معركة أولي البأس

خاص العهد

نافذ أبو حسنة.. رحلة أخيرة على درب الشتات الفلسطيني
13/08/2020

نافذ أبو حسنة.. رحلة أخيرة على درب الشتات الفلسطيني

محمد عيد   

كحال ملايين الفلسطينيين الذين ولدوا في فلسطين ورحلوا بصمت بعيدًا عن نسمات بياراتها، سار الأديب والإعلامي الفلسطيني نافذ أبو حسنة رحلته الأخيرة على دروب الشتات، وفي دمشق، البلد الذي خفف عنه بعضا من آلام سطوة الذاكرة، دفن الرجل ملفوفًا بالعلم الفلسطيني الذي ود يوما لو رفعه في فلسطين قبل رحيله الحزين.

إلى دمشق مجددا

إلى دمشق مجددًا عاد الإعلامي والأديب الفلسطيني نافذ أبو حسنة ليوارى في الثرى في مقبرة نجها بريف دمشق بعدما انطلق موكب التشييع المهيب من مشفى يافا الذي وصله جثمانه من مدينة بيروت.

وهناك ألقى الأهل والرفاق نظرة الوداع الأخيرة على الرجل الذي لم ينبض قلبه يوما إلا بحب فلسطين ولم يكتب سوادا في بياض إلا لأجل عيونها.

نافذ أبو حسنة.. رحلة أخيرة على درب الشتات الفلسطيني
من وداع الإعلامي والأديب الفلسطيني نافذ أبو حسنة

باكيًا وقف أخوه محمد أبو حسنة على باب المشفى، يسترجع في دردشة مع موقع "العهد" الإخباري اللحظة التي غادر فيها مع نافذ وبقية أفراد العائلة فلسطين قهرًا إلى الأردن ولبنان فسوريا التي لمت الشمل وبقيت نقطة العودة المرتقبة إلى فلسطين قبل أن يقيم وكلاء الناتو - ذات ثورة مزعومة - حد الشتات مجددا على العائلة فاجتاحت قطعانهم بيته ومزرعته في خان الشيح وأتوا على كل شيء بنعالهم الأمريكية.
يومها كان العمل مع قناة "المنار" المقاومة جريمة أجازت لهؤلاء استباحة الذاكرة وتقطيع أوصال نافذ لو استطاعوا إليه سبيلا.

الرفاق يتذكرون

خارج المشفى يتجمع الرفاق على أمل اللقاء الذي سيغدو وداعا، فدماثة الرجل المعهودة كانت جسر عبوره نحو القلوب. تحدث الأديب الفلسطيني بسام رجا عن نافذ "الأديب والإعلامي الصديق"، تحدث عن ذلك التمازج الجميل في داخله بين إعلامي يقصد وجه الحقيقة العاري عن الغرض والأديب الذي يسبغ عليها من جمال وجدانه وفضائل كلماته فلا يرتاب بها أحد بعد ذلك.

أسهب رجا في الشرح لموقع "العهد" الإخباري عن ثقافة الإعلامي المقاوم في شخصية "أبو أحمد" التي أسست لأجيال مقاومة تحطمت دونها موجات "الإحباط المسيسة" للحلم الفلسطيني بالعودة المظفرة إلى فلسطين وما تبعها من مساع مشبوهة للتفريط في كل شيء تحت عنوان "الواقعية السياسية".

وهو الأمر الذي تنبه إليه أبو حسنة في عمله الإعلامي ونزعته الأدبية التي أفرزت غير رواية تسير على هذا النهج الوطني.

عبد الكريم الشرقي القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يؤكد من جهته لموقع "العهد" الإخباري أن نافذ الذي رحل بعيدا عن فلسطين ساهم  بتقريب الأجيال القادمة إليها وأن أدبه المقاوم ودوره الإعلامي المميز ساهما مع غيره من رفاق الدرب في تحصين القضية الفلسطينية ضد لوثة العصبيات الضيقة التي تفرق الأمة "فهو مع الساعين بصدق لتحرير فلسطين بصرف النظر عن خلفياتهم السياسية والفكرية والمذهبية، في حين أن أدبه وإعلامه لم يرحما المهرولين نحو التفريط بالكرامة الوطنية التي بقيت فلسطين عنوانها الدائم في حياته المفعمة بالعطاء.
 
فأبو حسنة لم يسمح للهزيمة بالمرور حتى في تلك اللحظات التي بدا النصر فيها حلما بعيد المنال وربما ضربًا من ضروب الخيال.
في مقبرة نجها بريف العاصمة وُسد الجثمان في التراب وانطوت حياة الرجل، ليبقى فكره حاضرًا.  

* نبذة: نافذ أبو حسنة

سياسي وكاتب وإعلامي فلسطيني. ولد في قطاع غزة في العام 1961، وغادرها صغيراً مع أهله بنتيجة نكسة حزيران عام 1967. درس في جامعة دمشق وتخرج منها في العام 1983.

له مئات المقالات في العديد من الصحف والدوريات العربية. وعمل منذ العام 2010 كمدير تنفيذي لقناة فلسطين اليوم.

لديه العديد من الكتب والمؤلفات أبرزها:

- جغرافية الاستيطان ووهم الدولة
- الأحزاب الصهيونية العلمانية والدينية في "إسرائيل"
- خالد الفاهوم يتذكر، سيرة ذاتية
- أملاك المغاربة في فلسطين

بالإضافة إلى روايتين أدبيتين:

- مقام البكاء، صدرت في العام 2000.
- عسل المرايا، صدرت في العام 2015.


 

إقرأ المزيد في: خاص العهد