الخليج والعالم
تونس في مرمى الإرهاب مجددًا
تونس ـ روعة قاسم
ضرب الإرهاب مجددا تونس في هجوم أسفر عن استشهاد الملازم أوّل توفيق محمّد الميساوي وإصابة ستة اشخاص بينهم مدني.
واستهدفت العملية دورية أمنية قريبة من مقر السفارة الأمريكية في العاصمة التونسية. وخلّفت ردود أفعال غاضبة ومنددة محليا ودوليا وسط تأكيد على أهمية وحدة الصف التونسي لمواجهة هذا الخطر.
وتعد هذه العملية هي الأولى منذ حزيران/ يونيو 2019 والأولى في عهد الرئيس قيس سعيد، وقد تزامنت مع اول اجتماع لمجلس الوزراء للحكومة الجديدة بقصر قرطاج.
وزير الداخلية التونسي هشام المشيشي أكد أن الإرهابيين استعملوا عبوة تقليدية الصنع في الهجوم، وان التحقيقات ما تزال جارية لمعرفة مصدرها ومن شارك في صنعها دون ان يكشف عن هوية منفذي الهجوم، معتبرًا أنها عملية يائسة وان ذلك لن يثني رجال الأمن والجيش التونسيين عن مهمتهم في حماية البلاد.
ودعا عدد من الأحزاب المحلية على غرار "مشروع تونس" و"آفاق تونس" الى تطبيق قانون الارهاب والتعامل مع هؤلاء التكفيريين بصرامة لكي لا تعود البلاد الى مربع العنف، فيما شددت حركة"تحيا تونس" على ضرورة الوحدة الوطنية في مواجهة خطر الارهاب، كما طالبت النقابة الوطنية للأمن الداخلي البرلمان بسنّ قانون يحمي الأمنيين.
أية دلالات؟
وتحمل هذه العملية الانتحارية بتوقيتها وظرفيتها رسائل ودلالات عديدة، فهي جاءت قبل يوم من إحياء ذكرى ملحمة "بن قردان" التي هزم فيها "داعش" الإرهابي شرّ هزيمة على أيدي قوات الأمن والجيش التونسيين، في وقت كان يسيطر فيه على كثير من بلدان المنطقة و يعربد، فكانت بن قردان البداية لسلسلة من هزائم متتالية لهذا التنظيم.
ويحتفل التونسيون في 7 آذار/مارس من كل عام بذكرى هذه الملحمة البطولية التي تعتبر محطة هامّة في الحرب على الإرهاب وساهمت في هزيمة الجماعات الارهابية وتراجع نفوذها وانكسار شوكتها بشكل كبير، ليس فقط تونسيا بل ايضا عربيا واقليميا.
ويرى البعض أن هذا الهجوم الانتحاري لا يعدو كونه محاولة يائسة من أجل الانتقام سواء من ملحمة بن قردان أو من مقتل القيادي الارهابي سيف الله بن حسين المعروف بـ "أبو عياض" والتي أعلن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" عن مقتله أواخر فيفري / شباط الماضي في مالي اثر غارة فرنسية.
لقد شهد الإرهاب تراجعًا كبيرًا في البلاد وانخفضت وتيرته خلال الأربع سنوات الماضية بسبب حرفية قوات الأمن التونسية والتي تمكنت من تنفيذ عديد الهجمات الاستباقية، ألقت خلالها القبض على عديد الخلايا الارهابية النائمة.
ويبدو لوجستيًا أن الجماعات الارهابية فقدت قدرتها على التأثير والإيذاء، فجُلّ عملياتها الأخيرة تكشف أنها محاولات يائسة لخلق الرعب والبلبلة في صفوف المواطنين.
تحديات عديدة
هذه العملية تأتي لتزيد من حجم الصعوبات التي تواجه حكومة الفخفاخ الجديدة سواء على المستوى الأمني او الاقتصادي او السياسي، خاصة في ظل التجاذبات والتخبط السياسي الكبير الذي تعيشه البلاد، والذي بدا جليا في جلسات مجلس نواب الشعب وما تخلّلها من مشادات كلامية حادة بين النواب، فحكومة الفخفاخ التي تسلمت مهامها منذ أسبوع تقريبا وجدت نفسها أمام تحديات عديدة بدءا بفيروس "كورونا" الذي تحول الى كابوس عالمي، وصولًا الى التحدي الأمني.
ويفرض هذا الهجوم الجديد على التونسيين وحدة الصف ومزيد تدعيم الحزام السياسي لحكومة الفخفاخ التي جاءت بعد سلسلة من التجاذبات والصراعات داخل الأحزاب.
ويبدو أن هذه الجماعات الارهابية تبحث عن الانتقام وعن تسجيل نقاط بعد الهزائم الكبيرة التي مُنيت بها سواء في تونس او حتى اقليميا بعد تراجعها في سوريا والعراق. وعليه، الحرب على الإرهاب تحد عربي واقليمي وعالمي يتطلب موقفًا رسميًا صريحًا من الدول والجهات الداعمة لهذا الخطر التكفيري مهما كانت .
واليوم يحتفل التونسيون بمدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا بالذكرى الرابعة للملحمة البطولية التي هزمت مخطط "داعش" الارهابي وقضت على حلمه بإقامة إمارته في هذه المدينة، وسط إجماع وطني -بالرغم من كل التجاذبات - على أن تونس قادرة على دحر الارهاب وان هؤلاء الارهابيين لن يفلحوا في تدمير البلاد والعباد وفي نشر أفكارهم الظلامية.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024