خاص العهد
مدير عام وزارة الصحة لـ"العهد": لا إصابات جديدة بـ"كورونا" في لبنان والمصابة على طريق الشفاء
فاطمة سلامة
منذ الإعلان عن أول حالة إصابة بفيروس "كورونا" في لبنان، وكل ما حولنا يتحدّث عن هذا الوباء المستجد. نكاد نجزم أنّ مصطلح "الكورونا" هو الأكثر ترديداً خلال الثلاثة أيام الماضية. كيفما اتجهنا نجد من يُحدّثنا عن هذا الوباء. حالة هلع كبيرة يعيشها اللبنانيون، تقابلها حملة تهويل وتخويف تمارسها جهات غير مسؤولة، تمتهن بثّ الشائعات. أرقام هواتف وزارة الصحة تكاد لا تهدأ من أشخاص غير مصابين، يتّصلون على الخط الساخن للاستفسار عن حالتهم لمجرّد شعورهم بعوارض الرشح العادي. كُثر يعيشون على أعصابهم خوفاً من الفيروس المذكور. تهافت غير مسبوق على شراء "الكمامات" وأدوات التعقيم. متلازمة الهلع تضرب الكثير من المنازل. كمية غير مسبوقة من الأخبار بعضها غير صحيح يجري تداولها عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي. فهل ما نشهده طبيعي أم أن هناك مبالغة في مكان ما؟.
لبنان شهد الكثير من الفيروسات سابقاً
طبعاً، لا أحد يُنكر أهمية أخذ الحيطة والحذر، فالاحتياط يبقى واجباً على كل إنسان. لكن الذهاب بعيداً في المبالغة، هو أمر غير سليم. بهذه العبارة يستهل مدير عام وزارة الصحة الدكتور وليد عمار حديثه لموقع "العهد" الإخباري. برأيه، هناك حملة تهويل كبيرة وغير مبرّرة تمارس على الناس في لبنان. فهذا ليس أول فيروس يضرب بلدنا. تاريخياً، سبق وأن شهد لبنان خلال السنوات الماضية العديد من أنواع الفيروسات كانفلونزا الخنازير (h1n1)، "ميرس كورونا"، السارس، الايبولا، وغيرها. أداؤنا الصحي في لبنان كان ممتازاً خلال فترة التعامل مع شتى أنواع الفيروسات تلك. لبنان شهد في تلك الفترة حالات لكنّه استطاع مواجهة هذه الأوبئة، رغم أنّ كل فيروس من تلك الفيروسات يتميّز عن الآخر بخصائص. المهم -وفق عمار- أنّ لبنان استطاع أن يكتشف تلك الحالات باكراً ويمنع تفشي المرض. وهنا يُشدّد مدير عام وزارة الصحة على أنّ الحالات التي ستصاب بالكورونا ستصاب، لكننا نعمل في وزارة الصحة لمنع تفشي المرض. هذا هو الهدف الأساسي بالنسبة الينا.
تغريد. ص. على طريق الشفاء
ويؤكّد عمار أنّ لدى لبنان نظاماً صحياً متيناً، كما أنّه يمتلك علاجات متطورة، ما يجعله قادراً على مواجهة الفيروس. فبلدنا يمتلك نظاماً للتعرف على الحالة المصابة لمعالجتها بطريقة علمية منعاً لانتشار المرض. هل هناك فرص للشفاء؟. يسارع عمار الى الكشف أنّ المصابة بفيروس كورونا تغريد. ص. في وضع صحي ممتاز جداً وعلى طريق الشفاء، لكننا حريصون جداً على عدم إخراجها من المستشفى الا بعد التأكد من أن نتيجة الفيروس في جسدها باتت صفراً.
لا إصابات جديدة في لبنان
وفي معرض حديثه عن فيروس "كورونا" الجديد، يوضح عمار أنّ الكورونا هو فيروس موجود في لبنان منذ سنوات، وعوارضه مشابهة للرشح العادي، لكنّ ما يميّز "الكورونا" المستجد أنه أتى من الحيوان وقام بتعديل جيني، وبالتالي لا مناعة عليه، ومن هنا أتت المخاوف. على سبيل المثال، فإنّ نسبة الوفيات جراء فيروس "الميرس كورورنا" والذي لا يزال موجوداً في دول الخليج أكبر بكثير من الكورونا الجديد، ولكن سرعة انتشاره أقل. وفق عمار، فإنّ نسبة الوفيات في الفيروس الجديد لا تزال منخفضة، ولكن ما يهمنا أن يكون هناك وعي لدى الناس لمنع انتشار المرض بين المواطنين، خاصة بالنسبة للذين سيجلسون لفترة في الحجر الصحي بالمنزل. هؤلاء عليهم مسؤولية وطنية كبيرة وعليهم عند شعورهم بأي عارض الاتصال بالوزارة، التي تتابع معهم أولا بأول. أولئك عليهم أن لا يتحركوا من أماكنهم، فريق عمل الوزراة يتّجه نحوهم لمتابعة حالتهم. وهنا يؤكّد مدير عام وزارة الصحة أنّ الوزارة تتابع حالة ركاب الطائرة الذين وصلوا من إيران الأسبوع الفائت والبالغ عددهم حوالى 145 شخصاً، تتابعهم بشكل يومي، للتأكد من أنهم يلتزمون بالحجر الصحي، ولغاية الآن كل من ظهرت عليه عوارض أخضع للفحوصات اللازمة والنتيجة كانت سلبية، بمعنى لم تُسجّل أي إصابات جديدة بفيروس "كورونا".
لبنان على أهبة الاستعداد
هل مستشفيات لبنان جاهزة بأكملها؟ يجيب عمار بالقول "نتمنى أن لا ينتشر الوباء لكننا جاهزون للتعاطي مع أي حالات جديدة إن أتت -لا سمح الله-. يعيد ويكرّر، لبنان على أهبة الاستعداد، بشرط أن يمتلك المواطنون وعياً لعدم نشر الوباء. لبنان قادر على السيطرة على أي حالة جديدة وعلاجها بشكل علمي، ولكن ما يهمنا هو أن لا يصبح هناك عدوى محلية. ما المطلوب من المواطنين؟ يُشدّد عمار على ضرورة أن يهتم هؤلاء بالتدابير والارشادات التي توجهها وزارة الصحة كي لا ينتفل الفيروس محلياً كغسل اليدين بشكل متكرّر. هذه أهم وسيلة للوقاية من الفيروس المستجد. لكنّ عمار في المقابل يلفت الى نقطة مهمة يجهلها كثيرون، فوضع الكمامة يشكل تدبيراً مهماً للمصابين فقط، وليس للأشخاص العاديين. ويوجّه عمار النصائح للمواطنين بأنه وبدل ارتداء الكفوف و"الكمامة" علينا الاهتمام بموضوع غسل اليدين بشكل متكرّر، وهذا الأمر هو الذي يحمينا من العدوى.
ما العلاجات المستخدمة؟
وفيما يُشاع عن عدم وجود علاج لفيروس "كورونا"، يؤكّد مدير عام وزارة الصحة أنّ مستشفيات لبنان جاهزة والعلاجات المستخدمة هي العلاجات التي تُستخدم عادة لعلاج مسألة الحرارة المرتفعة، مع الإكثار من شرب السوائل. طبعاً اذا ما تطوّرت الحالة لدى المريض، وأصبح لديه ضيق في التنفس او التهاب حاد، فيصار الى استخدام أدوية للرئتين لمساعدة المريض على التنفس ولمعالجة الالتهابات. وعلى سبيل المثال، فإن المريضة تغريد. ص. لم تستدع حالتها علاجات قوية، ومن هنا نُشدّد على أهمية عدم الخوف والهلع. فكلنا يعلم أنّ كبار السن قد يموتون في مثل هذه الأيام جراء الرشح العادي، أما الانسان الشاب والذي لا يعاني من أمراض فباستطاعته تخطي المشكلة الصحية بسهولة.
حملة التهويل التي نشهدها لا معنى لها
يعود عمار ويُكرّر المشكلة ليست بالشخص المصاب، بل بنقل العدوى الى غيره، ولكي لا يصبح فيروس "كورونا" وباء في لبنان، علينا أن نتحلى بالوعي كمواطنين. فالخوف الوحيد -بنظره- من أن لا يلتزم المشكوك بأمره بمسألة الحجر، وهنا تلعب المسؤولية الوطنية دورها. ومن هذا المنطلق، اذا كان هناك وعي، لا داعي للسؤال عن جهوزية الوزارة. الأخيرة مستعدة ولديها كافة الامكانيات لمواجهة الفيروس، لكنّ المهم يبقى في وعي الناس والتزامهم بالتدابير غير الصعبة، وطالما هناك التزام نحن بألف خير.
وفي سياق حديثه عن ضرورة أخذ الحيطة والحذر، يُشدّد عمار على ضرورة عدم المبالغة. فحملة التهويل التي نشهدها لا معنى لها، الوعي أهم من التهويل. طبعاً هذا الوباء شغل بال العالم، ولا نستطيع تبسيطه كثيراً، ولكن اذا تعاطينا بشكل منطقي وعقلاني بعيداً عن التخويف نستطيع تخطي المحنة بنجاح. الخوف من الجهل وليس من الفيروس. فأنا كطبيب عندما يكون لدي مريض مصاب بفيروس "كورونا" لا أصاب بالخوف، بل أستطيع أن أتعامل معه بشكل علمي، الخوف يكمن في عدم معرفتي بأنّ الشخص الذي أمامي مصاب.
لعدم المبالغة في الخوف
ويوضح عمار أنّ الوزارة تتلقى الكثير من الاتصالات على مدار الساعة. طبعاً نحن نرحّب بكل هذه الاتصالات يقول عمار الذي يشير الى أنّ هناك كمية هلع كبيرة لدى الناس. البعض حدا به الأمر الى عدم إرسال أطفاله الى المدارس، والبعض طالب بإقفال المدارس. برأيي لا داعي لكل هذه التدابير. المهم أن يكون لدى الأهل وعي، وفي حال لمسوا أي عوارض لدى أطفالهم تركهم تحت المراقبة في المنزل.
يختم عمار حديثه بالقول "علينا أن نعمل بالتدابير اللازمة، ولكن لا نبالغ في الخوف والهلع".