خاص العهد
قطع الطرقات: لعنة تجلب الويلات
إيمان مصطفى
صف سيارات طويل، انتظار لساعات، شمس حارقة، إهانة وتفتيش وتدقيق بالهويات: أيها المواطن انت في لبنان! ما عليك الا دفع "خوة" لاجتياز الحواجز ! كل سيارة قادمة من البقاع أو الجنوب أو الشمال نحو العاصمة بيروت مشروع رحلة الى الذل أو حتى الموت.
فاطمة تلفظ أنفاسها الأخيرة على الطريق
فاطمة أحمد حمود احدى ضحايا قطع الطرقات في لبنان المستمر منذ ثمانية أيام. يروي الوالد أحمد حمود لموقع "العهد" الإخباري أن عارضًا صحيًا أصاب فاطمة، في منزلها الكائن في منطقة عرمون؛ فورًا اتصل أهلها بالصليب الأحمر اللبناني، ونظرًا لقطع الطرقات تأخرت سيارة الاسعاف بالوصول.
ويضيف: "حاولت نقلها بسيارتي لكن قطاع الطرق منعوني من الانتقال بها إلى المستشفى".
رئة فاطمة لم تسعفها لانتظار هذا الوقت الطويل، اختنقت بأنفاسها، فبدأ الاوكسجين ينقص في جسدها الى أن انقطع على طريق وطن كانت تحلم أن تبنيه بطموحاتها.
"خوة" وعلى عينك يا تاجر
ليس ببعيد عن منزل فاطمة، وعلى اوتوستراد خلدة طبيب لبناني ـ رفض ذكر اسمه ـ يحكي لـ"العهد" عما أسماه "الفلتان"، قائلًا: "أنا طبيب لبناني مؤمن بالحراك الشعبي ومحاربة الفساد وداعم لمطالب اهلي الشرفاء ولكن بطبيعة عملي لا أستطيع التوقف عن ممارسة مهنتي. اليوم عند الساعة التاسعة والربع صباحًا وعند مروري من خلدة اوقفني بعض الشبان عند حاجزين". ويوضح: "عند الحاجز الأول وعند رؤيتهم بطاقة طبيب على سيارتي سمحوا لي بالمرور، أما عند الحاجز الثاني فتحير العناصر في أمرهم، سمعت أحدهم يقول "يدفع ٥٠$ منمرقها"، ولكن بعد تدخل عناصر آخرين سمحوا لي بالمرور "دون أن أدفع".
ويقول لـ"العهد" مستنكرًا: "لهلأ بعدو صوت الأوادم عم ينسمع، بعد شوي إذا بيستمر الفلتان الله وحده بيعرف وين منصير! صراحة ولا طبيب بيرجع بيضهر من بيته!".
"الله لطف"
الشاب محمد حمود بدوره يخبرنا عن وجع طال والده، هو وجع رافقته سنين العناء والتعب: "اضطر والدي البالغ من العمر 65 عامًا للنزول من الجنوب الى بيروت ليبحث عن دوائه الذي انقطع من المنطقة لعله يجده"، مضيفًا: "منذ الفجر تحرك بسيارته هربًا من لعنة قطع الطرقات، ظنًا منه أنه سبق المتظاهرين".
"أبي الذي يعاني من ضعف النظر، تفاجأ ببقايا الحجارة والبلوكات التي لا تزال في منتصف الطريق، تركها المتظاهرون على طريق الدامور ليلًا"، يقول حمود "ما سمحتلهم نخوتهم الوطنية يشولوهم قبل ما يروحو عبيوتهم"، مضيفًا "لم يستطع والدي السيطرة على مقوده على طريق الدامور "فطلع على البلوكات، طار الدولاب والله لطف فيه".
ويضيف: "بيي اضطر يبيع شقة عشان يزبّط وضعو المادي ويشتري هالسيارة"، متوجهًا للمتظاهرين غاضبًا:"انتو حرمتوه بيي حقو بالدواء، وحرمتوه حقو بالصحة والسلامة على الطرقات، وحرمتوه سيارتو لهيي كل رزقه، على مين عم تسكرو؟ على الناس الموجوعين متلكم؟".
وسأل:" من يخفف عن أبي الذي انتظر ساعات ليوصله أحد الى منزله؟ ومن يتحمل مسؤولية ما حصل معه؟ هل هي الدولة أو المتظاهرون؟".
ويؤكد حمود لـ "العهد" أنه "من غير المقبول ما حصل"، مشددًا على أن "للجميع الحق في التظاهر الا أنه لا يحق لأحد قطع الطرقات وحرمان الناس من أبسط حقوقها"، قائلًا: "اقفال الطريق عدوان".
وللوالد كلمة يقولها عبر موقعنا: "السيارة مع أنها كلفتني كتير ان شاء الله بتكون فداء لبنان، وللي عم تسكرو الطرقات بقلن متل ما سكرتوها بوجهي يمكن مراهق غيرك يسكرها بوجه بيك وهو رايح يجيب أي شي ضروري"، مضيفًا: "بلشتو بثورة اقتصادية ومحاربة الفاسدين صرتو عم تحاربو الشعب اللبناني".
هذه بعض الحوادث التي تقع يوميًا وكل ساعة جراء قطع الطرقات فهل من يعتبر؟ ومن المسؤول عن حماية المواطنين من هذه الحوادث؟
سؤال برسم المعنيين على أمل أن يجد المواطن من يدفع عنهم بلاء الموت على الطرقات أو بين أيدي من لا يعرفون أو يعرفون ماذا يفعلون.