الخليج والعالم
ما هي احتمالات توسع الصدام الروسي التركي في ادلب؟
علي حسن - دمشق
دون تغيير في خارطة السيطرة، نجحت وحدات الجيش السوري بدعمٍ من الطيران الروسي بصد هجوم عنيف جدا شنته الجماعات الإرهابية بدعم تركي مباشر بالدبابات والجنود والمدفعية على محور قرية النيرب قرب سراقب، هذا الاشتباك دام لساعتين وجسّد أول حالة صدام بين السوري والروسي من جهة والتركي برفقة إرهابيه من جهة أخرى، فما هي احتمالية توسع الصدام الروسي التركي مستقبلاً؟
وزارة الدفاع الروسية قال في وقت سابق إنّ مقاتلات "سو24" الروسية دمرت دبابة وست مدرعات وخمس عربات مصفحة رباعية الدفع أثناء هجوم شنه الإرهابيون على مواقع الجيش السوري في ريف ادلب، مضيفةً أنّ الغارات الروسية مكنت الجيش السوري من صد الهجوم بنجاح، فيما أعلنت نظيرتها التركية مقتل جنديين تركيين وإصابة خمسة آخرين جراء غارة جوية على تجمع لهم قرب قميناس غرب النيرب، في وقت أشارت مصادرُ سورية إلى أن الموقع المستهدف من قبل الجيش السوري كان يستخدم لتقديم الدعم الناري والصاروخي للإرهابيين أثناء هجومهم.
مصدرٌ عسكري سوري قال لموقع "العهد" الإخباري إنّ "الهجوم الذي شنه الإرهابيون يوم أمس الخميس هو الهجوم الرابع الذي يفشله الجيش السوري على هذا المحور وجميعها كانت بدعم تركي مباشر، لكن التركي يوم أمس انخرط بالمعركة بشكل مباشر بدباباته وجنوده ومدرعاته إلى جانب جبهة النصرة والفصائل الإرهابية الأخرى كالجبهة الوطنية للتحرير والجيش الوطني"، مضيفاً أنّ " الإرهابيين والأتراك فشلوا في إحراز أي خرق على محور النيرب والجيش نجح بالصد بإسنادٍ ناري كثيف جداً من سلاحي الجو السوري والروسي الذي نفذ سلسلة من الغارات العنيفة".
وأشار إلى أنّ "الهجوم كلف الجماعات الإرهابية والجيش التركي خسائر فادحة جداً في العربات والمصفحات والدبابات التركية التي بدأت مهاجمة الجيش عبر محور الطريق الدولي، حيث قتل أكثر من سبعين إرهابياً ودُمّرت عشر دبابات ومصفحات تركية وسيارات دفع رباعية للإرهابيين المهاجمين الذي تكفل سلاح الجو الروسي أيضاً بضرب خطوط إمدادهم".
بدوره قال المحلل السياسي والاستراتيجي السوري كامل صقر لموقع "العهد" إنّ "توصيف ما جرى يوم أمس الخميس هو بدء لعبة عض الأصابع والفائز من يتحمل أكثر، ولكن الطرف الروسي السوري يتحمل هذه اللعبة وليس هناك آلام يتعرض لها بينما الطرف التركي يتألم سياسياً وعسكرياً على مستوى الاشتباك في ادلب، فأنقرة خسرت جنوداً وجرحى ودمرت لها دبابات وعربات نقل".
وأضاف صقر أنّ "هناك معادلة مؤثرة جداً في الوجدان التركي عموماً، يتكئُ عليها إردوغان خلال السنوات الماضية وهي معادلة الميليشيات الكردية التي تشكل خطراً على الأمن القومي التركي إذ كان يسوّق لهذه المعادلة بشدة ولقي هذا الأمر صدىً واسعاً في الداخل التركي ومؤسساته، ولكنها غير متوفرة في الحالة الراهنة بالمواجهة في ادلب أي أنّ الداخل التركي لا يرى دمشق والجيش السوري عدواً يشكل خطراً على الأمن القومي التركي، وبالتالي الدخول في اشتباك سيتسبب بخسائر تركية وسيكون أمراً غير مبرر داخلياً بالنسبة للرأي العام وهذه نقطة ضاغطة على القيادة التركية إضافةً إلى التصلب والتشدد الروسي في التعامل مع الموقف المستجد".
وتابع صقر أنّ "إردوغان يدرك أنه من المستحيل إعادة عقارب الساعة للوراء إلى ما قبل العملية العسكرية السورية الروسية التي أدت للسيطرة على معرة النعمان وسراقب وفتح الطريق الدولي وغرب حلب وشمال غرب حلب ولكنه يستميت في إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه وعدم انسحاب المسبحة نحو المناطق الأخرى شمالاً باتجاه مركز مدينة ادلب والحدود التركية".
وأكد صقر لـ"العهد" أنّ "إردوغان قد لا يجد فتوى إعلامية لإبقاء الوضع على حاله، هو يهدد بالتدخل العسكري ونفذ ذلك فعلاً يوم أمس وحاول اتباع استراتيجية الأمر الواقع ولم يكن يعتقد أنّ هناك موقفاً متصلباً جداً من الروس سياسياً وعسكرياً، فأن تقوم الطائرات الروسية بقصف واضح مع سبق الإصرار والتصميم لخطوط القوات المهاجمة الأمامية والخلفية يعني أنها مستعدة لاستهداف القوات التركية بشكل أكبر، وإردوغان استخدم خلال الأيام الماضية منبر البرلمان أمام كتلته البرلمانية للإيحاء بأنه ليس في موقف ضعف وأنه لن يقبل بالمعادلة التي فرضها الجيش السوري وحلفاؤه وجرّب يوم أمس في النيرب وجاء الرد الروسي شديداً للغاية وكلفه هذا الرد خسائر كبيرة في صفوف القوات التركية وأيضاً في صفوف الميليشيات".
وختم قائلا لـ"العهد" أنّ "نتيجة الاختبار التي حصلت يوم أمس أكدت للتركي أنّ الطرف الروسي ليس في وارد القبول بأية تنازلات ولذلك رأينا التركي يحاول إشراك إطراف دولية وبدا ذلك من التصريحات التركية حول منظومة الباتريوت، وهذه الأطراف لا تريد الاشتراك في هذا الاشتباك المتطور الذي تبدو فيه موسكو شديدة للغاية لجهة الحفاظ على الإنجاز الميداني مع حليفتها دمشق في شمال غرب سوريا".
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024