الخليج والعالم
تركيا تهدّد الائتلاف السوري المعارض
دمشق - علي حسن
على الرغم من التكتم الشديد والسرية التامة التي تلف سير المباحثات السورية التركية، إلّا أن نتائجها بدأت تطفو على السطح بين الحين والآخر، وكان آخرها ما نقله معارضون لاجتماع ضمّ قادة الائتلاف السوري المعارض مع مسؤولين أتراك من بينهم المسؤول المباشر عن الائتلاف واسمه الحركي "أردم"، وذلك في أنقرة في التاسع من الشهر الحالي.
تسريبات عن اجتماع بين الائتلاف السوري المعارض ومسؤولين أتراك
وبحسب الورقة المسربة، حضر الاجتماع رئيس "الائتلاف" سالم المسلط ورئيس ما تسمى "هيئة التفاوض" بدر جاموس ورئيس ما تسمى "الحكومة المؤقتة" عبد الرحمن مصطفى والرئيس المشارك عن المعارضة في لجنة مناقشة تعديل الدستور هادي البحرة ومسؤول عن الجانب التركي لم يتم تعريفه إلا باسمه أردم.
ووفق ما ورد من تسريبات، فإن أردم استدعى الآنفين الذكر "على عجل لأمر ضروري"، وشرح لهم أن هناك لقاءات مع الجانب السوري ونقاشات "صعبة ومفيدة"، وأن الروس هم "من يضغطون بهذا الاتجاه"، واشترطوا مقابل وساطة تركيا بين روسيا وأوكرانيا أن يكون هناك تطبيع مع الحكومة السورية، و"لا أعتقد أن الأمر سيكون سهلًا، لكن هذا ما يحدث الآن".
وأوضح أردم أن روسيا تحرص على عمل اللجنة الدستورية ولكن خارج جنيف، وأن الحكومة السورية وروسيا "لا تريدان شروطًا مسبقة"، مشيرًا إلى أنه "من غير المعقول" المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد بعد إخفاق دول غربية في تنفيذ مخططاتها في ذلك، موضحًا أن الرئيس الأسد هو الممثل الشرعي للشعب السوري في الأمم المتحدة، و"القرار 2254 ينص على ذلك، هذه هي الحقيقة.. عليكم أن توافقوا على ذلك"، لافتًا إلى أن "التأخر في قبول هذه الفكرة يعرضكم (الائتلاف) كل يوم لخسائر أكبر (…) أميركا تريد دولة كردية في الشمال، هل يريحكم ذلك؟".
وأضاف أردم: "اليوم قد يكون لكم فرصة في المشاركة في الحكم ولو بنسبة معقولة، غداً سوف تفقدون هذه الفرصة (…) ونحن كأتراك ظروفنا ليست سهلة، لدينا انتخابات والملف السوري يستخدم ضدنا من المعارضة، والشعب التركي يريد أن يرى أفعالاً. أريد أن أتحدث بصراحة أكثر، هذه أفكارنا حالياً، إذا كنتم لا تريدون أن تتوقفوا عن اللعب وإضاعة الوقت دعونا لا نتحدث أكثر، يمكن أن نتحدث مع غيركم، هناك معارضة عقلانية مستعدة للعب هذا الدور، أريد رأيكم بصراحة".
بدوره قال المسلط: "نحن نعرف الوضع السيئ الذي وصلت إليه الأمور، وباختصار لم يبق أحد معنا، أقرب حلفائنا تركونا، لم يبقَ دولة معنا إلا تركيا، ونحن نعرف القرار 2254، ومع تطبيقه"، الأمر الذي وافقه عليه جاموس.
ورد أردم بالقول: "جيد هذا الكلام، لكن كما قلنا نريد أفعالاً وليس فقط كلامًا"، في حين قال المسلط: "أنا سمعت منك هذا الكلام سابقًا، وشرحته لإخواني سابقًا واجتمعنا وتناقشنا واتفقنا أن نتجاوب مع المبادرة التركية، لدينا ثقة بكم".
أنقرة تتحرّك باتجاه دمشق بعد فشل مشروعها بإسقاط الدولة السورية
وفي تعليقه على التسريبات، قال المحلل السياسي اسماعيل مطر لموقع "العهد الاخباري" إن هذه التسريبات وإن لم يتمّ تأكيدها من قبل مصادر رسمية فإنها تسير في السياق الطبيعي للأحداث، موضحًا أن تركيا وبعد فشل مشروعها الكبير في المنطقة بدأت تؤقلم أهدافها لتتناسب مع الأحداث المستجدة واختارت أن تعيد فتح القنوات المقطوعة مع دمشق تحت وطأة ملف اللاجئين السوريين الضاغط عليها خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، وفي ظل فشل المشروع العسكري بإسقاط الدولة السورية.
وأشار مطر الى أن هناك قناعة لدى قادة الائتلاف المعارض بأن تركيا تملك النية والقدرة على التفريط بهم وبيعهم إذا لم يتجاوبوا مع المستجدات في السياسة التركية بشكل كامل، مشددًا على أن التغيير لم يتوقف على الائتلاف فقط بل تعدّى ذلك حتى إلى جماعة الجولاني و"هيئة تحرير الشام" التابعة له حيث بدا ذلك جليًا مع مسارعة الهيئة لفتح معبر الترمبه التجاري مع مناطق الدولة السورية.
الجولاني وبحسب المحلّل كان أول من استشعر التغيير وحاول الخروج من جلده من قيادي يأتمر بأمر القاعده إلى مدني حريص على الأقليات ومرتاد دائم لمعارض الفن التشكيلي بـ"الطقم والكرافيت" اللذين باتا لباسه الدائم
وخلص المحلل السياسي في حديثه لـ"العهد" الى أن المشهد السوري ورغم كل مأساويته وسوداويته، بات يحمل النهاية الطبيعية والمتوقعة لكل من هان عليه وطنه فهان هو في نظر من دفعه إلى ذلك.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024