خاص العهد
لقاح "الكريب"..التوزيع على الصيدليات سيكون "فقيراً" وهذه الشروط للحصول عليه
فاطمة سلامة
لم يعد خافياً أنّ لبنان يتّجه نحو مرحلة أشد إيلاماً في معركته مع فيروس "كورونا". موسما الخريف والشتاء لن يكونا كالسنوات السابقة. لهذه الحقيقة أسباب عدّة قد يكون على رأسها تزامن الانفلونزا العادية أي "الكريب" الموسمي مع وباء "كورونا" وسط تشابه العوارض بينهما، ما يحدث إرباكاً للمواطنين والقطاع الصحي معاً. وفي الوقت الذي لم يتوفر فيه حتى الساعة لقاح للفيروس المستجد، يتربّص كثيرون لحجز مكان لهم في لوائح لقاح الانفلونزا العادية قبل نفادها مع معرفتهم المسبقة بذلك. المعنيون يؤكّدون أنّ ثمّة تهافتًا غير مسبوق على الصيدليات للسؤال عن اللقاح حتى قبل أن يوجد فيها. التهافت ترافقه حالة هلع من عدم التمكن من الحصول على اللقاح بموازاة اشتباه لدى البعض بأنّ هذا اللقاح بديل يقي متجرّعه كأس فيروس "كورونا".
فضل الله: توزيع اللقاحات سيتم على الأهم فالمهم فالأقل أهمية
كثرة الطلب على اللقاح مقابل محدودية العرض دفعت وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن الى إصدار مذكرة تحدّد الأفراد الأكثر عرضة للمضاعفات والواجب حصولهم على لقاح الإنفلونزا الموسمية للعام 2020-2021. وفي هذا الصدد، يقول مستشار وزير الصحة الدكتور رياض فضل الله إن الوزير حسن أصدر المذكرة 146 التي حددت الفئات المستهدفة وآلية توزيع لقاح الانفلونزا من الشركات، لتنظيم عملية توزيع هذه اللقاحات على الأهم، فالمهم، فالأقل أهمية. لا يخفي فضل الله أنّ هذا العام هناك محدودية بالعرض مقابل كمية طلب كبيرة، والسبب يعود الى أنّ السوق عادة ما كان يستورد ما بين الـ200 ألف الى الـ 300 ألف طعم سنوياً. هذه الكمية عادةً ما كان يُتلف منها نظراً لعدم تصريفها بأكملها، فيما لم تستورد الشركات كمية كبيرة هذه السنة، خاصة أنّ الحصة السنوية تحدد قبل عام وخاصة أيضًا أنّ هناك طلبا كبيرا على اللقاحات عالمياً.
مجموع اللقاحات المستوردة هذا العام 235 ألف لقاح
ويؤكّد فضل الله في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ العام الحالي مختلف عن سابقه لجهة التهافت على اللقاح نتيجة "البروباغندا" الحاصلة والتباس الناس بأنّ هذا النوع من اللقاح قد يحميها من فيروس "كورونا". ونظراً للأعراض المتشابهة ما بين الانفلونزا الموسمية و"كورونا" ستذهب الناس نحو خيار لقاح الانفلونزا. لا ينكر فضل الله أنّ هذا الأمر جيّد، لكن وبما ان هناك نقصا عالميا باللقاحات، أصدر وزير الصحة المذكرة لترشيد عملية صرف اللقاحات نسبة للطلب الكبير على اللقاحات عالمياً. تماماً كما في لبنان حيث يبدو السوق متعطّشا لهذا النوع من اللقاحات. وهنا يشير مستشار وزير الصحة الى أنّ هناك نوعين من اللقاحات؛ الأساسية والاختيارية. لقاح الانفلونزا الموسمي يندرج في إطار النوع الأخير. هناك شركتان في لبنان تستوردان هذا اللقاح، لكل واحدة من هاتين الشركتين مختبران. إحدى هاتين الشركتين حصلت هذا العام على 85 ألف لقاح، ستوزع اليوم. أما الشركة الثانية أو الوكيل الثاني فلديه 150 ألف لقاح للكريب ستوزّع بعد منتصف الشهر الحالي في السوق المحلية.
لو جرى تأمين مليون لقاح ستباع بيوم واحد
لكنّ لتوزيع هذه الكمية اجراءات ستتّبع -يوضح فضل الله- خصوصاً أنّ الطلب أكبر بكثير من العرض، فالسوق متعطش ولو جرى تأمين مليون لقاح ستباع بيوم واحد. وبناء عليه، حدّدت اللجنة العلمية برعاية الوزير حمد ما هو الأمثل للتوزيع في ظل كثرة الطلب ومحدودية العرض. وفق فضل الله، شدّدت الوزارة على ضرورة أن يتناول اللقاح خط الدفاع الأول أي العاملين في القطاع الصحي. وعليه سيوزّع نحو 40 بالمئة من الـ85 ألف لقاح على المستشفيات العامة والخاصة المدنية والعسكرية. يلي هذه الفئة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين الستة أشهر والخمس سنوات، ثم الحوامل، وكبار السن الذين يفوق عمرهم الستين عاماً، فضلاً عن كل الذين لديهم أمراض مستعصية ومزمنة ومناعية. هذه الفئات تبدو بأمس الحاجة لرسم خط دفاع من الانفلونزا -يقول فضل الله- الذي يوضح أنّ هذه الفئات مستهدفة في الأيام العادية فكيف بموسمي الخريف والشتاء؟. وفق فضل الله، فإنّ التجارب أثبتت أنّ الانفلونزا الموسمية تؤدي الى حالات وفاة للعديد من الحالات الخاصة.
40 بالمئة من كمية اللقاحات الأولى للقطاع الصحي وهذه الاجراءات للحصول على لقاح
وعليه، فإن أول "طلبية" ستصل اليوم، سيوزّع منها 40 بالمئة على كل المستشفيات في لبنان، مع ضوابط تمنع البيع، بمعنى يتسلم المستشفى هذه اللقاحات للطاقم الصحي فقط، على أن تتسلم الوزارة لوائح في هذا الصدد من المستشفيات. أما المرحلة الثانية فستوزّع فيها اللقاحات على الصيدليات وفق هذه الآلية بحيث لا تدخل المحسوبيات ضمن العملية بل توزّع اللقاحات على الفئات المحددة. بحسب فضل الله، هناك قرار يتعلق بآلية صرف اللقاحات على الصيدلي الالتزام به، بحيث يبرز كل من يريد لقاحا وصفة موحدة من الطبيب، مرفقة بتقرير يحدد ما اذا كان الشخص مسنا أو مريضا وما الى هنالك.
التوزيع على الصيدليات سيكون "فقيراً"
ويؤكّد فضل الله أنّ الصيدليات من المفترض أن توزّع عليها اللقاحات بعد ملاءة القطاع الصحي، لكنّ هذا التوزيع سيكون "فقيراً"، فالصيدليات التي كانت تحصل سنوياً على 200 لقاح، ستحصل هذا العام على نحو 15 لقاحاً. هذه الكمية سيوزع منها على العاملين في الصيدلية والباقي للزبائن. الكمية القليلة التي سيستفيد منها السوق حالياً ستليها دفعة ثانية من اللقاحات في النصف الثاني من الشهر الحالي، كما أن هناك لقاحا آخر متطورا يدعى "تيترا" سيكون متوفراً في شهر كانون الأول وسيتوفر منه 300 الف لقاح في السوق.
سعر اللقاح بحسب لوائح وزارة الصحة 12115 ليرة
وفيما حاول البعض بيع لقاحات مهرّبة في عدد من الصيدليات بسعر 30 دولارا للقاح الواحد، يوضح فضل الله أنّ الوزارة أمسكت هذه الحالات واتخذت الإجراءات القانونية بحقها، لافتاً الى أنّ سعر لقاح الانفلونزا بحسب لوائح وزارة الصحة 12115 ليرة.
الكمامة أفضل لقاح
ينصح فضل الله الفئات المستهدفة بأخذ اللقاح، لكنه يدعو في المقابل الى التخلص من الخوف غير المبرر فاذا كان الشخص بكامل صحته فعليه أن يفسح المجال لآخرين خصوصاً أن الكمامة هي أفضل لقاح.
وفي الختام، يوضح مستشار وزير الصحة أنّ بعض "الطلبيات" من اللقاحات والتي ستأتي قد يكون أمامها عائق تقني سببه التأخر في إنجاز المعاملات من قبل مصرف لبنان لتغطيتها. هذا الأمر في عهدة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وعلى مصرف لبنان أن يدعم هذه الفاتورة بسرعة اذ لا ينقصنا أي عامل تأخير أو تعطيل في هذه الفترة.
مخباط: أنصح باللقاح لجميع المواطنين ولكن..
خبير الأمراض الجرثومية وعضو اللجنة العلمية في وزارة الصحة لمتابعة كورونا البروفيسور جاك مخباط يوضح في حديث لموقعنا أنّ "لقاح الانفلونزا العادية هو عبارة عن فيروس "الكريب" جرى تعطيله ليفقد فاعليته، ويتم استعماله لتحصين الناس من الانفلونزا عبر نظام المناعة".
ينصح مخباط بلقاح الانفلونزا لجميع المواطنين من كافة الفئات، لكن وبما أنّ هناك محدودية بالعرض، فيتّفق مخباط مع وجهة نظر وزير الصحة التي حدّد بموجبها الفئات المستهدفة، لكنّه يضيف عليها فئتين من الناس: من يعيشون في الأماكن المكتظة (كدور الأيتام وغيرهم..)، والسجون. ويؤكّد مخباط أنّ إعطاء اللقاح لشخص مسن أو يعاني من أمراض يزوده بالمناعة ضد الانفلونزا العادية، لكن هذه المناعة ستكون أقل من 60 بالمئة، بينما الأفراد غير المتقدمين في العمر والذين لا يعانون من الأمراض سيأخذون مناعة تصل حد الـ90 بالمئة. ينطلق مخباط من هذه النسبة ليؤكّد أنّ إعطاء اللقاحات للمسنين وذوي الأمراض يجب أن يترافق مع مناعة يقدّمها لهم من حولهم. من وجهة نظر مخباط لا بد من إحداث مناعة قطيع حول فئات المسنين وذوي الأمراض المزمنة، وهذا لا يكون سوى بحصول الأشخاص الذين يترددون عليهم ويخالطونهم على اللقاح أيضاً.
قد يكون من الصعب التمييز بين مريض الانفلونزا العادية و"كورونا"
ويوضح مخباط أنّه وفي ظل الكمية المحدودة للقاح، مضطرون لاعتماد السياسة الإيطالية بحيث نختار من سيخضع للقاح ومن لا يخضع، رغم أنّ الناس يجب أن تخضع هذا العام للقاح أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما يجب أن يدفعنا ليصبح لدينا تصنيع محلي للقاح خاصة "الكريب" كي نتخلّص من الارتهان للاستيراد الأجنبي. ترجع أهمية اللقاح هذا العام الى أنه من الصعب جداً التفريق بين مريض "الانفلونزا" العادية الذي تظهر عليه عوارض الحرارة، والسعال والالتهاب الرئوي ومريض "الكورونا" الذي تظهر عليه نفس العوارض. من لم يخضع للقاح سيكون معرضاً للإصابة بالانفلونزا وسيجد نفسه مضطراً للذهاب الى المستشفى، والدخول ربما الى العناية الفائقة واستعمال أجهزة التنفس والاوكسيجين، كما أن مرضى "الكورونا" يحتاجون لنفس الأمر، وهذه المشكلة التي سنواجهها ستسبب لنا كارثة خاصة بموازاة الغلاء والتشبث بالتسعير العشوائي الذي تضعه الشركات.
الانفلونزافيروس كوروناوزارة الصحة اللبنانية