معركة أولي البأس

خاص العهد

 الإسمنت خارج التغطية.. وهذا ما يقوله لـ
03/03/2021

 الإسمنت خارج التغطية.. وهذا ما يقوله لـ"العهد" وزير الصناعة  

فاطمة سلامة

كثيرة أوجه الاحتكار السائدة في لبنان. يُلاحق هذا المصطلح السلبي المواطنين في مواضع عدّة. يحرمهم حق الاختيار، فيُطاردهم أحياناً حتّى في لقمة عيشهم. بات لهذا النهج "كارتيلات" على مد العين والنظر، تُمعن في إذلال الناس وابتزازهم. بات لهذا النهج مظلات سياسية تقطع الطريق على المنافسة. بات لهذا النهج امتيازات تشرّع الغلاء وكأنّه قدر. ولا شكّ أنّ غياب قانون المنافسة في لبنان بتأشيرة من المحتكرين أنفسهم يفاقم نهج الاحتكار ويجعله يعلو على المعنى الحقيقي للاقتصاد الحر. ولمن لا يعلم، فإنّ مشروع قانون المنافسة طُرح منذ زمن بعيد لكنّه لم يُقَرّ. وفي كل مرة تُفتح فيها سيرة هذا القانون، تبدأ الاعتراضات من الجماعات المهيمنة على السوق اللبناني على اعتبار أنّه قانون يُقفل "حنفية" الذهب التي تُغدق عليهم أرباحاً لا تعد ولا تحصى. 

سوق الإسمنت في لبنان لا يخرج عن منطق الاحتكار السائد. يكاد يكون هذا السوق من أكبر الأسواق المتحكرة. ثلاث شركات فقط تحتكر السوق: شركة الترابة الوطنية - اسمنت السبع، لافارج - هولسيم، وترابة سبلين. في الفترة الأخيرة، وصل سعر  طن الترابة الى المليون و350 ألف ليرة، بينما سعره المفترض 240 ألفاً. وحالياً، ثمّة شكاوى من مقاولين كثر وعمال بناء يعملون باليومية يشكون توقف أعمالهم بسبب انقطاع مادة الاسمنت التي إن وجدت فبأسعار خيالية. ثمّة مسؤولية تتقاسمها في هذا الصدد جهات عدة من شركات وتجار وموزعين. جهات تعمل على استغلال المواطن وابتزازه لحاجته لهذه المادة الأساسية، وهو الواقع الذي دفع بوزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عماد حب الله الى تبني قضيّة الإسمنت، واتخاذ قرار جريء بفتح الباب أمام الاستيراد. فماذا يحصل في سوق الإسمنت؟ وأين أصبحت قضية الاستيراد؟. 

حب الله: بانتظار رأي وزير البيئة بـ"المهل الإدارية"

يؤكّد وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال لموقع "العهد" الإخباري أننا فتحنا باب الاستيراد لكننا بانتظار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال دميانوس قطار كي يعطي رأيه بـ"المهل الإدارية" لإرسالها الى مجلس الوزراء. اذا أنجز قطار هذه الخطوة -بانتظار أيضاً أن تنتهي اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء برئاسة ممثّل عن الحكومة من عملها- من الممكن أن تساعد المهل الإدارية في حل القضية، والا تتحمّل اللجنة المسؤولية عن عدم فتح المقالع للعمل. وبحسب معلومات حب الله، سيرسل وزير البيئة رأيه اليوم الأربعاء الى رئاسة الحكومة. وحول ما اذا جرى تقديم طلبات للحصول على إجازات للاستيراد، يوضح حب الله أنه حتى الساعة لم يتم تقديم طلبات تستوفي شروط الاستيراد. بمجرد أن يتقدّم أي طلب يستوفي الشروط سنسمح له بذلك. الشروط تتعلّق بتأمين السعر القريب من الأسعار التي وضعتها الحكومة لسعر طن الاسمنت، ومراعاة المواصفات الموضوعة.

الشركات والتجار والموزعون يتحملون مسؤولية ارتفاع الأسعار 

وحول الاجتماعات التي عقدها، يوضح حب الله أننا عملنا على تقريب وجهات النظر بين الشركات واللجنة التي يترأسها ممثل عن رئاسة الحكومة، بانتظار أن يتم تزويدنا بنتيجة اللقاء بينهما. وهنا يوضح حب الله أن الشركات تتحمل جزءاً من المسؤولية عن الأزمة الحاصلة، فالأسعار لا تخرج من عندهم كما هو مفترض، فيما يعمد التجار والموزعون في المقابل الى استغلال الناس، لافتاً الى أنّه كلما أُبلغت وزارة الاقتصاد عن مخالفة تعمل على مداهمة الجهات المخالفة. 

الحلو: ورش البناء متوقفة عن العمل

نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء المهندس مارون الحلو يوضح في حديث لموقعنا أنّ ورش البناء متوقفة عن العمل بسبب غياب مادة الترابة. يطالب المعنيين بإعطاء تراخيص للشركات كي تعمل، فعمال "اليومية" يتضررون والشركات التي لديها موظفون ولا تعمل  تتضرر أيضا من غياب مادة الترابة التي تعتبر بمثابة الخبز للإنسان وبدونها لا إمكانية لاستمرار عمل ورش البناء، فالمواطن لا ينقصه المزيد من الأزمات ولا يجوز الوقوف عند  قضايا لا تثمر نتائج سوى المزيد من شل الوضع الاقتصادي.  

 الإسمنت خارج التغطية.. وهذا ما يقوله لـ"العهد" وزير الصناعة  

شركات الترابة لا تلبي الورش سوى بـ١٠ بالمئة من حاجتها والسوق السوداء ناشطة 

وفي سياق شرحه للقضية، يلفت الحلو الى أنّ خلافاً "طويلاً عريضاً" يسود هذه المسألة. مقالع شركات الترابة متوقفة عن العمل بقرار من وزير البيئة الذي سأل هيئة القضايا والتشريع عمن له الحق بإعطاء الرخص للمقالع فأجابته "المجلس الوطني للمقالع والكسارات". وفي الوقت الذي لم تبت فيه هذه القضية ينفد مخزون كل المعامل الذي أصبح ضعيفا جداً، فيما اتفقت شركات الترابة على إعطاء الورش مباشرة ولكن بكمية قليلة جداً، تبلغ حوالى الـ١٠ بالمئة فقط من حاجتها. وفق الحلو، فإن السوق جامد كلياً، فيما تنشط السوق السوداء. من لديه من التجار يبيع الطن أضعافاً مصاعفة، وفي الوقت الذي يبلغ ثمنه في الشركة ٢٤٠ الف ليرة، يبلغ سعره حوالى المليون ليرة في السوق السوداء. وفي هذا السياق، يُلقي الحلو المسؤولية على وزير البيئة والحكومة التي أوقفت المقالع التابعة لشركات الترابة عن العمل. ويسأل: كيف ستعمل هذه الشركات اذا كانت المقالع التي تستخرج عبرها المواد لصنع الترابة متوقفة؟. 

ويشير الحلو الى أنّ إيقاف العمل بالمقالع جاء لأسباب بيئية حيث طُلب منهم تحسين الشروط البيئية وشكلت للغاية لجنة لدى رئيس الحكومة من أشخاص بيئيين كي يتمكنوا من دراسة الموضوع وفرض على المعامل دفع الأموال كي تستمر عملية مراقبتها، إلا أنه لا يرى أن المسألة تستدعي إيقاف المعامل عن العمل ليصيب الشلل قطاع البناء.

عماد حب الله

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل