معركة أولي البأس

خاص العهد

البَيت الأبيَض أو الحَرب.. ترامب يغذّي التّطرّف ونظريّات المُؤامَرة
31/10/2020

البَيت الأبيَض أو الحَرب.. ترامب يغذّي التّطرّف ونظريّات المُؤامَرة

على بُعد ثَلاثة أيّام من مَوعِد الإنتخَابات الرئاسيّة الأمريكيّة المقرّرة في 3 تشرين الثّاني/نوفمبر بين المرشّحَين دونالد ترامب وجون بايدِن، في وقتٍ تُشير التّوقّعات إلى أنّ خيارات ترامب باتَت صعبةً للفَوز بِولاية ثانِيَة، لعَدم استطاعتِه تَقليص فارق استِطلاعات الرّأي التي تُفيد بتقدُّم بايدن في التّصويت الشّعبي.

وعلى الرّغم من صعوبَة تِكرار الفَوز الذي حقّقه في الوِلايات المُتأرجِحة عام 2016، إلاّ أنَّ الكُتلة السّياسيّة المُؤيّدة لترامب لن تسمح بالعودة إلى الوَراء، خصوصًا مع وجود مرشّحين للكونغرس مَنحوا المِصداقيّة لـ "QAnon".


ما هي QAnon؟

نظريّة بدأت عام 2017 تَفترِض أنّ ترامب يُحارب سرًا عصابةً عالميّةً من المتحرّشين جِنسيًا بالأطفال، والتي تضمّ ديمُقراطيين بارزين، وما يُسمّى حُلفاء "الدّولة العميقَة"، وتهدُف لتَشويه سُمعة الخُصوم السّياسيين لـ "ترامب" وتجريمِهم بادّعاءاتِها.

وكان قد صنَّفها مَكتب التّحقيقات الفِدرالي على أنّها تهديد ٌإرهابي محلّي، ولكن رفَض ترامب التّخلي عنها، بل أشاد بها في وقتٍ سابق، واصفًا النّظريّة بأنّها "وطنيّة"، كما أعاد تَغريد المُحتوى المُرتَبط بـ QAnon بشكلٍ متكرّر.

ومن المُصادف إنّ 31 مرشّحًا للكونغرس أيّدوا أو مَنحوا المِصداقية لـ QAnon، غالبيّتهم جمهوريين، واثنين فقط من المرشّحين لديهم فُرصة للفَوز بمقَاعد نيابيّة، فمَن هُما؟

"غرين" و "بويبرت"

من المتوقّع أن تَفوز "مارغوري تايلور غرين"، بمَقعد في مجلس النّواب في ريف شمال غرب جورجيا، والتي كانت قد أعلَنت في مقطع فيديو عام 2017 أنّ "هُناك فُرصة تحدُث مرّة واحدة في العُمر لإخراج هذه العِصابة العالميّة من "عَبَدة الشيطان" المشتهين للأطفال"، وِفق تَعبيرها.

ولَكن بعدَ فوزِها في الإنتخابات التمهيديّة في آب/أغسطس، تراجَعت غرين عن موقِفها، وقالت لشَبكة "فوكس نيوز" إنّ QAnon لا "تمثّلُها" و "لم تَكُن جُزءًا من حَملتي".

أما "لورين بويبرت" المُدافِعة عن "حقوق السِّلاح"، فتملك فُرصةً جيّدة للفَوز غربي كولورادو، فقد أملَت سابقًا أنْ تكون QAnon حقيقيّة، قائلةً "إذا كان هذا حقيقيًا، فقد يكون رائعًا حقًا لبلدِنا"، لكن بعد فوزِها في الإنتخابات التمهيديّة في حزيران/يونيو، تراجعت وقالت لمحطّة تلفزيون محليَّة "أنا لستُ من أتباع QAnon .. أنا لست مع الموأمَرات".

وتراجعت المرشّحتان عن تصريحاتهما السّابقة حول النّظرية، بعد دعوة ترامب لهما لحضور خِطابه في المُؤتمر الوطني الجمهوري في البيتِ الأبيض في آب/أغسطس الماضي.

ويرفُض الحزب الجمهوري حقيقة أنّ العَديد من مرشحيه للكونغرس لديهم صِلات بالمَجموعة، حيث يؤكّد زعيم الجمهوريين في مجلس النّواب كيفين مكارثي لشبكة "فوكس نيوز"ّ في آب/أغسطس أن "لا مكان لـ QAnon في الحزب الجمهوري".


أزمة دستورية أم حربٌ أهليّة؟

تصريحات الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب حول عَدم قبوله بنتائِج انتخابات الرّئاسة إذا تعرّض للهزيمة، وإصراره على أنّ الديموقراطيين سيزورون نتائج التّصويت، أثارت موجةَ غضبٍ دفَع ائتلاف "احمِ النتائج" الذي يضم أكثر من 130 جماعة، للدّعوة للخروج في مُظاهراتٍ إذا تبيّن أنَّ ترامب سيتدخّل في عمليّة فَرز الأصوات أو في نتَائِج التّصويت غداة الإنتخابات.

في غضونِ ذلك، فإنّ بوادِر إشعَال العُنف من قِبل "اليَمين المتطرّف" في يوم الإنتخاب أو اليوم الذي يليه ملحوظة خاصّة في ظلّ وجود مؤشّرات تُشير إلى عَدم ضَمان الإنتقال السّلمي للسّلطة بعد الإنتخابات، وذلك في لحاظ ازدياد نشاط هذه الجَماعات على مَدار الأشهُر الماضيَة وتدخّلها في التّظاهُرات ووضع خُطط لإختطاف مسؤولين أميركيين منتخَبين بحسب تقرير أعدّته منظّمة "ACLED" ومجموعة "ميليشيا ووتش". 

وصنَّف التّقرير تسع ميليشيات قد تقدّم على أعمال عُنف بعد الإنتخابات الرّئاسية، أهمّها "ثري بيرسينتر" و"براود بوي"، ولفَت إلى أنّ هذُه الجَماعات تعمَل على استكمال دَور أجهِزة إنفَاذ القَانون أو تَوفير الحِمايَة إلى جَانب قوّات الشّرطة.

وارتبط إسم دونالد ترامب بالعديد من الميليشيات المسلّحة اليمينيّة المتطرّفة، إذ أنّه وجَد في تِلك الميليشيات تعزيزاً لسلطتِه، خُصوصًا في فَترة الإحتجاجات الأخيرة، فدافَع ترامب عنها وعن حقّها في إظهار واستعراض قوّتها في الشّوارع الأميركيّة، مؤكّدًا خِلال مُعظم خطابَاته الإنتخابيّة إلى دعمِه لاقتناء الأميركيين للأسلحة.


ترامب والميليشيات المتطرّفة

"ثري بيرسينتر"

حركة ميليشيا أُنشِأت عام 2008، يتركّز نشاطَهم على فِكرة أنّ الحُكومة الفيدراليّة استبداديّة وغير شرعيّة، إلاّ أنّ تولِّي ترامب للرّئاسة حوَّل نشاط الميليشيا، لأنّ العديد من أتباعِها دعَموه، ليوجّهوا غضَبهم نحو اليسَاريّين وحُكّام الوِلايات والمُسلمين والمُهاجرين.

وقد ظَهر أعضَاء من المَجموعة المَذكورة في تجمّعاتٍ مؤيّدة لترامب في جميع أنحاءِ البُلاد لتوفير السّلاح بوجه المُتظاهرين المُناهضين له، آخِرها احتجاجات "Black lives matter" (حياة السود مُهمَّة) على مَقتل جورج فلويد الأمريكي من أصلٍ أفريقي، حيث اعتَبرت الميليشيا أنّ الإحتجاجات تَهدُف لإلحَاق الضّرر بإدارة ترامب وإسقَاطِه، ودَعوا إلى الظّهور المسلّح لمُواجهتِها.

كما شارَك أعضاؤها في احتجاجات ضدّ المَساجد وأقدَموا على افتعال نظريّات في إطار المؤامَرة على الشّريعة الإسلاميّة، وتعاونوا مع "حركة الحراسة الحدوديّة" المُناهِضة للمُهاجرين في تَسيير دوريّات حِراسة على طول الحُدود الأمريكيّة المكسيكيّة.

"براود بويز"

مجموعة يمينيّة متطرّفة من المعتَقدين بتفوّق العِرق الأبيض، وصنّفتها وِكالات المُخابرات الأميركيّة مؤخّراً على أنّها "مجموعة من أخطَر المَجموعات المُتعصّبة للعِرق الأبيض".

وتدعَم المَجموعة ترامب، حيث شارك عَدد من عناصِرها خِلال عامَي 2019 و2020 بأعمَال عُنف وتَخطيط لاستهداف شخصيّات يساريّة أو ديمقراطيّة مُعارِضة لدونالد ترامب.

وحين طُلبَ من دونالد ترامب إدانةَ العُنصريين البيض ومَجموعات الميليشيات اليمينيّة التي تَدعمه بشدّة، قال: "يجب على شخص ما القِيَام بشيءٍ ما بِشأن "أنتيفا" (المُناهضة للفاشيّة) واليَسار لأنّ هذه ليسَت مُشكلة الجَناح الأيمَن"، ما شكّل حافِزاً لاستكمال نشَاط المَجموعة ومَجموعات مُماثِلة من اليَمين، حيث اعتبروا كلام الرّئيس صَرخةً للحَشد والعمل عبر استعراضات مسلّحة في الشّوارع.

"بوغالو بويز"

ميليشيا "بوغالو بويز" المُتَطرّفة تؤَيّد ترامب رُغم كراهيّتها المتأصّلة للحُكومات، والتي صنّفتها وزارة الأمن الدّاخلي ضِمن حَركات "العِرق الأبيض العَنيفة الأكثر تهديدًا ودمويّة في البِلاد".

وخطط 13 رجُلًا ينتمون لمجموعة لخطفِ أو قتلِ حاكمة ولاية ميشيغان "غريتشن ويتمير"، بسبَب تشكيكِهم بوُجود فيروس كورونا ومعارضتِهم الإجراءات الصّارمة لمُكافحة انتشار الوباء في الوِلاية.

وكان ترامب قد سَاند الإحتجاجات المُناهِضة للإغلاق قائلًا "حرّروا ميشيغان"، وبعد ذلك بشهر، اقتحَم مُحتجّون مّسلّحون معارضون للإغلاق مبنى حكومة الوِلاية.

وتَضع الميليشيات سيناريوهَين محتملَين ليومِ الإنتخابات الرّئاسيّة، الأوّل أنّ اليَسار سيحتَجّون في حال فوز ترامب في الثّالث من تشرين الثاني/نوفمبر، ما سيضطرهم للدّفاع عن مُدنهم، والثّاني في حال خسارة ترامب، سيشُنّ الدّيمقراطيون حملةً على ما أقرّه ترامب من سِياسات تُشجّع على التطرّف وحمل السّلاح، وبالمُقابل سيُدافع أصحاب نظريّة المؤامَرة عن تَشريعاتِهم.

البيت الابيض

إقرأ المزيد في: خاص العهد