الخليج والعالم
النظام السعودي يحاول تلميع صورته بـ"المال"
في محاولة منه لإعادة تأهيل صورته، يُواصل النظام السعودي صرف المزيد من الأموال خاصة عبر استقطاب أبرز الرياضيين حول العالم إذ بات "المال" هو لغة الحكم على الساحة الدولية.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في افتتاحيتها أنّ وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) خلُصت إلى أنّ جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي وتقطيع أوصاله داخل قنصلية النظام السعودي بإسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2018 جرت بأمر من ولي عهد المملكة والحاكم الفعلي لها محمد بن سلمان، رغم أنه ينفي ذلك، ما أدى إلى صورة دولية قاتمة للمملكة لاحقًا، انسحب على أثرها عدد من الشخصيات التجارية البارزة من مؤتمر "دافوس في الصحراء".
وبالتزامن، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن الذي كان مرشحًا للرئاسة عن الديمقراطيين بأن يجعل "السعودية" دولة "منبوذة" ثمنًا لانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، لكن ذلك كان "في زمن مضى" بينما يحجز 4 من بين أغنى 4 رياضيين في العالم مكانهم في قائمة الأموال السعودية.
على رأس هؤلاء لاعب النصر السعودي كريستيانو رونالدو، إضافة إلى صعود لاعبي الغولف: داستن جونسون وفيل ميكلسون إلى المراكز العشرة الأولى بعد انضمامهما إلى بطولة "ليف غولف" العالمية، التي ترعاها المملكة.
حتى أسطورة كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي تعرض للإيقاف من فريقه باريس سان جيرمان هذا الأسبوع على خلفية زيارته للسعودية دون إذن باعتباره "سفير السياحة" في المملكة إذ تخلف عن تدريبات فريقه وهو السبب وراء إيقافه وليس أية مخاوف تتعلق بسمعة النظام السعودي الحقوقية خاصة أن باريس سان جيرمان مملوك لقطر "ذات السجل القاتم في حقوق الإنسان" على حدّ توصيف الصحيفة البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الرياض لديها المليارات التي تنفقها على كل شيء من المديرين التنفيذيين للعلاقات العامة للمساعدة في تغيير علامتها التجارية إلى المهندسين المعماريين المشهورين لبناء "مدينة المستقبل" لولي العهد في الصحراء (نيوم)، في حين تتقشف معظم دول العالم.
وعلى إثر ذلك، فإنّ إعادة تأهيل المملكة و"حاكمها" تسير بخطى حثيثة ــ بحسب الصحيفة البريطانية ــ التي نوّهت إلى أنه تمّ تمهيد الطريق أمام رجال الأعمال ونجوم الرياضة للانخراط في تلميع صورة المملكة عبر القادة الدوليين، الذين لم يتوقفوا عن توريد الأسلحة إلى النظام السعودي، وسعوا إلى تعزيز العلاقات مع المملكة العام الماضي بعد ارتفاع أسعار النفط إثر الغزو الروسي لأوكرانيا.
وسلّم بايدن على ابن سلمان بقبضة يده في تشرين الثاني/نوفمبر، وأبلغت إدارته محكمة أميركية بأنه ينبغي منح ابن سلمان "حصانة" في دعوى مدنية تتعلق بوفاة خاشقجي.
كما استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ابن سلمان على العشاء في قصر الإليزيه وحتى أنقرة التي نشرت تفاصيل الجريمة على نطاق واسع سعت إلى التقارب معه.
وهنا تشير الغارديان إلى أن جريمة اغتيال خاشقجي المروعة جرت في سياق القمع والاضطهاد المتزايد في المملكة، ليس فقط للمعارضين، ولكن لأي شخص يقف في طريق خطط الرياض، مشيرًا إلى أنّ تنفيذ أحكام الإعدام تضاعف تقريبًا في عهد ابن سلمان.
وفي حين تستثمر المملكة بكثافة في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من مشروعات وادي السيليكون، أصدرت أحكامًا بسجن معارضين لعقود، بل وهدّدت بعقوبة الإعدام للمتهمين بمشاركة الانتقادات على تويتر وواتساب.
والأربعاء، حذّر خبراء الأمم المتحدة من الإعدام الوشيك لـ 3 أفراد من قبيلة الحويطات، مشيرين إلى أنه رغم اتهامهم بالإرهاب فقد ورد أنه تمّ اعتقالهم لمقاومتهم عمليات الإخلاء القسري من منازلهم لصالح مشروع نيوم.
واختتمت الغارديان افتتاحيتها بالإشارة إلى أنّ المواطنين في المملكة لا حرية لهم في الانتقاد أو التعبير، وبعكس ذلك، يتمتع الأجانب بحرية تحدي المملكة، لكن كثيرًا منهم، بدلاً من ذلك، يستخدمون أصواتهم للإشادة بها، سائلة: "لماذا تتوقف الدولة (القمعية) إذن طالما أن ثمن أفعالها منخفض جدًا؟".