الخليج والعالم
تونس.. الاستمرار في المقاومة لإسقاط وعد بلفور ومترتباته
تونس – عبير رضوان
تحت شعار "بالاستمرار في المقاومة نسقط وعد بلفور ومترتباته"، أقام مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء، فعالية نضالية بمناسبة الذكرى 105 لوعد بلفور بحضور ناشطين وفاعلين تونسيين.
وكون ذكرى وعد بلفور تتقاطع مع مجموعة من المناسبات التاريخية الفلسطينية والتونسية، حيث وافقت الذكرى 74 لمجزرة الدوايمة بفلسطين 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1948، والذكرى 111 لمعركة الجلاد ضد الاستعمار الفرنسي في تونس 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1911، والذكرى 110 لإعدام السلطات الاستعمارية الفرنسية لإبطال معركة الجلاز، الجرجار ورفاقه يوم 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1912، فقد كانت مناسبة للتوقف امام كل هذه الاحداث والربط بينها كعناصر موحدة في النضال القومي ضد قوى الاستعمار والامبريالية والصهيونية.
وتم عرض وثائقي لكل الوثائق المتعلقة بوعد بلفور، ومستويات الوعي به وأشكال مقاومته، خلال مرحلة ما قبل عام 1948، وذلك بهدف تفعيل الذاكرة التاريخية، كشرط ضروري لوعي الحاضر والمضي نحو المستقبل بثقة.
كما عقدت ندوة فكرية حوارية بهدف تعميق الوعي والتفاعل السياسي كشرط لبلورة رؤى ومواقف ناضجة قادرة على الاستجابة للتحديات، ورسم أدوات الفعل والمواجهة.
واكد عابد الزريعي رئيس مركز دراسات أرض فلسطين في مداخلته ان فهم وعد بلفور يتطلب فهما عميقًا النظر اليه في سياقة التاريخي الوثائقي، وموقعه بين وثيقتين سابقة ولاحقة، الأولى تمهيدية والثانية تنفيذية بينما يحتل موقعه كوثيقة تحويلية للوثيقة الأولى حسب الترتيب الاتي:
الوثيقة التمهيدية وهي الوثيقة المعروفة باسم سايكس ــ بيكو. نصت على نصيب فرنسا (سوريا ولبنان) والموصل. ونصيب بريطانيا في بغداد والبصرة والخليج العربي. لقد ترتب على هذه العملية مسألتان: - الجغرافيا والديمغرافيا. جعلت من الوطن اوطانا ومن الشعب شعوبا. ـ تعليق مصير فلسطين باستثنائها من التقسيم ـ وضعها تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا. فتح الطريق لخلق الظروف للوثيقة التحويلية.
اما الوثيقة التحويلية فهي اعلان بلفور 2 في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017. والذي في سياق العلاقة التاريخية بين القوى الاستعمارية والحركة الصهيونية يشتغل في الجغرافيا المستثناة من اتفاقية سايكس بيكو، والمنوط به تحويلها باعتماد آلية التقزيم والتضخيم الديمغرافي والتغيير في مستويين:
أ ـ تضخيم اليهود أكثر من 5 بالمائة واعتبارهم شعبا، وتقزيم الشعب الفلسطيني واعتباره طوائف.
ب ــ تغيير الجغرافيا العربية، الى " وطن " للشعب اليهودي " يسكنه طوائف دينية غير يهودية.
إضافة الى الوثيقة التنفيذية والمتمثلة في صك الانتداب الذي اقرته عصبة الامم 1922 في سياق هيمنة الدول الاستعمارية على العالم المتشكل بعد الحرب العالمية الاولى، والذي نص في مادته الثانية: "تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي. وبهذا الصك اصبحت وثيقة التحويل تتمتع بما يمكن تسميته السمة الدولية التي تملك قوة التنفيذ".
وقال ان القراءة المدققة لما يجري على المستوى العربي تؤكد ان هناك محاولة استعمارية جارية لإعادة انتاج وعد بلفور جديد بالاعتماد على التطبيع كألية ووسيلة. وأضاف ان الصراع ما زال يدور على ذات الفضاء الجغرافي الذي شكل مسرحا للاتفاقيات الثلاثة، وذلك في ظل لحظة سياسية تتسم بتحولات دولية كبرى على مشارف سقوط نظام وميلاد نظام.
وأشار الزريعي الى ان هدف القوى الاستعمارية هو ضمان الاستمرار لـ"إسرائيل" وتدمير الدولة الوطنية ــ القطرية، وتوفير اسس الاستمرار لنظام الأحادية القطبية ومنع المتغيرات الدولية.
وتناولت أستاذة القانون سميحة الخليفي وعد بلفور من زاوية قانونية بهدف تعميق الوعي كشرط لبلورة رؤى ومواقف ناضجة قادرة على الاستجابة للتحديات الدائرة وقالت ان المعركة ضد اعلان بلفور معركة راهنة وليست شيئًا من الماضي، الامر الذي يجعل من مسألة بناء الجبهة الشعبية العربية المقاومة شرطًا واداة مسألة لا محيد عنها.
وتخلّل الفعالية إقامة ورشة رسم وتصوير للأطفال، بإشراف الأستاذة خميسة العبيدي، وذلك بهدف تعزيز وغرس قيم المشاركة السياسية والتعبير بمختلف مستوياته لدى الأطفال، على قاعدة الوعي بالانتماء لفلسطين .