ابناؤك الاشداء

خاص العهد

في عيترون:
14/12/2019

في عيترون: "دفي بيت خيك من بيتك وبيت غيرك"

سامر الحاج علي
 
يحدث أن يصل مستوى احساسك بالآخر إلى حد التفكير بدفء منزله الذي يخبئ خلف أبوابه حكايا من الوجع المستور لعوائل جار عليها الزمان، وتآمرت على جراحها ظروف العباد في البلاد التي أنهكها الفقر ولعنة الموت المعلّق فوق جدران الصقيع، ويحدث فعلاً أن يسعى ابن الأرض بفتات قدرته على رغم تواضعها إلى الدخول بتقاليده لجبهة النضال في وجه الحرمان الذي يستوطن في بلاد طواها الزمن متجاهلاً أبسط حاجات ناسها الصامدين عند أقصى حدود الوطن.

تتساقط زخات المطر لتفتح جرحاً طويلاً من المعاناة هنا، بيوت يغزوها الصقيع دون أن تتلفظ بأي من كلمات الاستجداء، وكذا هو الحال في عيترون التي تعود اليوم إلى إحياء سنن أجدادها الذين كانوا ورغم ظروف البلاد الصعبة خلال عقود من الزمن يقاتلون العدو بيد فينتصرون وباليد الأخرى يواسون ضعفهم بلُحمتهم التي تتجسد اليوم بأبهى صورها في مبادرة أطلقتها بلديتها تحت عنوان "دفي بيت خيك من بيتك وبيت غيرك" نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وعدم قدرة الفقراء والمحتاجين على تلبية حاجاتهم الأساسية وفق ما جاء في المنشورات التي وُزعت في احياء البلدة ومؤسساتها الرسمية والخاصة.

في عيترون: "دفي بيت خيك من بيتك وبيت غيرك"

مبادرة بلدية عيترون تأتي في الوقت الذي انطلقت فيه العديد من المبادرات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية في القرى المجاورة، إلا أن ما يميزها هو أنها تتعلق بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي، اذ تملك وجهاً تكافلياً لمساعدة الفقراء والمحتاجين. رئيس بلدية عيترون المهندس سليم مراد يقول في حديث لموقع "العهد" الاخباري إنه فور الاعلان عن المشروع كان هناك تجاوب سريع من الاهالي لتنطلق عملية جمع التبرعات العينية من ألبسة ومدافئ - الكثير منها جديد والبقية بحالة ممتازة - إضافة إلى كمية من المازوت والمحروقات التي تستخدم في التدفئة.

في عيترون: "دفي بيت خيك من بيتك وبيت غيرك"

ويلفت مراد إلى أن عدداً ليس بقليل من المتطوعين وضع نفسه في تصرف الحملة لا سيما أعضاء المجلس البلدي وأخوات من البلدة والفريق التطوعي في ثانوية عيترون، وهؤلاء يقومون بدور فعّال إذ يعملون يومياً على جمع المساعدات وفرزها وترتيبها وتنسيقها في المكان المخصص للتوزيع، آملاً ان تأخذ المبادرة شكل معرض دائم يستفيد منه المستهدفون على مدار العام ما يعزز صور التكافل بين الناس ونكون معاً كتفاً إلى كتف ويداً بيد لتخطي المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا وشعبنا كما تخطينا غيرها من المراحل في السابق.

وفي الوقت الذي ينشغل فيه المتطوعون في العمل كخلية لا تهدأ، يلفت من يزور المعرض في هذه الأيام الى وجود عدد من الطلاب الذين يحضرون يومياً إلى هنا ويشكلون عصب العمل في القاعة المخصصة للفرز والترتيب واستقبال المساعدات. عمل الطلاب لا يقف عند حدود المكان، إذ إنهم يتكفلون أيضاً بالتوجه إلى منازل المتبرعين لإحضار أي مساعدات يشاؤون تقديمها، فضلاً عن استقبال من يرغب بالتبرع وتسلم المساعدات منه ونقلها إلى الداخل حيث يتولى الباقون ترتيب وفرز المساعدات كالملابس مثلاً وفق الأعمار والأحجام والانواع.

في عيترون: "دفي بيت خيك من بيتك وبيت غيرك"

تعبّر آية منصور لموقع "العهد" الاخباري عن سعادتها بالمشاركة ضمن مجموعة من المتطوعين من طلاب ثانوية عيترون الرسمية، فهو عمل تطوعي يهدف لخدمة المجتمع خاصة في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية التي نمر بها، تقول آية وتضيف "في حين ثمة من لا يستطع تأمين الملابس لأولاده يتجسد دورنا بمساعدته على ذلك وهكذا نكون قد بادرنا لمساعدة وطننا وأهلنا".

وتشير منصور إلى أن الهدف من عملهم هو خدمة الناس، فقبل أن يكونوا تلامذة مدارس هم مواطنون وطلاب مجتمع ودولة، لتختم حديثها لموقع "العهد" الاخباري بتوجيه نداء لكل الناس بالانضمام إلى المبادرة وتوسعتها وإطلاقها في بقية القرى والمدن لأنها تساهم في إنشاء مجتمع متماسك ومتكافل يتعاون فيه الفقراء والميسورون لتأمين ما يحتاجون.

في عيترون: "دفي بيت خيك من بيتك وبيت غيرك"

وفي الوقت التي تنهمك فيه آية مع زملائها بترتيب الملابس التي باتت تلبي كافة الأعمار إلى جانب الأحذية والأغطية الشتوية، يعمل متطوعون آخرون على تجهيز المدافئ وملء كميات من المحروقات في عبوات خاصة تمهيداً لانطلاق عملية التوزيع على كل من له حاجة من أهالي البلدة، فيما يستمر جمع التبرعات وتوزيع المنشورات التي تدعو الناس إلى فعل الخير وفق ما يشير مدير ثانوية عيترون الرسمية حسين عواضة الذي يتواجد بين المتطوعين كواحد منهم.

 يقول الأستاذ حسين لموقع "العهد" "في ظل الظروف الراهنة أحبننا أن نكون جزءًا من المشروع الذي تعاونا مع الجميع من أجل انجاحه، إذ قمنا بالدعاية الإعلانية للمشروع وها نحن نوضب المساعدات تمهيدا لتوزيعها" ثم يدعو إلى تكاتف الجميع في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها وطننا ويعاني منها أهلنا لافتاً إلى هذه البذرة التي  تبذر في عيترون لتكبر وتنمو وتحوّل هذا الجيل إلى جيل مهتم بالفقراء والمتحاجين وبجميع الناس، فخير الناس أكثرهم سعياً في خدمة الناس.

إقرأ المزيد في: خاص العهد