معركة أولي البأس

خاص العهد

بعد
24/02/2020

بعد "أرضي".."سوق المزارع" للمنتوجات "البلدية" قريبا

ياسمين مصطفى

منذ أشهر يعاني اللبنانيون على مختلف شرائحهم تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الحادة التي عصفت بالبلد. الأكثر تضررًا هم ذوو الدخل المحدود، وأصحاب المهن "المتواضعة" من حيث الإنتاج والأرباح، ومنهم صغار المزارعين. يشكو هؤلاء من تداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وجشع بعض التجار وتحكمهم بهامش الربح والخسارة، فضلًا عن كساد مزروعاتهم بفعل حركة الاستيراد من الخارج، مع تقاعس رسمي عن قيام المعنيين بواجباتهم تجاههم. 

لأجل هؤلاء، وعلى قاعدة أن تضيء شمعة بدل أن تلعن الظلام، برز بصيص أمل بجهود فردية، تبلور ليصبح مشروع "سوق المزارع للخضار والفواكه-أرضي"، فماذا يتضمّن المشروع؟ وما هي أهدافه وغاياته؟ ومن يشمل؟ أسئلة كثيرة كان لا بد من طرحها على المعنيين للحصول على إجابات وافية.

مشروع "سوق المزارع" بحسب ما يوضح المسؤول الإعلامي عادل أحمد هو فكرة ارتأتها جمعية "الشجرة الطيبة" للتخفيف عن المزارع اللبناني، وإيجاد سبل يسيرة لتصريف إنتاجه والحفاظ على مجهوده، فضلا عن حث المزارعين على عدم الإفراط في رش المبيدات الزراعية والمواد الكيماوية وتقديم منتوجات "بلدية". من هنا انطلقت فكرة إنشاء سوق للمزارع في الضاحية الجنوبية لبيروت.

الهدف من المشروع بحسب أحمد يتفرع لأهداف عدة، هي أولا تصريف إنتاج المزارع دون وسيط من كبار التجار، أي أن تكون المعادلة من المزارع أو المنتِج إلى المستهلك مباشرة، ما يخفف عنه تكاليف النقل والتوصيل والتسويق، وثانيا التوفير على المستهلك الكلفة المضافة على المنتَج والمتأتية أيضا من الشحن والنقل والتسويق، وثالثا والأهم تقديم منتج بجودة عالية، تماما كالخضار "البلدية"، من تلك التي قلما نجدها اليوم بفعل الفرط في استخدام المواد الكيماوية لزيادة الإنتاج.

إضافة إلى ما تقدم، يلفت أحمد إلى أهمية اختصار حلقة الوصل بين المزارع والمستهلك بالنسبة للجمعية، بعيدا عن جشع بعض التجار وما يترتب على عملية التوصيل من تكاليف لا طاقة للمزارع على دفعها.

ويتحدّث المسؤول الإعلامي عن قيمة الانصهار الوطني في مشاركة مزارعين من مختلف المناطق، من جنوب لبنان وبقاعه، وشماله وجبله والعاصمة بيروت.

يسهب أحمد  في الحديث عن تفاصيل المشروع، مؤكدا للموقع أن ثمة معايير ومواصفات وضعها مهندسون زراعيون بهدف التدقيق في منتوجات المزارعين الراغبين في المشاركة، ومقارنتها بالمعايير المطلوبة عبر الكشف على منتوجاتهم وفحصها، من قبيل عدم ريّها بالمياه الآسنة، أو استعمال المواد الكيماوية غير المصرح بها لري بعض المزروعات، الأمر الذي يميز منتوجات المشروع لكونها "بلدية".

وبما أن الشغل الشاغل للبنانيين الحديث عن جنون أسعار الأغذية والمنتوجات الاستهلاكية على أنواعها، وصولا إلى الخضار والفواكه، كان لا بد من الاستفسار عن مروحة أسعار منتوجات "سوق المزارع"، فيوضح أحمد أن جمعية "الشجرة الطيبة" قدمت للمزارع فرصة لتصريف إنتاجه في مساحة من الأرض دون مقابل مادي على عكس الإيجارات المكلفة للمحال التجارية، وترويجا إعلاميا وإعلانيا سنشهده في القادم من الأيام، كله مقابل مبلغ رمزي زهيد جدا، ومع تخفيض كلفة الشحن والنقل والتسويق لمنتوجاته لدى كبار التجار، ولا بد أن تنعكس كل هذه العوامل على انخفاض أسعار المزروعات عن الأسعار في السوق الخارجي، وهو ما ستعمل الجمعية على ضبطه مع الوقت، بعد افتتاح السوق، يقول أحمد.

بعد "أرضي".."سوق المزارع" للمنتوجات "البلدية" قريبا

في هذا السياق يشرح أحمد توجه الجمعية، ويقول: "الفرصة التي تؤمنها جمعية "الشجرة الطيبة" هدفها دعم المزارع، هي تقول له إن الفارق الذي كنت تدفعه للتاجر الكبير من كلفة إضافية لتوصيل المنتوجات للمستهلك نحن نعفيك منه، لتخفض بدورك من سعر المنتوجات على المستهلك في المقابل".

في الوقت نفسه، يؤكد أحمد أن المشروع لا يهدف لضرب أعمال كبار التجار في القطاع، إنما دعم المزارع ذي الإمكانيات الضعيفة على مستوى الإنتاج والرأسمال والربح، ممن لا يحتمل ضغوط التجار الكبار وشروطهم".

حتى اليوم، خمسون مزارعا سيشاركون في السوق من مختلف مناطق لبنان، يجتمعون في باحة عاشوراء في منطقة السانت تيريز في الضاحية الجنوبية لبيروت في أواخر آذار المقبل. 

يتحدث أحمد بثقة عن نجاح المشروع حتى قبل انطلاقه، ويعزو السبب إلى كون المزروعات "بلدية" وصحية وبعيدة عن تلك المتخمة بالمواد الكيماوية، ويلفت إلى أن منتوجات السوق ستجذب المتبضعين برائحتها الزكية، ونضارتها وشكلها اللافت وكذلك طعمها، على أن يكون النجاح مقدمة للتوسع نحو مناطق أخرى من لبنان.

وعن مواسم الزرع، يشير أحمد إلى احتمال اختلاف المزارعين باختلاف المواسم، إذ لكل موسم فواكه وخضار مختلفة، وكذلك لكل من هذه مزارعون مختلفون، كما سيرتبط كل موسم باسم فاكهة معينة أو نوع محدد من الخضار يثمر فيه، فسيكون هناك يوم للكرز، وآخر للّوز.

أما اللافت في المشروع، فهو انطلاقه على أبواب شهر رمضان المبارك، إذ يهدف لتأمين ربح بسيط للمزارع و"صحن الفتوش"، الطبق الرئيسي على موائد الإفطارات، لكل العوائل على اختلاف قدراتها المادية والاجتماعية، خاصة مع صعوبة تأمين هذا الطبق اليوم في ظل الغلاء الفاحش لأسعار الخضراوات والفواكه.

وقد يدخل على خط تسويق المنتوجات الزراعية في السوق بائعون تنسجم منتوجاتهم مع المزروعات من قبيل "المونة" مثل صانعي "العيزقان"، بعض المقطّرات، الزعتر، الزوفة، الزيتون، الزيت وكل ما يرتبط بالأرض لمحاولة إعطاء أكبر فرصة لتسويق منتوجات المزارعين الذين يصنعون المونة البلدية.

ومع كثير من التفاؤل والأمل، يختم أحمد حديثه بالتأكيد على نقل التجربة في القريب إلى مختلف مناطق لبنان وعدم حصرها في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتماما كما سوق "أرضي" كان مساحة لترويج المنتجات الغذائية "البلدية"، سيكون مشروع "سوق المزارع" لعرض المنتوجات الزراعية "البلدية" بأسعار مقبولة وفوائد صحية للمستهلك وهامش ربح مقبول للمزارع.
 

الزراعة

إقرأ المزيد في: خاص العهد