معركة أولي البأس

الخليج والعالم

إلى أين سيصل المشهد المعقّد في إدلب؟
05/02/2020

إلى أين سيصل المشهد المعقّد في إدلب؟

علي حسن

تتسارع التطورات في محافظة ادلب، الجيش السوري يسيطر على مساحاتٍ واسعة، ويتقدم غير آبهٍ بنقاط المراقبة التركية.

بالمقابل تمركز التركي في نقطة جديدة بمحيط مدينة سراقب بمئتين وأربعين مدرعة ودبابة يُأكد بأنه يريد سد منافذ المدينة أمام الجيش السوري الذي وصل لطريق حلب اللاذقية وسيطر على بلدة النيرب الملاصقة لسراقب، فيما بدا هجوم جبهة النصرة مؤخرًا على غرب حلب بدفع تركي كما حال هجوم فصائل درع الفرات على بلدة تادف بريف إدلب الشمالي الشرقي. الروسي رد على مهاجمة تادف بقصف مواقع فصائل درع الفرات بمدينة الباب والجيش السوري استهدف رتلًا تركيًا وقتل ستة جنود أتراك.

المشهد يختصر بأنه كباشٌ سياسي وميداني بين السوري والروسي من جهة والتركي وإرهابييه من جهة أخرى فإلى أين ستؤول الأمور؟، وهل سيؤثر التصعيد الحاصل على تفاهم سوتشي؟

الخبير الاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة تحدث لموقع "العهد" الإخباري عن رؤيته للمشهد الحاصل، وقال إنّ "التطورات الميدانية الأخيرة تشير إلى رغبة تركية واضحة بالحيلولة دون الانهيار الشامل للمجموعات الارهابية المشغلة من قبلها، أو على الأقل عدم قبول نظام إردوغان بسقوط هذه المجموعات ونهايتها دون التفاوض على رأسها مجدداً لدى كل تقدم يحققه الجيش السوري نحو موقع استراتيجي أو مفصل حيوي على الجبهة، وعلى الرغم من أن إردوغان أظهر عملياً استعداده للاقتراب أكثر من حافة الهاوية، إلا أن المشهد السوري والإقليمي يجعل من العسير عليه المخاطرة بمواجهة شاملة مع الروس وسوريا، سواء على المستوى العسكري أو السياسي".

واضاف أن "هذا الاعتبار يمكن إسقاطه بالمقابل أيضاً على الموقف الروسي الذي وعلى الرغم من اقترابه هو الآخر من حافة الهاوية، وربما بخطوة تسبق القدم التركية، إلا أنه لا يرغب في تدمير الأطر الاستراتيجية لتفاهماته مع التركي، ولذلك فمن المرجح أن لا يتطور المشهد العسكري الى المواجهة الشاملة، ولكن مع تزايد احتمالات الاحتكاكات التي قد تكون اكثر اتساعاً ودموية مما شهدناه خلال الأشهر والأعوام السابقة".

وتابع قدورة لـ"العهد" أنه "من جهة أخرى هذه المحددات السياسية والميدانية برمتها يبدو أنها لن تقف حائلاً أمام تقدم الجيش السوري نحو أهدافه التي وضعها مسبقاً، والتي قد لا تشمل تحرير محافظة ادلب برمتها دفعة واحدة، ولكنها ستسعى إلى تجاوز الصدام المباشر مع النقاط التركية، وهي استراتيجية نجح سابقاً في تفعيلها في نقاط المراقبة في حيش ومورك والصرمان، وهنا نجد أن الجيش السوري يتابع تطويق سراقب من جميع الاتجاهات الممكنة دون الصدام مع التركي، كما انه أربك الحسابات التركية وحسابات الارهابيين عبر قفزة تكتيكية مفاجئة نحو النيرب، فقطع طريق الـ M4 دون أن يضطر للوصول الى ملتقى M4 وM5 شمال شرق سراقب، مما جعله على بعد ٨ كم من كل من مدينة ادلب واريحا على حد سواء، وهو ما يعني أنه قد فتح اتجاهات تقدم جديدة ومحاور محتملة لتقدمه غرباً أو جنوب غرب بطريقة تعزز زخم الهجوم، وتتيح له تحرير مساحات كبيرة ونقاط استراتيجية جديدة".

ولفت دنورة الى أنّ "تحرك الجيش السوري نحو تحرير الطريقين الدوليين وفتحهما بالقوة، بعد أن تهرب النظام التركي من تنفيذ التزامه بفتحهما منذ إبرام اتفاق سوتشي، ولمدة تناهز عاماً ونصف تقريباً، يعني عملياً أن الأحداث قد تجاوزت مضمون وإجراءات هذا الاتفاق، وأنه قد أصبح من المنطقي والضروري في آن انتظار تبلور وضع راهن ميداني جديد على الأرض، والبناء عليه والانطلاق منه نحو انجاز تفاهمات ميدانية - سياسية جديدة، وهذا لا يعني بطبيعة الاحوال أن المطالبات الروسية لن تبقي الباب مفتوحاً أمام تركيا للالتزام ببنود سوتشي قبل أن تصبح البنود برمتها وتفاصيلها محققة بحكم تقدم الجيش السوري على أرض الواقع".

وختم الخبير الاستراتيجي السوري حديثه لموقع "العهد" قائلًا: "بقاء قنوات التواصل الروسي- التركي مفتوحة على مصراعيها رغم التطورات الأخيرة، ما يشي أن المشهد سيبقى خاضعاً للضبط رغم تصريح إردوغان التهويلي حول خروج الأمور عن السيطرة، فحجم التشابكات في المصالح الاستراتيجية بين الروسي والتركي يجعل من العسير جدا على التركي نسفها، وهو الذي يعاني صداعا في علاقاته مع الأوروبيين والناتو والغرب بشكل عام، ويحتاج الى التعاون مع الروس في ملف شمال شرق سوريا، بالإضافة الى الملف الليبي على حد سواء، أما اذا تطور المشهد نحو صدام شامل فالموقف الروسي حاسم في دعمه لسوريا في القضاء على الارهاب، باعتبار وجود الحيثيات الجيواستراتيجية ذاتها تقريباً، فالمشهد عندئذ سيذكر حتماً بما حدث في أزمات سابقة، ولا سيما التهديد النووي الذي وجهه الاتحاد السوڤياتي السابق لتركيا مندريس عندما حشد الأخير قواته وهدد باجتياح سوريا في خمسينيات القرن الماضي".

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم