معركة أولي البأس

خاص العهد

الخبير الدستوري عصام اسماعيل لـ
02/12/2019

الخبير الدستوري عصام اسماعيل لـ"العهد": على الحكومة ممارسة جميع صلاحياتها

مهى يوسف

قديما عرّف أحدهم الوطن بأنه الفكرة المفقودة في خيالك لا الواقع الراهن. ولأن لبنان يفتقد إلى الكثير وغني بالكثير لم يجد اللبنانيون ضالتهم بالتعرف إلى الوطن. لكن الأكيد أن ما سعى إليه فقراء لبنان في 17 من تشرين الثاني 2019 لم يكن وطنا مقطع الأوصال أو بلدا لا مكان فيه سوى لصوت الغوغائية ومزامير الموت ولغة الشارع في وقت تغيب فيه صورة الحقيقة وأحرف المنطق عما تبقى من حلم اسمه لبنان.

ولأن الكثير من سياسيي لبنان امتهنوا الدجل، أجاد هؤلاء سرقة أحلام الفقراء بعد جيوبهم فأتقنوا لعبة التنصل من المسؤولية وحولوا حراكًا شعبيًا ضد الضرائب إلى كرة نار تهدد البلد فيما الوطن يترنح على شفا انهيار مالي أو تسليم للضغوط الأميركية وعنوانها "سلاح المقاومة".

أمام هذا الواقع، كان لا بد من العودة إلى ورقة يجمع أبناء الوطن الواحد على مرجعيتها وهي "الدستور اللبناني". في هذا الإطار، يرى الدكتور المتخصص في القانون الدستوري عصام اسماعيل أن "المرحلة خطيرة جدا وعنوانها الخوف من المجهول لا سيما مع ما تشهده البلاد من ظروف استثنائية."

ووفقا لقاعدة أن الدستور مرآة للواقع، يشرح الأستاذ المتخصص في الجامعة اللبنانية لموقع "العهد" الاخباري أن "الثورة بشكل عام هي حالة غير دستورية، بحيث تحظر كافة الدساتير اعتماد الوسائل غير المنصوص عنها في الدستور لتولي السلطة."

يتحدث العالم بخبايا المواد الدستورية، أن استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري بعد 13 يومًا من التظاهرات عرّت على الرغم من قانونيتها الرجل من صفة القيادة. "فبحسب المادة 69 من الدستور، لرئيس الحكومة الحق في الاستقالة" يشرح اسماعيل لكنه في الوقت عينه ينتقد استقالة الحريري في الشكل والتوقيت لأن رئيس الحكومة هو رجل مسؤول ولا يجب عليه أن يتجاهل هذا الأمر: "على القائد اختيار التوقيت الأمثل لاتخاذ القرارات والتحرك. هل توقيت الاستقالة مناسب ويخدم المصلحة الوطنية؟ حكما لا."

الدستور يلزم الحكومة بالانعقاد وتسيير أمور البلاد في الظروف العادية. فكيف هو الحال مع الأوضاع الاستثنائية والأزمة الكبرى؟

يعدد اسماعيل بعضًا من مظاهر الأزمة وسوء التوقيت: "أزمة في الشارع وقطع طرقات وبلد مهدد بالانهيار وصولًا إلى الحرب الأهلية.. ببساطة استقال سعد الحريري من مسؤوليته."

وينتقد اسماعيل عدم انعقاد مجلس الوزراء في ظل ما يحصل، ويفند دستورية الرأي الداعي إلى أن تؤدي السلطة التنفيذية دورها حتى لو كانت مستقيلة: "دستوريا، يجب على حكومة تصريف الأعمال ممارسة جميع صلاحياتها لأننا أمام وضع استثنائي. فبحسب المادة 64 من الدستور عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة لا تمارس صلاحياتها إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال. هذا ينطبق على الحكومة وليس على شخص الوزراء. لذا فالدستور يلزم الحكومة بالانعقاد وتسيير أمور البلاد في الظروف العادية. فكيف هو الحال مع الأوضاع الاستثنائية والأزمة الكبرى؟"

لا يخفي اسماعيل استياءه من تغييب دور مجلس النواب الذي يصبح حكمًا وبحسب الدستور اللبناني "في دورة انعقاد استثنائية عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 69 من الدستور وذلك حتى تألیف حكومة جدیدة ونیلها الثقة" فيقول: "كان يجب على المجلس النيابي ممارسة دوره الرقابي ومساءلة رئيس الحكومة حول ماذا فعل وكيف أقدم على التخلي عن مسؤوليته أمام الوضع المتأزم والظروف الحالكة التي نمر بها. علينا أن نسرع إلى إنهاء حالة الفراغ وإيجاد البديل. للأسف ومع غياب التأليف والتكليف تم طعن الدستور والعودة بالبلاد إلى الوراء. فاليوم رئيس الجمهورية هو الذي يجتمع مع المدراء العامين ويسير البلاد ويأخذ القرارات المالية ويخاطب الجماهير" بحسب الخبير الدستوري.

يشدد الدكتور على وجوب الانعقاد اليومي للمجلس لإصدار توصيات نيابية في كل ما يتعلق بأمور الوطن: "الكهرباء والنفط والليرة كلها عناوين تلزم انعقاد المجلس الذي يمثل السطة الفعلية. إلا أننا أمام عدد كبير من النواب الذي يمكن تصنيفهم بالطائعين أو المقصرين".

وبحسرة الخائف من سقوط الهيكل، يستذكر الخبير الدستوري حكومة المواجهة التي أنتجها اعتذار الرئيس رفيق الحريري عن تشكيل الحكومة في عهد الرئيس اميل لحود: "لقد كانت حكومة الرئيس سليم الحص هي الحكومة الوحيدة التي مثلت قيام المؤسسات والدولة على الرغم من عمرها القصير."

ويخلص اسماعيل إلى أن لبنان "أمام كارثة كبرى فنحن نفتقد إلى المؤسسات الدستورية وعلى الجميع أن يتحرك وبسرعة". فهل من يسمع؟

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل