خاص العهد
فنانون إيرانيون يوثقون للألم والأمل في سوريا بمعرض للصور الفوتوغرافية
دمشق ـ محمد عيد
اختار الفنانان الايرانيان "صابر قاضي" و"ميثم ملكي" أن ينتظرا حتى السنة التاسعة من الأزمة السورية قبل أن يشرعا أخيرا في توثيق ما أفرزته هذه الأزمة من مشاعر متناقضة يختلط فيها الألم بالأمل، وذلك عبر معرض للصور الفوتوغرافية يقام حالياً في دمشق، وما كان ذلك عن شح في الصور وهما اللذان زارا أغلب المناطق السورية ولكنه كان التروي المفيد، بانتظار بلورة المشاعر وقطف الحكمة والعبرة مما كان.
نوثق لكل شيء
لا يخفي "صابر قاضي" تموضعه السياسي في حلف المقاومة، لكنه في لقائه مع موقع "العهد" الإخباري يؤكد أن الفن النبيل والمنزه عن أغراض السياسة كان باعثه على التواجد في سوريا طيلة فترة الأزمة، وعلى جميع خطوط التماس " أردت أن أوثق مشاعر الناس دون رتوش (تجميل) وفي الموقف الذي لا يحتمل المجاملة أو النفاق واعتقد أنني قد وفقت إلى ذلك".
وثق "صابر" لكل شيء "للألم والجوع والقهر والحرمان والإعاقة والظلم وتغير الأهواء بين الذين صدّقوا في البداية أنها ثورة قبل أن تأكلهم نيرانها، للفرح الذي يأتي على هامش فجيعة، لمخطوف عاد بعدما بلغ اليأس بأهله كل مبلغ، لمُقعد لا يزال متمسكاً بالحياة ولجائعين يحتفون بالوجبة الواحدة وكأنها مائدة قد نزلت إليهم من السماء".
أما الخلاصة التي انتهى إليها "صابر" فتقول إن السوريين شعب يحب الحياة وهو يعيش مسراتها بالمتاح ولو كان يسيرا "ولهذا فإنني أتوقع له سرعة النهوض وتجاوز حالة الانقسام بفعل قابليته السريعة لأخذ العبر".
علينا أخذ العبر
يستحضر "ميثم ملكي" ذكرياته وهو يوثق بكاميرته الفوتوغرافية لأطفال سوريين في القنيطرة يدخلون إلى مدرستهم شبه المدمرة بفعل الإرهاب، وينتظمون في صفوفهم المحرومة من أبسط مقومات الدراسة ومع ذلك لا تفارق الابتسامة وجوههم وهم يرددون النشيد الوطني السوري.
مشاهد كثيرةٌ وثقها "ميثم" جمعت كل شيء مما يمسك الدموع ويفرج عنها، يوثق لذلك الطفل الذي فقد والديه فاختار عمه المقعد أن يؤويه ويبسط أمامه ما يجود به الطيبون مما تسمح به القدرة والمروءة.
منظر العم المقعد وهو يلاعب ابن أخيه فيرسم على وجهه ابتسامة هاربة من مرارة الفقر واليتم وثقتها كاميرا "ميثم" الذي أكد لموقع "العهد" الإخباري أنه لا يفتعل أي مشهد درامي ينتهي إلى إحداث صورة بغرض توثيقها، بل يترك لكاميرته الخيار في البحث عن ضالته، وأحيانا يصبر لساعات طويلة قبل أن تبلغ الصورة ذروتها العاطفية فيلتقطها بنشوة مختلفة هذه المرة.
يتذكر "ميثم" ملعب كرة القدم الذي دمر محيطه بالكامل ومع ذلك بقيت فسحة للمرح والأمل واللعب يصرف من خلالها الاطفال همومهم بانتظار مستقبل أكثر إشراقا، وغير ذلك كثير من الصور التي قد يسيل لأجلها الكثير من الحبر، مضيفاً أنه أحب السوريين حتى أولائك الذين اختلف معهم بالراي بداية قبل أن ينتهوا إلى ما انتهى إليه.
سألنا "ميثم" في ختام حديثنا معه عما سيقوله للايرانيين حين يقفل عائدا إلى بلاده أجابنا قائلا: " سأطلب منهم أن يشكروا الله على نعمة الأمان التي يعيشونها فمن خلال تجربتي الطويلة في سوريا وقبلها في العراق عرفت كيف يكون مصير الشعوب حين لا تقف متحدة في وجه الهيمنة الغربية والأمريكية تحديداً ".
الفنونالتصوير الفوتوغرافيمعارض