خاص العهد
لهذه الأسباب...لقاء بعبدا الوطني أكثر من ضرورة
فاطمة سلامة
في أحد اللقاءات المغلقة إعلامياً، قالت شخصية سياسية تُتابع عن كثب كل شاردة وواردة اقتصادياً وسياسياً، حرفياً ": قادمون باتجاه أيام سوداء، ولا حل سوى بالتوافق السياسي". استعرضت الشخصية مختلف الأزمات التي يمر بها لبنان، وقدّمت "بانوراما" لكل ما يحدث، فكانت النتيجة أنّ ما يمر به لبنان اليوم غير مسبوق، وعلاجه يجب أن يكون بجهود غير مسبوقة. ما تقوله الشخصية يدركه الشعب اللبناني الذي ذاق الأمرين، وكل الطواقم السياسية والمالية والاقتصادية. وضع البلاد على "كف عفريت" والأمور تزداد سوءاً، إلا أنّ كل شيء يهون أمام الانقسامات السياسية وموجات التحريض التي رأيناها مؤخراً والتي ذهبت بعيداً في الطريق الفتنوي وباتت تهدّد السلم الأهلي. ومن هنا جاءت دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للقاء الوطني الجامع في بعبدا. يستشعر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خطورة الأوضاع التي تمر بها البلاد. الحوار بنظره كان أكثر من ضرورة عندما كان لبنان في فترة تشهد استقراراً سياسياً نوعا ما، فكيف هو اليوم ونحن نشهد انقسامات باتت علنية تُهدّد السلم الأهلي؟.
وعلى إيقاع هذه الأجواء المشحونة اتخذ رئيس الجمهورية المبادرة. أجرى اتصالاً برئيس مجلس النواب نبيه بري أعلمه فيه بفحوى اللقاء وعناوينه. رئيس المجلس تلقّف الفكرة بصورة إيجابية كونه المسؤول عن المجلس النيابي الذي هو مؤتمر الحوار الوطني المستمر. لا بل أبدى كل استعداد للقيام بواجباته فيما يتعلّق بالاتصالات اللازمة، وفق ما يقول لموقع "العهد" الإخباري نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي. فما الأجواء المصاحبة للقاء بعبدا الوطني؟ وما أهمية هذا اللقاء في التوقيت والمضمون؟.
مصادر مطّلعة عن كثب على مسار الاتصالات المحيطة بأجواء اللقاء الذي سيُعقد عند الحادية عشرة قبل ظهر غد الخميس في القصر الجمهوري (25/6/2020)، توضح لموقع "العهد" الإخباري أنّ اللقاء لا يزال قائما بموعده حتى الساعة، والرئيس عون يصر على انعقاده مهما كانت الظروف المحيطة. الإصرار الرئاسي وفق المصادر نابع من خطورة الوضع الذي يمر به لبنان. سألنا المصادر لكنّ البعض يقول" ما الغاية من الحوار اذا غاب عنه مكوّن أساسي؟"، سرعان ما تجيب المصادر بالقول: "هذا ليس حواراً بالمعنى التقليدي، هناك تفاهم على معالجة الأوضاع الأمنية والثوابت الوطنية حفاظا على السلم الأهلي وتجنبا للفتنة"، وتوضح المصادر أنّ الغائبين عن اللقاء لن يكون بمقدورهم القول إنهم موافقون على ما سيتمخّض عن اللقاء من توصيات وبيان ختامي، لكنها تُشدد على أن غيابهم هو قرار سياسي بحت. وفيما يتعلّق بقائمة المتغيّبين والتي باتت معروفة، تلفت المصادر الى أنّ المتغيبين عن اللقاء هم: رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود، رؤساء الحكومات السابقون، رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميّل والرئيس أمين الجميل، فيما يُنتظر -بحسب المصادر- أن يتبيّن موقف رئيس حزب "القوات" اللبنانية سمير جعجع في الساعات المقبلة، أما جنبلاط فقد طرح اسمه للحضور واسم نجله النائب تيمور تحسباً لتغيبه لأسباب تتعلّق بوضعه الصحي، وفق ما تقول المصادر.
وحول ما يقوله البعض إن لا جدوى من الحضور طالما لا يوجد جدول أعمال واضح للقاء، ترد المصادر على هذا الكلام بالإشارة الى أنّ الدعوة بحد ذاتها تتضمن جدول أعمال وهو "الحفاظ على السلم الأهلي"، هذا هو جدول الأعمال ولا شيء غيره. وتُشدّد المصادر على أنّ رئيس الجمهورية مصر على عقد اللقاء الوطني بدليل أنّه أبقاه في موعده رغم كل شيء، فهل هناك اكثر من هكذا إصرار؟ تسأل المصادر وتختم حديثها.
الفرزلي: اللقاء ضروري جداً
نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي يُشدّد في حديث لموقعنا على أنّ اللقاء ضروري جداً في ظل التحديات الاقليمية والداخلية. وفق الفرزلي، هناك محاولات لرأب الصدع بين القوى الداخلية لإزالتها الى حد ما وتحصين الساحة بوجه الضغوطات القائمة والتي تنعكس بشكل في غاية الخطورة لتهدّد الاستقرار والسلم الأهلي في البلد. لهذا فإنّ هذا اللقاء الوطني هو ضرورة وإن لم يدع اليه رئيس الجمهورية يكون قد قصّر في عمله، يقول الفرزلي الذي يأسف لسوء الحظ، فقوّة الانقسامات الداخلية وحِدّتها وكيديتها حتى تاريخه هي أقوى من مصالح البلاد العليا.
ورداً على الأصوات التي تقول: " ما الجدوى من اللقاء طالما هناك مكونات أساسية تقاطعه؟"، يُجيب الفرزلي "صحيح أن هناك جهات تقاطع، لكن عدم انعقاد اللقاء سيعود بسلبيات على الساحة اللبنانية". برأي الفرزلي، نستطيع أن نحوّل هذا اللقاء بتشوهه وما أصابه من عورات الى طاقة إيجابية لحلقات حوار أخرى تضع أسس وبرنامج عمل. باستطاعتنا أن نجري الاتصالات اللازمة من أجل إنجاح لقاءات أخرى. ويُشدّد الفرزلي كعُضو مشارك في اللقاء على أنّ الحوار قائم في موعده حتى اللحظة ولم نبلّغ بأي تأجيل.
إذاً، تعزم القوى السياسية على إتمام اللقاء الوطني في موعده مهما كانت الظروف، اللهم الا اذا طرأ ما لم يكن بالحسبان واستدعى التأجيل. الأوضاع بنظرها لا تحتمل ترف السجالات والمماحكات. وفي المقابل، تعزم بعض القوى المقاطعة على إدارة الظهر لكل المبادرات المفيدة للوطن لأسباب لا يخفى على أحد أنها سياسية بحتة فيما البلد يسير من حافة الهاوية الى الهاوية نفسها، على أمل أن يستدرك الجميع خطورة هذه اللحظة من تاريخ لبنان.