لبنان
هوكشتاين: المهمة الأولى.. إزالة الخيمة.. الجيش الاسرائيلي بات مهانًا أمام شعبه
ركزت الصحف اللبنانية في افتتاحياتها ومقالاتها الرئيسية اليوم الخميس 31/08/2023، على مهمة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين في زيارته الجديدة للبنان، وتزامنها مع الضغوط الصهيونية في الأمم المتحدة، مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والإمارات العربية، في محاولة لتعديل مهمة القوات الدولية المؤقتة في جنوب لبنان "اليونيفيل" وتعزيزها لتصبح قوة مواجهة بدلًا من قوة "حفظ سلام".
كذلك تناولت الصحف اللبنانية التطورات والانقلابات العسكرية التي تشهدها القارة السمراء والمحمية بدعم شعبي في مواجهة الاستعمار الفرنسي، وآخرها الانقلاب في الغابون.
الأخبار
في السياق كتبت صحيفة "الأخبار": نام الجميع، أول من أمس، على حرير التعديلات الفرنسية على مسوّدة القرار الخاص بتجديد ولاية قوات اليونيفل، قبل أن يستفيقوا أمس على خدعة كبيرة، أدارتها الولايات المتحدة وبريطانيا والامارات العربية المتحدة، وأعادت فرنسا نفسها صياغتها بما يناسب المصلحة الاسرائيلية عملياً. وفيما كان وفد لبنان الى نيويورك يشهد تخبطاً وتردداً عكسا عدم قناعة لدى «البعض» بأهمية المعركة، كان العدو الاسرائيلي يرفع مستوى الضغط الى حد ارسال وزير الحرب يؤاف غالانت لـ«يقيم» في مقر الامم المتحدة، ويعقد اجتماعات مكثفة مع كل من له علاقة بالأمر، حاصراً زيارته الى الولايات المتحدة بمهمة وحيدة: تعزيز قدرة ومهام قوات اليونيفيل في لبنان الى حد تصبح معه قادرة على انهاء اي وجود مسلح لحزب الله جنوب نهر الليطاني، وحاملاً معه لائحة بالأهداف المدنية وشبه العسكرية وتفاصيل عما يعتبره «عملية اجهاز من حزب الله على القرار 1701».
قبل يومين، وعد الفرنسيون لبنان، الرسمي وغير الرسمي، بأن المشاورات التي اجرتها باريس مع الدول الاعضاء في مجلس الامن، ولا سيما اميركا وبريطانيا، أفضت الى «الاخذ بملاحظات لبنان» حيال بعض النقاط، بعدما أبلغ الرئيس نبيه بري الفرنسيين واللبنانيين: «دعوهم يعدّون هندسات لفظية، ويكفي ان يعاد الاعتبار الى أولوية التنسيق مع الجيش ولو من دون تسميته». وقد ترجم الفرنسيون ذلك بتوزيع مسودة، تبين انها غير نهائية، تضمّنت تعديلات من نوع اضافة عبارة «استمرار التنسيق بين القوات الدولية والحكومة اللبنانية»، بعد تثبيت عبارات حرية الحركة للقوات الدولية من دون اذن من احد. كما روّج الفرنسيون لما وصفوه بـ«الانجاز»، عبر إلحاق اسم بلدة الغجر بعبارة خراج بلدة الماري اللبنانية، وطالبوا القوات الاسرائيلية بالانسحاب منها، لكن من دون تسميتها بقوة احتلال.
غير أن الانقلاب امس باغت الجميع. إذ ان الاتصالات الاسرائيلية المباشرة مع الدول الاعضاء في مجلس الامن، بما فيها فرنسا، أدّت إلى تحول في الموقف الاميركي، انضم اليه البريطانيون والاماراتيون، مطالبين بازالة عبارات واضافة بنود وتعديل صياغات سابقة. وبعدما افترض الجميع ان النسخة الاخيرة بالحبر الازرق قد تم تبنيها وستعرض على التصويت، قدّم الفرنسيون نسخة مختلفة كرّرت ان قوات الطوارئ الدولية لا تحتاج الى اذن من احد للقيام بدوريات معلنة او غير معلنة والوصول الى حيث تريد التثبت مما تسميه خروقات للقرار 1701. وتضمّنت عبارة «استمرار التنسيق مع الحكومة اللبنانية وفق اتفاقية صوفا». علماً ان القرار الدولي 1701، بنسخته الاولى، يمثل المرجعية الرئيسية لتحركات القوات الدولية، وهو ينص صراحة على ان مهمة القوة الدولية مساعدة الجيش اللبناني على بسط سلطته، وأنها لا تتحرك الا بعد التنسيق مع الجيش.
وفي ما يتعلق بملف بلدة الغجر، أخذ الفرنسيون بالتوصية الاسرائيلية التي وردت عبر الاميركيين والبريطانيين والاماراتيين، بعدم الاشارة الى بلدة الماري بالمطلق، باعتبار ان العدو قدّم مطالعة تؤكد ان الغجر بعيدة جدا عن الماري، كما لم تسمّ المسودة القوات الاسرائيلية بالاحتلال، بل أشارت الى «الوجود الاسرائيلي»، وهو توصيف يتجاوز المسألة العسكرية، نظراً إلى أن قوات الاحتلال تعتبر السكان الموجودين في الجزء الشمالي من الغجر مواطنين يحملون الجنسية الاسرائيلية، ولا يرغبون اصلا بالانضمام الى لبنان، وان هذا الامر معروف من القوات الدولية نفسها.
أما الاضافة الاكثر خطورة، فتمثلت في الحديث عن مستوعبات يقول العدو انها نقاط عسكرية خاصة بالمقاومة. علما ان القوات الدولية تعاملت معها في الاعوام السابقة على انها تخص جمعية «اخضر بلا حدود». وفي هذه النقطة، أشارت المسودة الى «التأكيد على ان المستوعبات (من دون الاشارة الى جمعية اخضر بلا حدود او الى حزب الله) تعيق حرية الحركة الخاصة بقوات اليونيفيل، مع الطلب الى الامين العام للأمم المتحدة اعداد تقرير يربط هذه المستوعبات بإعاقة حرية حركة القوات الدولية»، مع عبارة اكثر خطورة مفادها ان «وجود المستوعبات يعرض القوات الدولية وعناصرها للخطر»، وهي عبارة تستهدف فتح مرحلة جديدة من الضغوط لإزالة المستوعبات ولو بالقوة.
عملياً، تبلّغ لبنان المسودة الجديدة رسمياً، وكانت ردة الفعل الاولى لدى فريق وزارة الخارجية بأن لبنان تعرض للخديعة، خصوصاً أن التعديلات الجديدة جاءت بعد عودة اعضاء الوفد الى بيروت أمس، بينما ترك لبعثة لبنان لدى الامم المتحدة متابعة الاتصالات، وان على مستوى منخفض، خصوصا ان الساعات الـ 72 الماضية لم تشهد غير اللقاء البروتوكولي مع الامين العام للأمم المتحدة، فيما توقفت المشاورات مع مندوبي الدول الأعضاء.
المهمة الاولى: إزالة الخيمة
اللافت انه في الوقت الذي كانت فرنسا تعيد صياغة المسودة وفق رغبات العدو، كان الموفد الرئاسي الاميركي الى لبنان عاموس هوكشتاين يشرح خلفيات القرار الذي يريده الغربيون دعما لـ"إسرائيل". وهو حرص على تكرار عبارات محدّدة امام كل من التقاهم امس، اذ شدد على اهمية التجديد لقوات اليونيفيل، مشيراً إلى انه لا يفهم سبب طلب لبنان الغاء الفقرة التي تعطي القوة الدولية حرية الحركة. وعندما قيل له انها تتناقض مع أصل القرار وتنتهك السيادة اللبنانية، أجاب: «لسنا من كان خلف هذا الفقرة العام الماضي، بل مندوبتكم في الأمم المتحدة أمال مدللي هي من كان حاضرًا خلال الصياغة. كما أن طلبكم بتسمية شمال الغجر بخراج بلدة الماري ليس منطقيًا لأن "إسرائيل" اكدت ان هناك مسافة جغرافية كبيرة بين المنطقتين».
وبالطبع، لم ينه هوكشتاين حديثه عن الملف الحدودي جنوباً من دون التطرق الى الخطوة التي تلح اسرائيل على ان تكون اولى مهام القوة الدولية بعد التجديد لها، وهي ازالة خيمة المقاومة في مزارع شبعا. إذ شدّد الموفد الأميركي على ان هذه الخيمة يجب ان تزول، وان ذلك سيساعد على انجاز امور كثيرة من بينها معالجة نقاط الخلاف في الحدود البرية. وعندما سأله دبلوماسي مشارك في اللقاءات عن مخاطر هذه الخيمة، رد بالقول: «عسكريًا لا قيمة لها، لكنها تحولت الى قضية معنوية. الجيش الاسرائيلي بات مهانًا أمام شعبه بسبب عجزه عن إزالة الخيمة بالقوة»!
أي معركة دبلوماسية؟
تطورات الساعات الماضية، وإن فاجأت البعض في لبنان، إلا أنها كانت متوقعة لمن تابع تفاصيل العمل قبل سفر الوفد اللبناني الى الامم المتحدة، والمداولات التي حصلت خلال وجوده هناك. وكان البعض اعتبر، قبل اسابيع من سفر الوفد، ان الجهوزية اللبنانية باتت مكتملة، وان التوصيات النهائية التي صدرت عن الرئيس نجيب ميقاتي وحملها الوزير عبد الله بو حبيب الى الامم المتحدة ستكون حاسمة في منع تمرير قرار مطابق لما صدر العام الماضي. لكن، تبين ان الوفد اللبناني رفض التسلح بأوراق قوة كما يفعل اي طرف في العالم. وكل ما فعله بوحبيب انه عبّر في الجلسات الاولى عن رفض لبنان لنص المسودة الاولية، واتكل على مفاوضات جرت في بيروت لادخال التعديلات بواسطة الجانب الفرنسي. ورغم أن ميقاتي وبوحبيب أكدا لحزب الله انهما سيقاتلان من اجل تعديل الصيغة، إلا أنهما فعلا ذلك كلامياً، ولم تكن هناك قناعة جدية لديهما بالعمل المباشر والمثابر. وحتى عندما طرحت فكرة ان يلوّح لبنان بسحب رسالة طلب التجديد للقوة الدولية في حال رأى أن القرار غير مناسب لمصالحه، رفضا الامر، وجهرا امام الاجانب قبل اللبنانيين بأنهما غير مقتنعين بذلك، بل أكثر من ذلك، كررا على مسامع الجميع، بأنه لا يمكن تعديل القرارات، ولم يحصل ان عاد مجلس الامن وعدل في قرار سبق ان اصدره سابقاً، اضافة الى التهويل بأن لبنان تعرض لتهديدات مباشرة من الاميركين والبريطانيين بأن الاخذ بمطالب المقاومة سيحرم الجيش والقوى الامنية من نصف مليار دولار من المساعدات المقررة للعام المقبل. ووصل التهويل حد نقل البعض عن الوزير بو حبيب ان الاميركيين حذروه من السير بمعركة التعديل، وذكّروه بأنه بعد انتهاء عمله في وزارة الخارجية، سيعود مواطناً اميركياً وسيلتحق بعائلته الموجودة في الولايات المتحدة، وصولا الى ما نقل عن السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا بأنه في حال سار بو حبيب عكس ما هو مطلوب، فانه لن يقضي تقاعداً مريحاً في واشنطن!
هذا الكلام تردد في أورقة الامم المتحدة نفسها،. فقد هدد المندوب البريطاني، تعليقاً على إمكان سحب لبنان رسالة طلب التجديد، بأن خروج القوات الدولية من لبنان سيفتح الباب امام اسرائيل لتوجيه ضربة مدمرة لكل لبنان، وان مجلس الامن، بوصفه ممثلا للمجتمع الدولي، يعرف بأن المواقف المعلنة لرئيس الحكومة ووزير الخارجية تطلق تجنباً لغضب حزب الله، وانه «في حال خضعت الحكومة لرغبات الحزب، سيصدر قرار عن مجلس الامن يعتبر فيه لبنان دولة مخطوفة من قبل منظمة ارهابية».
في هذه الاثناء، لم يكن التنسيق مع الجانبين الروسي والصيني بالمستوى الذي يجعلهما لاعبين فاعلين لتخفيف الضغط عن لبنان. حتى ان الصينيين الذين أعربوا عن دعمهم لموقف لبنان، لفتوا الى ان الولايات المتحدة تحاول ابتزاز بكين من خلال البند الذي يتحدث عن حاجة الجيش اللبناني الى مساعدات الامم المتحدة. علما ان الصين ابلغت لبنان رسميا انها مستعدة لتقديم مساعدة الى الجيش بأضعاف ما يحصل عليه من الامم المتحدة، والتي تقتصر على كمية محدودة من المحروقات وبعض الادوية والوجبات الغذائية، لا تتجاوز قيمتها نصف مليون دولار سنويًا.
وبعد تطورات امس، بدأ لبنان محاولات للحصول على موقف روسي وصيني داعم في مواجهة التعديلات الجديدة، وكل ما يأمله أن تتحفظ بكين وموسكو مشروع القرار، وصولا الى عدم التصويت عليه، ما يعني صدور القرار من دون اجماع كما حصل العام الماضي. غير أن الجانبين الروسي والصيني كانا واضحين بأنه كان يفترض بلبنان ألا يقف مكتوف الايدي ازاء ما يحصل، وكان ولا يزال بمقدوره التصرف ورفع البطاقة الحمراء من خلال اعلانه عدم استعداده لقبول قرار يكسر سيادته من جهة، ويفتح الباب امام احتمال مواجهة دموية على الجبهة مع اسرائيل، وتعرض قوات اليونيفيل لخطر حقيقي سبق ان جرّبته بالقصف الاسرائيلي وليس بأشجار اخضر بلا حدود!
البناء
المتغيرات المتسارعة على الساحة الدولية انطلاقاً من أفريقيا وما أظهرته الانقلابات العسكرية المحمية بدعم شعبي في مواجهة الاستعمار الفرنسي المتذرّع بالديمقراطية الشكلية التي تحمي سرقة الثروات، خطفت الأضواء أمس نحو الغابون بعد النيجر، حيث جاليات لبنانية تفرض الاهتمام، لكن تراجع فرضيات التدخلات العسكرية منح الوقت لاستكشاف طبيعة التغيير الذي سوف يحمله العسكر.
في سورية خطفت معارك العشائر العربية في الحسكة مع قوات قسد الأضواء عن مشهد السويداء، والمعارك التي بدأت على خلفية اعتقال مسؤول عسكري لميليشيا عشائرية سرعان ما تحوّلت الى معارك حسم بين قسد والعشائر، ودخلت العشائر العربية في عموم سورية الى جانب عشائر دير الزور في الموقف الإعلامي والسياسي واضعة المعركة في إطار أوسع، تحت عنوان وحدة التراب السوري ورفض الكانتونات التقسيميّة، والتمسك بتحرير التراب الوطني والثروات الوطنية من نهب الاحتلال الأميركي، ولاقى موقف العشائر ترحيباً شعبياً وسياسياً وفي عموم المحافظات السورية، مذكراً بمواقف قادة المقاومة بوجه الاحتلال الفرنسي سلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وصالح العلي، الذين رفضوا التقسيم والمهادنة مع الاحتلال.
لبنانياً، قام الوسيط الأميركي في ملف النفط والغاز عاموس هوكشتاين بجولة سياسيّة تعدّدت عناوينها، لكن مصادر متابعة قالت إن اهتمام الوسيط الأميركي ينصب على إمكانية إيجاد إخراج لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لخراج بلدة الماري أو الجزء الشمالي من بلدة الغجر كما بات معروفاً، انطلاقاً من صعوبة الاحتفاظ به تحت الاحتلال في ظل وضوح وجوب مغادرته، كما قال رئيس الأركان السابق في جيش الاحتلال دان حالوتس، لكن دون أن يبدو الانسحاب انهزاماً أمام المقاومة التي أعلنت جاهزيتها لتحرير هذه الأرض اللبنانية التي لا تقبل جدالاً في لبنانيتها، والتي ينص القرار 1701 بوضوح على وجوب الانسحاب منها. وفي هذا السياق يرغب هوكشتاين بإطلاق وساطة لحل النزاع حول الحدود البرية ينتهي بالانسحاب من خراج الماري، ويفتح ملفات سائر النقاط.
في نيويورك أربك موقف الحكومة اللبنانية الحلف الغربي الذي يضمّ أميركا وفرنسا، حيث تقدمت فرنسا بمشروع معدل رفضته واشنطن، وسط النقاش حول الأولوية بين نص عملي قابل للتطبيق او نص كيدي لا يرى النور عملياً، وسجل لبنان عتباً على موقف دولة الإمارات التي انضمت الى الموقف التصعيدي ضد لبنان الذي تتبناه واشنطن وتل أبيب، وحتى ساعة متأخرة من الليل، حسب توقيت بيروت، لم يكن قد تم تحديد موعد التصويت على مسودة متفق عليها لقرار التجديد لليونفيل.
في بيروت انتظار للكلمة التي سوف يلقيها رئيس مجلس النواب نبيه بري في احتفال إحياء ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، الذي يتضمن عادة مواقف مفصلية لبري من القضايا الراهنة، وقد سبق وحدّد في خطاب السنة الماضية مواصفات رئاسية أوحت بالاتجاه الى تبني ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية.
وخطفت زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين الى لبنان الأضواء من نيويورك التي تشهد مفاوضات شاقة وشرسة بشأن التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان وقواعد عملها وصلاحياتها.
وعلى فنجان قهوة ومنقوشة، التقى الضيف الأميركي مع سفيرة بلاده دوروثي شيا في أحد المطاعم في الروشة، وناقشا ملف لبنان قبل أن ينطلق كبير مستشاري الرئيس جو بايدن في جولته على القادة اللبنانيين طارحاً الوضع الحدودي وملف النفط والغاز والكهرباء وكذلك الغاز العربي. وقد أعلنت السفارة الأميركية أن زيارة هوكشتاين إلى لبنان هي لمتابعة اتفاق الحدود البحرية التاريخي الذي جرى التوصل اليه في تشرين الأول 2022 والبحث في المجالات ذات الاهتمام المشترك والإقليمي.
واستهلّ المبعوث الأميركي والوفد المرافق جولته على المسؤولين من عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور السفيرة شيا، حيث جرى عرض للأوضاع العامة.
اللقاء الذي استمرّ ساعة غادر بعده هوكشتاين مكتفياً بالقول: اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري كان ممتازاً وبناء. بدوره جدد بري شكره للجهود التي بذلها هوكشتاين وأثمرت البدء بعملية التنقيب في البلوك رقم 9 مؤكداً أن جهود المجلس النيابي ستبقى منصبة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية واستكمال إنجاز التشريعات المطلوبة في المجال النفطي وفي مقدمها الصندوق السيادي كما التشريعات المطلوبة لإنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأكد الرئيس بري أمام الموفد الأميركي ضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية للقرار الدولي 1701 وعلى عمق العلاقة مع قوات الطوارئ الدولية «اليونيفل» منذ عام 1978 وحتى الآن، وأن لبنان حريص جداً على المحافظة على الاستقرار كما حرصه على سيادته على كامل التراب اللبناني.
ثم انتقل هوكشتاين الى السراي الحكومي للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وشارك في اللقاء شيا، المستشار الديبلوماسي لرئيس الحكومة السفير بطرس عساكر ومنسّق الحكومة لدى قوات الطوارئ الدولية «اليونفيل» العميد منير شحادة. حيث استبقى ميقاتي الدبلوماسي الأميركي إلى مائدة الغداء.
وقبل جولته، كتب هوكشتاين عبر أكس: «من الرائع العودة إلى بيروت. قهوة سريعة ومنقوشة في الفلمنكي مع المنظر الجميل المطلّ على الروشة مع السفيرة الأميركية الموهوبة دوروثي شيا». وفي زيارة لافتة توجه هوكشتاين والوفد المرافق الى قلعة بعلبك لمدة ساعةـ حيث تناول «السفيحة البعلبكية».
ومساء التقى هوكشتاين وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض في مكتبه في الوزارة. كما يلتقي المبعوث الأميركي اليوم قائد الجيش العماد جوزاف عون في اليرزة.
ويزور هوكشتاين اليوم الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة ويجول في منطقة الناقورة على أعمال التنقيب. ومن الممكن أن يزور أيضاً كيان العدو بعد زيارته لبيروت، لكن هذا الأمر لم يتقرر بشكل نهائي بعد.
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن الهدف الرئيسي للموفد الأميركي هو مواكبة بدء أعمال الحفر والتنقيب في البلوك رقم 9 لكون بلاده وهو شخصياً رعيا اتفاقية الترسيم بين لبنان وكيان الاحتلال، وليؤكد استمرار الدور الأميركي لتحصين هذه الاتفاقية والحفاظ على الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق لضمان استمرار توريد النفط والغاز الى أوروبا في ظل استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وإذ لفتت مصادر إعلامية إلى أن قيادة الجيش لم تحضّر أي ملف عن الحدود البرية لتعرضه في لقاء قائد الجيش مع هوشكتاين وأن ملف الحدود غير مطروح بالأساس في جدول أعمال اللقاء، تشير مصادر «البناء» إلى أن «موضوع الترسيم البرّي لطالما كان هدفاً أميركياً – اسرائيلياً، لكن أصبح اليوم أكثر أولوية وإلحاحاً من السابق بسبب تصاعد وتيرة التوتر على الحدود لا سيما بعد الاعتداءات الإسرائيلية في قرية الغجر ونصب حزب الله الخيم في مزارع شبعا وتهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والمناورات العسكرية التي نفّذها الحزب منذ شهرين في الجنوب، بالتزامن مع التطورات السياسية والأمنية في الكيان الإسرائيلي التي تضعه في مأزق وجودي وأزمة كيانية وتاريخية، ما يدفع الأميركيين الى تزخيم الحراك الديبلوماسي للحؤول دون وقوع حرب لتأكده من أن «اسرائيل» غير مستعدة لها».
وفي هذا السياق، أورد مـوقـع «واللاه العبري: تقريراً أشار فيه الى أن الولايات المتحدة الأميركية، تعمل على خفض التوترات على الحدود الشمالية ومنع المواجهة العسكرية بين كيان العدو وحزب الله، حسبما صرّحت مصادر أميركية وإسرائيلية، وتعتقد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن أي حادث على الحدود بين كيان العدو ولبنان يمكن أن يتحوّل بسرعة إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق من شأنها أن تجرّ إليها أيضاً سورية وإيران وتزعزع استقرار الشرق الأوسط بأكمله.
وقال مصدر مطلع على تفاصيل زيارة المبعوث الأميركي إن الأخير سيحاول تخفيف التوتر على الحدود، والذي تصاعد بشكل كبير منذ إنشاء موقع حزب الله في الأراضي المحتلة بمزارع شبعا قبل بضعة أشهر.
وأشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في تصريح الى أن هوكشتاين سيحاول حل الخلاف بشأن سبع نقاط على الحدود البرية بين «إسرائيل» ولبنان، بل وسيزور المنطقة ليرى الأمور بأمّ عينيه. وقال بو صعب: «نأمل أنه مثلما نجح هوكشتاين في حل النزاع على الحدود البحرية، فإنه سيحلّ النزاع على الحدود البرية».
وتتجه الأنظار الى نيويورك حيث عقد مجلس الأمن الدولي جلسة للتجديد لليونفيل ويرصد اللبنانيون صيغة البيان النهائية. ولفتت مصادر «البناء» الى أن «الوفد اللبناني أصرّ خلال مناقشته لمسودة القرار على ان تكون حركة اليونفيل ومهماتها مع الجيش مسبقاً لتفادي أي اصطدام مع الاهالي». وتوقعت المصادر أن يقرّ مجلس الامن الصيغة الفرنسية مع بعض التعديلات.
وحتى منتصف ليل أمس بتوقيت بيروت لم يكن قد صدر القرار وسط معلومات عن خلاف بين الأعضاء على الصيغة النهائية.
وأعلن دبلوماسيون إن تصويتاً مزمعاً في الأمم المتحدة اليوم (امس) على تجديد الموافقة على مهمة حفظ السلام في لبنان تأجّل بسبب خلاف بين فرنسا والولايات المتحدة والإمارات حول حرية حركة قوات المنظمة الدولية.
وصاغت فرنسا مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي لتمديد مهمة حفظ السلام لمدة عام آخر، لكن الولايات المتحدة والإمارات تقولان إن «القرار أضعف بعضاً من الصياغة المتعلقة بقدرة قوات الأمم المتحدة على التحرك بحرية».
وذكر دبلوماسي إماراتي تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته، «حرية حركة اليونفيل لها أهمية قصوى في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر في المنطقة إلى مستويات خطيرة».
وواصل العدو الاسرائيلي حربه النفسية على الوفد اللبناني وضغوطه على أعضاء مجلس الأمن والأمم المتحدة في محاولة لفرض شروطه بتحويل اليونفيل الى شرطي حدود وجهاز أمني رديف للموساد للتجسّس على المقاومة وتقييد دورها وإحباط اي عمل لها على الحدود ضد الأهداف الإسرائيلية، وفق ما تشير مصادر مطلعة لـ»البناء».
وكرر مندوب الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة جلعاد أردان، أنّ «إسرائيل في أقرب لحظة قد تؤدي إلى صراع عسكري مع حزب الله منذ حرب عام 2006».
إلا أن الرد على التهديدات الاسرائيلية لم يأتِ من السيد حسن نصر الله هذه المرة، بل من رئيس الأركان الصهيوني الـسابق دان حالوتس الذي أشار الى أن «كل نقطة نضع إصبعنا عليها في «إسرائيل» اليوم هي نقطة ضعف، المجتمع الإسرائيلي، الجيش، نظام التعليم، الاقتصاد، علاقات «إسرائيل» الخارجية، كل شيء، لا يوجد شيء واحد يمكن القول بأنه طبيعي». وقال: «أقترح عدم التباهي وكثرة الكلام من قبيل أننا سنعيد لبنان إلى العصر الحجري».
الجمهورية
من جانبها اعتبرت صحيفة "الجمهورية" أن البارز في المشهد الداخلي، هو وصول الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، ولقاؤه برفقة السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اضافة الى وزير الطاقة وليد فياض.
بحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ هوكشتاين لم يحمل معه أي «افكار نوعية جديدة، على صلة بأي من الملفات التي يتابعها مع الجانب اللبناني، حيث بدا انّه ينقل رسالة اميركية قديمة - جديدة، تدعو الأطراف اللبنانيين الى التسريع في حسم الملف اللبناني وانتخاب رئيس الجمهورية في اقرب وقت ممكن، مشدّداً على ان يقوم المجلس النيابي بدوره في هذا المجال، بما يعيد انتظام الحياة السياسية في لبنان، ويمكّنه من اتخاذ الاجراءات والاصلاحات التي تُخرجه من أزمته».
ومن جهة ثانية، تشير المعلومات الى انّ هوكشتاين عبّر عن سروره في بدء الخطوات التطبيقية لما بعد الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والتي تجلّت في وصول عبّارة الحفر للبدء عن التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، والذي من شأنه ان يمدّ لبنان بما يمكّنه من تجاوز أزمته. وافيد انّ اللقاء بين هوكشتاين والرئيس ميقاتي تخللته مطالبة من الجانب اللبناني للوسيط الاميركي بتشجيع الشركات الاميركية على المشاركة في دورة التراخيص الثانية.
والى جانب هذين الأمرين، تشير المعلومات، انّ الجانب اللبناني أثار مسألة نقاط التحفّظ على الخط الازرق، حيث افيد بأنّه تمّ حسم 7 من هذه النقاط، فيما تبقى 6 نقاط عالقة، ومدار بحث فيها في الاجتماع الثلاثي في الناقورة. ونُقل عن هوكشتاين تأكيده في معرض النقاش في هذا الملف، انّ واشنطن ستواصل لعب الدور الأساس من أجل إزالة هذه التحفظات وإنهاء هذا الملف.
وتوقفت "الجمهورية" عند زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت، لإجراء محادثات مع الرئيس نبيه بري والامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، وتردّد انّه سيشارك اليوم في الاحتفال الذي تقيمه حركة «أمل» في بيروت في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، والذي سيلقي فيه الرئيس بري خطاباً، وُصف بأنّه خريطة طريق للمرحلة المقبلة.
ولفتت إلى أنه على مسافة ايام قليلة، سيصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في مهمّة صعبة، لخلق توافق داخلي على رئيس للجمهورية، عبر حوار يطلقه في النصف الثاني من الشهر المقبل.
وكما بات معلوماً، فإنّ الأجواء السابقة لحوار لودريان لا تحيطه بإيجابيات، ولخّص مصدر وزاري مهمّته بقوله: «لقد سبق للودريان أن شدّد في زيارته الثانية، ما مفاده انّه سيحشد مهمّته لإطلاق العملية الحوارية، ويستنفر كلّ طاقاته لليّ ذراع التعطيل، واستيلاد صحوة لبنانية تمكّنه من ان يزرع مهمّته في تربة لبنانية خصبة لتنبت توافقاً على رئيس للجمهورية. وانا اقول انّه اذا ما نجح يكون بذلك، قد سجّل لنفسه ولفرنسا وللبنان ولزملائه في اللجنة الخماسية إنجازاً تاريخياً بإعادة نبض الحياة الى بلد بلغ قمة احتضاره. ولكن لنكن واقعيين، ونسأل كيف يمكن له ان ينجح طالما تكمن له جبهة مكشوفة بعناوين عريضة ورفيعة ترفعها مكونات تمنع الانفراج من أن يطأ ارض هذا البلد الاّ بشروطها التعطيلية ومعاييرها الصادمة للغاية التي يرجوها الموفد الفرنسي من حواره؟».
اللواء
بدورها تناولت صحيفة "اللواء" محادثات هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين، وقالت: الثابت من المعلومات التي رشحت ان هوكشتاين عرض المساعدة في ملف الترسيم البري، وحاول تبريد التوتر الحدودي بين لبنان واسرائيل، عشية التمديد لليونيفيل، حيث تأجلت جلسة التصويت في مجلس الامن الدولي الى العاشرة من صباح اليوم بتوقيت نيويورك، الخامسة بتوقيت بيروت.
وفي السياسة، مع السياحة، كان البارز وصف هوكشتاين اللقاء مع الرئيس نبيه بري بأنه كان ممتازاً، مع اشارة رئيس المجلس امام السفيرة شيا التي حضرت اللقاء بأن الاهتمام المجلسي سيبقى مركزاً على انتخاب رئيس الجمهورية والتشريعات في مجالات النفط والصندوق السيادي وانجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، قبل ان ينتقل الوسيط والسفيرة شيا الى السراي الكبير، والاجتماع مع الرئيس نجيب ميقاتي، حيث كان موضوع التجديد للطوارئ على طاولة البحث، في ظل التهديدات الاسرائيلية من عملية عسكرية واسعة ضد لبنان، بالتزامن مع الاتصالات الدبلوماسية للتجديد لقوات الامم المتحدة «اليونيفيل» ولاية جديدة، واقام الرئيس ميقاتي مأدبة غداء للزائر الاميركي.
وذكرت المعلومات بحسب "اللواء" ان البحث تناول التحفظات اللبنانية على النقاط الحدودية في الجنوب التي يعتبرها لبنان داخل اراضيه وسبل استعادتها، فيما اُفيد مساء أن ادارة الرئيس جو بايدن مهتمة بترسيم الحدود البرية، فهناك رغبة اميركية بدفع لبنان نحو توقيع اتفاق ترسيم مع اسرائيل».
وعن قرار التجديد لليونيفيل، أشارت "اللواء" إلى أنه تم تأجيل جلسة مجلس الأمن الدولي إلى العاشرة من ليل امس بتوقيت بيروت، في وقت يسعى لبنان لتعديل قرار التجديد لقوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب بعدم فرنسي، من حيث بند حرية التنقل لهذه القوات. وقد صدرت مسودة القرار الزرقاء لكن لم يتم اقرارها بعد بصورة نهائية.
الأمم المتحدةعاموس هوكشتايناليونيفيل