الخليج والعالم
بيان آستانة: صيغة الحد الأدنى و"إدارة الخلاف"
محمد عيد
لم يحمل بيان جولة "الآستانة" الأخير خروجاً فعلياً عن إطار التوقعات، سيما وأنه قد استنسخ تكراراً مملأ للمماطلة التركية بخصوص تنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها أنقرة في الاجتماعات السابقة أمام كل من روسيا وإيران، لكنه مع ذلك مهد لإدارة الصراع وعدم تركه للمجهول وفق ما يرى الدكتور أسامة دنورة عضو الوفد السوري لمباحثات جنيف في حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري.
التركي يماطل
ولفت دنورة الى أنه قد يكون مبرراً لدى العديد من المراقبين ان يخرجوا بنتيجة توقعوها مسبقاً، ألا وهي ان مخرجات الاجتماع الأخير لصيغة استانة كانت معروفة سلفاً، ولم تخرج في بيانها الختامي عن فحوى وشكل البيانات الختامية للاجتماعات الأخيرة على الاقل. مشيراً إلى أن الأمر ليس مقتصراً على التكرار، فالاعادة في هذا الموضع لا تبدو فيها افادة، لا سيما ان غالبية بنود البيان الختامي التي تدعو الى التفاؤل فيما يتعلق باجماع الضامنين عليها، لم تجد سابقاً طريقها الى التنفيذ، فلا التركي ينهي احتلاله بناءً على ما يوافق عليه من بند متعلق باحترام السيادة السورية، ولا هو يبذل اي جهد للقضاء على الارهاب الذي يعيش ويزدهر تحت رعايته، بما فيه تنظيم جبهة النصرة المذكور بالاسم في منطوق البيان الختامي، والمصنف اممياً، وحتى تركياً (ظاهرياً) كمنظمة ارهابية، ولا يحترم التركي ايضاً وحدة الاراضي السورية التي يعمل على انتهاكها بطروحات من قبيل "المنطقة الآمنة".
وأضاف دنورة في حديثه لموقعنا بأنه وعلى ارض الواقع يتعلق الفشل الأساس في تطبيق مضمون البيانات الختامية لصيغة استانة بالازدواجية والنفاق التركيين، والتأجيل المستمر للالتزام التركي بما يتم التوقيع عليه كل مرة في استانة.
رفض الخطة الروسية
وعلى الرغم من كل ذلك، يرى عضو الوفد السوري إلى مباحثات جنيف بأن الخروج بنتيجة مفادها ان اجتماع استانة وبيانها هو "لزوم ما لا يلزم" قد لا يكون دقيقاً، ففي اطار الوضع المتوتر والمُهدَّد دائماً بالتصعيد في الشمال السوري، يبدو الحفاظ على صيغة الحد الادنى او صيغة "ادارة الخلاف" حيوياً وضرورياً، واذا ما اضيف اليه امكانية ظرفية تتعلق بتنفيس التوتر في الشمال ودرء احتمالات التصعيد، فقد تكون النسخة الاخيرة من استانة "مفيدة اكثر من سابقاتها،" على الرغم من انه لا توجد مؤشرات حقيقية على تغير السلوك العدواني التركي.
من جانبٍ آخر يؤكد دنورة أن العرقلة التركية لا يبدو انها تقتصر على تجاهل تنفيذ البيانات الختامية لاستانة، بل تتجاوز ذلك الى تأجيل او رفض المقاربة الروسية التي افادت بعض التسريبات انها سعت لدفع التركي الى فرض التراجع على ارهابيي ادلب بالتزامن مع تراجع قوات قسد لما وراء مسافة ٣٠ كيلومتراً عن خط الحدود السورية ـ التركية.
ويضيف عضو الوفد السوري لمباحثات جنيف إلى أنه "من هنا وبناء على استمرار التعنت التركي " فإنه لا يمكن للدولة السورية الا ان تتوقع الاسوأ من هذا النظام التركي، لاسيما ان نوايا تركيا بالتوسع وتكريس الاحتلال واحداث التغيير الديمغرافي والتطهير العرقي لا تزال ماثلة، يظهر ذلك في حديث وزير الخارجية السوري مصطفى المقداد الذي رأى في مشروع "المنطقة الآمنة" التركي مسعى لتوطين الارهابيين في المنطقة المقصودة على حساب المواطنين اصحاب الحق والارض.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
24/11/2024