خاص العهد
بين بايدن وترامب .. من هو الأقل سوءًا؟
مهدي قشمر
يتواصل التّنافس الحادّ بين المرشّحين لمَنصب الرّئيس في الوِلايات المتّحدة الأمريكيّة دونالد ترامب وجو بايدن فيما يبدو أنّ حظوظ بايدن حتى اللّحظة أقوى من ترامب لتولّي رئاسة البلاد، وهو الأمر الذي يُعتبر موضع مُتابعة لدى العديد من الدّول، لما سيُسفر عنه من تداعيّات، خاصّة أنّه ينظر على أنّ المرشّحين مختلفين في سياساتِهما الخارجيّة باعتبار اختلاف سياسة الحزب الديمقراطي عن الجمهوري في هكذا ملفّات. لكنّ على الرغم من ذلك، لا تبدو المُقارنة بينهما مقبولة اذا كانت في إطار من هو الأفضل، بل تبدو واقعية اذا كانت بين من هو الأقل سوءاً.
وعليه، لا بدّ من التوقّف عند كلّ من سياسة ترامب وبايدن لتقييم أيّهما الأسوأ، وهذا ما لفت إليه أستاذ العلوم السياسيّة الدكتور علي فضل الله في حديثه لموقع "العهد" الإخباري، حيث بدأ مقاربته بالقول إنّ "التنافس في الإنتخابات الأمريكيّة يحصل بين حزبين (الجمهوري والدّيمقراطي)، ولكلّ منهما اتجاه وتاريخ في أمريكا، وسياساتهما الخارجيّة تَختلف لكن بالرّغم من ذلك هناك ثَوابت لا تتغيّر بين الحزبين".
ولفت فضل الله إلى إنّ دونالد ترامب قد اتّخذ منحى معيّنًا داخل الحزب الجمهوري حيث كان مرفوضًا منذُ البَداية في الإنتخابات التمهيديّة للحزب الجمهوري في العام 2016 إلاّ أنه فرض نفسه بحالة استعراضيّة والتي تعبّر عن نواة كبيرة موجودة في المجتمع الأمريكي. أمّا جو بايدن المرشّح الحالي، فبحسب فضل الله، هو مُختلف كونه ابن هذه المؤسّسة وفي الكونغرس منذ 47 سنة، وفي بحال فوزه بالرّئاسة سيكون أكبر رئيس بتاريخ الولايات المتحدة الأمريكيّة عن عمر 78 سنة.
وأضاف الدكتور فضل الله أنّ "بايدن يعدّ ابن المؤسّسة التقليديّة على عكس ترامب الذي يقول بأنّه خارج هذه البيئة السياسيّة، وبذلك فإنّ الطّابع الشّخصي يَختلف لكلّ مرشّح"، لافتًا إلى أنّه تاريخيًا تفاوتَت قُدرات الرّؤوساء الأمريكيين، ففي حين نرى رؤساء أقوياء هناك أيضاً رؤساء ضعفاء.
ماذا سيختلف على السّعودية إذا فاز بايدن؟
اعتبر فضل الله أنّ ولي العهد السّعودي محمد بن سلمان "وضع كل بيضه في سلّة ترامب"، وركّز على العلاقة الشخصيّة مع ترامب وصهره جاريد كوشنر، وأنّه بحال فوز بايدن يكون ابن سلمان قد خسِر خسارة كبيرة، لافتًا إلى أنّ بايدن وجّه انتقادات بملف الخاشقجي واليمن، ولكن كل ذلك لا يعني أنّ الأخير سيكون على خِلاف مع السعودية، لأنّ هنالك مصلحة أمريكيّة عُليا في العلاقة معها، مذكرًا بأنّ الذي أسّس للعلاقة مع الملك السّعودي كان ديمقراطيًا.
وتابع "في حال فوز بايدن فإنّه سيُعيد العلاقة المؤسساتيّة مع السعودية وليس الشخصيّة، وهذا ما قد يؤدّي إلى تبديل في بعض الوجوه في السعوديّة".
وفيما يتعلّق بالعدو "الإسرائيلي"، أشار فضل الله إلى أنّ المرشّحين يتنافسان للدّفاع عن ""اسرائيل"، وأوضح أنّ "اليهود الأمريكيين، وبحسب استطلاع سابق يفيد بأنّ 22% من اليهود فقط سيصوّتون إلى ترامب"، مُشيرًا إلى أنّ اليهود يصوّتون للرّئيس الدّيموقراطي كما جرت العادة، ففي الإنتخابات السّابقة 71% من اليهود صوتوا للمرشّحة الديمقراطية هيلاري كلنتون و24% لدونالد ترامب.
ولفت إلى أنّ ترامب توقّع من خِلال اتّفاقيّات التّطبيع التي أجراها أن يُصوّت له الكثير، ولكن يجب الإلتفات إلى أنّه عندما يتسابق الحزبان للتّقارب من العدو "الإسرائيلي" فإنّ النّاخب اليهيودي الأمريكي تتراجع أهمية الموضوع "الإسرائيلي" لديه، ويبدأ البحث عن رضاه كمواطن أمريكي من ناحية الصحة والتّعليم وغيره من التّقديمات.
واعتبر فضل الله أنّ لدى "اسرائيل" تخوّف من المرشّح الديمقراطي خصوصًا بعد خوض الرّئيس الديمقراطي السّابق باراك اوباما الإتفاق النووي مع ايران الذي أزعج العدو، علمًا أنّ بايدن أعلن نيّته العودة للإتفاق النّووي مع ايران، وهذا قد يشكّل مشكلة لـ "الإسرائيلي" وفي نفس الوقت فإنّ بايدن أعلن أنّه لن يرفع العقوبات عن ايران.
ورداً على سؤالٍ حول المقارنة بينهما لناحية الأقل سوءًا، قال فضل الله إنّ "بايدن هو شخص مؤسساتي يمكن أن يخفّف الشّحن الموجود والعداء العلني لأن حزبه ليس مع المُجابهة الصّداميّة، أمّا ترامب يعدّ الأكثر صداميّة"، معتبرًا أنّ ترامب يرفَع سقف المطَالب لكَي يحصل على تنازُلات.
واستدرك فضل الله بالقول "من جهةٍ أخرى يمكن لبايدن أن يُحافظ على أميركا كـ "مؤسسة" أكثر من ترامب بينما ترامب قد يقودها إلى الخراب".
ولفت إلى أنّ الأغلبيّة في مجلس الشّيوخ هي للحزب الجمهوري، وفي حال فاز بايدن الديمقراطي فقد يشكّل هذا الأمر عائقًا أمامه، كما أن ترامب قيّد الرّئيس القادم بعدة أمور واسعة.
وخلص فضل الله إلى أنّه في حال خسِر ترامب فإنّ كل حاكم أو رئيس دولة بنى علاقة شخصيّة معه سيخسَر، بينما الدّول التي لديها علاقة مؤسساتيّة سوف تكون أكثر راحة.