خاص العهد
"نزوح" من المدارس الخاصة نحو المدارس الرسمية: أقساط ترتفع بين 35 و40 بالمئة
فاطمة سلامة
لم ينجُ قطاع التعليم في لبنان من تداعيات الأزمة الاقتصادية والمعيشية. يذوق هذا القطاع الأمرين اليوم وسط نيران الأسعار بدءًا من الأقساط المدرسية مرورًا بكلفة النقل وليس انتهاءً بالكتب والقرطاسية وما الى هنالك من متطلبات. يبدو معظم الأهالي في حيرة من أمرهم. هؤلاء بالكاد يؤمنون قوت يومهم وسط تدهور القدرة الشرائية، فكيف سيؤمنون كل هذه التكاليف؟ أمام هذا الواقع، يُحكى عن موجة "نزوح" من المدارس الخاصة باتجاه المدارس الرسمية. ثمّة "ضيق" كبير يشعر به الأهالي جراء رفع المدارس الخاصة أقساطها بشكل يفوق قدرة البعض على التحمل ليجدوا أنفسهم مرغمين على هذا الخيار. الأمر الذي سيحمل -بطبيعة الحال- أعباء جديدة على قطاع التعليم الرسمي الذي يعاني كغيره من القطاعات العامة في لبنان.
الطويل: نسبة التسرب ستتخطى الـ15 بالمئة هذا العام
رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة لمى الطويل توضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ التسرب من المدارس الخاصة طبيعي وسط الأزمات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان. وفق الطويل، شهد العام الماضي تسرب 90 ألف تلميذ من المدارس الخاصة الى الرسمية. نسبة التسرب هذا العام ستكون أكثر بكثير وستتخطى الـ15 بالمئة بانتظار إتمام عملية التسجيل لتتبلور الأرقام بشكل نهائي، مع الإشارة الى أنه وفي ظل الوضع الاقتصادي الصعب قد نشهد تسربًا من المدارس الخاصة ذات الأقساط المرتفعة الى مدارس خاصة بأقساط أقل الى المدارس الرسمية.
بعض المدارس تطالب الأهالي بـ"فريش دولار"
وتوضح الطويل أنّ التلامذة في المدارس الخاصة كانوا يشكّلون 70 بالمئة من تلامذة لبنان، ولكن هذا العام ومع تفاقم الوضع ستزداد نسبة التسرب بشكل كبير خصوصًا وسط الزيادات الكبيرة التي لحقت بأقساط المدارس الخاصة. بعض المدارس تطالب الأهالي بـ"فريش دولار" وبالتاكيد الأهالي غير قادرين على تأمين كل هذه التكاليف، فقطاع التعليم لا يقتصر على القسط بل ثمّة متطلبات كثيرة أخرى على رأسها كلفة النقل التي طالبنا بدعمها ولم نصل الى نتيجة حتى الآن فضلا عن الكتب والحقائب المدرسية والقرطاسية. وهنا توضح الطويل أننا طالبنا المدارس بضرورة استخدام نظام تبادل الكتب وترك الحرية للأهل إلا أنّ بعض المدارس لم تلتزم لأن الوزير لم يأخذ قرارا جازما في هذه القضية. وفق قناعات الطويل، نحن في ظروف استثنائية وبإمكان وزارة التربية أن تفرض على المدارس ما تراه مناسبًا للتخفيف عن الأهالي.
تتحدّث الطويل عن الزيادات التي تفرضها المدارس الخاصة على الأقساط، فتشدّد على أنها غير قانونية، سائلةً: كيف ستدقق مصلحة التعليم الخاص في الموازانات اذا اعترض عليها الأهل؟ وفي حال اعترض الأهل ولا قضاء لدينا كيف سيحصّل الأهالي حقوقهم؟ برأي الطويل، فإنّ أهالي الطلاب في وضع لا يحسدون عليه. الزيادات على الأقساط كبيرة جدًا وتتراوح بين 35 و40 بالمئة. طبعًا نحن هنا لا نعمم -تقول الطويل- فبعض المدارس تحترم نفسها ولكن النسبة الأكبر تعود للكارتيلات. بحسب الطويل، بعض المدارس لوحت بزيادة بنسبة 40 بالمئة على الأقساط وبعض المدارس طلبت 1200 دولار بدل نقل عن كل تلميذ سنويًا و5 ملايين ليرة و200 دولار "فريش" كزيادة على القسط.
مدارس تعيش وكأنها على الكوكب الآخر
تأسف الطويل لأنّ ثمة مدارس تعيش وكأنها على الكوكب الآخر، وسط غياب الدولة وفي المقابل لا حلول لدى الأهل. وهنا تأخذ الطويل على الدولة عدم دعم الأهالي، فحتى عندما يتم الحديث عن تأمين "بونات" بنزين للأساتذة ومازوت للمدارس لا تقارب مسألة الأهل أبدًا وهذا أمر خاطئ بحق الأهالي لأننا عندما نتحدّث عن عائلة تربوية فالجميع يجب أن يضحي.
مستوى التعليم سيتراجع
ولدى سؤالها عن جهوزية المدارس الرسمية، تلفت الطويل الى أنّ وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب لفت الى أنّ ثمة نسبة كبيرة من المدارس الرسمية مجهّزة، لكنّها في المقابل تشدّد على أنّ مستوى التعليم سيتراجع فجودة التعليم الخاص تختلف عن الرسمي.
عازار: مضطرون لرفع الأقساط
بدوره، الأمين العام السابق للمدارس الكاثوليكية في لبنان الأب بطرس عازار يشير في حديث لموقعنا لدى سؤاله عن زيادة الأقساط بنسبة 40 بالمئة الى أنّنا مضطرون لرفع الأقساط وسط مطالبة الأساتذة برفع رواتبهم. راتب المعلم لم يعد يكفي، وثمة مشكلة وضعها أهل التشريع في لبنان تكمن في القانون 46 الذين يعطي الأساتذة 6 درجات، فيما الأهل غير قادرين على الدفع ما يجبر المدارس على "فرملة" الزيادة على الرواتب.
يتحدّث عازار بصفته مديرًا لإحدى المدارس، فيوضح أنّ التسجيل قليل ولكن ليس باستطاعتنا إعطاء أرقام دقيقة عن النسبة، فقد يرتفع التسجيل لحظة إصدار بيان بدء العام الدراسي.
ويشير عازار الى أنّ التسرب من المدارس الخاصة الى المدارس الرسمية تغنوا فيه كثيرًا العام الماضي، ليتبيّن لاحقًا أنّ الأرقام التي وضعوها لم تكن صحيحة. طبعًا، هذا لا يمنع أنّ هناك تلامذة ذهبوا الى المدارس الرسمية ولكن ليس بالقدر الذي تحدّثوا عنه. وفق عازار، فإنّ التسرب الحاصل أحيانًا ما يحصل من مدرسة ذات قسط مرتفع الى مدرسة أقل، ولكن التسرب الأخطر هو الهجرة والتي لا تكمن فقط بهجرة الأساتذة بل التلامذة الذين يتركون أهاليهم ويغادرون لبنان. برأيه، هذا التسرب خطير، فالمدرسة الرسمية هي مدرسة وطنية ولكن الخطر بالذهاب الى الخارج.
ويوضح عازار أنّ العامين الماضيين لم يحصل فيهما رفع أقساط رغم رفع كلفة التعليم والمستلزمات المطلوبة من تعقيم وما الى هنالك. وهنا يشير عازار الى أنّ التلامذة كانوا العام الماضي خارج المدرسة، لكن العام الحالي فالتعليم سيكون حضوريا بعد إعلان وزير التربية ما سيزيد الأعباء علينا، يختم عازار.