خاص العهد
حرائق الجنوب.. العدو المستفيد الأوّل
سامر الحاج علي
كائناً ما كان السبب الذي يؤدي إلى احراق آلاف الدونمات من الأراضي الجنوبية فإن العدو الإسرائيلي يأتي في مقدمة المستفيدين من تحويل الأحراج والكروم إلى أراضٍ جرداء قاحلة ومموهة بسواد الرماد والحطب، ذلك أنه ومذ طلعت الشمس على كيانه يخشى الشجر "صديق المناضلين" وعنوان ثبات أهالي القرى التي حاول على الدوام إفراغها.
ففي عملية يبدو أنها مشابهة - إذا أحسنّا الظن في أحسن الأحوال - للمارسات التي انكب العدو على القيام بها منذ سنوات عند الحدود مع لبنان من قطع وتجريف للأحراج وشق للطرق وإقامة الموانع والتحصينات مكانها، شهدت عشرات القرى الجنوبية في الآونة الأخيرة العديد من الحرائق التي كانت تشتعل بشكل غامض في كثير من الأحيان لا سيما خلال ساعات الليل، لتتمدد وتتوسع ثم تتجدد وتزداد حدتها كلما اقتربت عمليات الإطفاء من السيطرة عليها، ناهيك عن أنها لا ترتبط حصراً بظروف مناخية ملائمة لانتشار الحرائق كارتفاع درجات الحرارة والرياح الساخنة، أو حتى لا تأتي مع الوقت الذي تتعرض فيه الأرض لأشعة الشمس بشكل مباشر، وهذا ما يطرح العديد من التساؤلات عن الأسباب التي تؤدي إلى اشتعال النيران في المنطقة وأحراجها وكرومها.
يشير جعفر مشلب وهو قائد فوج اطفاء اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل لموقع "العهد" الإخباري إلى أنه قد
ورغم إمكانياته التي وإن كانت تعد الأضخم في المنطقة من حيث التجهيزات ونوع الآليات وتخصصية الأفراد، إلا أن العديد من العوائق والعقبات واجهت الفوج خلال تنفيذه العديد من عملياته، خاصة وأنه مجهّز لتغطية جزء من قضاء بنت جبيل فقط ولكنه يعمل وفق المستطاع خارج نطاقه، ويكافح في مسرح عملياتي ملوّث في كثير من النقاط بمخلفات العدو من قنابل عنقودية وألغام انفجر أحدها منذ أيام في منطقة وادي سوادى قرب الحدود الدولية في عيتا الشعب حينما كان عناصر الفوج يتشاركون وعناصر من الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية في إخماد حريق فنجا ثلاثة أفراد بأعجوبة. ناهيك عن عدم وجود مسالك ومسارات في الكثير من المناطق الشجرية الأمر الذي يمنع وصول الآليات إليها ويزيد من استنزاف الإطفائيين الذين يضطرون مثلا إلى تمديد الخراطيم المخصصة للإطفاء لمسافات تصل إلى قرابة الكليومتر في أحيان عدة.
كل ذلك في كفة، وضعف أجهزة الدفاع المدني اللبناني في كفة أخرى، إذ تثار على الدوام مسألة عدم وجود آليات وتجهيزات قادرة على تغطية نداءات الإطفاء في المنطقة، والغريب أن
وهنا يسأل علي الزين وهو أحد أبناء البلدة الذين كانوا يواكبون عمل المتطوعين في ذلك الوقت عن سبب الاستمرار في اقفاله خاصة وأن بلدية عيتا الشعب قامت ببناء مركز جديد خصصته للدفاع المدني وقد جهزته بالكامل على نفقتها من غرف منامة وعمليات واستراحة ومطبخ وأجهزة اتصال وباحات لركن الآليات وغيرها دون أن تتمكن إلى اليوم من معرفة السبب الذي يقف في طريق إعادة تفعيل عمله، على الرغم من أن عدد سكان البلدة كبير وهي معرضة في أي لحظة لحرائق ومخاطر خاصة وأنها تحاذي الحدود وعددا من مواقع العدو.
صرخة أهالي عيتا ارتفعت في اليومين الأخيرين بعدما أتت النيران على حرج سنديان معمّر بالقرب من الطريق المؤدي منها إلى بلدتي حانين ودبل ولم يخمد إلا بعد وصول فريق من فوج الإطفاء الذي بقي يعمل ليومين بسبب تجدد النيران في أكثر من نقطة بعد إخمادها وتبريدها، الأمر الذي أثار ريية الأهالي مع تكراره لأكثر من مرة وفي أكثر من منطقة فأحالوا المسؤولية عنه إلى العدو الإسرائيلي الذي يملك العديد من الوسائل التي يمكن أن يستخدمها في الإشعال ومنها الطائرات المسيرة والذخائر الفسفورية التي تتفاعل مع الحرارة وأشعة الشمس لتشتعل، اضافة الى احتمال وجود شبكات مأجورة قد تكون متورطة في العمل لصالحه على الأرض تقوم بالمهمة عوضاً عنه ووفق توجيهاته. وهنا تكمن القضية، فمع وجود الوسائل يمكن للعدو أن يحرق ما يعتبره تهديداً.. والمسألة ليست معقّدة إلى هذا الحد!
الحرائقصورفوج اطفاء اتحاد بلديات بنت جبيل