خاص العهد
تشكيل الحكومة..الجمود يسيطر وغموض يكتنف مهمّة لودريان
فاطمة سلامة
منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة في تشرين الأول 2020 والأمور لا تزال تراوح مكانها. لا تقدم حاصل على هذا الصعيد بل على العكس كلما مضى يوم كلما ازداد الوضع حراجة. وحين نسأل المعنيين بالتشكيل عن آخر الأجواء والمعطيات ينطقون بما بات معروفاً لجهة أنّ مسار التشكيل غير معبّد بتاتاً في الوقت الحالي، اللهم إلا اذا حدث ما لم يكن بالحسبان. حتى أنّ زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان لم تكتسب "الرهجة" التي كانت تكتسبها زيارة أي موفد من قبل. ثمّة شبه يأس من إمكانية تحريك المياه الراكدة حكومياً. أكثر من ستة أشهر وعقلية التأليف لا تزال هي هي وفق ما تعلّق مصادر مطلّعة في حديث لموقع "العهد" الإخباري لدى سؤالها عن إمكانية تحريك الجمود الحالي.
أي حديث عن إيجابية يتوقّف على ما في جعبة لودريان
لا تبدو المصادر متفائلة كثيراً بزيارة لودريان الى لبنان. ثمّة غموض يكتنف الطرح الذي يحمله الموفد الفرنسي وطبيعة مهمته، وأي حديث عن إيجابية يتوقّف على ما في جعبته. هل سيأتي لجمع الأفرقاء على غرار ما قام به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرة الماضية؟ هل سيأتي لإبلاغنا بأنها المرة والفرصة الأخيرة؟ هل سيحمل طرحاً جديداً يحرّك الجمود؟. تعيد المصادر، ثمّة تكتم شديد على الغموض ما فتح المجال للاجتهادات والتأويلات. كل ذلك، يضاف اليه أنّ جدول المواعيد غير معلن عنه خلافاً لكل الزيارات السابقة، وباستثناء الزيارة التي سيقوم بها الموفد الى بعبدا وعين التينة لا شيء معلنا أبداً.
وحول ما يقال عن اعتذار الحريري، تلفت المصادر الى أننا نتابع هذا الأمر في وسائل الإعلام، والملفت في هذا الموضوع أنّ التلويح بالاعتذار جاء على لسان من كانوا يستبعدون فكرة اعتذار الحريري مطلقاً في السابق كالنائب هادي حبيش والنائب السابق مصطفى علوش، فهل هذا التلويح جدي أم مناورة؟ تسأل المصادر التي تلفت الى أن هذا التلويح تزامن مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي وفي ذلك بالتأكيد دلالات.
الحريري لا يتجاوب
ولدى سؤال المصادر عن العقدة الأساسية التي تؤخّر الحل؟ تلفت الى عقلية الرئيس المكلف وتعتنه وطريقة مقاربته لقضية التشكيل واستفراده بتشكيل الحكومة. وفق المصادر، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جاهز لتسهيل مهمة التشكيل ويعمل في هذا الإطار حيث يطلب من رئيس الحكومة المكلّف إرسال لائحة متكاملة تراعي القواعد الميثاقية، ولكن الحريري لا يتجاوب ولا يرسل شيئاً. وهنا تشدّد المصادر على أنّ الاتصالات مقطوعة بين بعبدا وبيت الوسط.
لهذه الأسباب وردت فكرة الاعتذار
بدورها، مصادر مقرّبة من أجواء بيت الوسط تستبعد في حديث لموقعنا أن يكون الحريري قد أوحى لعلوش وحبيش التحدث باسمه بموضوع الاعتذار. بمعنى آخر، هؤلاء ليسوا مكلفين من قبله تسويق هذه الفكرة رغم أن جو الاعتذار موجود في بيت الوسط على اعتبار أن الحريري لا يمكنه أن يكون بمفرده على "الجبهة" فيما البقية تتفرّج عليه سواء في الداخل كرؤساء الحكومات السابقين أو الخارج الأصدقاء السابقين.
وفق المصادر، فإنّ الحريري منزعج جداً من الفرنسيين وغيرهم الذين يحاولون إجراء نوع من المساواة بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عبر وضعه في خانة المعرقل وفق تعبير المصادر التي لفتت الى أن الحريري منزعج بنسبة 99 بالمئة من الأقربين قبل الأبعدين. بهذا الجو النفسي والسياسي وردت فكرة الاعتذار -تقول المصادر- التي ترجّح أن يكون قد أشيح النظر عنها في الوقت الحالي نتيجة تقييم مخاطرها بالنسبة لشخص الحريري وبيئته والطائفة السنية. وهنا لا تستبعد المصادر أن يكون الحريري قد هدّد بالاستقالة كمناورة سياسية لدفع الفرنسيين لإعادة النظر فيه فلو اعتذر الحريري بالأمس لما كان ثمة داع لقدوم لودريان. وفق المصادر قد يكون التهديد لدفع وزير الخارجية الفرنسي الى الاجتماع بالرئيس المكلف في الوقت الذي لم يعلن عن موعد لزياراته سوى لرئيسي الجمهورية والمجلس النيابي.
وتعرب المصادر عن اعتقادها أنّ الحريري تعرّض لضغوط من محيطه لثنيه عن الاعتذار، وقد برزت في هذا السياق زيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ومرجعيات سنية أخرى ما دفعه لإعادة النظر بفكرة الاعتذار. لكن المصادر ترى أنه صحيج حالياً غُيّبت فكرة الاعتذار، ولكن قد يتبّدل الموقف ويعتذر الرئيس المكلّف على قاعدة "كل يوم بيومه" التي تحكم مسار التشكيل.
لا جو ملائما لتأليف حكومة حالياً
وفي الخلاصة، لا ترى المصادر وجود جو ملائم لتأليف الحكومة حالياً. لدى سؤالها عن الفائدة المنتظرة من زيارة لودريان لا تعلق أي أهمية عليها. وفق قناعاتها، فإنّ وزير الخارجية الفرنسي قادم الى لبنان لكسب أصوات إضافية لاستطلاعات الرأي لماكرون في باريس بعد أن لامس وضعه الأرض على حد تعبير المصادر التي تضيف:" لو كان ثمة عناصر إيجابية لتأليف الحكومة لما "باع" ماكرون الزيارة للودريان بل كان حضر بنفسه ووظّفها في فرنسا، فيما الفرنسيون ضائعون ولا يعلمون ماذا يريدون ولا يعلمون كيف سينفذون مبادرتهم سياسياً. ثمة ضياع لديهم بدليل أنّ الموفد الفرنسي آت الى بيروت مساء اليوم (5-5-2020) ولم يصدر أي بيان رسمي بعد يمهد لقدومه، تماماً كما لم يصدر جدول رسمي باجتماعاته وزياراته".