نقاط على الحروف
يقينًا كلّه خير.. والسنون الخمس تشهد!
للجرحِ ضفّتان، فجر الثالث من كانون الثاني/يناير ٢٠٢٠ وعصر السابع والعشرين من أيلول/سبتمبر ٢٠٢٤، والدمُ العزيز يسري بينهما نهرًا من مواجع تنتصر.. جئنا اليوم يا حاج قاسم، اليوم نذرف في حضرة ذكرى ارتقائك دمعة عزّ ما نضبت منابعها، ونحمّلُك في الذكرى، لسيّدنا، يا سند سيّدنا، السلام..
في ذلك الفجر الذي أيقظنا على نبأ شقّ صدورنا غضبًا وحزنًا، انتظرنا كما كلّ أحرار الأرض إطلالة الأمين، حبيب قلبك وصديق جهادك، كي يهدىء روع القلوب الملتاعة من وقع النّبأ.. وكنّا ندرك حجم الفقد الذي أرخى بثقله على كتفه، وحين استمعنا إلى كريمتك زينب وهي تقول، إنّ "عمّها السيّد حسن" سيثأر لك، فاضت قلوبنا عزًّا ودموعًا.. تحلّقنا حول خطاب السيّد في تأبينك كما الأطفال، وشهدنا، بأمّ العين شهدنا، غضبة الأمين وملامح الطالب بثأر أخيه.. "أيّ دمٍ لنا سفكتم.. أيّ كبد لنا فريتم! هذا الدّم ليس كأيّ دم.. هذه قصّة مختلفة".. صرنا نراك في طيّات الضوء الساطع من عينيه، كما رأينا ولم نزل لطف أثرك على امتداد محور المقاومة والشّرف.. غصنا طويلًا في حضورك في تموز ٢٠٠٦، كتفًا بكتف مع سيّدنا نصر الله ومع الحاج عماد.. بات خيالنا يرسم وجوهكم وحركتكم وأصواتكم في ليالي الحرب، ويحاول أن يترجم لنا معنى أنكم كنتم سويّة على خطّ النار، من قلب الضاحية.. ثمّ ما طال الفراق بينكم.. فقد سبقك العماد والتحق بك الأمين، وعدتم ثلاثة رجال، ثلاثة محاربين رحماء بينهم، أشداء على الكفار، يقاتلون كتفًا بكتف، ومعًا يخطّون علامات النّصر ومؤشّراته.. عدتم معًا، تقودون جيش الشهداء من عليائكم..
بين "يقينًا كلّه خير" التي حُفرت في وجداننا بصوتِك، وطريقتك في تحويل أيّ تهديد إلى فرصة، تعلّمنا منك كيف سنواجه الآتي.. والآتي كان الحرب، الامتحان الكبير. وفيها شهدنا، بعيون القلب شهدنا، حضورك الكثيف على الجبهات: من غزة إلى اليمن، وفي لبنان.. يا حبيب قلب لبنان وسند روحه! ويا صديق عزّة اليمن المؤتمن، ويا فارس فلسطين وناصرها... في كلّ طلقة، في كلّ صيحة، في كلّ إصابة محقّقة، في كلّ مرّة تألّم فيها العدو، كنا نراك ونتعرّف إلى حضورك بالأثر.. ولعلّ من أولى الصور التي مرّت في أذهاننا ساعة الإعلان عن استشهاد السيد نصر الله، كانت صورة لقائكما بعد شوق طال خمس سنين.. وكنا من عمق الجرح وفيض الدموع نغبطكما على التلاقي، ولعلّ شعورنا أنَك كنت في العلياء تستقبل سيّدنا وتحتضنه طويلًا، كما في آخر لقاء جمعكما يوم زرته قبل استشهادك بيومين، كان يخفّف قليلًا من روع قلوبنا الفاقدة.. وكذلك، رأيناك عند أضرحة الشهداء، أحبابك هنا في الروضة.. لمحنا طيفك يجول بين العوائل التي اختارها الله وشرّفها بالانضمام إلى الجمع المقدّس لعوائل الشهداء.. وصرنا حين يُحكى عن كفّ قطيعة لجريح أو لشهيد، تمضي بنا القلوب سريعًا إلى كفّك على أرض العراق.. نستظلّ بها من حدّة وحرّ الألم..
مرّت سنوات خمس يا حاج قاسم، وكلّ أرض محور المقاومة حفظت أثرك وصانت عهدك وأزهر في ترابها ورد زرعته بيديك الطاهرتين.. ودم ناصع ينتصر على سيوف الظلم والقهر والاستكبار.. ولعلّ السنة الأخيرة شهدت الامتحان الأقسى لليقين بأن "يقينًا كلّه خير"، وما أطهر الفائزين فيه يا حاج، وما أنبلهم!!
السيد حسن نصر االلهالمقاومةقاسم سليمانيايران
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
04/01/2025
اليمن ينصر غزة بلا سقف ولا خطوط حمراء
02/01/2025
يقينًا كلّه خير.. والسنون الخمس تشهد!
31/12/2024
٢٠٢٤ .. حكاية كلّ السنين الآتية
31/12/2024
فلسطين ٢٠٢٤.. بين الإبادة والمقاومة
29/12/2024