آراء وتحليلات
العودة إلى مزاعم اغتصاب المستوطِنات في طوفان الأسرى.. استعطاف غربي
خلال جميع المقابلات التي بثها الصهاينة، في لقاءات مع أسيرات صهيونيات أسرن في غلاف غزة خلال العملية البطولية التي نفذتها كتائب عز الدين القسام/ الجناح العسكري في حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، كان الحديث عن حسن خلق المقاومين في كتائب القسام ومعاملتهم الحسنة. ومع ذلك؛ يعود الإعلام الغربي "المحافظ والتقدمي" لإثارة المزاعم حول عمليات اغتصاب خلال عملية "طوفان الأقصى"؛ والادعاءات الجديدة سيقت على لسان باميلا باتن، وهي الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع.
فما الذي يريده الأميركيون والصهاينة من عودة الحديث إلى هذا الموضوع بين الفينة والأخرى، أو لنقل ما بين الهزيمة والأخرى؟
بالتأكيد رفضت حماس هذه الإدانات، وقالت إن: "مزاعم باتن تتناقض مع ما ورد في شهادات لنساء وأسيرات إسرائيليات أفرج عنهن عن معاملة المقاومين الحسنة لهن". وأفادت بالمفيد، وهو أن الهدف من التقرير هو طمس بشاعة وهول المجازر التي يرتكبها الكيان في قطاع غزة.
الحديث في الإعلام حول هذا الأمر يُرَدّ إلى هدفين أساسيين. الأول أن الأميركيين، ومن وراءهم الغرب، يعتقدون أن ظهور أدلة أم عدم ظهورها سيأتي بنتائج متطابقة أو متماثلة مع ما حدث حين اُتهم الفلسطينيون العاملون في الأونروا بمساندة حماس في عملية طوفان الأقصى من دون تقديم دليل، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى لجم ولو جزئيًا للمظاهرات التي ابتدأت تجتاح الشوارع الأميركية والعالمية في كل مكان عند كل عطلة أسبوع رفضًا للحرب على غزة. وكنا تحدثنا سابقًا عن أن الأجيال الجديدة تفلتت من الدعاية الصهيونية الهولوكوستية، والتي ترى أنه قد حان الوقت للمضي قدمًا ووضعها خلفها، خاصة وهي تشهد جرائم الإبادة العرقية الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني. والهدف الثاني: هناك حاجة ماسة لتجنيد المزيد من المتطوعين في الحرب القادمة، وأبناء الأجيال الجديدة الشابة سيكونون وقود المتطوعين أو وقود الحرب القادمة.
يحضّر الأميركيون والصهاينة معًا لمسار حرب كبرى من أجل عودة السيطرة الأميركية على الممرات البحرية، وخاصة من بحر العرب وصولًا إلى البحر الأحمر.
هنا؛ يمكننا أن نعتمد تسلسل الأحداث. نتنياهو يحضّر للدخول إلى معركة رفح إعلاميًا منذ الشهر الماضي، وقال إن الهجوم سيكون خلال شهر رمضان المبارك، ولكن كما أشرنا أن هذا الهجوم بحاجة إلى دعم دولي، من خلال إعادة الزخم إلى ادعاءات الاغتصاب. لكنّ رواية باميلا باتن في تقريرها الجديد هي رواية سخيفة. فبعد أكثر من ستة أشهر على عملية طوفان الأقصى، أتت السيدة باتن في الثالث من آذار/ مارس الحالي، من أجل دعم الصهاينة مجددًا. وتصادفت الزيارة قبل جلسة السماع في 12 آذار في مجلس الأمن، والتي حضرها أهالي الأسرى الصهاينة. لكّنهم على الرغم من التقرير الأممي، خرجوا من الجلسة يخبطون أيديهم برؤوسهم لأنّ أحدًا لم يصدقهم، ولأنّهم هم المتهمون بممارسات الإبادة في غزة، وجلّ ما سمعوه هو ضرورة الإفراج عن الأسرى الصهاينة. وهذا هو السبب الثاني وراء عودة الإدعاءات.
من الواضح، بحسب تصريحات رئيس وزارء الكيان بنيامين نتنياهو، أن الذهاب نحو معركة رفح بات حتميًا، وهو لا يريد أن يبقي على حصار الفلسطينيين هناك. طبعًا الكلام هو ذرّ للرماد في العيون؛ لأن الهدف الأساسي من معركة رفح هو فتح الممر باتجاه واحد نحو سيناء والمضي بخطة التهجير الجماعي أو النكبة الثانية. ويعتقد نتنياهو أنه إذا نجح في هذه الخطة فهو سيغدو "أمّ" الكيان غولدا مائير، و"أب" الكيان أيضًا بن غوريون الجديد. ولم يبقَ أمام نتنياهو سوى أمل وحيد لتنفيذ خطته في رفح. ولكن كي يستطيع القيام بهذه الخطوة، فهو بحاجة إلى دعم غربي كبير وغير مسبوق، تعرقله المظاهرات التي تنادي في شوارع تكساس ونيويورك ولندن وغيرها من الدول الأوروبية "فلسطين حرة من النهر إلى البحر". وليس هناك بالنسبة إلى العدو أفضل من إعادة التذكير بالسابع من تشرين الأول ومقتل 1200 صهيوني في الهجوم وإثارة المزاعم حول اغتصاب النساء في الأسر، والتعتيم على قضية الأسرى الفلسطينيين والفلسطينيات.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024