقي من النظام المصرفيّ اللبنانيّ، وتعريض بعض المصارف للإفلاس، وضياع أموال المودعين. ينبغي التنبّه إلى مخطّط يستهدف استكمال الانهيار». وشدد الراعي على عدم التلاعب بالموعد المحدّد لإجراء الانتخابات النيابيّة في 15 أيّار المقبل، خصوصاً أنها ضمانة للانتخابات الرئاسيّة في تشرين الآتي.
"الجمهورية": مذكرة للخط 29 تسبق هوكشتاين .. وتشديد دولي على الإنتخابات
يشهد الأسبوع الطالع جملة من التطورات التي ستراوح بين استكمال إنجاز مشروع الموازنة العامة للدولة لسنة 2022 وإحالتها الى مجلس النواب، وبين الاهتمام باستحقاق الانتخابات النيابية التي بدأت الاستعدادات السياسية والانتخابية لها ترتفع وتيرتها، على وقع مواقف دولية تحذّر من عواقب تعطيلها، وبين استكشاف مصير ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، من خلال زيارة الوسيط الاميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل في شأن هذه الحدود. وكل ذلك يجري في ظل استمرار الانهيار المالي والاقتصادي، وما يرافقه من تدهور في اوضاع اللبنانيين المعيشية والمالية نتيجة الجشع المستفحل في الاسعار، في ظلّ عجز السلطة الفاضح عن وضع حدّ له.
دخل مجلس الأمن الدولي على خط دعوة السلطة في لبنان إلى «إجراء انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة وشاملة كما هو مقرّر في 15 أيار 2022»، وتُضاف هذه الدعوة إلى المواقف الدولية الصادرة بالمفرّق عن مسؤولين غربيين يشدّدون على ضرورة إتمام الانتخابات في وقتها، رفضاً لأي تمديد للمجلس النيابي الحالي تحت اي عنوان.
ومن الواضح، انّ التشديد الدولي على إجراء الانتخابات ستّتسع رقعته في ظل المخاوف من تطييرها من ثلاثة أبواب كَثر الحديث عنها أخيراً:
ـ الباب الأمني، مع حصول اغتيالات او أحداث أمنية تطيح الانتخابات التي لا يمكن إجراؤها وسط أوضاع غير مستقرة أمنيًا.
ـ الباب الاجتماعي، مع دفع الأوضاع المالية والاقتصادية نحو مزيد من التأزُّم وجرّ البلاد إلى فوضى اجتماعية تطيح الانتخابات.
ـ الباب الاغترابي، مع تطيير تصويت المغتربين والعودة إلى الدائرة 16 وما تعنيه من إعادة فتح باب المِهل والتسجيل، فيما الفترة القصيرة الفاصلة عن الانتخابات لا تسمح بذلك، ما يعني تأجيل الانتخابات من هذا الباب او حرمان المغتربين من التصويت في بلدهم ودوائرهم.
حماوة سياسية
وفي موازاة المخاوف من التمديد لمجلس النواب، فإنّ عنوان المرحلة المقبلة سيكون الحماوة السياسية على ثلاثة مستويات أساسية:
ـ المستوى الأول بين القوى السياسية مع الاقتراب أكثر فأكثر من موعد الانتخابات، حيث من المتوقّع ان تستعر الحملات السياسية كون الانتخابات تجري على وقع انقسام سياسي كبير.
ـ المستوى الثاني شعبي بامتياز، بسبب استمرار التدهور المالي والاقتصادي وغلاء الأسعار وغياب المعالجات، حيث من المتوقّع ان تتواصل حركة الاحتجاجات والتظاهرات وتزيد وتيرتها.
ـ المستوى الثالث دولي بامتياز، مع بيان مجلس الأمن الذي دعا إلى ضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، والورقة الخليجية التي تبنّت القرارات الدولية وفي طليعتها القرار 1559، والمواقف الدولية الصادرة عن مرجعيات دولية تُظهر انّ لبنان في قلب الاهتمام الدولي، وهناك من يتوقّع اتساع رقعة هذه المواقف وتقدّمها، بالتزامن مع تقدُّم المفاوضات النووية، خصوصاً مع اعتبار الدول الخليجية انّ سلاح «حزب الله» أصبح يشكّل خطراً على استقرار المنطقة ولم يعد ممكنًا التغاضي عنه.
جلستان لمجلس الوزراء
وفي هذه الاجواء، يستعد لبنان للخوض في ملفات عدة أبرزها ملف الموازنة العامة للعام 2022، التي سينهي مجلس الوزراء البت بأرقامها النهائية الخاصة بالرسوم الجديدة قياسًا على الدولار الجمركي ولوائح الإعفاءات للمواد الغذائية والأدوية والمواد الأولية المستوردة للصناعة الوطنية، في جلسة تُعقد غدًا الثلثاء في السرايا الحكومية، الى جانب جدول أعمال حافل بالقضايا الإدارية والمالية المتراكمة نتيجة الشلل الذي أصاب الحكومة على مدى ثلاثة أشهر متواصلة.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون توافق ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأسبوع الماضي على جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل في القصر الجمهوري، للبت بالصيغة النهائية لمشروع قانون الموازنة وإحالته الى مجلس النواب، حيث سيخضع للنقاش في لجنة المال والموازنة ثم في لجنة الادارة والعدل قبل اللجان المشتركة فالجلسة العامة للمجلس.
الثنائي
وقالت مصادر «الثنائي الشيعي» لـ «الجمهورية»، انّ موقفه الذي عاود على أساسه المشاركة في جلسات مجلس الوزراء واضح ولا لبس فيه. وزراؤه سيشاركون في كل جلسة للمجلس تدخل محاورها في إطار الموازنة العامة للدولة او خطة التعافي الاقتصادي او في الإطار الأوسع، وهو كل ما يساهم في تحسين الاوضاع الحياتية والاجتماعية والصحية للبنانيين.
وإنّ البنود المطروحة على جلسة غد الثلاثاء تدخل في شكل او آخر ضمن تلك الأطر الثلاثة، ولهذا وجبت المشاركة.
وعلمت «الجمهورية»، انّ البند 16 من جدول اعمال الجلسة، والذي وضعه رئيس الجمهورية ويتعلق بانتزاع بعض صلاحيات المدّعي العام التمييزي وإعادتها الى وزير العدل كما كانت عليه عام 2001، لن يقرّه المجلس، لأنّ بعض القوى السياسية الأساسية غير موافقة عليه. فيما ينتظر ان يوافق المجلس على التمديد لشركة «ليبان بوست».
هوكشتاين والترسيم
على صعيد آخر، انتهت الإتصالات الجارية الى تحديد موعد جديد لزيارة الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل عاموس هوكشتاين إلى لبنان عصر غدٍ الثلثاء، وذلك لاستئناف البحث في مصير هذه المفاوضات التي تُجرى في الناقورة حيث مقر قيادة قوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) برعاية اميركية.
وفي المعلومات، انّ الجانب الاميركي اضطر الى استعجال تحديد موعد وصول هوكشتاين إلى بيروت، في أول ردّ فعل يمكن استكشافه نتيجة الرسالة التي أودعها لبنان لدى مجلس الأمن الدولي وكشف عنها نهاية الأسبوع الماضي، وبعدما أنهى هوكشتاين لقاءاته في اسرائيل التي امضى فيها اياماً عدة، وقد طلب مواعيد رسمية بدءاً من بعد غد الأربعاء على الرغم من كونه يوم عطلة لمصادفته عيد القديس مار مارون.
وعشية وصوله الى بيروت نُشرت الرسالة الرسمية التي اعدّتها وزارة الخارجية ورفعتها مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة امال مدللي الى المنظمة الدولية، وهي الأولى من نوعها منذ عام 2011 ، وذلك بناءً على توجيهات رئاسة الجمهورية، وتمثّل إعلاناً رسمياً صريحاً بنقل التفاوض في شأن الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية من الخطّ 23 إلى الخط 29، مع الإحتفاظ بحق تعديل المرسوم الرقم 6433 في حال المماطلة وعدم التوصّل إلى حل عادل.
وقالت مصادر مواكبة لحركة المفاوضات ليل امس لــ «الجمهورية»، إنّ الرسالة شكّلت خطوة ستغيّر من مهمّة هوكشتاين وتعطيها أبعاداً أخرى ذات تأثيرات بالغة الدقة والأهمية بالنسبة الى الموقف اللبناني، بعدما أدّت الى وقف كل التحضيرات الاسرائيلية المتصلة في منطقة انتقلت من اعتبارها بالمنطق الاسرائيلي «منطقة اسرائيلية اقتصادية خالصة « إلى صفة أخرى سبغتها عليها الرسالة وحوّلتها إلى «منطقة متنازع عليها» لا يمكن ان تشهد اي عمليات استكشاف وتنقيب لأي شركة أياً كانت هويتها.
وعلمت «الجمهورية» انّ مرجعاً بارزاً في 8 آذار أبدى ارتياباً حيال الوقائع التي رافقت توجيه مندوبة لبنان في الأمم المتحدة رسالة الى مجلس الأمن حول المفاوضات على الحدود البحرية مع الكيان الاسرائيلي.
واعتبر المرجع، انّ الرسالة «ملتبسة»، متسائلاً عن سبب إبقائها طي الكتمان منذ بدء تحضيرها في بعض الكواليس الى حين الكشف عنها عند توجيهها رسمياً الى مجلس الأمن. وأشار إلى أنّه يبدو أنّ عون وميقاتي شاركا في تحضير الرسالة، بينما لم يكن رئيس مجلس النواب نبيه بري مطلعاً على فحواها، ما يرسم بعض علامات الاستفهام حولها في الشكل والمضمون.
وإلى ذلك اصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بياناً قالت فيه:
«تداولت وسائل الإعلام رسالة موقّعة من قِبل مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك رداً على الرسالة الاسرائيلية التي تعترض على دورة التراخيص اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان، ملمّحة بأنّها وثيقة سرّية تمّ تسريبها. يهمّ وزارة الخارجية والمغتربين التأكيد أنّ الرسالة التي أودعها لبنان الى مجلس الأمن ليست وثيقة سرية، بل هي ورقة رسمية صدرت وعُمّمت على كافة أعضاء مجلس الأمن كوثيقة من وثائق مجلس الأمن تحت الرقم S/2022/84 تاريخ 2 شباط 2022، وتمّ نشرها حسب الاصول».
الموازنةالحكومة اللبنانيةترسيم حدود لبنان