معركة أولي البأس

لبنان

تأجيل الانتخابات البلدية عامًا.. وأزمة محروقات مجددًا
05/03/2022

تأجيل الانتخابات البلدية عامًا.. وأزمة محروقات مجددًا

اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بمقررات جلسة الحكومة أمس في بعبدا، والتي أقرّت تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية للعام القادم، في حين رحّلت موضوع "الميغاسنتر" للجلسة الحكومية التالية.
وكما كل العالم، لم تسلم البلاد من ارتدادات الأزمة في أوكرانيا، سواء على مستوى ارتفاع أسعار المحروقات أو التهديد الذي طال الأمن الغذائي، حيث يدور الحديث عن ارتفاع إضافي في أسعار المواد الغذائية لا سيما الأساسية منها.

 


"الأخبار": المخزون يكفي 10 أيام: معركة على التسعير اليومي للبنزين والمازوت

استعرت معركة المشتقات النفطية مجدداً. ففيما تتهم الوزارة التجّار بمحاولة الإثراء على حساب المستهلكين عبر المطالبة بتسعير يومي للمازوت والبنزين، يردّ هؤلاء بأنهم يسجّلون خسائر كبيرة بسبب التذبذبات السريعة والحادّة في الأسعار العالمية. وبين هذه وهؤلاء، تنصبّ المخاطر على المستهلك: إما ارتفاع الأسعار وإما انقطاع السلعة. فالمؤكد أن مسار الأسعار في الأيام المقبلة سيكون تصاعدياً مع تأثيرات مقلقة نظراً إلى انعكاساتها الهائلة على أكلاف الإنتاج، سواء لانتقال الأفراد أو لتوليد الطاقة عبر المولدات. فهل تكون الزيادة يومية كما يريدها المستوردون، أم ضمن مدى زمني أبعد لحماية المستهلكين؟

الإجابة تبدأ بالمخزون، وهو محور سجال بين الوزارة والشركات أيضاً. إذ يؤكّد وزير الطاقة وليد فياض أن مخزون المشتقات النفطية يصل إلى 10 أيام للبنزين ونحو 5 أيام للمازوت، في مقابل تأكيد الشركات أن مخزون المادتين لا يكفي سوى لأيام محدودة. إذ إن الكمية التي كانت متوافرة في خزّانات الشركات صباح أمس بلغت 60 مليون ليتر من البنزين، و40 مليون ليتر من المازوت، أي 6 أيام للبنزين و4 أيام للمازوت. ورغم عدم وجود فارق كبير في التقديرات، إلا أن يوماً أو اثنين في ظل الظروف القائمة في لبنان قد تعيد تسعير عمليات التخزين والبيع في السوق السوداء خلال ساعات، وخصوصاً أن الشركات يمكن أن تتوقف عن البيع بذريعة حماية مخزونها من الخسارة.

ولكن، هل تخسر الشركات فعلاً؟ لا أحد يملك جواباً واضحاً، سوى أن هناك انطباعاً بأن الخسارة ليست أمراً يدخل في حسابات الشركات التي يفترض أن تصرّح عن نتائجها المالية السنوية خلال السنوات العشر الأخيرة. هل هناك شركة خسرت في لبنان، أم أن أرباحها كانت دائماً مضمونة بما فيها في فترة الدعم؟ على أي حال، فإن احتمالات الربح والخسارة في ظل التذبذبات الحادّة والسريعة ليست مضمونة في الاتجاهين، بحسب رأي وزير الطاقة. لذا يستمهل فياض في الاستجابة لمطلب الشركات بالتسعير اليومي. فكما هو معروف، يرفع التسعير اليومي قيمة المخزون، ويحقّق للشركات أرباحاً طائلة من جيوب المستهلكين.
في المقابل، يقول رئيس تجمع الشركات المستوردة للمشتقات النفطية مارون شماس إن المخزون ضئيل جداً، وسعره محتسب على أساس متوسط الأسابيع الأربعة السابقة حين كانت الأسعار أقلّ بكثير، وبالتالي فإن التسعير اليومي يغطّي الفروقات في الأسعار بين المخزون القديم والكميات الجديدة المستوردة «لأنه في الحالة الراهنة، يصبح المخزون مبيعاً بالأسعار القديمة، بينما اشتريناه بأسعار أعلى».

التجار يحمّلون المستهلكين الأكلاف تحت التهديد بانقطاع السلع

غير أن كلام شمّاس يدحضه تجّار آخرون (رفضوا الإفصاح عن أسمائهم)، لفتوا إلى أن استيراد المشتقات النفطية يتم حالياً في السوق بأسعار أقلّ من أسعار البلاتس، وأن ادعاءات المستوردين بأن التسعير يتم بناءً على معادلة تسعير فيها ما بين 5 أيام و10 أيام قبل التحميل وما بين 5 أيام و10 أيام بعد التحميل بيوم، فيها الكثير من المواربة «إذ إن كل المسألة تتعلق بأن الأرباح تكون قليلة في البداية، وكلما جرى رفع التسعيرة انسجاماً مع ارتفاع الأسعار العالمية ترتفع الأرباح. فالتنافس في السوق يتعلق بمن يستفيد من المخزون: المستوردون أم التجار الوسطاء الذي يعمدون إلى شراء كميات كبيرة من المستوردين ويخزنونها مقابل بيعها لاحقاً بالتسعيرة الجديدة؟ وبالتالي، فإن التنافس يتمحور حول من يستفيد من أرباح الأسعار الجديدة».
رغم ذلك، ثمة شكوك بأن تذبذبات سريعة وحادة كالتي حصلت قبل يومين مثلاً حين ارتفعت أسعار المازوت بشكل كبير ثم انخفضت بعد ساعتين بقيم كبيرة تصل إلى 100 دولار للطن الواحد، ستكبّد من اشترى على التسعيرة المرتفعة خسائر هائلة مقارنة مع التسعيرة التي لا تأخذ هذه التقلبات في الأسعار.
على أي حال، لماذا يترتّب على المستهلك أن يتحمّل مخاطر التجارة التي ارتضى بها التجّار لأنفسهم؟ ألا تترتّب على أي تجارة في العالم مخاطر الربح والخسارة، وبالتالي عليهم أن يتكيّفوا مع احتمال ارتفاع المخاطر كما يتكيّفون مع احتمال انخفاضها؟ الإجابة الآتية من مستوردي المشتقات النفطية تشير إلى أن مسألة المخاطر صحيحة، إنما عندما تكون تذبذبات الأسعار بهذه الوتيرة يفضّل التجار التوقف عن الاستيراد، ما يعني نفاد المخزون سريعاً بكل ما يعني ذلك من انعكاس سلبي على الأفراد والأسر والمؤسسات أيضاً.


إذاً، مفروض على المستهلك أن يتحمّل المخاطر نيابة عن التجّار، وإلا ستنقطع السلعة من السوق. هذه هي المعادلة التي يقدّمها تجمّع مستوردي النفط. هم يريدون التسعيرة اليومية التي تحافظ على مستويات ربحيتهم بشكل مضمون. منحهم هذه الضمانة، أو اللجوء إلى آلية تسعير محايدة هو أمر بيد وزارة الطاقة، وربما يجب أن يصبح الأمر بيد مجلس الوزراء إذا كان هذا الأخير راغباً في إجراء «إصلاحات» في بنية الاقتصاد أو حتى إذا كان راغباً في مكافحة «الكارتيلات» بدلاً من الاستمرار في مشاركتها سراً وعلانية. لكن هذا لا يعني أن الأسعار ستنخفض بأي شكل من الأشكال، بل هي سترتفع حكماً في الأيام المقبلة، وقد تكون الارتفاعات حادّة ومقلقة أيضاً.

طليس من موقف إلى آخر
كان لافتاً أن يستند وزير الطاقة وليد فياض إلى تصريح من رئيس اتحاد النقل الخاص بسام طليس لمواجهة جموح مستوردي النفط نحو التسعيرة اليومية، لكن ما حصل لاحقاً بدا مستغرباً أكثر. إذ جرت اتصالات بين شماس وطليس، وتم الاتفاق مع الأخير على توضيح أن موقفه من ارتفاع أسعار البنزين والمازوت لا يقصد منع رفع الأسعار انسجاماً مع ارتفاع الأسعار العالمية. بعدها، أجرى طليس اتصالاً بالوزير، إلا أن الأخير لم يردّ.


"البناء": تأجيل الانتخابات البلديّة… والميغاسنتر للأسبوع المقبل
في لبنان تواصل السجال حول الموقف الذي اتخذته الحكومة من الحرب في أوكرانيا، وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إنه موقف مبدئي من دخول جيش دولة الى دولة أخرى، ما استدعى تساؤلاً نيابياً عن كيف يمكن على هذه القاعدة، تبرير الموقف الحكومي المؤيد التوغل السعوديّ الإماراتيّ في الأراضي اليمنيّة؟

حكومياً، تم تأجيل الانتخابات البلدية لمدة عام بموجب مشروع قانون سيرسل الى مجلس النواب، بينما تمّ إرجاء البتّ بمصير اعتماد الميغاسنتر في الانتخابات النيابية الى الأسبوع المقبل، وطفت على السطح أزمة تأمين الموارد الغذائية والنفطية في ظل الأزمات التي نتجت عن الحرب.

أعلن مجلس الوزراء تأجيل البحث بـ «الميغاسنتر» إلى الجلسة المقبلة، التي تم تحديدها يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا، وقرر المجلس تشكيل لجنة مؤلفة من وزراء العدل والثقافة والداخلية والمال والسياحة والاتصالات والتربية لتقديم تصور عن «الميغاسنتر» يبحث في الجلسة المقبلة.

وأقر مجلس الوزراء في جلسته العادية في بعبدا والتي عقدت برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء تأجيل الانتخابات البلدية بسبب عدم الجهوزية المادية والبشرية لذلك ويقترح إجراءها في 31 أيار 2023 على أن يحال هذا الاقتراح على مجلس النواب الذي هو سيد نفسه ويتخذ القرار المناسب.

وخلال الجلسة طرح ميقاتي ووزير الاقتصاد من خارج جدول الأعمال موضوع الأمن الغذائي ومخاطر عدم تأمين القمح وغيره في ظل الحرب على أوكرانيا على اعتبار أن الأمن الغذائي أولوية. وفي السياق، قرّر تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الاقتصاد وعضوية وزراء الصناعة والزراعة والدفاع والثقافة لمعالجة أزمة الأمن الغذائي وحماية الأسواق لجهة الاحتكار والتلاعب بالأسعار. وعلم أن وزير الاقتصاد سيتّخذ مطلع الأسبوع المقبل قراراً يقضي بتوقيف أذونات التصدير لعدد من المواد الأولية المهمة التي يصدرها لبنان وذلك إفساحاً في المجال أمام الاكتفاء الذاتي وحماية الاكتفاء المحلي.

ووفق المعلومات، سجل وزراء الثنائي الوطني اعتراضاً على مشروع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأميركية فقط لجهة ما سمّوه «وجوب الحفاظ على سيادة الدولة في حقها بتوزيع المساعدات على قواها الأمنية بإرادتها».

وتجدر الإشارة إلى أن خطة الكهرباء التي أضاف إليها وزير الطاقة وليد فياض بعض الكلمات في بعض البنود وصلت إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ولكن جدول الأعمال كان قد صدر، فلذلك لم تدرج عليه، وينتظر وزير الطاقة الآن تحديد موعد لجلسة تقر فيها الخطة بشكل نهائي.

وأجرى وزير العمل مصطفى بيرم مداخلة داخل جلسة مجلس الوزراء سأل فيها: «لماذا تتكرّر التجربة في موقف لبنان من الحرب بين روسيا وأوكرانيا بانحياز لبنان الذي لا يقدّم ولا يؤخّر إلا أضراراً على وضعنا الصعب والمعقد؟ ألا يستحق هذا الموقف أن يناقش في مجلس الوزراء لإخراجه بطريقة صحيحة، خصوصاً أننا اعترضنا على تصرّف وزير الخارجية سابقاً؟ وها هو الأمر يتكرر في تصويت الأمم المتحدة من دون أن يناقش في مجلس الوزراء؟ ألسنا معنيين جميعاً كمجلس وزراء في اتخاذ المواقف السياسية اللبنانية تجاه المواقف المختلفة؟».

وردّ ميقاتي: «روسيا ليس مقصودة ولا مستهدفة من البيان. نحن ضدّ أي تدخل دولي في أي دولة أياً تكن الدولة المتدخلة».

فقال بيرم لميقاتي عندما برّر بيان «الخارجية» «ما بلعتها» لماذا نتحدث عن نأي بالنفس بمواضيع ونغفل عنه في مواضيع أخرى؟

وكان ميقاتي عرض في مستهل مجلس الوزراء «الأسباب التي دفعت بلبنان إلى اتخاذ موقف من النزاع الروسي – الأوكراني»، وقال: «إن هذا الموقف ينطلق من سرد تاريخي لمواقف مبدئية اتخذها لبنان بإدانة أي دولة تغزو دولة جارة، علماً أن موقفنا من روسيا يقوم على ضرورة إقامة أفضل العلاقات معها».

كما عرض الرئيس ميقاتي «المداولات مع وفد وزارة الخزانة الأميركية والنقاط التي أثيرت خلالها، لا سيما لجهة مكافحة الفساد وتفعيل عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تم تشكيلها، وذلك في أسرع وقت لتأكيد جدية الدولة اللبنانية في مكافحة الفساد».

ولفت إلى أن «المساعدات الاجتماعية سيبدأ توزيعها الأسبوع المقبل»، منوّهاً بـ «جهود وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار للإسراع في تحقيق هذه الخطوة المهمة لمساعدة العائلات التي تعيش في ظروف صعبة جداً».

وأشار رئيس الجمهورية، في مستهل الجلسة، إلى أن «وفد صندوق النقد الدولي سلط الضوء على ضرورة إقرار خطة التعافي في أسرع وقت ممكن على أن تشمل الخطة إعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف، وتوحيد سعر الصرف، وتوزيع الخسائر، والإصلاحات المالية البنيوية اللازمة، وخطة لشبكة الأمان الاجتماعي»، وقال: «لقد شدد وفد صندوق النقد الدولي على ضرورة تأمين التوافق السياسي لإقرار خطة التعافي». وأكد أن «الوضع المالي دقيق جداً، ولا يحتمل أي تأجيل»، وقال: «أضع الجميع أمام مسؤولياتهم».

وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد خلال استقباله في قصر بعبدا وفد «الاتحاد الاوروبي» برئاسة السفير رالف طراف «أن العودة الى خيار التفاوض هو الافضل في حل النزاع القائم بين روسيا واوكرانيا، لأن اعتماد الوسائل السلمية يؤدي الى حقن الدماء ويجنب أية تداعيات تزيد الخلافات بين الدول عموماً والدول المجاورة خصوصاً».

وأشار الى «أن موقف لبنان كان دائماً ولا يزال ضد أي عمل حربي او اعتداء موجه ضد أية دولة حرة ومستقلة»، لافتا الى «أهمية اعتماد لغة الحوار والتضامن بين الشعوب والدول خلال الازمات والحروب».

وفي موسكو، التقى مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية أمل ابو زيد، الممثل الشخصي للرئيس الروسي في الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وتميّز اللقاء بـ»الودّي»، وتناول كل الجوانب المتعلقة بالأزمة الروسية الاوكرانية وتداعياتها على المستوى الدولي وتحديداً على منطقة الشرق الاوسط.

وتخلّل اللقاء بحث مطوّل حول موقف لبنان من الازمة بين روسيا واوكرانيا.

هذا عادت فجر أمس، دفعة جديدة من لبنانيي اوكرانيا إلى بيروت، من خلال تسهيلات قدمها أحد رجال الاعمال اللبنانيين هناك، الذي استضاف اعداد اللبنانيين الهاربين من القصف مجاناً في أحد الفنادق وأمّن لهم بطاقات سفر عودة الى لبنان، وذلك بالتنسيق مع الامن العام والهيئة العليا للإغاثة.

 

"الجمهورية": الحكومة تؤجّل البلديّات وترحّل "الميغاسنتر"
أُصيب العالم بالأمس، بحالة من الهلع النووي، بعد الإعلان عن استهداف مفاعل نووي في اوكرانيا، وهو الحدث الذي عزّز الشكوك في إمكان تطور العمليات الحربية في تلك المنطقة الى ما هو أخطر وأدهى. وإذا كانت موجة الهلع الأكبر قد تمدّدت خارج حدود روسيا وأوكرانيا، وضربت جيران هاتين الدولتين المتحاربتين، إلّا انّ ارتداداتها حرّكت عوامل القلق والذعر على امتداد الكرة الارضية، من دون ان تستثني هذه المنطقة، ولبنان من ضمنها.

الأمن الحياتي مهدّد

وعلى ما بات مؤكّداً، فإنّ لبنان الذي تعرّض لقنبلة نووية اقتصادية ومالية واجتماعية اطاحت كل شيء فيه، وأفقدته عوامل صموده في وجه العواصف الداخلية والخارجية، قد سبق العالم في تلقّي الصدمات، فأمنه الإجتماعي غاية في الاهتراء، وأمنه الصحّي غاية في التردّي، والفواتير الاستشفائية هائلة، والاستشفاء بات للأغنياء فقط، فيما مرضى الضمان الاجتماعي مهدّدون، وها هو البلد اليوم بدأ سيره نحو أزمة لاحقة، هي الأشدّ خطورة عليه وتهّدد أمنه الغذائي، يُنذر بها اقتراب المخزون الداخلي من الشحّ في الأساسيات المتعلقة بحياة المواطنين مثل القمح، اضافة الى الزيوت من اوكرانيا وروسيا، وضعف القدرة، سواء المالية او اللوجستية، على إيجاد مصادر بديلة. وهو أمر ينذر بدوره بواقع مرير وأليم على هذا البلد.

تحذير من الأسوأ

وعلى الرغم من التطمينات التي تبديها بعض المستويات الرسمية والاقتصادية حول انّ مخزون الطحين والمواد الغذائية وكذلك المواد الأساسية كافٍ لفترة شهر ونصف، الّا انّها في رأي خبراء اقتصاديين تطمينات مؤقتة، أقرب الى إبر مخّدرة لا أكثر. فالوضع مخيف لا بل مرعب، حيث لن يطول الوقت وستفقد الإبرة المخدّرة مفعولها، وسنعود الى الاصطدام بواقع لبناني ضعيف جداً، عاجز عن تلبية أساسيات حياته وتأمين رغيف خبز.

وقال خبير اقتصادي لـ"الجمهورية": "لا شك أنّ الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان قد شلّته بشكل شبه كامل، الاّ انّ ذلك لا يعني ان ننتظر لنصاب بالشلل الكامل. فتعامل الجهات المسؤولة في الدولة مع هذا الخطر الكبير الآتي حتماً، إن تفاقمت الأمور أكثر في تلك الحرب، لا نقول إنّه دون المستوى، بل هو شبه معدوم بالفعل. حيث لا يجدي الهروب الى الأمام والقول انّ الازمة ليست على لبنان فقط بل هي أزمة على امتداد العالم. فقد يصح مثل هذا الكلام إن كان لبنان محصّناً ويملك بالفعل قوة لتلقّي الصدمات. وها هو يبحث عمّن يزوده بالقمح وعمّن يدفع ثمنه. فإذا كنا غير قادرين على دفع ثمن القمح، فكيف لنا أن نصمد؟".

وحذّر الخبير "من الانحدار والسقوط الفعلي الى قعر الهاوية التي نحن فيها أصلاً"، وقال: "لبنان اليوم، في سباق مع هذا السقوط، ما يوجب على الحكومة والجهات المسؤولة، وبدل الاستغراق كما هي الآن، في مراقبة الحدث الأوكراني ورصد كرة النار التي يمكن ان تتدحرج في كل اتجاه، ان تبادر ولو إلى تحصينات الحدّ الأدنى في هذا المجال وبالإمكانات المتاحة، وإلّا فإنّ هذا الشحّ، فيما لو استمرّ وخصوصاً في مادة القمح، سيوصل البلد في نهاية الامر الى الجوع الحقيقي".

"ما حدا فاضيلنا"

وأبلغ مرجع مسؤول الى "الجمهورية" قوله: "لا أحد يستطيع ان يتنبأ بمستقبل الحرب في اوكرانيا ولا بتداعياتها وما قد ينتج منها من وقائع او قواعد جديدة على المسرح الدولي بشكل عام، ومما لا شك فيه انّ تأثيراتها مترامية على مستوى العالم وصولاً الى منطقتنا، ولا نستطيع ان نعتبر أنفسنا معزولين عن تلك التداعيات، ولكن بمعزل عن هذه الحرب وتداعياتها المحتملة، لبنان في أسوأ أزمة في تاريخه، ودلّت الوقائع المحلية والخارجية انّه متروك لمصيره، يقلّع شوك أزمة ثلاثة أرباعها صناعة داخلية، بيديه، ما يعني انّه خارج سلّم اولويات الدول، حتى تلك التي تعتبره شقيقاً او صديقاً، فكيف الآن مع الأزمة الجديدة بين روسيا واوكرانيا، التي خلقت اولويات جديدة ومحصورة في اوكرانيا؟".

وخلص المرجع المسؤول الى القول: "انا اشارك المتشائمين والخائفين من تداعيات هذه الحرب علينا وعلى العالم، والوضع أكثر من مخيف، واياً كانت الإمكانات ضعيفة، فبمقدور الحكومة ضمن هذه الإمكانيات ان تفعل شيئاً، لأننا وحدنا، حيث يجب ان نعترف "انو ما حدا فاضيلنا"، ولا مكان للبنان في جدول الأولويات الدولية وحتى العربية، وإن وجد، فلن يكون اكثر من نقطة غير مرئية في هذا الجدول".

أقل من شهر

سياسياً، مع تزايد عدد المرشحين للانتخابات النيابية في آخر ايام المهلة التي تنتهي في 15 آذار الجاري، يزداد هدير الماكينات الانتخابية في كل المناطق، فيما حركة الاتصالات تجري بين مكونات وتوجّهات مختلفة تمهيداً لصياغة التحالفات وتشكيل اللوائح، التي يفترض ان تتبلور بصورتها النهائية قبل أربعين يوماً من موعد الانتخابات في 15 ايار، اي قبل مطلع نيسان المقبل، ما يعني انّ المهلة لذلك هي أقل من شهر.

في هذه الأجواء، رحّلت الحكومة موضوع "الميغاسنتر" الى الجلسة المقبلة، حيث لم يبت فيه مجلس الوزراء الذي انعقد بعد ظهر امس في القصر الجمهوري في بعبدا، علماً انّ المؤشرات تؤكّد أن لا إمكانية لإتمام هذا الامر لأسباب مالية وتقنية ولوجستية. فيما قرّر التمديد للانتخابات البلدية حتى 31 أيار 2013، على أن يُحال مشروع قانون التمديد الى مجلس النواب لأخذ القرار المناسب في شأنه.

وفي مداخلة له في مستهل الجلسة، دعا الرئيس ميشال عون إلى "ضرورة اتخاذ الإجراءات السريعة لضمان الأمن الغذائي للبنانيين، بعد التطورات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، وضرورة مواجهة غلاء الأسعار ومنع الاحتكار".

وأشار إلى أنّ "وفد صندوق النقد الدولي سلّط الضوء على ضرورة إقرار خطة التعافي في أسرع وقت ممكن، على أن تشمل الخطة إعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف، وتوحيد سعر الصرف، وتوزيع الخسائر، والإصلاحات المالية البنيوية اللازمة، وخطة لشبكة الأمان الاجتماعي". وقال: "لقد شدّد وفد صندوق النقد الدولي على ضرورة تأمين التوافق السياسي لإقرار خطة التعافي".

وأكّد أنّ "الوضع المالي دقيق جداً، ولا يحتمل أي تأجيل"، وقال: "أضع الجميع أمام مسؤولياتهم".

اما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فأوضح الأسباب التي دفعت بلبنان إلى اتخاذ موقف من النزاع الروسي - الأوكراني، وقال: "إنّ هذا الموقف ينطلق من سرد تاريخي لمواقف مبدئية اتخذها لبنان بإدانة أي دولة تغزو دولة جارة، علماً أنّ موقفنا من روسيا يقوم على ضرورة إقامة أفضل العلاقات معها".

وتناول موضوع الأمن الغذائي، داعياً إلى "ضرورة استشراف معالجة الوضع، الذي يمكن أن ينتج إذا ما طالت الحرب بين روسيا وأوكرانيا"، مقترحاً "اتخاذ إجراءات احترازية تمنع وقوع البلاد في أزمة غذائية".

كما عرض "المداولات مع وفد وزارة الخزانة الأميركية، والنقاط التي أُثيرت خلالها، لا سيما لجهة مكافحة الفساد وتفعيل عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تمّ تشكيلها، وذلك في أسرع وقت، لتأكيد جدّية الدولة اللبنانية في مكافحة الفساد".

وأفيد انّ وزير العمل مصطفى بيرم قدّم مداخلة سأل فيها: "لماذا تتكرّر التجربة في موقف لبنان من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بانحياز لبنان الذي لا يقدّم ولا يؤخّر إلّا أضراراً على وضعنا الصعب والمعقّد؟ ألا يستحق هذا الموقف أن يُناقش في مجلس الوزراء لإخراجه بطريقة صحيحة، خصوصاً أننا اعترضنا على تصرّف وزير الخارجية سابقاً؟ وها هو الأمر يتكرّر في تصويت الأمم المتحدة من دون أن يُناقش في مجلس الوزراء؟ ألسنا معنيين جميعاً كمجلس وزراء في اتخاذ المواقف السياسية اللبنانية تجاه المواقف المختلفة"؟.. وردّ رئيس الحكومة: "قلنا لكم إنّ روسيا ليست مقصودة ولا مستهدفة من البيان، نحن ضدّ أيّ تدخّل دولي في أي دولة أياً تكن الدولة المتدخلة".

كما افيد بأنّ وزراء حركة "أمل" و"حزب الله" قدّموا اعتراضاً على مشروع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأميركية، لجهة ما سمّوه "وجوب الحفاظ على سيادة الدولة في حقها بتوزيع المساعدات على قواها الأمنية بإرادتها".

الحكومة اللبنانيةاوكرانيا

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة