معركة أولي البأس

خاص العهد

 في زمن الغلاء.. ترشيد الاستهلاك يُنقذ العوائل من الإفلاس
29/06/2021

 في زمن الغلاء.. ترشيد الاستهلاك يُنقذ العوائل من الإفلاس

حسين كوراني

في ظلّ الوضع المعيشي الصعب الذي طال جميع نواحي الحياة في لبنان، لجأ العديد من أرباب الأسر الى سياسة التقشف. هؤلاء اتبعوا أساليب أخرى علّهم يستطيعون التغلّب على الفقر المدقع. من وكيف؟ حديث الى عيّنة بسيطة من المواطنين يُتيح لنا التعرّف الى "العُسر المستشري" بين الناس. 

أستاذ مادة الرياضيات في إحدى المدارس الثانوية في الجنوب أبو حسن كريم يشكو عبر "العهد" ضائقته فيقول "راتبي الشهري البالغ 2 مليون و400 الف أي ما يقارب 150 دولار حاليًا، لم يعد يلبّي حاجات الأسرة المكوّنة من زوجة وأربع أبناء، وعليه لجأتُ لـ"ضمان" الأراضي وزرعها بالحبوب، فزرعتُ في بداية فصل الشتاء حوالي 3 دونمات من العدس، و4 من القمح، ودونمين من الفول والحمص، بالإضافة الى دونم واحد من البازلاء"، في محاولة لتحقيق بعض الأرباح.

ويضيف أبو حسن "زرعتُ مع بداية فصل الربيع دونمين من البندورة والخيار والشمام والبطيخ، وبدأت ببيعها لأصحاب محال الفواكه والخضار وأهل القرية، وأحيانًا أتبع طريقة المقايضة، أي أعطي ما تيسر لدي مقابل إستبدالها بالفواكه من مشمش وكرز وخضار وغيرها، والغرض من ذلك تأمين مدخول إضافي بعدما تدّنت قيمة راتبي".

بدوره، يتحدّث سائق الأجرة محمد حيدر لـ"العهد" عمّا يعيشه يوميًا، فيشير الى أن وضع مهنته أصبح صعبًا جدًا خاصة مع أزمة المحروقات الراهنة، بسبب همّنا كيف سنؤمن البنزين لكي نعمل. 

وعن قوت أسرته اليومي، يلفت الى أن تسعيرة الراكب ارتفعت الى ضعفين أو ثلاثة، ومع صعوبة الوضع أخذنا نعتمد على "التكسي" عندما يتصل بنا الزبون ولو كان في منتصف الليل، لعلّ هذه الطريقة تعوّض شيئًا من قوت يومنا".

من جهته، جهاد عبد الله، ربّ أسرة مكوّنة من 6 أبناء وموظّف في إحدى التعاونيات الكبرى، يتقاضى راتبًا لا يتجاوز المليون ونصف، لم يعد أمامه سبيلًا في أيام العطل وأوقات الفراغ سوى اللجوء الى العمل مع 3 ثلاثة من أولاده في زراعة الخضار، فاستأجر قطعة أرض، وزرعها لوبياء وفاصولياء، هذا بالإضافة الى بعض "الحصص الغذائية" التي تصلنا كل شهر مرة واحدة أو  مرتين من بعض الخيريين والأحزاب.

أمام هذا المشهد، لا بدّ من طريقة تقود الى الحلّ. الأزمة لا يبدو أنها ستنحسر، ولذلك يجب العمل على التأقلم مع الوضع الجديد. الخبيرة في الإرشاد الاجتماعي الدكتورة بتول نور الدين تُقدّم لـ"العهد" وجهة نظر من شأنها المساهمة في تخطّي هذه الأزمة، فتركّز على مسألتيْن هامتيْن: الأولى هي حسن التدبير والثانية تربية الأبناء على القناعة.

وترى نور الدين أن حسن التدبير هو نصف المعيشة، مضيفة أنه "على ربة المنزل أن تعمل على الأولويات والإبتعاد عن الكماليات مطلقًا من اجل تنظيم أمور حياة أولادها بشكل أفضل، بمعنى أن أي لوازم بيتية يمكن أن تؤجل، ولفترات طويلة يجب أن تؤجل حتى نجتاز هذه المرحلة، ولكن هذا لا يلغي التركيز على مسألة السعي من أجل التغلّب على الوضع.

وأما بالنسبة للرضى، فتُبيّن نور الدين أن هذا الأمر يتطلّب جهدًا شاقًا من الأم والأب في البداية، عبر المعرفة والطريقة التي يجب أن يقنعا أولادهما فيها بأن هناك وضعًا إقتصاديًا يضرب كل نواحي المجتمع، ومن دون أن يلقي هذا الأسلوب أي عامل نفسي على الطفل، مع التركيز على عدم حرمه كليًا من الحاجات التي يطلبها، وإن بشكل بسيط، فبدلاً من أن نشتري له 2 كيلو من الفاكهة التي يشتهيها نشتري له كيلو وبنوعية متوسطة ليست ذات سعر مرتفع.

رفع الدعم

إقرأ المزيد في: خاص العهد